الطعن رقم 3219 لسنة 42 بتاريخ : 1998/07/12
___________________
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ رائد جعفر النفراوى نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادية الأساتذة المستشارين:جودة عبد المقصود فرحات وعلى عوض محمد صالح وإدوارد غالب سيفين وسامى أحمد محمد الصباغ نواب رئيس مجلس الدولة
* الإجراءات
فى يوم الأحد الموافق 7/4/1996 أودعت هيئة قضايا الدولة نيابة عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 3219 لسنة 43 ق عليا فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى دائرة العقود والتعويضات بجلسة 11/2/1996 فى الدعوى رقم 5877 لسنة 47 ق والقاضى بقبول الدعوى شكلاً وفى الموضوع بإلزام المدعى عليه بصفته بأن يؤدى للمدعى تعويضاً قدره عشرة آلاف جنيه والمصروفات.
وطلب الطاعن للأسباب المبينة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض الدعوى مع إلزام المطعون ضده بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن درجتى التقاضى.
أودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى فى الطعن رأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض دعوى المطعون ضده بتعويضه عن الأضرار المادية والأدبية التى أصابته من جراء قرار إنهاء خدمته والمقضى بإلغائه وإلزامه بالمصروفات.
تم نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا على النحو الثابت بمحاضر الجلسات حيث قررت بجلسة 13/4/1948 إحالة الطعن إلى هذه المحكمة التى نظرته بجلسة 24/5/1997 وبعد أن استمعت إلى ما رأت لزوم سماعه من إيضاحات قررت إصدار الحكم فى الطعن بجلسة 12/7/1998 وبها تقرر إعادة الطعن للمرافعة لتغيير تشكيل الهيئة وإصدار الحكم آخر الجلسة وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
* المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
وحيث أن الطعن استوفى سائر أوضاعه الشكلية.
وحيث أن عناصر النزاع تتلخص - حسبما يبين من الأوراق - فى أنه بتاريخ 7/6/1993 م أقام المطعون ضده ضد الطاعن الدعوى رقم 5877 لسنة 47 ق أمام محكمة القضاء الإدارى دائرة العقود والتعويضات طالباً الحكم بقبول الدعوى شكلاً وفى الموضوع بإلزام المدعى عليه بصفته أن يؤدى للمدعى مبلغ 101700 جنيه من الأضرار المادية والأدبية والنفسية الناتجة عن القرار الوزارى رقم 596 لسنة 1988 بشأن خدمة المدعى مع ما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام المدعى عليه بصفته المصروفات ومقابل الأتعاب.
وذكر المدعى شارحاً دعواه أنه فى شهر يونيو سنة 1988 أصدر المدعى عليه القرار الوزارى رقم 596 لسنة 1988 بإنهاء خدمة المدعى اعتباراً من 10/3/1988 تاريخ انقطاعه عن العمل وأنه لما كان انقطاعه بعذر هو المرض كما أن جهة الإدارة لم تنذره قبل إنهاء خدمته فقد أقام الدعوى رقم 6645 لسنة 42 ق طعناً فى القرار المذكور قضى فيه بجلسة 25/6/1990 بإلغاء القرار المطعون فيه وتأيد هذا الحكم من المحكمة الإدارية العليا بحكمها الصادر بجلسة 17/4/1993 فى الطعن رقم 3328 لسنة 46 ق عليا.
وأضاف المدعى أنه وإن قامت جهة الإدارة بإعادته للخدمة بتاريخ 28/8/1990 إلا أنه لم يتم صرف راتبه عن المدة من تاريخ صدور قرار إنهاء خدمته حتى تاريخ عودته إلى وظيفته فضلاً عن أن القرار المذكور قد أصابه بأضرار مادية وأدبية ونفسية وكبده نفقات تقاضى للتوصل لإلغائه وأنه بقدر جملة التعويض المستحق له من العناصر المتقدمة بمبلغ 101700 جنيه وهو ما دعاه لإقامة دعواه بطلباته السالف ذكرها.
