جلسة 14 من ابريل سنة 1990
برئاسة السيد الأستاذ المستشار / محمد أنور محفوظ رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة / محمد المهدى مليحى ومحمد أمين المهدى وصلاح عبد الفتاح سلامة وسعد الله محمد حنتيرة نواب رئيس مجلس الدولة.
ومن الشخصيات العامة : السادة الأساتذة : خالد طاهر عبد البارى وكيل أول وزارة القوى العاملة وسيد محمد على موسى رئيس مجلس إدارة هيئة تنشيط السياحة وعبد المنعم أحمد محمد البحيرى نائب رئيس هيئة القطاع العام لتوزيع القوى الكهربائية والدكتور مراد عبد السلام يوسف مدير عام طب الاسنان بوزارة الصحة وفتحى محسن سلامة رئيس قطاع الجمارك .
الطعن رقم 777 لسنة 30 القضائية :
( أ ) اختصاص – ما يدخل فى اختصاص المحكمة الإدارية العليا .
المادة 8 من قانون الأحزاب السياسية معدلة بالقانون رقم 144 لسنة 1980 ورقم 114 لسنة 1980 – يجوز لطالبى تأسيس الحزب أن يطعنوا بالإلغاء فى قرار لجنة شئون الأحزاب السياسية أمام الدائرة الأولى للمحكمة الإدارية العليا التى يرأسها رئيس مجلس الدولة – ميعاد الطعن فى قرار اللجنة يكون خلال الثلاثين يوما التالية لنشر قرار الاعتراض فى الجريدة الرسمية – تطبيق .
( ب ) دعوى – عوارض سير الدعوى – إنقطاع سير الخصومة .
إقامة الطعن ضد رئيس لجنة شئون الأحزاب السياسية بصفته – لجنة الأحزاب السياسية لجنة دائمة ومستمرة يمثلها رئيسها أمام القضاء وتنوب عنه قضايا الدولة نيابة قانونية – هذه اللجنة هى فى حقيقتها لجنة إدارية وما يصدر منها هو قرار إدارى ومحل لدعوى الإلغاء – تغيير شخص واسم رئيس اللجنة لا يترتب عليه إنقطاع سير الخصومة فى الطعن – تطبيق .
( جـ ) دعوى – التدخل فى الدعوى .
القانون رقم 40 لسنة 1977 – طالبوا تأسيس الحزب هم من حصر فيهم القانون الصفة والمصلحة فى تقديم إخطارات ومستندات الحزب ومتابعة الإجراءات أمام اللجنة بواسطة وكيل عنهم ولهم الطعن فى القرار الصادر من اللجنة بالإعتراض أمام المحكمة الإدارية العليا – لا تثبت الصفة القانونية لغير طالبى التأسيس سواء فى متابعة الإجراءات أو الطعن أو الانضمام إليهم – مصلحة المتدخل فى الطعن إنما تنشأ بقيام الحزب وتمتعه بالشخصية القانونية وله الانضمام إليه والدعاية لبرامجه – عدم قبول التدخل لانتفاء الصفة – تطبيق .
( د ) أحزاب سياسية – لجنة الأحزاب السياسية – تشكيلها .
المادة ( 8 ) من القانون رقم 40 لسنة 1977 معدلا بالقانون رقم 144 لسنة 1980 ورقم 114 لسنة 1983 – الطعن على قرار لجنة الأحزاب السياسية بالبطلان بسبب إنتماء رئيس اللجنة إلى الحزب الوطنى الحاكم – غير صحيح – أساس ذلك : القانون رقم 40 لسنة 1977 لم يرد فيه نص صريح بشأن عدم إنتماء مقرر بشأن القضاة من أحكام قانونية تتعلق بالحيدة والتنحى والمنع من المشاركة فى الحكم – سماع إيضاحات إضافية من ذوى الشأن بعد تقديم طلب التأسيس ومستنداته هو أمر جوازى للجنة إذا رأت لزوم لذلك قبل إصدار قرارها بالإعتراض – إذا قررت أن الفصل فى الطلب لا يحتاج إيضاحات كان لها ذلك – أساس ذلك : الطعن فى قرارها بالبطلان فى هذه الحالة يثير بالضرورة أمام المحكمة التحقق من الأسباب التى استندت إليها اللجنة ومدى قيامها على أسباب ثابتة فى الأوراق – تطبيق .
( هـ ) أحزاب سياسية :
المادة الخامسة من دستور سنة 1971 المعدلة فى 22/5/1980 – بموجب هذا التعديل يكون الدستور قد استعاض عن التنظيم الشعبى الوحيد ممثلا فى الاتحاد الاشتراكى المصرى بنظام تعدد الأحزاب – أساس ذلك : تعميق الديمقراطية وتوكيدة السيادة الشعبية – جاء هذا التعديل إنطلاقا من حقيقة أن الديمقراطية تقوم أصلا على الحرية وأنها تتطلب تعددا حزبيا بل تحتم هذا التعدد – لم يرد المشرع أن يطلق الحرية الحزبية إطلاقا لا سبيل إلى تنظيمها وإنما أراد أن يكون التعدد الحزبى دائرة فى إطار المقومات والمبادئ العامة الأساسية للمجتمع المصرى المنصوص عليها فى الدستور – المشرع الدستورى عهد إلى القانون تنظيم الأحزاب السياسية على أن يقف التدخل التشريعى عند حد التنظيم الذى ينبغى إلا يتضمن نقضأ للحرية الحزبية أو انتقاصا منها وأن يلتزم بالحدود والضوابط التى نص عليها الدستور – إذا تجاوز ذلك إلى حد إهدار الحرية ذاتها أو النيل منها أو خرج على القواعد والضوابط التى نص عليها الدستور وقع القانون فيما تجاوز فيه دائرة التنظيم مخالفا للدستور – الدستور والقانون فى تنظيمهما للأحزاب السياسية تطلبا توافر شروط محددة فى مبادئها وبرامجها وأهدافها ووسائلها باعتبارها تنظيمات تسعى أساسا إلى المشاركة فى مسئوليات الحكم – نتيجة ذلك : متى قام مانع قانونى يتعارض مبادئه أو برامجه أو أهدافه مع شئ مما تقدم فإنه يتعين رفض طلب التأسيس – تطبيق .
( و ) أحزاب سياسية – مبادئ الحزب .
تقدم طلبى تأسيس الحزب بنظريته التى يعتنقها فكرا وعملا ويجعلها القدوة المثلى بمبادئه وبرامجه وأساليبه عند المشاركة فى الحكم أو الوصول إلى سلطة الحكم قد ثبت عدم تحقيقها للديمقراطية بالمعنى البسيط فكرا وتجربة وبعدها من الديمقراطية السليمة – ما ينادئ به الحزب يتعارض مع مبدأ سيادة الدستور والقانون – إذا كان قرار لجنة الأحزاب السياسية بالاعتراض على تأسيس الحزب بنى على أسباب منها أنه حزب شمولى ولا يؤمن بالديمقراطية أو بتعدد الأحزاب طبقا للدستور والقانون رقم 40 لسنة 1977 – متى ثبت أن مفهوم الديمقراطية لدى الحزب لا يتلاقى مع مفهوم الديمقراطية التى يقوم عليها النظام السياسى فى جمهورية مصر حسبما ورد بالدستور ويرجع بفكرة إلى حقبة مضت من تاريخ جمهورية مصر العربية السياسى تجاوزتها التطورات الدستورية والقانونية السارية التى تقوم فى أساسها على سيادة القانون وحرية الرأى والتعبير فإن قرار لجنة الاعتراضات يكون قائما على سببه – تطبيق .
إجراءات الطعن
فى يوم الاربعاء 18 من يناير سنة 1984 أودع الأستاذ / ............ المحامى وكيلاً عن السيد / ............ عن نفسه وبصفته وكيلا عن طالبى تأسيس الحزب الناصرى قلم كتاب هذه المحكمة تقرير الطعن رقم 777 لسنة 30 ق عليا ضد الدكتور / ............ بصفته رئيسا للجنة شئون الأحزاب السياسية وذلك عن قرار اللجنة الصادرة بتاريخ 18 ديسمبر سنة 1983 بالاعتراض على الطلب المقدم من السيد / ............ بتاريخ 11 من أغسطس سنة 1983 باعتباره وكيلا عن طالبى الحزب الناصرى ، وطلب الطاعن للاسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه وبإلزام المطعون ضده بالمصروفات ، وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريرا مسببا رأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه وبمحو العبارات التى تضمنتها صحيفة الطعن والتى أشارت إليها مذكرة إدارة قضايا الدولة وإلزام المطعون ضده بالمصروفات . وعرض الطعن على المحكمة بجلسة 28/4/1984 وتدوول بالجلسات إلى أن قضت المحكمة بجلسة 4 من مايو سنة 1985 بوقف الطعن وإحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى مدى دستورية البندين ( ثانيا ) و (سابعا ) فى المادة الرابعة من القانون رقم 40 لسنة 77 الخاص بنظام الأحزاب السياسية فقيدت برقم 44 لسنة 7 ق . ع بجدول المحكمة الدستورية العليا التى قضت فيها بجلسة 7 من مايو 88 ( أولا ) برفض الطعن بعدم دستورية البند ( ثانيا ) من المادة الرابعة من القانون رقم 40 لسنة 77 ( ثانيا ) بعدم دستورية البند ( سابعا ) فى المادة الرابعة من القانون المشار إليه وذلك فيما تضمنه من إشتراطه ألا يكون بين مؤسسى الحزب أو قياداته من تقوم أدلة جديدة على قيامه بالدعوة أو المشاركة فى الدعوى أو التجنيد أو الترويج بأية طريقة من طرق العلانية لمبادئ أو إتجاهات أو أعمال تتعارض مع معاهدة السلام بين جمهورية مصر العربية ودولة إسرائيل التى وافق عليها الشعب فى الاستفتاء بتاريخ 20 أبريل سنة 1979 وأعيدت الأوراق لهذه المحكمة بتاريخ 29/5/1988 .
