جلسة ٢٤ من اكتوبر سنة ١٩٩٣
برئاسة السيد المستشار / عوض جادو نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / محمد شتا وحسام عبد الرحيم وسمير أنيس نواب رئيس المحكمة وفتحى الصباغ.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( ۱۳۱ )
الطعن رقم ١١٦٨٤ لسنة ٥٩ القضائية
( 1 ) سب وقذف . جريمة " أركانها ". محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل ". محكمة النقض "سلطتها ". حكم وتسبيه . تسبيب غير معيب ) .
القذف المستوجب للعقاب. ماهيته ؟
استخلاص وقائع القذف من عناصر الدعوى . حق لقاضي الموضوع .
مثال .
(۲) أسباب الاباحة وموانع العقاب " استعمال الحق ". سب وقذف . محاماة . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب ".
المادة ٣٠٩ عقوبات . تطبيق لمبدأ حرية الدفاع بالقدر الذي يستلزمه . مرتبطاً بالضرورة الداعية له .
تقدير ما إذا كانت عبارات السب أو القذف مما يستلزمه الدفاع . موضوعي .
(۳) أسباب الإباحة وموانع العقاب " استعمال الحق " . سب وقذف . دفوع الدفع بإباحة القذف أو السب ". نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
الدفع بإباحة القذف أو السب . دفع قانوني مختلط بالواقع . إثارته لأول مرة أمام النقض . غير جائزة . حد ذلك ؟
( 4 ) سب وقذف . جريمة " أركانها " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . قصد جنائي. إثبات "بوجه عام ". محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل ". نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها".
إثبات محكمة الموضوع ركن العلانية كما يتطلبه القانون ، كفايته .
استخلاص القصد الجنائي في جريمة القذف والسب . موضوعي .
( 5 ) سب وقذف . جريمة " أركانها " . قصد جنائی . حکم " تسبيبه . تسبيب غير معيب ". نقض "أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
لا محل للبحث في مسألة النية في جرائم القذف والسب والإهانة متى تحقق القصد الجنائي منها . إلا في صورة الطعن الموجه إلى موظف عام.
(٦) عقوبة " تقديرها " محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير العقوبة " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
تقدير العقوبة، وقيام موجبات الرأفة ، موضوعي .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 - الأصل في القذف الذي يستوجب العقاب قانوناً هو الذي يتضمن إسناد فعل بعد جريمة يقرر لها القانون عقوبة جنائية أو يوجب احتقار المسند إليه عند أهل وطنه، ومن حق قاضي الموضوع أن يستخلص وقائع القذف من عناصر الدعوى ، والمحكمة النقض أن تراقبه فيما يرتبه من النتائج القانونية لبحث الواقعة محل القذف لتبين مناحيها ومرامي عبارتها ، لإنزال حكم القانون على وجهه الصحيح، وكان الحكم الابتدائي الذي تبناه لأسبابه الحكم المطعون فيه قد أورد أن الطاعنة نسبت إلى المجنى عليها في صحيفة الدعوى المرفوعة منها قبلها الانحراف وسوء السلوك والانغماس في حياة الرذيلة وارتكاب أبشع المعاصى، وهي عبارات شائنة تنطوى بذاتها على المساس بشرف واعتبار المجنى عليها وتدعو إلى احتقارها بين مخالطيها ومن يعاشرها في المجتمع الذي تعيش فيه ، الأمر الذي تتوافر به في حق الطاعنة جريمة القذف كما هي معرفة في القانون .
٢ - من المقرر ان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن حكم المادة ٣٠٩ من قانون العقوبات ليس إلا تطبيقاً لمبدأ عام هو حرية الدفاع بالقدر الذي يستلزمه ، وأن هذا الحق أشد ما يكون ارتباطاً بالضرورة الداعية إليه، وأن الفصل فيما إذا كانت عبارات السب والقذف مما يستلزمه الدفاع متروك لمحكمة الموضوع التي رأت أن عبارات الطاعنة على السياق المتقدم في حكمها لا يستلزمه الدفاع في القضية سالفة الذكر، وهو ما تقرها عليه هذه المحكمة .
3 - من المقرر أن الدفع بإباحة القذف أو السب إعمالاً لحكم المادتين ٣٠٢ ، ۳۰۹ من قانون العقوبات وان كان دفاعاً جوهرياً على المحكمة أن تعرض له في حكمها إيراداً ورداً إلا أنه من الدفوع القانونية المختلطة بالواقع ، فلا تجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض - ما لم تكن وقائع الدعوى كما أثبتها الحكم ترشح لقيامه - لأنه يتطلب تحقيقاً تنحسر عنه وظيفتها .
4 - البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه قد أثبت توافر ركن العلانية كما يتطلبه القانون من تداول صحيفة الدعوى المتضمنة عبارات القذف بين أيدى الكثيرين من الموظفين المختصين .
5 - من المقرر أن إستظهار القصد الجنائي في جريمة القذف علناً من اختصاص محكمة الموضوع تستخلصه من وقائع الدعوى وظروفها دون معقب عليها ما دام موجب هذه الوقائع والظروف لا يتنافر عقلاً مع هذا الإستنتاج، فإن الحكم إذ استخلص على النحو المتقدم قصد التشهير علناً بالمجنى عليها، يكون قد دلل على سوء نية الطاعنة وتوافر ركن العلانية على نحو سائغ، ومن ثم فإن ما تثيره الطاعنة من إنحسار المسئولية الجنائية عنها إعمالاً للمادة ۳۰۹ من قانون العقوبات ، وانتفاء القصد الجنائي لديها لا يكون سديداً.
6 - من المقرر أنه متى تحقق القصد الجنائي في جرائم القذف والسب والاهانة، فلا محل للخوض في مسألة النية إلا في صورة ما يكون الطعن موجها إلى موظف عام .
