جلسة 12 من ديسمبر سنة 1991

برئاسة السيد المستشار / محمد مختار منصور نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / محمد خيرى الجندى ، محمد بكر غالى ، محمد محمد محمود نواب رئيس المحكمة ومصطفى نور الدين فريد .

___________________________________

( 287 )

الطعن رقم 410 لسنة 56 القضائية

( 1 ) نقض " حالات الطعن " . بطلان " بطلان الإجراءات " . حكم " بطلان الحكم " .

بطلان الحكم لوقوع بطلان فى الإجراءات . مناطه . أن يؤثر فى الحكم .

( 2 ) نقض " أسباب الطعن : بيان الأسباب : السبب المجهل " . دفاع .

عدم بيان الطاعن الدفاع الجوهرى الذى تضمنته المذكرة المنوة عنها بسبب النعى وأثر استبعادها على الحكم المطعون فيه . نعى مجهل . أثره . عدم قبوله .

( 3 ) دعوى " نظر الدعوى ك الدفاع فى الدعوى : تقديم المستندات والمذكرات " .

جواز ايداع المدعى عليه مذكرة بدفاعه قبل الجلسة الأولى المحددة لنظر الدعوى بثلاثة أيام على الأقل . عدم التزامه أو قلم الكتاب بإعلانها لخصمه . م 65 / 2 مرافعات .

( 4 ) حكم " بطلان الحكم " . بطلان " . بطلان الإجراءات " .

( 5 ) دستور . قانون " دستورية القوانين " . محكمة الموضوع .

محكمة الموضوع . سلطتها فى تقدير جدية الدفع بعدم الدستورية . عدم بيان الطاعن سنده من النصوص الدستورية أو التشريعية فى التمسك بهذا الدفع فى صحيفة دعواه .

دلالة ذلك . عدم جدية الدفع . ( مثال بشأن الدفع بعدم دستورية قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 170 لسنة 1981 ) .

( 6 – 9 ) قضاة " مخاصمة القضاة " . محكمة الموضوع . مسئولية . حكم " تسبيبه : تسبيب كاف " .

( 6 ) محكمة الموضوع . سلطتها فى استخلاص قصد القاضى الانحراف فى عمله طالما إقامت قضاءها على أسباب سائغة .

( 7 ) الخطأ الجسيم الذى يجيز مخاصمة القاضى . مناطه . وقوع القاضى فى غلط فاضح أو إهمال إهمالا مفرطا . تقدير جسامة الخطأ من سلطة محكمة الموضوع .

( 8 ) عدم مسئولية القاضى كأصل عما يصدر عنه من تصرفات أثناء عمله . الاستثناء مسئوليته عن التضمينات إذا انحرف من واجبات وظيفته واساء استعمالها فى أحوال معينة على سبيل الحصر . علة ذلك.

( 9 ) عدم جواز مخاصمة القاضى طالما لم ينص القانون على مساءلته . القياس على نص المادة 175 مرافعات . غير جائز . علة ذلك .

( 10 ) نقض " اسباب الطعن : بيان الأسباب : السبب المجهل " .

عدم بيان الطاعن الخطأ الذى يعزوه إلى الحكم وموضعه منه وأثره فى قضائه . نعى مجهل غير مقبول .

1-    من المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن الطعن فى الحكم لوقوع بطلان فى الإجراءات منوط بأن يكون البطلان قد أثر فى الحكم .

2-    إذ كان الطاعن لم يبين فى سبب النعى ما تضمنته المذكرة المقدمة منه والمصرح بتقديمها خلال فترة حجز الدعوى للحكم – من دفاع جوهرى وأثر استبعادها على الحكم المطعون فيه فإن النعى بهذا الوجه يكون مجهلا ومن ثم غير مقبول .

3-      من المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن المشرع أجاز فى الفقرة الثانية من المادة 65 من قانون المرافعات للمدعى عليه الذى أعلن بصحيفة افتتاح الدعوى أن يودع مذكرة بدفاعه قبل الجلسة الأولى المحددة لنظر الدعوى بثلاثة أيام على الأقل دون الزام عليه أو على قلم الكتاب بإعلانها أو إعلام خصمه بها .