وإستؤنف نظر الطعن بجلسة 11/6/1988 وتدوول بالجلسات وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريرا تكميلياً رأت فيه الحكم اولا : برفض الدفع بإنقطاع سير الخصومة فى الطعن : ثانيا الحكم بعدم قبول تدخل الأستاذ/ ............ المحامى منضما للطاعن فى طعنه . ثالثا : توافر الشرط المنصوص عليه فى البند (ثانيا ) من المادة الرابعة من القانون رقم 40 لسنة 77 فى شأن الحزب الناصرى وقدم الطاعن مذكرات بالتصميم على طلباته بإلغاء القرار المطعون فيه كما قدمت هيئة قضايا الدولة مذكرات إنتهت فيها إلى طلب الحكم أولا / بإنقطاع سير الخصومة فى الطعن لزوال صفة المطعون ضده ثانياً : برفض الطعن وتأييد القرار المطعون فيه وتدوول الطعن بالجلسات على النحو الثابت بالمحاضر حتى قررت المحكمة بجلسة 30/2/1990 إصدار الحكم بجلسة 27/3/90 وفيها تقرر مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به .
المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة .
وحيث أن وقائع المنازعة تتحصل – حسبما جاءت فى الأوراق فى أنه بتاريخ 11 من أغسطس سنة 1983 تقدم الطاعن عن نفسه وبصفته وكيلا عن ستين مواطنا إلى لجنة الأحزاب السياسية بإخطار كتابى عن تأسيس " الحزب الناصرى " تنظيم تحالف قوى الشعب العامل " وأرفق المستندات التى يتطلبها القانون وبتاريخ 18 من ديسمبر سنة 1983 أصدرت اللجنة قرارها المطعون فيه بالاعتراض على تأسيس الحزب وأقامت اللجنة قرارها على أنه تبين من الإطلاع على برنامج الحزب الناصرى ولائحته ونظامه الداخلى ما يلى :
أولا : أن الإعلان السياسى وبرنامج الحزب ونظامه الداخلى تدل بوضوح على أنه يقوم على النظام الشمولى ولا يؤمن بالديمقراطية أو بتعدد الأحزاب طبقا لما جاء بالدستور . فقد نصت المادة الرابعة فى نظامه الداخلى على أن " يلتزم أعضاء الحزب بالمنهج الناصرى الموجود فى وثائق ثورة يوليو ( الميثاق الوطنى – بيان 30 مارس ) .
كما أكد فى الإعلان السياسى للحزب ( ص 2 ) أن ثورة يوليو رسمت طريقا واضحا أمام هذه الجماهير لتكون لها حركتها الواحدة وتنظيمها الواحد ، وهو ما ردده أيضا برنامج الحزب ( ص 2 ) فى أن الناصرية التى ينتمى إليها الحزب " ترى فى الثورة الطريق الذى تستطيع المجتمعات أن تسير عليه من الماضى إلى المستقبل وأنها " الوسيلة الوحيدة التى تستطيع بها الشعوب المقهورة أن تخلص نفسها من الإغلال التى كبلتها وأن الثورة هى الوسيلة الوحيدة لمقابلة التحدى الكبير الذى ينتظر الأمة العربية وغيرها من الأمم التى تستكمل نموها " .
ثانيا : أن ما جاء ببرنامج الحزب على ما سلف بيانه يتعارض مع الشرعية الدستورية التى يقوم عليها نظام الحكم فى مصر ويرمى إلى عودة الشرعية الثورية التى تستبيح أى تغيير عن غير السبيل الدستورى لمواجهة ما أسماه التحدى الكبير الذى ينتظر – فى المستقبل بداهة – الأمة العربية .
ثالثا : أن البرنامج يقرر ( ص 12 ) أن واقع المجتمع المصرى فرض أن تكون الإشتراكية العلمية هى المخرج العلمى من قيود التخلف وأن الإشتراكية العلمية تختلف عن الإشتراكية المادية لأن صيغة " العلمية" ترتبط بأسلوب معين للتفكير العلمى والإشتراكية العلمية التى ينادى بها الحزب هى بعينها الماركسية التى تختلف كلية عن النظام الإشتراكى الديمقراطى الذى يقوم عليه الاساس الاقتصادى للبلاد طبقا للمادة الرابعة من الدستور ، كما أن النظام الماركسى الذى يدعو إليه يؤدى فى حقيقة الأمر إلى نظام شمولى تتحكم فيه طريقة واحدة بالمخالفة لأحكام الدستور وقانون الأحزاب .
رابعا : أن الحزب المطلوب تأسيسه يرتد فى تكون تصوره الاقتصادى إلى حقبة ماضيه فى تاريخ مصر هى التى يحكمها ميثاق العمل الوطنى الصادر سنة 1962 فقد إقتبس فى برنامجه مقتطفات عديدة من الميثاق منها ( ص 4 ) تعريفة للديمقراطية بأنها توكيد السيادة للشعب ( ص 857 ) وأنها ترتكز على الديمقراطية الإجتماعية وأن علاج التناقض بين مصالح العمال والرأسمالية الوطنية وبين العمال والفلاحين مرهون بتجريد الرجعية من كافة أدواتها .
وبذلك يكون هذا البرنامج قد خالف ما نصت عليه مبادئ الاستفتاء فى الإلتزام بالدستور وحده كوثيقة أساسية كما لم يحدد معنى " الرجعية " مما يفتح الباب لصراعات طبقية عديدة مما يتنافى مع السلام الإجتماعى الذى نص قانون الأحزاب على وجود الإلتزام به .
خامسا : أن البرنامج يدعو ( ص 8 ) إلى إلغاء الملكيات الوهمية المفروضة على الصحافة ونقل ملكيتها للشعب ملكية حقيقية بحيث لا يسمح بسيطرة فرد أو سيطرة قلة عليها ، وهو ما يعنى حرمان جميع الأحزاب من حقها فى إصدار الصحف بالمخالفة للمادة 15 من قانون الأحزاب ويؤدى بالتالى إلى مظهر من مظاهر النظام الشمولى الذى يهدف الحزب إلى عودته .
سادسا : أن النظام الداخلى للحزب ( مادة 48 ) لم يتضمن ما تستوجبه المادة الخامسة من قانون الأحزاب من وجوب تحديد الجهة التى تؤول إليها أموال الحزب فى حالة الحل حتى يخضع ذلك لتقدير لجنة شئون الأحزاب عند نظر طلب تأسيس الحزب أما ترك أمر تحديد هذه الجهة للمؤتمر العامة للحزب عند حله فإنه يسمح بتوجيه هذه الأموال عندئذ إلى جهات غير شرعية أو مشروعة .
وأضافت هيئة قضايا الدولة فى مذكرات لاحقه سببا جديدا ( سابعا ) هو ثبوت عدم تميز برنامج الحزب وسياساته أو اساليبه فى تحقيق هذا البرنامج تميزا ظاهرا عن الأحزاب الأخرى وليس عن حزب واحد منها فقط بما يفقد الحزب شرطا من الشروط المطلوبة لتأسيسه .
ومن حيث أن الطاعن ينعى على القرار المطعون فيه مخالفة القانون وأنه مشوب بالبطلان لما يأتى أولا : عدم صلاحية رئيس اللجنة الدكتور .................. لتولى رئاسة لجنة شئون الأحزاب التى أصدرت القرار المطعون فيه باعتباره رئيسا لمجلس الشورى فهو أحد قادة الحزب الوطنى الديمقراطى وأقطابه وعضو المكتب السياسى ورئيس اللجنة الفكرية فيه الذى يصوغ مبادئه ويشرف على تلقينها وتعليمها للأعضاء وتجميع المواطنين عليها وهى أفكار ومبادئ متميزة عن أفكار ومبادئ الحزب المعترض عليه بحكم القانون والواقع وأنه لا يزال على جدية إئتمانية إلى الحزب الوطنى الديمقراطى وإلتزام سياسته وإنتصاره له على غيره من الأحزاب وأنه لم يتخل عن نشاطه الحزبى بعد إختياره رئيس لمجلس الشورى وبصفته هذه يرأس لجنة شئون الأحزاب السياسية التى لا يصبح رئيسا لها إلا إذا كان محايدا بين الأحزاب وكان عليه أن يوقف نشاطه الحزبى إلتزاما بأحكام القانون حتى يكون صالحا لرئاسة لجنة شئون الأحزاب وهو حياد مطلوب بحكم الضرورة القانونية والضرورة السياسية والضرورة الإخلاقية وقد أكد ذلك القانون رقم 40 لسنة 1977 قبل تعديله حيث جعل رئاسة اللجنة لأمين اللجنة المركزية للاتحاد الإشتراكى العربى أو مساعده ( م 20 ) القانون أن يكون مستقلا عن الأحزاب أو أن يوقف نشاطه الحزبى فور إختياره أمينا كما نص القانون على أن يكون من بين أعضاء اللجنة ثلاثة من رؤساء الهيئات القضائية السابقين وهم غير منتمين إلى الأحزاب السياسية وهكذا فإن شرط الحياد والإستقلال مقرر وثابت ومفهوم ضمنا دون حاجة إلى إيراد نص خاص بغرض أن يكون رئيس اللجنة مستقلا عن الأحزاب ومثل ذلك الشرط مستقر فى مجال القضاء .
وأن إنعدام الحيدة بين الأحزاب فى رئيس اللجنة التى لا يصح إنعقادها بدونه والذى يضعه القانون موضع المرجع بين الوزراء والأعضاء غير المنتمين إلى أحزاب عند إختلاف الرأى بما يعنيه هذا من إفتراض الحياد بين الإراء المختلفة ، يخل بتشكيل اللجنة ذاتها إذا يجعل الأغلبية فيها من المنتمين إلى الحزب فيتحول إلى لجنة حزبية ، كما أن العدالة تستوجب الحياد بالنسبة إلى الموضوع وإلى الأشخاص فى كل من يخوله القانون سلطة المشاركة فى إتخاذ قرار فى موضوع تتعلق به مصلحة غيره من الناس بما يحتاج إلى نص يقررها .
ثانيا : بطلان الإجراءات فقد أهدرت اللجنة بجرأة ظاهرة قواعد الإجراءات التى الزمها القانون بإتباعها إذ أوجب القانون أن يصدر قرار اللجنة بالإعتراض على تأسيس الحزب مسببا بعد سماع الإيضاحات اللازمة من ذوى الشأن ، والذى حدث أنه تحت تأثير التحيز وخلافا لما جرت عليه اللجنة فى حالات أخرى ، تجاهلت اللجنة ذوى الشأن فى الحزب موضوع القرار المطعون فيه فلا طلبت منهم شيئا ولا سمعت منهم شيئا وأصدرت قرار الإعتراض المطعون فيه مما يؤكد إنعدام الحياد ويوقع بالقرار الأثر الحتمى وهو البطلان .