7- من المقرر أن تقدير العقوبة وقيام موجبات الرأفة أو عدم قيامها موكول لقاضي الموضوع دون معقب عليه في ذلك .
الوقائع
اقامت المدعية بالحقوق المدنية دعواها بالطريق المباشر ضد الطاعنة بوصف أنها قذفتها بالعبارات المبينة تفصيلاً بالأوراق والمبينة بصحيفة الدعوى - وطلبت عقابها بالمادة ٣٠٢ من قانون العقوبات وإلزامها بأن تؤدى لها مبلغ واحد وخمسين جنيها على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بمادة الاتهام بحبس المتهمة شهرين مع الشغل وكفالة عشرين جنيها وإلزامها بأن تؤدى للمدعية بالحقوق المدنية مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. استأنفت ومحكمة شمال القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بحبس المتهمة اسبوعين مع الشغل والنفاذ وتأييده فيما عدا ذلك .
فطعن الأستاذ / ............ المحامى عن الأستاذ ............ المحامي نيابة عن المحكوم عليها في هذا الحكم بطريق النقض................. الخ .
المحكمة
حيث إنه لما كان الأصل في القذف الذى يستوجب العقاب قانوناً هو الذي يتضمن إسناد فعل بعد جريمة يقرر لها القانون عقوبة جنائية أو يوجب احتقار المسند إليه عند أهل وطنه ، ومن حق قاضي الموضوع أن يستخلص وقائع القذف من عناصر الدعوى ، ولمحكمة النقض أن تراقبه فيما يرتبه من النتائج القانونية لبحث الواقعة محل القذف لتبين مناحيها ومرامي عبارتها، لإنزال حكم القانون على وجهه الصحيح ، وكان الحكم الابتدائي الذي تبناه لأسبابه لحكم المطعون فيه قد أورد أن الطاعنة نسبت إلى المجنى عليها في صحيفة الدعوى المرفوعة منها قبلها الانحراف وسوء السلوك والانغماس في حياة الرذيلة وارتكاب ابشع المعاصي، وهي عبارات شائنة تنطوى بذاتها على المساس بشرف واعتبار المجنى عليها وتدعو إلى احتقارها بين مخالطيها ومن يعاشرها في المجتمع الذي تعيش فيه، الأمر الذي تتوافر به في حق الطاعنة جريمة القذف كما هي معرفة في القانون . وإذ كان ذلك ، وكان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن حكم المادة ۳۰۹ من قانون العقوبات ليس إلا تطبيقاً لمبدأ عام هو حرية الدفاع بالقدر الذي يستلزمه ، وأن هذا الحق أشد ما يكون ارتباطاً بالضرورة الداعية إليه ، وأن الفصل فيما إذا كانت عبارات السب والقذف مما يستلزمه الدفاع متروك لمحكمة الموضوع التي رأت أن عبارات الطاعنة على السياق المتقدم في حكمها لا يستلزمه الدفاع في القضية سالفة الذكر، وهو ما تقرها عليه هذه المحكمة، فضلاً عن أن الدفع بإباحة القذف أو النسب إعمالاً لحكم المادتين ۳۰۲ ، ۳۰۹ من قانون العقوبات وان كان دفاعاً جوهرياً على المحكمة أن تعرض له في حكمها إيراداً ورداً إلا أنه من الدفوع القانونية المختلطة بالواقع ، فلا تجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض - ما لم تكن وقائع الدعوى كما أثبتها الحكم ترشح لقيامه - لأنه يتطلب تحقيقاً تنحسر عنه وظيفتها ، وكان البين من محاضر جلسات المحاكمة في درجتي التقاضي أنها خلت من هذا الدفاع، ولم تدع الطاعنة في طعنها أنها أثارته في مذكرة قدمت إلى محكمة ثاني درجة وخلت مدونات الحكم المطعون فيه مما يظاهر دعوى الطاعنة في الاعتصام بحق الدفاع ، فإنه لا يجوز لها من بعد إثارته لأول مرة أمام هذه المحكمة. هذا، ولما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه قد أثبت توافر ركن العلانية كما يتطلبه القانون من تداول صحيفة الدعوى المتضمنة عبارات القذف بين إيدى الكثيرين من الموظفين المختصين ، وكان من المقرر أن إستظهار القصد الجنائي في جريمة القذف علنا من اختصاص محكمة الموضوع تستخلصه من وقائع الدعوى وظروفها دون معقب عليها ما دام موجب هذه الوقائع والظروف لا يتنافر عقلاً مع هذا الاستنتاج، فإن الحكم إذ استخلص على النحو المتقدم قصد التشهير علنا بالمجنى عليها ، يكون قد دلل على سوء نية الطاعنة وتوافر ركن العلانية على نحو سائغ، ومن ثم فإن ما تثيره الطاعنة من إنحسار المسئولية الجنائية عنها إعمالاً للمادة ٣۰۹ من قانون العقوبات ، وانتفاء القصد الجنائي لديها لا يكون سديداً . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه متى تحقق القصد الجنائي في جرائم القذف والسب والاهانة ، فلا محل للخوض في مسألة النية إلا في صورة ما يكون الطعن موجهاً إلى موظف عام ، وليس هذا شأن المجنى عليها ، وتكون دعوى الطاعنة بالتفات محكمة الموضوع عن تحقيق حسن نيتها لا محل لها . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن تقدير العقوبة وقيام موجبات الرأفة أو عدم قيامها موكول لقاضي الموضوع دون معقب عليه في ذلك ، فإن مجادلة الطاعنة في شأن العقوبة المقضى بها عليها يكون غير سديد . لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يفصح عن عدم قبوله موضوعاً .