4-    إذ كان الثابت أن جلسة 1/12/1984 كانت الجلسة الأولى التى نظر فيها الطعن وكان الأصل فى الإجراءات أنها روعيت ولم يقدم الطاعن دليلا على ان المذكرة التى أشار إليها قدمت بطريق آخر ينال من صحة إجراءات تقديمها فإنه لا على الحكم أن هو اعتد بما جاء فيها من دفاع ويكون النعى عليه بهذا الوجه على غير أساس .

5-    إذ كان المشرع قد ناط بالمحكمة التى يبدى أمامها الدفع بعدم الدستورية تقدير مدى جديته فإن تبينت أنه غير جدى رفضته ، وكان الحكم المطعون فيه قد قدر عدم جدية هذا الدفع الذى أبداه الطاعن لعدم بيان سنده أو أساس تمسكه به من نصوص دستورية أو تشريعية فى صحيفة دعواه وانتهى لرفضه ، فإن هذا النعى لا يعدو أن يكون جدلا فى تقدير المحكمة لجدية الدفع ومن ثم غير مقبول .

6-    من المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن لمحكمة المخاصمة السلطة التامة فى استخلاص قصد القاضى الانحراف فى عمله ايثارا لأحد الخصوم أو نكاية فى خصم أو تحقيقا لمصلحة خاصة للقاضى طالما أقامت قضاءها فى ذلك على اسباب سائغة كافية لحمله .

7-    من المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن الخطأ المهنى الجسيم الذى يجيز مخاصمة القاضى هو الخطأ الذى يرتكبه القاضى لوقوعه فى غلط فاضح ما كان ليساق إليه لو أهتم بواجباته الاهتمام العادى أو لاهماله فى عمله اهمالا مفرطا ويستوى أن يتعلق بالمبادئ القانونية أو بوقائع القضية الثابتة فى ملف الدعوى . وتقدير مبلغ جسامة الخطأ يعتبر من المسائل الواقعية التى تدخل فى التقدير المطلق لمحكمة الموضوع .

8-    من المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن الأصل هو عدم مسئولية القاضى عما يصدر منه من تصرفات أثناء عمله لأنه يستعمل فى ذلك حقا خوله له القانون وترك له سلطة التقدير فيه ولكن المشرع رأى أن يقرر مسئوليته على سبيل الاستثناء إذا انحرف عن واجبات وظيفته وأساء استعمالها فنص فى قانون المرافعات على أحوال معينة أوردها على سبيل الحصر يسأل فيها القاضى عن التضمينات ، والحكمة التى توخاها المشرع فى ذلك هى توفير الطمأنينة للقاضى فى عمله وأحاطته بسياج من الحماية يجعله فى مأمن من كيد العابثين اللذين يحاولون النيل من كرامته وهيبته يرفع دعاوى كيدية لمجرد التشهير به ، ومن ثم لا يجوز مقاضاته بالتضمينات عن التصرفات التى تصدر منه ابان عمله إلا فى هذه الأحوال .

9-    النص فى الفقرة الثالثة من المادة 494 من قانون المرافعات تشترط لجواز المخاصمة أن يكون القانون قد نص على مسئولية القاضى عن المخالفة وعن التعويض عنها ، ولا يصح القياس فى هذه الحالة على حكم المادة 175 من قانون المرافعات التى تقرر مسئولية القاضى عن التعويض فى حالة عدم ايداع مسودة الحكم ملف الدعوى عند صدوره لأن تقرير مسئولية القاضى عن اعماله بدعوى المخاصمة وهو على ما سلف القول استثناء ورد فى القانون فى حالات معينة على سبيل الحصر فلا يجوز التوسع فيها أو القياس عليها ز

10-                        إذ كان الطاعن لم يبين الخطأ الذى وقع فيه الحكم وموضعه منه وأثره على ما انتهى إليه من قضاء فإن هذا النعى يكون مجهلا غير مقبول .

المحكمة

بعد الإطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة .

حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية .

وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل فى أن الطاعن أقام دعوى المخاصمة رقم 6421 سنة 101 ق أمام محكمة استئناف القاهرة قبل المطعون ضدهم طالبا الحكم بتعلق أوجه المخاصمة بالدعوى وجواز قيدها وبقبولها وإحالتها إلى إحدى الدوائر المختصة لنظر موضوعها والحكم بقبول المخاصمة والزامهم بالتعويضات المناسبة ، وقال بيانا لها إنه كان قد طعن على قرار نيابة قصر النيل الصادر فى الشكوى رقم 2676 سنة 1982 ادارى قصر النيل بالأوجه لاقامة الدعوى الجنائية . وبتاريخ 26/5/1983 أصدرت دائرة محكمة الجنايات بمحكمة استئناف القاهرة المشكلة من المستشارين المطعون ضدهم حكما قضى أولا : بعدم جواز الطعن بالنسبة للمطعون ضدها الثالثة ....... ثانياً : برفض الدفع بعدم جواز الطعن بالنسبة للمطعون ضدهما الأول والثانى وبقبول الطعن بالنسبة لهما شكلا وفى موضوع الطعن برفضه وتأييد الأمر المطعن فيه ، ولما كان هذا الحكم قد صدر نتيجة غش وغدر وخطأ مهنى جسيم كما أنه يوجب مسئولية القاضى قانونا والحكم عليه بالتعويضات فقد أقام الدعوى ، وبتاريخ 12/12/1985 قضت المحكمة بعدم جواز المخاصمة وتغريم المخاصم مائة جنية . طعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى برفض الطعن ، وإذ عرض الطعن على المحكمة فى غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزت النيابة .

وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بالوجه الأول من السبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع وفى بيان ذلك يقول إن الحكم استبعد المذكرة المقدمة منه والمصرح بتقديمها خلال فترة حجز الدعوى للحكم لأنها لم تعلن أو تسلم صورتها للمطعون ضدهم – المخاصم ضدهم – مع أن قلم الكتاب يعتبر محلا مختارا لهم مما يعيبه بالخطأ فى تطبيق القانون والاخلال بحق الدفاع الذى يستوجب نقضه .

وحيث إن النعى بهذا الوجه غير مقبول ذلك أن من المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن الطعن فى الحكم لوقوع بطلان فى الإجراءات منوط بأن يكون البطلان قد أثر فى الحكم وإذ كان الطاعن لم يبين فى سبب النعى ما تضمنته المذكرة السالف بيانها من دفاع جوهرى وأثر استبعادها على الحكم المطعون فيه فإن  النعى بهذا الوجه يكون مجهلا ومن ثم غير مقبول  

وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الثانى من السبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع وفى بيان ذلك يقول إن الحكم المطعون فيه أثبت فى مدوناته أن المطعون قدموا مذكرة بجلسة 1/12/1984 وناقش ما جاء بها من دفاع وعول عليها فى قضائه مع أن ايا منهم لم يحضر فى هذه الجلسة سواء بشخصه أو بوكيل عنه فإنه يكون معيبا بما يستوجب نقضه .

وحيث إن النعى بهذا الوجه مردود ذلك أن من المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن المشرع أجاز فى الفقرة الثانية من المادة 65 من قانون المرافعات للمدعى عليه الذى أعلن بصحيفة افتتاح الدعوى أن يودع مذكرة بدفاعه قبل الجلسة الأولى المحددة لنظر الدعوى بثلاثة أيام على الأقل دون الزام عليه أو على قلم الكتاب بإعلانها أو اعلام خصمه بها وإذ كان الثابت أن جلسة 1/12/1984 كانت الجلسة الأولى التى نظر فيها الطعن وكان الأصل فى الإجراءات أنها روعيت ولم يقدم الطاعن دليلا على أن المذكرة التى أشار إليها قدمت بطريق آخر ينال من صحة إجراءات تقديمها فإنه لا على الحكم أن هو اعتد بما جاء فيها من دفاع ويكون النعى عليه بهذا الوجه على غير أساس .

وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثانى على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون وفى بيان ذلك يقول إنه أبدى أمام المحكمة دفعا بعدم دستورية قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 170 سنة 1981 بتعديل بعض نصوص قانون الإجراءات الجنائية فيما تضمنه من النص على عدم جواز الطعن بالنقض فى قرار غرفة المشورة – محل المخاصمة – إلا أن الحكم رفض هذا الدفع على سند من أنه غير جدى لعدم بيان الاسباب التى يستند إليها مما يعيبه ويستوجب نقضه .