ثالثا : بطلان الاسباب فقد صدر القرار مستندا إلى أسباب ملفقة تلفيقا بعيدا عن واقع ما جاء فى الوثائق التى قدمت إلى اللجنة ومتعسفة فى تفسير النصوص تعسفا ينحرف بها عن دلالتها الواضحة ومنحرفة عن المصلحة العامة إلى حد شمولها سببا مناهضا للمبادئ الأساسية المقررة فى الدستور ومؤثما فى حكم القانون بل إن أكثر من سبب مما استند إليه القرار قد زور النصوص بالحذف والإضافة وجاءت الأسباب مخالفة للواقع ولحسن النية الذى هو أحد المبادئ الكلية فى القانون وفيما يلى بيان ذلك : السبب الأول : وهو قيام الحزب على النظام الشمولى وأنه لا يؤمن بالديمقراطية أو بتعدد الأحزاب طبقا لما جاء فى الدستور فهذا السبب يمثل أقصى درجات مخالفة القانون والإنحراف بالسلطة والتعسف فى استعمالها وخروجاً على أحكام الدستور إذ أن إختصاص اللجنة محصور فى فحص ودراسة إخطارات تأسيس الأحزاب السياسية طبقا لأحكام القانون وليس من سلطتها وضع شروط أو قيود لم يعرفها المشرع وقد حددت المادة الرابعة من القانون رقم 40 لسنة 1977 تسعة شروط لتأسيس الحزب ليس من بينها السبب الأول للقرار ولا يمت إليه بصلة قريبة أو بعيدة كما استعملت اللجنة كلمات عامة مطلقة لا يعرفها القانون ويتعذر ضبط دلالتها كالنظام الشمولى والإيمان بالديمقراطية كما أن اللجنة لم تنف عن المؤسسين مجتمعين أو منفردين الإيمان بالديمقراطية ويكفى دليلا على ذلك تقدمهم لتأسيس هذا الحزب فهو تعبير صريح عن إلتقاء إرادتهم على الإلتزام بقانون ينظم مبدأ تعدد الأحزاب المنصوص عليه فى الدستور ثم إن إختيارهم لتأسيس حزب خاص بهم على مبادئ متميزة عن مبادئ الاحزاب الأخرى بشروط محددة للعضوية يؤكد إلتزامهم بمبدأ تعدد الأحزاب ذلك لأن التخصص يناقض الشمول وإرادة التميز كحزب هى ذاتها إرادة تمايز الأحزاب فتعددها . كما إن اللجنة إنتزعت تعسفيا النصوص التى ذكرتها فى القرار فى مواضع متباينة الموضوع متباعدة السياق موزعة فيما بين الإعلان والبرامج والنظام الداخلى وجمعت معا فى محاولة تلفيق تركيبة لغوية تساند الغاية غير المشروعة التى إستهدفت القرار ذلك المنهج ليس مبادئ ولا سياسات ولكنه طريقة للفهم وأن الفهم غير التعسف لماهية إلتزام الأعضاء يجب أن يكون المنهج الناصرى الموجود فى ثورة يوليو كما هو معبر عنه فى برامج الحزب ثم أن الإعلان قيد المنهج الناصرى بما هو إيجابى ولم يأخذه على إطلاقه وأن الحزب ينطلق من قاعدة فكرية أصلية على ميثاق الثورة ووثائقها وحصيلة ممارستها الإيجابية فى الواقع المصرى والعربى والعالمى وهو مفهوم لا يتعارض مع قبول تعدد الأحزاب كما أن ما ورد بالإعلان السياسى عن حركة القومية العربية ووحدة الجماهير العربية إنما يعنى الحركة العربية الواحدة وهى ليست حزبا بالمعنى الوارد فى القانون رقم 40 لسنة 1977 يستهدف المشاركة فى مسئولية الحكم فى مصر ولكنها دعوة إلى وحدة حركة الجماهير فى سبيل وحدة الأمة العربية وحدة تأتى ديمقراطيا لا بالإعتراض وأن ذلك هو الطريق الذى أختاره الدستور الذى تم الإستفتاء عليه فى أول سبتمبر سنة 1971 وهو دستور إتحاد الجمهوريات العربية الذى لا يزال قائما رغم قيام الدستور المصرى الذى إستفتى عليه فى 11 سبتمبر سنة 1971 ، كما أن النص الوارد بشأن الثورة يتحدث عن الثورة ضد الرواسب التى أثقلت كاهل الشعوب لمغالبة التخلف الذى جاء نتيجة القهر والإستغلال ومغالبة الفوارق بين التقدم والتخلف التى تضاعفت فيها الإكتشافات العلمية الهائلة وأن ذلك هو التحدى الذى تواجهه الشعوب بالثورة بالمعنى المجازى كالثورة الصناعية أو الزراعية أى مضاعفة الجهد وليس بالمعنى القانونى أو السياسى بالخروج على الشرعية – ومما سبق يتضح أن السبب الأول للقرار المطعون فيه غير مشروع مستخلص إستخلاصاً من نصوص غير مطابقة لما جاء فى وثائق الحزب . السبب الثانى وهو تعارض برنامج الحزب مع الشرعية الدستورية وأنه يرمى إلى العودة إلى الشرعية الثورية ، فهى كلمات إنشائية غير ذات دلالة وسبق إيضاح بطلانه وهو كلام لا مكان له عند الحديث عن الحقوق الدستورية والحريات التى كفلها القانون وأن الشرعية بمعناها القانونى هى مطابقة الدستور ، والثورة بمعناها القانونى هى إسقاط الدستور فهما تفيضان لا يجتمعان فى الواقع أما إذا اجتمعا فى " جملة " فإن دلالة كل منهما تهدر دلالة الأخرى فلتصبح الجملة بدون دلالة مفيدة .
السبب الثالث : وهو أن الإشتراكية العلمية التى ينادى بها الحزب هى بعينها الماركسية التى تختلف كلية عن النظام الإشتراكى الديمقراطى وأن النظام الماركسى الذى يدعو إليه يؤدى إلى نظام شمولى تتحكم فيه طبقة واحدة ، فهذا السبب مفضوح التزوير والتعسف وموغل فى عدم المشروعية ويدخل فى دائرة التأميم القانونى بما نسبه إلى المؤسسين من أمور لو صحت لأوجبت عقابهم إذ لم يثبت لدى اللجنة أن أيا من المؤسسين يدعو أو يروج لمذاهب ترمى إلى مناهضة النظام الإشتراكى الديمقراطى الذى ينص عليه الدستور ، وأن القرار قد صاغ من عنده أفكار نسبها إلى المؤسسين ثم اتخذها حجة للإعتراض على حزبهم فقد ورد النص بالبرنامج على أن واقع مجتمعنا قد فرض أن تكون الإشتراكية العلمية هى المخرج العملى من قيد التخلف ، وإشتراكيتنا علمية من حيث إعتمادها على المنهج العلمى فى معالجة قضايا الواقع وهى تختلف بالقطع عن الإشتراكية المادية وهى الماركسية بعينها ، وأن هذا ما يتفق وميثاق العمل الوطنى الذى تم إقراره شعبياً عام 1962 وما وضع له من شروخ وما قاله المرحوم جمال عبد الناصر فى الجلسة الإفتتاحية لمجلس الأمة فى 12 نوفمبر سنة 1964 ، كما أن المؤسسين يجعلون من الدين أساسا للإشتراكية التى وصفوها بأنها علمية ويستهلون برنامجهم بحديث المؤمنين المسلمين عن القيم الروحية النابعة من الأديان وأنها أساس الإنسانية والقيم الخلقية التى يقوم عليها السلوك الإشتراكى السليم . وأن جوهر الديمقراطية هو توكيد السيادة للشعب ووضع السلطة كلها فى يده وليس فى الطبقة العاملة ، كما يدعو الحزب إلى حرية الرأى والقول والكتابة والإعتقاد والإجتماعات والعمل السياسى والثقافى والإجتماعى بينما تقوم الماركسية على شعارات منها أنه طالما تستعمل البروليتاريا الدولية فإنها لن تستعملها من أجل الحرية بل من أجل إسقاط أعدائها . كما يقول برنامج الحزب بضرورة المحافظة على الدور الذى يقوم به القطاع الخاص وتشجيعه فى مجال الإنتاج والتجارة والتوزيع فى إطار الخطة القومية الشاملة مما يخالف الماركسية المتميزة بإلغااء الملكية الخاصة لأدوات الإنتاج ، وأن إصطلاح الإشتراكية العلمية إنما نشأ إبتداء لمقابلة ما سمى " بالإشتراكية الخيالية " ثم إنه مع التطور والزمن لم يعد هناك نظام إقتصادى أو إجتماعى أو سياسى مع العلم ، كما أن قصر وصف العلمية على الديمقراطية بأنها غير علمية وهو خطأ جسيم لم يتحرج القرار المطعون فيه فى إرتكابه لمجرد الإعتراض على الحزب الناصرى .