وبجلسة 11/2/1996 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه مشيدة إياه على أنه لما كان القرار المطلوب التعويض عنه قد صدر حكم من محكمة القضاء الإدارى بإلغائه استناداً إلى مخالفته للقانون وقد تأيد ذلك الحكم من المحكمة الإدارية العليا فإن ذلك يشكل ركن الخطأ الموجب لمسئولية الإدارة وأنه عن ركن الضرر فقد ألمت بالمدعى أضرار مادية تمثلت فى حرمانه من دخله طوال المدة من تاريخ صدور قرار إنهاء خدمته فى يونيو سنة1988 حتى تاريخ تنفيذ حكم محكمة القضاء الإدارى سالف الذكر بإعادته إلى الخدمة فى أغسطس سنة 1990 كما ألمت به أضرار أدبية تمثلت فى وجوده خارج الخدمة لمدة جاوزت العامين مما جعله مبعثاً لتساؤلات نجم عنها إيلامه ومعاناته نفسياً بالقدر الذى يصعب تحديد مداه ويتعذر معه القول بمحو كافة أثاره أو انتزاعها منه حتى صدور إجراء لاحق تمثل فى إصدار قرار برجوعه إلى الخدمة ومن ثم يحق له التعويض عن هذه الأضرار لتوافر رابطة السببية بين خطأ الإدارة وهذه الأضرار.
ومن حيث أن مبنى الطعن الماثل مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ فى تطبيقه وتأويله لما يلى:
1) انتفاء خطأ الجهة الإدارية الموجب للتعويض إذ كان يتعين على المطعون ضده أن يعود بعد انتهاء أجازته إلى عمله فى 10/3/1988 أو يبلغ الجهة الإدارية بعذر مقبول ويقدم الدليل على صحة هذا العذر إلا أنه لم يقدم تظلمه إلا فى 6/7/1988 أى أنه بعد أربعة أشهر لم يكن قد قدم للجهة الإدارية أية مستندات دالة على مرضه حتى تاريخ علمه بقرار إنهاء خدمته ومن ثم تكون واقعة انقطاعه عن العمل قد تحققت وإذا كان كتاباً الجهة الإدارية بإنذاره وفقاً للقانون لم يصلاه فى محل إقامته بالسعودية إلا فى 21/8/1988 بعد صدور قرار إنهاء خدمته فقد كان ذلك بسبب تأخير السفارة المصرية فى السعودية وليس نتيجة خطأ من جهة الإدارة التى أرسلت هذين الكتابين فى 22/3/1988 و 5/5/1988، وقد جرى قضاء المحكمة الإدارية العليا على ان الحكم بالغاء قرار انهاء خدمة العامل الذى صدر بسبب انقطاعة عن العمل تأسيسا على عدم اتباع اجراءات شكلية لا يصلح سندا قانونيا للتعويض
2) وفقاً لحكم المادة 165 من القانون المدنى لا يلزم الشخص بتعويض الضرر إذا أثبت أنه نشأ عن سبب أجنبى والثابت من وقائع الطعن الماثل إن ما أصاب المطعون ضده من أضرار نتيجة إنهاء خدمته يرجع لخطئه لعدم إرساله المستندات المثبتة لمرضه بعد التاريخ المحدد لعودته لعمله فى 10/3/1988 كما يرجع لسبب أجنبى هو تأخير السفارة المصرية فى السعودية فى إبلاغ المطعون ضده بالإنذارات الموجهة إليه من جهة الإدارة.
3) إن صدور قرار بإعادة المطعون ضده إلى عمله فور إعلا الحكم الصادر بإلغاء قرار إنهاء خدمته ووضعه فى أقدميته يعتبر غير تعويض ومن ثم يكون الحكم له بتعويض مخالفاً لما جرى عليه قضاء المحكمة الإدارية العليا من أن القضاء بالتعويض ليس عن مستلزمات القضاء بالإلغاء.
4) المغالاة فى تقدير التعويض.