وحيث إن النعى بهذا السبب غير مقبول ذلك أنه لما كان المشرع قد ناط بالمحكمة التى يبدى أمامها الدفع بعدم الدستورية تقدير مدى جديته فإن تبينت أنه غير جدى رفضته ، وكان الحكم المطعون فيه قد قدر عدم جدية هذا الدفع الذى أبداه الطاعن لعدم بيان سنده أو أساس تمسكه به من نصوص دستورية أو تشريعية فى صحيفة دعواه وانتهى لرفضه ، فإن هذا النعى لا يعدو أن يكون جدلا فى تقدير المحكمة لجدية الدفع ومن ثم غير مقبول .

وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الأول من السبب الثالث على الحكم المطعون فيه الفساد فى الاستدلال وفى بيان ذلك يقول إن الحكم أقام قضاءه بعدم جواز المخاصمة على خلو الأوراق من دليل على انحراف اى من المطعون ضدهم فى اداء واجبه بسوء نية قاصدا هذا الانحراف وإذ كان سوء النية فى حد ذاته امرا خفيا لا يمكن استظهاره بعمل مادى وإنما يستنتج من مجموعة الإجراءات المتعددة الصارخة فى الخطأ فإن الحكم يكون مشوبا بالفساد فى الاستدلال على نفى سوء نية المطعون ضدهم بما يعيبه ويستوجب نقضه .

وحيث إن النعى بهذا الوجه غير مقبول ذلك أن من المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن لمحكمة المخاصمة السلطة التامة فى استخلاص قصد القاضى الانحراف فى عمله ايثارا لاحد الخصوم أو نكاية فى خصم أو تحقيقا لمصلحة خاصة للقاضى طالما أقامت قضاءها فى ذلك على أسباب سائغة كافية لحمله ، وكان الحكم المطعون فيه بعد أن استعرض أسباب المخاصمة انتهى إلى نفى قصد الانحراف عن المستشارين المخاصمين على سند مما قرره فى اسبابه من أنه " بمطالعة أوراق الدعوى يتبين أنها جاءت برمتها خالية من دليل أو مما يستظهر منه توافر الانحراف بسوء نية وكان هذا الذى أورده الحكم المطعون فيه سائغا وكافيا لحمل قضائه فى هذا الخصوص فإن ما يثيره الطاعن بهذا الوجه لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا فى سلطة محكمة الموضوع فى تقديرها للادلة المطروحة مما لا يقبل اثارته أمام هذه المحكمة .

وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الثانى من السبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون ، وفى بيان ذلك يقول إن الحكم المطعون فيه عرف الخطأ الجسيم بأنه الخطأ الذى يرتكبه القاضى بغلط فاضح ما كان ليساق إليه أو اهتم بواجباته الاهتمام العادى أو لاهماله فى عمله اهمالا مفرطا ، وانتهى الحكم إلى أن ما أسنده الطاعن إلى المطعون ضدهم ويفرض صحته وثبوته لم يتوفر عن سوء النية المستلزم ، ولا يرقى الجسامة المتطلبة لاعمال الفقرة آنفة البيان ، وإذ كان هذا الذى أورده الحكم ينطوى على خلط بين أكران وشروط توافر الخطأ المهنى الجسيم وأركان وشروط حالات الغش والتدليس والغدر ، وكان الحكم قد أطرح بغير سند ما جاء بأسباب المخاصمة دالا على وقوع الخطأ الجسيم من المطعون ضدهم فإنه يكون معيبا بالقصور فى تطبيق القانون الذى يستوجب نقضه .

وحيث إن هذا النعى غير مقبول ذلك ان من المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن الخطأ المهنى الجسيم الذى يجيز مخاصمة القاضى هو الخطأ الذى يرتكبه القاضى لوقوعه فى غلط فاضح ما كان ليساق اليه لو اهتم بواجباته الاهتمام العادى أو لاهماله فى عمله اهمالا مفرطا ويستوى أن يتعلق بالمبادئ القانونية أو بوقائع القضية الثابتة فى ملف الدعوى ، وتقدير مبلغ جسامة الخطأ يعتبر من المسائل الواقعية التى تدخل فى التقدير المطلق لمحكمة الموضوع ، وإذ كان الحكم المطعون فيه بعد أن أورد الوقائع وحصل أدلة المخاصمة وأسبابها خلص إلى استبعاد قصد الانحراف وسوء النية وانتهى إلى عدم توافر الشق الأول من المادة 494 / 1 من قانون المرافعات . ثم إضاف القول إن اسباب المخاصمة لا تنطوى على اهمال مفرط من المطعون ضدهم لخلو الأوراق من دليل على ذلك وانتهى إلى أنه اقتنع بحقيقة مؤداها أن الأوراق قد تجردت من دليل على توافر شروط اعمال الفقرة الأولى من المادة 494 من قانون المرافعات بشقيها وأورد دعامة لاستبعاد كل شق على حده دون ثمة خلط بين الحالتين وبأسباب تكفى لحمل قضائه فإن ما يثيره الطاعن بهذا الوجه لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا فى سلطة محكمة الموضوع فى تقدير مدى جسامة الخطأ الذى بنى عليه الطاعن مخاصمته ومن ثم غير مقبول .

وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الثالث من السبب الثالث على الحكم المطعون فيه الفساد فى الاستدلال ومخالفة الثابت فى الأوراق وفى بيان ذلك يقول إن الحكم قرر فى مجال نفى مسئولية الهيئة المخاصمة طبقا للفقرة الثالثة من المادة 494 من قانون المرافعات أن الأوراق برمتها ليس فيها ما يؤدى إلى الحكم بالتعويضات ضدها ، رغم أنه قدم المستندات الدالة على الضرر الذى أصابه مما يعيب الحكم بمخالفة القانون والثابت بالأوراق ويستوجب نقضه .

وحيث إن النعى بهذا الوجه مرود ذلك أنه من المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن الأصل هو عدم مسئولية القاضى عما يصدر منه من تصرفات أثناء عمله لأنه يستعمل فى ذلك حقا خوله له القانون وترك له سلطة التقدير فيه ولكن المشرع رأى أن يقرر مسئوليته على سبيل الاستثناء إذا انحرف عن واجبات وظيفته وأساء استعمالها فنص فى قانون المرافعات على أحوال معينة أوردها على سبيل الحصر يسأل فيها القاضى عن التضمينات ، والحكمة التى توخاها المشرع فى ذلك هى توفير الطمأنينة للقاضى فى عمله واحاطته بسياج من الحماية يجعله فى مأمن من كيد العابثين اللذين يحاولون النيل من كرامته وهيبته برفع دعاوى كيدية لمجرد التشهير به ، ومن ثم لا يجوز مقاضاته بالتضمينات عن التصرفات التى تصدر منه ابان عمله إلا فى هذه الأحوال ....... وان النص فى الفقرة الثالثة من المادة 494 من قانون المرافعات تشترط لجواز المخاصمة أن يكون القانون قد نص على مسئولية القاضى عن المخالفة وعن التعويض عنها ، ولا يصح القياس فى هذه الحالة على حكم المادة 175 من قانون المرافعات التى تقرر مسئولية القاضى عن التعويض فى حالة عدم إيداع مسودة الحكم ملف الدعوى عند صدوره لأن تقرير مسئولية القاضى عن أعماله بدعوى المخاصمة وهو ما على سلف القول استثناء ورد فى القانون فى حالات معينة على سبيل الحصر فلا يجوز التوسع فيها أو القياس عليها وإذ لم يبين الطاعن النص القانونى الذى يستند إليه فى مسئولية الهيئة المخاصمة طبقا للفقرة الأخيرة من المادة 494 سالفة البيان والمخالفة المنسوبة إليها والنص على التعويض عنها والتى يتعين بالقطع أن تكون غير الحالات المنصوص عليها فى الفقرة الأولى من المادة ، مما يكون معه النعى بهذا الوجه قد جاء على غير أساس .

وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الرابع من السبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون وفى بيان ذلك يقول إن الحكم خلط بين الأوامر والأحكام القضائية التى تصدر من المحاكم بسطلتها القضائية وطبق المبادئ التى تسرى على الأحكام على الأمر الصادر من الهيئة المخاصمة ومنها أن الأصل فى الإجراءات أنها أتبعت وعلى من يدعى العكس اقامة الدليل ، وهى كلها أمور أن صحت بالنسبة للأحكام القضائية فإنها لا تسرى فى شأن القرارات التى تصدرها غرفة المشورة التى يتعين عليها أن تلتزم بشأنها صحيح قانون الإجراءات الجنائية مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .

وحيث إن النعى بهذا الوجه غير مقبول ذلك أنه لما كان الطاعن لم يبين الخطأ الذى وقع فيه الحكم وموضعه منه وأثره على ما انتهى إليه من قضاء فإن هذا النعى يكون مجهلا غير مقبول .