السبب الرابع : وهو إرتداد الحزب إلى حقبة ماضية من تاريخ مصر وإقتباس برنامجه من ميثاق العمل الوطنى سنة 1962 وتجريد الرجعية من كافة أدواتها بما تفتح الصراعات الطبقية وتتنافى مع السلام الإجتماعى والإلتزام بالدستور وقانون الأحزاب ذلك أن دستور سنة 1971 وبرنامج العمل الوطنى قد استبقيا بنصهما من ميثاق العمل الوطنى ومن دستور سنة 1964 الذى تضمن مبادئ الميثاق كما أن وثيقة إعلان دستور سنة 71 تقول أنه صدر تتويجا لمرحلة خاض فيها الشعب تجربة تلو أخرى وقدم أثناء ذلك وأسترشد خلال ذلك بتجارب فنية وقومية وعالمية عبرت عن نفسها فى نهاية مطاف طويل بالوثائق الاساسية لثورة 23 يوليو سنة 1952 وقد أكد أساتذة العلوم الدستورية فى مصر العلاقة بين الدستور القائم وبين ميثاق العمل الوطنى كحقيقة دستورية ، وقانون الأحزاب رقم 40 لسنة 1977 ذاته يشترط لتأسيس وإستمرار أى حزب سياسى عدم تعارض مقوماته وأهدافه وبرامجه واساليبه مع مبادئ ثورة 23 يوليو سنة 1952 وهو ما نص عليه القانون رقم 33 لسنة 78 بحظر أية دعوى يكون هدفها مناهضة المبادئ التى قامت عليها ثورة 23 يوليو سنة 1952 والميثاق هو المرجع الاساسى فى معركة المبادئ التى قامت عليها ثورة 1952 كما ورد بالمذكرة الإيضاحية لقانون الأحزاب أن الفيصل فى تحديد العبارات التى ذكرتها كالسلام الإجتماعى وتحالف قوى الشعب العاملة والإشتراكية الديمقراطية هو القضاء الذى سوف يستلهم المعنى المحدد لهذه العبارات من أحكام الدستور والمواثيق السياسية للثورة منذ 23 يوليو سنة 1952 وعلى قمة المواثيق وأشملها ميثاق العمل الوطنى فمبادئ الميثاق ما تزال تحكم – دستوريا الحقبة الحاضرة من تاريخ مصر وقد ذهب الشراح إلى أن الميثاق قوة قانونية ملزمة ، وأنه رغم عدم وجود ضوابط لما أجرى من استفتاءات فى مصر فإن إضفاء قوة ملزمة للكافة على المبادئ التى وافق عليها الشعب فى 20 ابريل سنة 1979 يجعل القرار المطعون فيه باطلا شكلا وموضوعا بل معدوما ذلك أن الشعب وافق على حرية تكون الأحزاب فى إستفتاء 10 فبراير سنة 1977 ثم صدر القانون رقم 40 لسنة 77 متضمنا عديدا من القيود ثم أجرى استفتاء فى 6 أبريل سنة 1979 على مبدأ آخر وافق عليه الشعب بما يقرب الإجماع وهو " إطلاق حرية تكون الأحزاب " بما يعنى إلغاء كل القيود التشريعية والإدارية على حرية تكوين الأحزاب والإطلاع يعنى فك كل القيود فلا يجوز للدستور أو القانون أن يتضمن قيودا أو تنظيما لتكوين الأحزاب ويكفى القانون العام ممارسا لسلوك الأحزاب وأعضائها وهو ما كان كذلك فى تاريخ مصر ودساتيرها حتى عام 1953 .
كما أن القول بأن الديمقراطية هى توكيد السيادة للشعب هو بذاته ما قرره الدستور من أن السيادة للشعب كما أن القول بأن الديمقراطية السليمة يجب أن ترتكز على الديمقراطية الإجتماعية هو ترديد لتعريف ما جاء بالقانون باسم " النظام الاشتراكى الديمقراطى " وهو النظام الذى يرفض إنفصال الحرية عن الاشتراكية أما عن الرجعية فهى القوى التى تحول بأدواتها دون تحقيق التقدم السياسى والإجتماعى والإقتصادى للوطن الذى جعله القانون هدف للأحزاب السياسية وهى قوى غير ثابتة فى الزمان وغير محددة الأدوات وأن الرجعية ضد التقدم وأن تطبيقها فى برنامج الحزب لهو تعسف يراد به فصل البرنامج ومبادئه عن الواقع الإجتماعى فى زمانه المقبل وبالنسبة للسلام الإجتماعى فإن الحزب يحترم المشروعية وسيادة القانون ويخضع للرقابة بعد قيامه ومزاولة نشاطه فإن أخل بالسلام الإجتماعى جاز إيقاف نشاطه أو حله وليس فى برنامج الحزب ولا فى لائحته ما يفهم منه أن من مبادئه عدم التزام الأساليب الشرعية والسلمية والديمقراطية أما أن يكون من غاياته تجريد الرجعية من أدواتها المعوقة للتقدم بالأساليب الشرعية والسلمية والديمقراطية فهذا حقه المشروع دفاعا عن الشرعية .
السبب الخامس : وهو ملكية الصحافة فقد حذفت اللجنة بعض العبارات من نصوص الوثائق المقدمة إليها لتغيير دلالتها ، فالنص يذكر ضمان حرية الصحافة بتحصين الصحفيين ضد الفصل والنقل الإدارى وإلغاء الملكيات الوهمية المفروضة على الصحافة بل ونقل ملكيتها للشعب ملكية حقيقية عن طريق الإكتتاب الشعبى بحيث لا يسمح بسيطرة فرد أو سيطرة قلة عليها مع مراعاة تخصيص نسبة ملحوظة للعاملين فواضح أن النص خاص بالصحف القومية التى يملكها الشعب بمقتضى القانون رقم 156 لسنة 1960 وهى صحف دار الأهرام ودار أخبار اليوم ودار روز اليوسف ودار الهلال يمثل الشعب فى تلك الملكية الإتحاد القومى بإعتباره المؤسسة الدستورية التى تضمن كل المواطنين طبقا للمادة 192 من دستور سنة 1956 ثم أصبح يمثله فيها الإتحاد الإشتراكى العربى كتحالف لقوى الشعب كنص المادة 3 من دستور سنة 1964 ثم آلت تلك الملكية إلى مجلس الشورى بالقانون رقم 145 لسنة 1980 وأن البرنامج إنما يعنى تلك الصحف حتى يتحدث عن النقل الإدارى وعن ملكيتها للشعب أما الصحف الحزبية أو الخاصة فلا سلطة للإدارة عليها ، وأن ملكية الصحف القومية بوضعها الحالى فهى ملكية موهومة لأن إنتخاب أعضاء مجلس الشورى يتم عن طريق قوائم حزبية فيصبح مؤسسة دستورية يديرها ويسيطر عليها حزب واحد وتكون الملكية لهذا الحزب وليس للشعب وهذا ما أراد برنامج الحزب أن يعالجه ويكون هذا السبب غير مطابق لما جاء فى وثائق الحزب ومتعسفا فى التأويل ومنحرفا عن الغاية التى إستهدفها المشرع ويطفح بسوء النية .
السبب السادس : وهو النظام الداخلى للحزب لم يتضمن تعيين الجهة التى تؤول إليها أمواله عندما يصفى ، فليس المقصود بنص القانون إلا أن يضع الحزب أو نظامه الداخلى قواعد إجراءات تصفية أمواله لحماية أموال الحزب من استبداد قياداته ، أما الأموال ما هى وكم هى والجهة التى تؤول إليها فهى التصفية ذاتها التى إشترط القانون النص على إجراءاتها . وما كان يمكن للقانون أن يطلب تعيين من تؤول إليه تلك الأموال شخصيا وهو متعلق بمستقبل غير معروف فقد يشمل النظام الداخلى جهة قائمة عند التأسيس لن تكون موجودة عند الحل ، كما أن هذا التشخيص هو تصرف فى أموال الحزب التى لا يملكها المؤسسون بل يملكها الحزب بعد قيامه وأنه تصرف بإرادة منفردة فهو باطل وعقد الهبة يستلزم قبول الموهوب له أو نائبه ولا يكون لنص المادة الخامسة من قانون الأحزاب أية دلالة قانونية إلا فى حدود الإلتزام بتعيين إجراءات التصفية ليتأكد القانون إنها لن تسمح بإستثمار قيادات الحزب لأمواله وهذا ما نص عليه النظام الداخلى للحزب إذ قرر أن يتولى الأعضاء جميعا ( الجمعية العمومية ) تصفية أموال الحزب عند حله .
وفصل الطاعن فى مذكرات لاحقة الرد على الأسباب الجديدة للقرار ( التميز الظاهر ) بأن لجنة شئون الأحزاب لم تجتمع بعد تاريخ الإعتراض على تأسيس الحزب الناصرى فى 18 ديسمبر سنة 1983 للنظر فى الأسباب الجديدة التى أوردتها هيئة قضايا الدولة بمذكرتها ونسبت صدورها للجنة دون أن تقدم دليلا على ذلك وأنها كانت قائمة وقت إصدار القرار وإلا كانت هذه الأسباب مقدمة من غير ذى صفة ومن غير مختص . فبالنسبة لمناهضة الحزب لاتفاقية كامب ديفيد وأن وكيل المؤسسين أحد الموقعين على بيانات مناهضة الإتفاقية فإن المحكمة الدستورية العليا قد حكمت بعدم دستورية البند ( سابعا ) من المادة الرابعة من قانون الأحزاب رقم 40 لسنة 1977 وبذلك تأكد تميز الحزب الناصرى عن الأحزاب القائمة فى رؤيته السياسية الخارجية وهو تمايز أضيف بهذا الحكم ، كما أن المحكمة الإدارية العليا أوردت فى حكمها بالإحالة إلى المحكمة الدستورية العليا أنه لا ريب أن هذه الشروط من الإفاضة والشمول على نحو يجعل الأساسيات والأساليب والمبادئ والبرامج التى تقوم عليها الأحزاب السياسية ترد من معين واحد وتفيض من منهج محدد الأمر الذى يجعل التشابه بين مبادئها وبرامجها وأساليبها أمرا واردا وبالتالى يضحى إشتراط التمايز الظاهر بين هذه المبادئ والبرامج والأساليب هو أمر جد عسير على نحو يخرج بهذا الشرط من دائرة التنظيم إلى دائرة القيد كما أن المحكمة الدستورية العليا أوردت فى حكمها أنه لم يشترط البند ( ثانيا ) من المادة الرابعة من قانون الأحزاب المشار إليه أن يقع التميز الظاهر فى مبادئ وأساسيات وأهداف الحزب كشرط لتأسيسه أو إستمراره وذلك بقصد إتساع المجال لحرية تكوينها بل جاء الشرط مقصورا على برنامج الحزب وسياساته أو أساليبه التى يسعى بها لتحقيق مبادئه وأهدافه وبهذا يتم دحض الإدعاء بأن التشابه فى الأساسيات بين الأحزاب يؤدى إلى عدم التمايز بين الأحزاب ومن ثم لمخالفة البند ثانيا فى المادة الرابعة من قانون الأحزاب .
وأوضحت المذكرة المؤرخة 29/10/1988 ما اعتبرته تمايز ظاهرا وواضحا ومطلقا فى برنامج الحزب الناصرى وسياساته وأساليبه فى معالجة القضايا الإجتماعية والإقتصادية والسياسية عن جميع الأحزاب القائمة وقت تقديم الإخطار بالتأسيس وهى :
1- حزب الأحرار الإشتراكيين . حزب التجمع الوطنى التقدمى الوحدوى .
2- الحزب الوطنى الديمقراطى .
3- حزب العمل الإشتراكى .
4- حزب الوفد الجديد .