ومن حيث أنه مع التسليم بأن قضاء المحكمة الإدارية العليا يجرى على أن القضاء بالتعويض ليس من مستلزمات القضاء بالإلغاء بل لكل من القضائين أساسه الخاص الذى يقوم عليه، كما يجرى على أن عيب عدم الاختصاص أو عيب الشك الذى قد يشوب القرار الإدارى ويؤدى إلى إلغائه لا يصلح حتماً وبالضرورة أساساً للتعويض ما لم يكن العيب مؤثراً فى موضوع القرار.
ومن حيث أنه المبادئ المتقدمة كان يمكن أن تصدق وتنطبق على وقائع الطعن الماثل فى ضوء ما انتهى إليه حكم محكمة القضاء الإدارى بجلسة 25/6/1990 بإلغاء القرار الوزارى رقم 596 لسنة 1988 بإنهاء خدمة المطعون ضده حيث أقامت المحكمة قضاءها المذكور على ما لحق القرار المطعون فيه من عيب شكلى يتمثل فى صدوره سابقاً على توجيه الإنذار إلى المدعى، إلا أنه لما كانت المحكمة الإدارية العليا حين قضت بتأييد الحكم المذكور بحكمها الصادر بجلسة 27/4/1993 فى الطعن رقم 3328 لسنة 38 ق عليا قد خالفت محكمة القضاء الإدارى فى أسانيد إلغاء القرار المطعون فيه وأسست قضاؤها على أن المطعون ضده وقد أبلغ جهة الإدارة بواقعة مرضه فقامت الإدارة بإخطاره عن طريق وزارة الخارجية بضرورة العودة وسرعة إرسال المستندات الدالة على مرضه معتمدة ومصدقاً عليها من القنصلية المصرية بالسعودية إلا أن السفارة المصرية بالسعودية لم تبلغ المطعون ضده بذلك إلا بتاريخ 21/8/1988 أى بعد صدور قرار الجهة الإدارية بإنهاء خدمة المطعون ضده وإن مفاد ذلك أن انقطاعه عن عمله لا يعد قرينة على الاستقالة الضمنية مما لا يعد معه هذا الانقطاع إصراراً على ترك العمل وعزوفاً عنه ويكون قرار إنهاء خدمة المطعون ضده للانقطاع عن العمل قد صدر فاقداً لركن السبب مما يتعين معه الحكم بإلغائه مع ما يترتب على ذلك من آثار.
ومن حيث أنه يبين مما تقدم أن المحكمة الإدارية العليا قد انتهت إلى إلغاء قرار إنهاء خدمة المطعون ضده - أساس طلب التعويض بالدعوى الصادر فيها الحكم المطعون فيه - ليس لعيب شكلى لحق القرار المذكور على نحو ما سبق أن انتهت إليه محكمة القضاء الإدارى وإنما لتخلف ركن السبب ومن ثم فقد ثبت الخطأ فى جانب جهة الإدارة بحكم بات حائز لقوة الأمر المقضى.
ومن حيث أن أساس مسئولية الإدارة عن القرارات الصادرة عنها - وفقاً لما استقر عليه قضاء هذه المحكمة وجود خطأ من جانبها بأن يكون القرار غير مشروع لعيب من العيوب المنصوص عليها فى قانون مجلس الدولة وأن يحيق بصاحب الشأن ضرر وتقوم علاقة السببية بين الخطأ والضرر.
ومن حيث أنه وقد توافر ركن الخطأ فى حقه جهة الإدارة على النحو السالف بيانه كما توافر ركن الضرر متمثلاً فى الأضرار المادية والأدبية التى لحقت المطعون ضده والتى فصلها الحكم المطعون فيه وإذ تحققت علاقة السببية بين هذين الركنين مما يستببع أحقية المطعون ضده فى المطالبة بتعويضه عما أصابه من أضرار.
ومن حيث أنه من المستقر عليه أن تقدير التعويض من الأمور التى تستقل بها محكمة الموضوع ما دامت قد اعتمدت فى قضائها على أساس معقول ومن ثم يكون الطعن الماثل غير قائم على أساس سليم من الواقع أو القانون بما يتعين معه الحكم برفضه وإلزام جهة الإدارة الطاعنة المصروفات وفقاً لحكم المادة 184 من قانون المرافعات.
* هذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وألزمت الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.