5- حزب الأمة .
وأوردت فى المذكرة جدولا بالمقارنة بين التميز بشأن الطاقة من بترول وغازات طبيعية وفحم ويورانيوم ووجوب تكييف عمليات الإستكشاف وأن يسير الإستغلال وفق معدلات مقدرة كما يتعين الإفادة من طاقة الرياح والطاقة المائية والطاقة الشمسية والكهرباء وترشيد إستهلاك الطاقة وإستخدام الطاقة البديلة ، وكذا بشأن سياسات الإعلام وما تقوم عليه من مبادئ عامة كالإلتزام الحقيقى والتوافق الكامل مع القيم والمبادئ المتفق عليها وإحترام القانون والإلتزام بالأهداف القومية سياسيا وإقتصاديا وإجتماعيا وثقافيا وتحرى الصدق بالكامل فى توسطه بين الحقائق الإعلامية والجماهير المتلقية وذلك لتحقيق أهداف رئيسية منها توفير المعلومات الصحيحة للشعب ومتابعة خطة التنمية القومية وتعميق عناصر بناء المجتمع والإنشاء الجديد وتأصيل الروح القومية والوطنية والمساهمة فى تكوين الرأى العام المستنير وتعميق التمسك بالقيم الدينية والقومية والوطنية والإعتماد المباشر على قياس الرأى العام وإقامة غرف إعلامية فى القرى تؤدى دور مراكز الإعلام فى المدن ، وتحرك الإعلام الخارجى مع التغيرات المستمرة فى السياسية الدولية وإبراز صورة مصر الحضارية القديمة والحديثة وتقديم الخدمات الإعلامية للمصريين فى الخارج وربطهم فكريا ووجدانيا بوطنهم والإنفتاح على التجارب العالمية فى مجال تطوير الإتصالات وفى مجال السياسة الثقافية إحياء التراث وتهيئة الأسباب لنشره وتشجيع الإبداع والإبتكار والتجديد وتوفير متطلبات تنمية العقل والوجدان وصقل سلوك الإنسان والعناية ببنائه الروحى وتوفير الدولة لفرص الثقافة للجميع وأعطاء أولوية للفئات المحرومة مع إختياره الوسائل والأدوات اللازمة للتوصل الثقافى والعناية بالثقافة العربية وإبراز القيم الأصلية فيها والأحذ بأساليب الإستطلاع والإستقصاء وأدوات القياس المستخدمة فى الأحصاءات الثقافية مع مراعاة الثوابت وأخذ المتغيرات فى الحسبان وأن يراعى فى سياسات التنمية الثقافية طابعها القومى العام الذى يتطلب مركزية التخطيط من الدولة ولمواجهة نقص الموارد يتم تقديم الخدمات الثقافية فى المدارس ودور العبادة والوحدات المجمعة والساحات وغيرها من أماكن التجمعات وأن نجاح العمل الثقافى يتطلب نوعية خاصة من العاملين يتوافر بهم قدر كبير من الصدق والحماس مع قدر معادل من الخبرة والدراية ، كما أوردت المذكرة ما اعتبرته تمايزا ظاهرا فى أساليب تحقيق السياسات الواردة فى برنامج الحزب الناصرى ولم تتناولها سياسات الأحزاب الأخرى ومن ذلك فى مجال السياسات المالية إتباع إستراتيجيات تنمية غير تقليدية تهدف إلى قيام هيكل إنتاج متوازن داخلياً وترشيد سياسة التعاون الإقتصادى الإقليمى وتخطيط التجارة الخارجية بهدف الإستثمار وتنظيم سياسة النقد الأجنبى وسعر الصرف والجمارك وسوق المال والربط بين سياسة الإنفتاح الإقتصادى والخطط وأهدافها والأكتفاء الذاتى من بعض السلع الزراعية والمساواة بين قطاعات الإنتاج وتطوير القطاع العام بفصل الإدارة عن الملكية والتنسيق بين المخزون من السلع المحلية وبين الإستيراد وتحقيق مبدأ التخصيص بين الشركات والتنسيق بين السياسات الإقتصادية المختلفة ومنع التكرار فى الأعمال وعلاج وترشيد سياسة الدعم تدريجيا ، وبالنسبة للسياسات الزراعية والغذاء والعمل على سد الفجوة بقدر ما تتيحه لنا مواردنا الزراعية وحسن إستثمار هذه الموارد خاصة الأرض والمياه ورأس المال ، ووضع خطة متحركة للتركيب المحصولى كل ستة شهور أو كل موسم زراعى تقوم على التنبؤ القصير الأجل أو المتوسط وبما يحقق أقصى عائد إقتصادى وإجتماعى للفلاحين والدولة وحتمية التركيز على الأراضى المستصلحة وزراعة المحاصيل الملائمة للظروف الإنتاجية المحلية وضرورة المحافظة على المحاصيل الزراعية الإستراتيجية كالقطن وزيادة مساحة القمح لضمان حد أدنى من إحتياجات وترشيد إستخدام مياه الرى بضبط المقتنيات المائية ، وتبطين الترع وضبط فتحات الرى وتجديد الآلات البدائية إلى آلات ميكانيكية وتنظيم الرى والصرف الحقلى وتطهير المصارف وتوفير الإمكانات والمعدات اللازمة لذلك ومتابعة مستمرة لمشروعات الصرف المغطى ، وفى مجال سياسات النقل والمواصلات تضمن البرنامج التوسع فى مشروعات التصنيع المحلى لعربات الركاب والبضائع ورفع نصيب السكك الحديدية فى نقل البضائع وإعادة النظر فى تعريفة النقل سنوياً ، وإعداد الطرق الدائرية حول القاهرة وإيقاف الترخيص بإقامة مبانى جديدة وسط المدينة ، وإعادة توزيع النقل للبضائع بين الوسائل المختلفة وتأمين سلامة المرور على شبكة الطرق البعيدة ، والأخذ بأسباب تحسين الخدمات البريدية ، وتطهير مجرى النيل والقنوات الملاحية وميكنة أعمال الشحن والتفريغ الملاحى لمؤانى منطقة قناة السويس ، وتحسين الخدمات التليفزيونية ورفع مستواها والعناية بالتدريب وإعداد الكوادر اللازمة من المتخصصين فى جميع المستويات وإعادة توزيع التجارة الخارجية على كافة موانئ الجمهورية وإستخدام السفن الحديثة ورفع كفاءة شركات الشحن والتفريغ ، وإقامة شبكة صوامع داخلية والتوسع فى إنشاء ثلاجات جديدة وفى مجال الديمقراطية فإن جوهرها هو توكيد السيادة للشعب ووضع السلطة كلها فى يده أما أشكالها فتختلف حسب الزمان والمكان وأن رد هذا المبدأ إلى فكرة القانون الطبيعى وفكرة العقد الإجتماعى هو مجرد إجتهاد نظرى لإستعمال أساس فكرى للمذهب ومن لا يؤدى إنكاره أو إسقاطه إلى التنكر للمبدأ الديمقراطى وأن الديمقراطية لا يجوز أن تبحث كمشكلة مستقلة منعزلة عن الظروف الإجتماعية والإقتصادية التى تحيط بها أدوات الديمقراطية فى الفكر الناصرى يجب أن تتسع وتنبع من القاعدة وتصل إلى القمة فى كافة المستويات وهذه الصفة الديمقراطية من ناحية ( الكم ) تمثل أساسا فى التنظيمات الناصرية التى تعبر عن تحالف قوى الشعب العامل وأنه لقيام الديمقراطية السياسية السليمة أن ترتكز أساسا على الديمقراطية الإجتماعية وأن الفكر الناصرى أبى التصادم بين قوى الشعب العامة وجعل البديل له التحالف السياسى والإجتماعى لقوى الشعب العاملة جميعاً ، أن ثمة تناقض بين مصالح العمال والرأسمالية الوطنية وبين العمال والفلاحين غير أن هذا التناقض ثانوى وتميز عدائى بعلاج أسبابه سلمياً ، وفى مجال السياسة العربية فإن الأمر يقتضى تحرير سيناء كاملة وكفالة الحقوق المشروعة للشعب العربى الفلسطينى ومقاومة سياسة الهيمنة الإسرائيلية والصهيونية فى المنطقة العربية بدعوى السلام . وفى مجال السياسة الخارجية الحرب ضد الاستعمار والعمل من أجل السلام القائم على العدل والتعاون الدولى من أجل الرخاء وخدمة مصالحنا الإستراتيجية لصون إستقلال مصر وتدعيم إتجاهات التحرير والنضال المشترك مع الشعوب المعادية للإستعمار وتدعيم العلاقة مع الاتحاد السوفيتى والصين الشعبية وبلاد العالم الثالث والمجموعة الأوروبية باعتبار أن الأمن الأوربى مرتبط بالأمن فى الشرق الأوسط ، وبذلك فإن تميز الحزب الناصرى عن كافة الأحزاب المصرية وعن حزب التجمع أمر واضح مما سبق ومن مذكرة الدفاع بتاريخ 1/12/1984 سواء فى برنامجه وأساليبه وسياساته .
وأضاف الطاعن بمذكرة بتاريخ 7 يناير أنه لا صحة لما دفعت به هيئة قضايا الدولة بجلسة 29/10/1988 من إنقطاع سير الخصومة فى الطعن لزوال صفة الدكتور .................. كرئيس لمجلس الشورى بصفته رئيساً للجنة شئون الأحزاب السياسية ، ذلك أن المركز القانونى فى تمثيل لجنة الأحزاب لا يزال قائما بالنسبة إلى طبيعة دعوى الإلغاء التى تنتمى إلى القضاء العينى ، كما أن القضاء الإدارى يوجه الإجراءات بما يتفق وطبيعة المنازعة الإدارية وأن صحيفة الدعوى وردت إلى المحكمة صحيحة شكلاً وموضوعاً كما أنه بجلسة 7/6/1988 حضر المطعون ضده وطلب حجز الطعن للحكم ولم يبد فيها أى دفع بشأن إنقطاع الخصومة وأن هيئة قضايا الدولة بحكم نيابتها القانونية عن رئيس مجلس الشورى رئيس لجنة شئون الأحزاب قد مثلت فى الدعوى فى جميع مراحلها وقدمت مذكرات الدفاع أمام المحكمة الإدارية العليا وأمام المحكمة الدستورية العليا عن الخصم الصحيح ذى الصفة فى الطعن ، وأنه بالنسبة لتمايز الحزب الناصرى عن حزب التجمع فإن التشابه فى المبادئ والأهداف أمر وارد كنص القانون وقد فسرت المحكمة الدستورية العليا بحكم إختصاصها التفسيرى النص بأن الشرط مقصور على برنامج الحزب وسياساته وأساليبه ومعنى ذلك أن التمايز يقع حقيقة ملما بها متى وجد خلاف ولو وحيد بين حزبين وقد أوضح التقرير التكميلى لهيئة مفوضى الدولة تمايز الحزب الناصرى تمايزا ظاهرا بل ومطلقا فى برنامجه وسياساته وأساليبه عن حزب التجمع الوحدوى وأن بحث مدى جواز إضافة أسباب للقرار المطعون فيه يرجع إلى قناعة المحكمة فضلا عن رقابة المحكمة للتحقق من توافر كافة الشروط التى استوجبها القانون للموافقة على تأسيس الحزب وإنزال حكم القانون وإنزال القانون على المنازعة .
وبجلسة 20 من أكتوبر سنة 1984 حضر الأستاذ / ................. المحامى وطلب تدخله فى الطعن منضما إلى الطاعن إستنادا إلى أنه من المؤمنين بالمنهج الناصرى فكرا ومنهجا وأن يكون للناصريين حزبهم الذى يعبر عنهم وأن له مصلحة شخصية مباشرة فى طلب التدخل وردت هيئة قضايا الدولة بأن الحكم فى الطعن الأصلى برفضه يترتب عليه إنهيار طلب التدخل الإنضمامى وطلبت رفض طلب التدخل .
ومن حيث أن ( هيئة قضايا الدولة نيابة عن رئيس لجنة شئون الأحزاب السياسية قدمت مذكرات عدة متتالية منذ 28/4/1984 حتى 7 من مايو سنة 1989 فصلت أوجه الدفاع عن القرار المطعون فيه وتضمنت أنه لا صحة لما ينعاه الطاعن على صلاحية رئيس اللجنة ذلك أن القانون رقم 40 لسنة 1977 معدلا بالقانون رقم 30 لسنة 1981 لم يتضمن نصاً بتنحى رئيس اللجنة عن صفته الحزبية ، كما أن اللجنة تعتبر لجنة إدارية لا تتبع الإجراءات القضائية وأن قرارها فى حقيقته قرار إدارى يخضع للطعن بالإلغاء ولا محل لإثارة عدم الحيدة لإبطال القرار ، وأنه بالنسبة لطلب الإيضاحات من ذوى الشأن فهو أمر جوازى للجنة كنص القانون بالنسبة للمطاعن الموضوعية على القرار فإن الإعلان السياسى للحزب الناصرى قد فرق بين وحدة الجماهير العربية وحركتها الواحدة وتنظيمها الواحد الذى يكشف عن التنظيم الواحد للحزب لا فى مصر وحدها بل فى جميع أنحاء العالم العربى ، وأن كلمة الثورة التى وردت فى برنامج الحزب مقصود بها المعنى الحرفى للكلمة وليس المعنى المجازى الذى تكلم عنه الطاعن وأن ذلك يعنى أن طريق الإصلاح فى نظره لن يكون من خلال المؤسسات الدستورية والشرعية القائمة ، وأن برنامج الحزب يخالف الدستور بإتخاذه الإشتراكية العلمية مخرجا علمياً لواقع مجتمعنا فهذا الإصطلاح لا يعنى سوى الماركسية التى ترتكز على الملكية العامة لأدوات الإنتاج مما يخالف ثورة 15 مايو سنة 1971 والحفاظ على الوحدة الوطنية والسلام الإجتماعى والنظام الإشتراكى الديمقراطى ويؤكد تعاطف برنامج الحزب مع النظم العربية التقدمية والاتحاد السوفيتى وأن التفرقة بين مبادئ ثورتى يوليو سنة 1952 ومايو سنة 1971 وبين وثائق هاتين الثورتين فالمبادئ التى أعلنتها الثورة هى :
1- القضاء على الإستعمار وأعوانه من الخونة المصريين .
2- القضاء على الإقطاع .
3- القضاء على الإحتكار وسيطرة رأس المال على الحكم .
4- إقامة عدالة إجتماعية .
5- إقامة جيش وطنى .
6- إقامة حياة ديمقراطية سليمة .
أما وثائق الثورة فلا تعدو أن تكون وثائق تاريخية كالميثاق الوطنى الذى يعد وثيقة سياسية لثورة 23 يوليو سنة 1952 وليس دستورا ولا قانوناً ملزماً وهو ما أكدته المحكمة العليا ( الدستورية ) فى حكمها الصادر بجلسة 5 من أبريل سنة 1975 وبالنسبة لسيطرة حزب واحد على الصحف والملكية الوهمية للصحف فإن مرد ذلك القانون رقم 120 لسنة 1980 فى شأن مجلس الشورى وللطاعن الطعن بعدم دستوريته ، وأضافت هيئة قضايا الدولة أن للجهة الإدارية أن تقدم أسباباً جديدة إلى قرارها المطعون فيه أثناء نظر الدعوى أما على طلب المحكمة أو من تلقاء نفسها مادامت هذه الأسباب كانت قائمة وقت صدور القرار واستناداً إلى ذلك قدمت سببين جديدين : أولهما أن الحزب الناصرى ليس فى برنامجه وسياساته تميزاً ظاهراً عن الأحزاب الأخرى كما يشترط القانون رقم 40 لسنة 1977 معدلا بالقانون رقم 36 لسنة 1979 بل أن برنامجه يكاد يكون مطابقاً لبرامج حزب التجمع الوطنى التقدمى الوحدوى وخاصة الجوانب السياسية والإقتصادية وتمجيد ثورة 23 يوليو سنة 52 والميثاق الوطنى سنة 1962 والمناداة بالثورة كوسيلة لتحقيق أهدافها والأخذ بالإشتراكية العلمية والعودة إلى الإقتصاد الموجة بسيطرة القطاع العام على وسائل الإنتاج الرئيسية ونظرة كل منها إلى القطاع الخاص والتعاونى والإنفتاح الإقتصادى والإستثمارات الأجنبية ، وثانيهما مناهضة مبادئ الحزب الناصرى لمعاهدة السلام بين مصر وإسرائيل بالمخالفة للمادة الرابعة من قانون الاحزاب ، وأن سلطة المحكمة تمتد لتناول التحقق من توافر الشروط القانونية التى يجب توافرها لقيام الحزب بإعتبار أن ذلك من النظام العام وسلطة القضاء فى ذلك لا قيد عليها ، وأضافت أن القرار المطعون فيه لا يزال – بعد الحكم بعدم دستورية البند ( سابعاً ) من المادة الرابعة ومن القانون رقم 40 لسنة 1977 – قائماً على الأسباب السبعة سالفة الذكر وأن المحكمة الإدارية العليا أقرت فى حكمها بالإحالة حق لجنة شئون الأحزاب السياسية فى إضافة أسباب جديدة لقرارها وأن المحكمة أصبحت مقيدة بما سبق أن قررته فى حكم الإحالة من أن إشتراط التمايز الظاهر هو أمر جد عسير وقد قضت المحكمة الدستورية بدستورية النص الذى تضمن ذلك ولا محل للقول بحدته وقسوته ، وأنه لما كان الثابت أن صفة الدكتور .................. فى تمثيل لجنة شئون الأحزاب السياسية قد زالت عنه فى 11/11/1986 تاريخ إنتخاب الدكتور ..... رئيسا لمجلس الشورى ومن ثم أصبح بحكم القانون رئيسا للجنة وممثلا قانونياً لها أمام القضاء فإنه ومنذ زوال صفة الدكتور .... فى رئاسة اللجنة فقد زالت صفته فى تمثيلها فى خصومة الطعن الماثل ومن ثم فقد إنقطع سير الخصومة طبقاً للمادة 30/1 من قانون المرافعات وباعتبار أن هذا الطعن وجه أساساً إلى شخص واسم رئيس اللجنة ولم يوجه إلى من يمثل لجنة شئون الأحزاب السياسية بصفته ، وبالنسبة لشرط التميز فإنه يقتضى تميزا فى أمرين الأول برنامج الحزب ذاته والثانى سياسات الحزب أو أساليبه فى تحقيق هذا البرنامج وأن يكون تميزاً ظاهراً عن الأحزاب القائمة وأن يكون واضحاً بادياً لكل من يتناول برنامج الحزب دون حاجة إلى بحث متعمق ذلك لأن الظهور عكس الخفاء وأن يكون فى الأساسيات والركائز وليس فى الفرعيات والتفاضل ، وأن التميز لا يتحقق لمجرد إختلاف البرنامج والسياسات والأساليب أو لمجرد عدم التشابه ولكن التميز يتحقق ، ويجب أن يكون تميزا عن جميع الأحزاب القائمة وقت تقديم طلب تأسيس الحزب الجديد وهى فى خصوص الحزب الناصرى .
1- الحزب الوطنى الديمقراطى .
2- حزب الأحرار الإشتراكى .
3- حزب التجمع الوطنى التقدمى الوحدوى .
4- حزب العمل الإشتراكى .
5- حزب الوفد الجديد .
6- حزب الأمة .
وأن سلامة الإجراءات تستوجب أن تبدى هيئة مفوضى الدولة رأيها القانونى فى شان هذه المنازعة لإستدراك إفادتها فى التقريرين السابقين وذلك حتى تتحقق المحكمة من توافر كافة الشروط التى حددها القانون للموافقة على تأسيس الحزب الخاص ومنها التميز عن جميع الاحزاب الأخرى وليس حزب التجمع فقط .
وقدمت هيئة قضايا الدولة دراسة مقارنة أجرتها لبرنامج الحزب الناصرى تنظيم تحالف قوى الشعب العامل فى ضوء برامج الأحزاب القائمة خلصت منها إلى أن برنامج هذا الحزب جاء فى مجمله إما متماثلا مع غيره من برامج الأحزاب القائمة وإما لا يخرج فى جوهره وعما ورد ببعض هذه البرامج فإنه لا يتصف بالتميز ومثال ذلك ما ورد بشأن نظام الحكم والديمقراطية وسيادة القانون ومباشرة الحقوق السياسية (الإنتخاب ) والقيمة الإقتصادية والإنتاجية ، والتعليم والبحث العلمى والرعايا الصحية وتنظيم الأسرة ، وسياسة القوى العاملة والسياسة العربية والخارجية والشئون الاجتماعية والتأمينات والسياسة السكانية والثقافة والإعلام والشباب والطاقة والزراعة والأمن الغذائى والرى ، والنقل والمواصلات والسياسة السياحية وأنه متى تخلف شرط التميز الظاهر فى البرنامج ثم فى السياسة أو الأساليب فإنه يكون صحيحا رفض طلب تأسيس الحزب الطاعن كما أن النظام الداخلى للحزب لم يتضمن صراحة تحديد الجهة التى تؤول إليها أمواله عند حله أو إندماجه كنص القانون وأنه لا يكفى تنظيم تحديد هذه الجهة عن إلحاقه إذ النص واضح ويدور مع علته وليس حكمه وإنتهت مذكرات هيئة قضايا الدولة إلى طلب إحالة الطعن إلى هيئة مفوضى الدولة لإعداد تقرير تكميلى ثانى بعد دراسة شرط التميز الظاهر فى ضوء مقارنة تجريها بين برامج الحزب الطاعن وبرامج سائر الأحزاب القائمة والحكم أولا: بإنقطاع سير الخصومة فى الطعن لزوال صفة المطعون ضده ثانياً : برفض الطعن وتأييد القرار المطعون فيه .
ومن حيث أنه عن إنعقاد الخصومة فى الطعن الماثل فإن المادة الثامنة من القانون رقم 40 لسنة 1977 الخاص بنظام الأحزاب السياسية معدلة بالقانون رقم 144 لسنة 1980 والقانون رقم 114 لسنة 1983 تنص على أن "تشكل لجنة شئون الأحزاب السياسية .. ويخطر رئيس اللجنة ممثلى طالبى التأسيس بقرار الإعتراض وأسبابه بكتاب موصى عليه بعلم الوصول خلال عشرة أيام على الأكثر من تاريخ صدور القرار. وتنشر القرارات التى تصدرها اللجنة بالموافقة على تأسيس الحزب أو بالإعتراض على تأسيسه فى الجريدة الرسمية وفى صحيفتين يوميتين واسعتى الإنتشار خلال ذات الميعاد المحدد فى الفقرة السابقة . ويجوز لطالبى تأسيس الحزب خلال الثلاثين يوما التالية لنشر قرار الإعتراض فى الجريدة الرسمية أن يطعنوا بالإلغاء فى هذا القرار أمام الدائرة الأولى للمحكمة الإدارية العليا التى يرأسها رئيس مجلس الدولة .. وإذ كان الثابت أن قرار لجنة الإعتراض على تأسيس الحزب الناصرى صدر بتاريخ 18 من ديسمبر سنة 1983 ونشر فى الجريدة الرسمية فى 22 من ديسمبر سنة 1983 وأن وكيل طالبى التأسيس ( ............ ) أقام هذا الطعن بتاريخ 18 من يناير سنة 1984 بطلب إلغاء القرار سالف الذكر وفى مواجهة الدكتور .................. بصفته رئيساً للجنة شئون الأحزاب السياسية مصدر القرار محل الطعن . ومن ثم يكون هذا الطعن قد أقيم فى الميعاد القانونى وأنعقدت به الخصومة بين ذوى الصفة والمصلحة ويكون مقبولاً شكلاً .
ومن حيث أنه عن الدفع بإنقطاع سير الخصومة فى الطعن بحلول الدكتور ...... ( سنة 1986 ) محل الدكتور .................. ثم حلول الدكتور ....... ( سنة 1989 ) محل سابقة فى رئاسة لجنة شئون الأحزاب ، فإن الثابت من عريضة الطعن ذاتها أنها أقيمت ضد الدكتور / ......بصفته القانونية كرئيس للجنة شئون الأحزاب وهى لجنة دائمة ومستمرة يمثلها رئيسها أمام القضاء وتنوب عنه هيئة قضايا الدولة نيابة قانونية وبإعتبار أن هذه اللجنة فى حقيقتها لجنة إدارية وما يصدر منها هو قرار إدارى ومحل لدعوى الإلغاء بالمعنى الوارد فى قانون مجلس الدولة وكذا بقانون الأحزاب السياسية ومن ثم فإن تغيير شخص واسم رئيس اللجنة لا يترتب عليه إنقطاع سير الخصومة فى الطعن فضلاً عن هذا التغيير لم يمنع المطعون ضده بصفته أو من ينوب عنه فى متابعة سير الإجراءات القضائية والقانونية فى الطعن طوال السنوات السابقة خاصة أمام المحكمة الدستورية العليا منذ 21 يوليه سنة 1985 حتى إصدار حكمها فى مايو سنة 1988 فى القضية رقم 44 لسنة 7 ق المقامة من ............ ضد رئيس لجنة شئون الأحزاب السياسية ويتعين رفض هذا الدفع .
ومن حيث أنه عن طلب التدخل المقدم بتاريخ 20/10/1984 من الأستاذ / ................. المحامى منضماً إلى الطاعن فإن الثابت أنه لم يكن من بين طالبى تأسيس الحزب الناصرى وهم من حصر فيهم قانون الأحزاب رقم 40 لسنة 1977 الصفة والمصلحة فى تقديم إخطارات ومستندات تأسيس الحزب ومتابعة الإجراءات أمام اللجنة بواسطة وكيل عنهم وأن تكون توقيعاتهم مصدقاً عليها رسمياً وألا يقل عددهم عن خمسين نصفهم على الأقل من العمال والفلاحين وأن لطالبى التأسيس الطعن فى القرار الصادر من اللجنة بالإعتراض أمام الدائرة الأولى بالمحكمة الإدارية العليا التى يرأسها رئيس مجلس الدولة خلال الميعاد القانونى سالف الذكر . ومن ثم فإن غيرهم لا يثبت له صفة قانونية فى متابعة هذه الإجراءات أو الطعن أو الإنضمام إليهم فيه ما لم يكن وكيلاً عنهم أو عن بعضهم بوكالة رسمية ثابتة ، كما أن مصلحة المتدخل فى الطعن إنما تنشأ بقيام الحزب الناصرى قانوناً وتمتعه بالشخصية الإعتبارية وله والإنضمام إليه والدعاية لبرامجه وأهدافه إن شاء ويكون تدخله المشار إليه قد جاء من غير ذى صفة ويتعين عدم قبوله .
ومن حيث أنه عما أثاره الطاعن ببطلان قرار لجنة الأحزاب السياسية الصادر فى 18 من ديسمبر سنة 1983 بالإعتراض على تأسيس الحزب الناصرى بسبب عدم حيدة رئيس اللجنة فى ذلك الحين ( الدكتور صبحى ) وإنتماءه إلى الحزب الوطنى الحاكم وما أدى إليه ذلك من بطلان الإجراءات التى إتبعتها اللجنة وعدم سماع إيضاحات طالبى تأسيس الحزب الناصرى قدم إلى اللجنة فى 11 من أغسطس سنة 1983 فى ظل العمل بالمادة 8 من القانون رقم 40 لسنة 1977 معدلاً بالقانون رقم 144 لسنة 1980 والقانون رقم 114 لسنة 1983 وتنص على أن تشكيل لجنة الأحزاب السياسية على النحو التالى : -
1- رئيس مجلس الشورى رئيسا .
2- وزير العدل .
3- وزير الداخلية .
4- وزير الدولة لشئون مجلس الشعب .
5- ثلاثة من غير المنتمين إلى أى حزب سياسى من بين رؤساء الهيئات القضائية السابقين أو نوابهم أو وكلائهم يصدر بإختيارهم قرار من رئيس الجمهورية – أعضاء .
ويحل محل رئيس مجلس الشورى فى الرئاسة عند غيابه أحد وكيلى هذا المجلس .. ولا يكون إجتماع اللجنة صحيحا إلا بحضور رئيسها وأربعة من أعضائها من بينهم الأعضاء المنصوص عليهم فى البنود 2 ، 3 ، 4 ، 5 من الفقرة الأولى من هذه المادة .
وتصدر قرارات اللجنة بأغلبية أصوات الحاضرين وعند التساوى يرجح رأى الجانب الذى منه الرئيس وللجنة فى سبيل مباشرة إختصاصاتها طلب المستندات والأوراق والبيانات والإيضاحات التى ترى لزومها من ذوى الشأن فى المواعيد التى تحددها لذلك ولها أن تطلب أية مستندات أو أوراق – أو بيانات أو معلومات من أية جهة رسمية أو عامة وأن تجرى ما تراه من بحوث بنفسها أو بلجنة فرعية منها وأن تكلف من تراه من الجهات الرسمية بإجراء أى تحقيق أو بحث أو دراسة لازمة للتوصل إلى الحقيقة فيما هو معروض عليها .
ويقوم رئيس اللجنة بإبلاغ رئيسى مجلسى الشعب والشورى والمدعى الإشتراكى بأسماء المؤسسين المصدق على توقيعاتهم .
ويتولى كل من رئيسى المجلسين إعلان تلك الأسماء .
وعلى اللجنة أن تصدر قرارها بالبت فى تأسيس الحزب على أساس ما ورد فى إخطار التأسيس الإبتدائى وما اسفر عنه الفحص أو التحقيق .
ويجب أن يصدر قرار اللجنة بالإعتراض على تأسيس الحزب مسببا بعد سماع الإيضاحات اللازمة من ذوى الشأن .
ويعتبر انقضاء مدة الاربعة الأشهر المشار عليها دون إصدار قرار من لجنة البت فى تأسيس الحزب بمثابة قرار بالإعتراض على هذا التأسيس .. ومفاد ذلك وفى ضوء ما نصت عليه المادة الخامسة من دستور سنة 1971 معدلة فى ضوء الاستفتاء الشعبى الذى أجرى فى 22 مايو سنة 1980 من أن ينظم القانون الأحزاب السياسية أن القانون رقم 40 لسنة 1977 معدلا لم يرد فيه نص صريح بشأن عدم إنتماء رئيس لجنة الأحزاب إلى أى حزب سياسى قائم أو أنه يتعين عليه التنحى عن صفته الحزبية عند رئاسة الجلسة وذلك أمر قصده القانون ولم يكن غافلا عنه بدليل وضعه هذا القيد بالنسبة لأعضاء اللجنة من رؤساء الهيئات القضائية السابقين وإذ كانت اللجنة – سالفة الذكر بحسب تكوينها وإختصاصاتها وسلطاتها فى البحث والتقصى هى لجنة إدارية وأن ما يصدر عنها من قرارات بالإعتراض على تأسيس الحزب لا يعدو فى حقيقة تكييفه الصحيح أن يكون قراراً إداريا شكلا وموضوعا وأنه خاضع للرقابة القضائية بالطعن عليه بالإلغاء أمام المحكمة المختصة ومن ثم لا يسرى بشأن أعضاء هذه اللجنة ما هو مقرر بشأن القضاء من أحكام قانونية تتعلق بالحيدة والتنحى والمنع من المشاركة فى الحكم ، وبإعتبار أن من أسباب الطعن على القرار الإدارى عامة الإنحراف بالسلطة أو إساءة استعمالها . وإذ كان النص سالف الذكر ترك للجنة شئون الأحزاب حرية واسعة فى البحث والدراسة والتحقيق وأجاز لها الاتصال بجهات أخرى وطلب ما تراه لازما للفصل فى طلب تأسيس الحزب كما أجاز لها طلب المستندات والأوراق والبيانات اللازمة من ذوى الشأن ومن ثم فإن سماع إيضاحات أخرى من ذوى الشأن بعد تقديم طلب التأسيس ومستنداته – هو أمر جوازى للجنة إذا رأت لزوم ذلك قبل إصدار قرارها بالإعتراض فإذا قدرت أن الفصل فى الطلب لا يحتاج إلى إيضاحات ذوى الشأن كان ذلك وبإعتبار أن الطعن على قرارها بالبطلان فى هذه الحالة يثير بالضرورة لدى المحكمة المختصة – التحقق من الأسباب التى استندت إليها اللجنة فى الإعتراض ومدى قيامها على أسباب ثابتة فى الأوراق التى كانت تحت نظر اللجنة عند إصدار القرار الإدارى محل الطعن ومؤديه – واقعا وقانونا إلى النتيجة التى إنتهت إليها اللجنة وأقامت عليها قرارها . وإذ كان الثابت من الأوراق أن الأسباب التى ساقتها اللجنة للإعتراض على تأسيس الحزب الناصرى فى 18 من ديسمبر سنة 1983 قد استمدت جميعها – وعلى ما سلف ذكره – من مبادئ الحزب وبرنامجه ونظامه الداخلى والمقدمة من طالبى التأسيس فمن ثم لا تثريب على اللجنة إن هى قدرت أن ما قدمه ذوو الشأن مع طلبهم يكفى للبحث وإصدار القرار بالإعتراض دون لزوم سماع إيضاحات أخرى . وإذ كان عيب إساءة إستعمال السلطة أو الإنحراف بها هو من العيوب القصدية التى يتعين على من يتمسك بها إثباتها أمام المحكمة بأدلة راجحة القبول وإذ خلت الأوراق من ذلك فيتعين الالتفات عما أثاره الطاعن .
ومن حيث أنه عن الأسباب التى استند إليها القرار محل الطعن وهى أن الحزب الناصرى طبقا لما جاء بالإعلان السياسى وبرنامج الحزب ونظامه الداخلى يقوم على النظام الشمولى ولا يؤمن بالديمقراطية أو بتعدد الأحزاب طبقا لما جاء بالدستور ويقوم على أن ثورة يوليو رسمت طريقا واضحا أمام هذه الجماهير لتكون لها حركتها الواحدة ، وتنظيمها الواحد وأنه يرى فى الثورة الطريق الوحيد التى تستطيع المجتمعات أن تعبر عليه من الماضى إلى المستقبل وأن الثورة هى الوسيلة الوحيدة التى تستطيع بها الشعوب المقهورة أن تخلص نفسها من الأغلال التى تكبلها وأن ذلك يتعارض مع الشرعية الدستورية التى يقوم عليها نظام الحكم فى مصر ويرى الحزب إلى عودة الشرعية الثورية التى تستبيح أى تغيير عن غير السبيل الدستورى كما يدعو إلى تجريد الرجعية من كافة أدواتها مما يفتح الباب لصراعات طبقية عديدة وأن برنامجه ومبادئه ترتد إلى حقبة ماضية من تاريخ مصر وأنه يخالف ما نصت عليه مبادئ الإستفتاء من الالتزام بالدستور فإن المادة الأولى من دستور سنة 1971 والدائم معدلا طبقا للاستفتاء الذى أجرى فى 22 مايو سنة 1980 تنص على أن جمهورية مصر العربية دولة نظامها إشتراكى ديمقراطى يقوم على تحالف قوى الشعب العاملة وتنص المادة الرابعة على أن الأساس الإقتصادى لجمهورية مصر العربية هو النظام الإشتراكى الديمقراطى القائم على الكفاية والعدل .. وتنص المادة الخامسة على أن يقوم النظام السياسي فى جمهورية مصر العربية على أساس تعدد الأحزاب وذلك فى إطار المقومات والمبادئ الأساسية للمجتمع المصرى المنصوص عليه فى الدستور . وينظم القانون الأحزاب السياسية وتنص المادة 59 على أن حماية المكاسب الإشتراكية ودعمها والحفاظ عليها واجب وطنى وتنص المادة 64 على أن سيادة القانون أساس الحكم فى الدولة وتنص المادة 65 على أن تخضع الدولة للقانون وإستقلال القضاء وحصانته ضمانان أساسيان لحماية الحقوق والحريات وتنص المادة الأولى من القانون رقم 40 لسنة 1977 الخاص بنظام الأحزاب السياسية معدلا بالقانون رقم 36 لسنة 1979 والقانون رقم144 لسنة 1980 على أن للمصريين حق تكوين الأحزاب السياسية ولكل مصرى الحق فى الإنتماء لأى حزب سياسى وذلك طبقا لأحكام هذا القانون وتنص المادة الثانية على أن يقصد بالحزب السياسى كل جماعة منظمة تؤسس طبقا لأحكام هذا القانون وتقوم على مبادئ وأهداف مشتركة وتعمل بالوسائل السياسية الديمقراطية لتحقيق برامج محددة تتعلق بالشئون السياسية والإقتصادية والإجتماعية للدولة وذلك عن طريق المشاركة فى مسئوليات الحكم وتنص المادة الثالثة على أن تسهم الأحزاب السياسية التى تؤسس طبقا لأحكام هذا القانون فى تحقيق التقدم السياسى والإجتماعى والإقتصادى للوطن على أساس الوحدة الوطنية وتحالف قوى الشعب العاملة والسلام الإجتماعى والإشتراكية الديمقراطية والحفاظ على مكاسب العمال والفلاحين وذلك كله على الوجه المبين بالدستور . وتعمل هذه الأحزاب باعتبارها تنظيمات وطنية وشعبية وديمقراطية على تجميع المواطنين وتمثيلهم سياسيا وتنص المادة الرابعة على أن يشترط لتأسيس أو إستمرار أى حزب سياسى ما يلى ( أولا ) عدم تعارض مقومات الحزب أو مبادئه وأهدافه أو برامجه أو سياساته أو أساليبه فى ممارسة نشاطه مع ( 1 ) مبادئ الشريعة الإسلامية باعتباره المصدر الرئيسى للتشريع . ( 2 ) مبادئ ثورتى 23 يوليو 1952 ، 15 مايو 1971 ( 3 ) الحفاظ على الوحدة الوطنية والسلام الإجتماعى والإشتراكى الديمقراطى والمكاسب الإشتراكية .
( ثانيا ) تميز برنامج الحزب وسياساته أو أساليبه فى تحقيق هذا البرنامج تميزا ظاهرا عن الأحزاب الأخرى .
( ثالثا ) عدم قيام الحزب فى مبادئه أو برنامجه أو فى مباشرة نشاطه أو إختيار قياداته أو أعضائه على أساس يتعارض مع أحكام القانون رقم 33 لسنة 1978 بشأن حماية الجبهة الداخلية والسلام الإجتماعى أو على أساس طبقى أو طائفى أو فتوى أو جغرافى أو على أساس التفرقة بسبب الجنس أو الأصل أو الدين أو العقيدة .
( رابعا ) عدم إنطواء وسائل الحزب على إقامة أية تشكيلات عسكرية أو شبه عسكرية .
( خامسا ) عدم قيام الحزب كفرع لحزب أو تنظيم سياسى فى الخارج .
( سادسا ) عدم إنتماء أى من مؤسسى أو قيادات الحزب أو إرتباطه أو تعاونه مع أحزاب أو تنظيمات أو جماعات مناهضة للمبادئ المنصوص عليها فى البند ( أولا ) فى هذه المادة أو فى المادة 3 من هذا القانون أو فى المادة الأولى من القانون رقم 33 لسنة 1978 المشار إليه أو للمبادئ التى وافق عليها الشعب فى الإستفتاء على معاهدة السلام وإعادة تنظيم الدولة فى 20 أبريل سنة 1979 .
( سابعا ) ألا يكون من بين مؤسسى الحزب .. ( قضى بعدم دستورية هذا البند ) .
( ثامنا ) ألا يترتب على قيام الحزب إعادة تكوين أى حزب من الأحزاب التى خضعت للمرسوم بقانون رقم 27 لسنة 1952 بشأن حل الأحزاب السياسية .
( تاسعا ) علانية مبادئ وأهداف وبرامج ونظام وتنظيمات وسياسات ووسائل وأساليب مباشرة نشاط الحزب وعلانية تشكيلاته وقياداته وعضويته ومصادر تمويله وتنص المادة الأولى من القانون رقم 33 لسنة 1978 المشار إليه على أنه مع عدم الإخلال بحرية العقيدة وحرية الرأى تحظر أية دعوة يكون هدفها مناهضة المبادئ التى قامت عليها ثورة 23 يوليو 1952 أو الترويج لمذاهب ترمى إلى مناهضة النظام الإشتراكى الديمقراطى ومبادئ ثورة 15 مايو 1971 التى ينص على الدستور والتى تقوم على تحالف قوى الشعب العاملة والسلام الإجتماعى والوحدة الوطنية والإيمان بالقيم الروحية والدينية والحفاظ على المكاسب الإشتراكية للعمال والفلاحين وإحترام سيادة القانون .
ومفاد ما تقدم – فى ضوء ما قضت المحكمة الدستورية العليا بتاريخ 7 مايو سنة 1988 – أنه بتعديل المادة الخامسة من الدستور فى 22 مايو سنة 1980 بالنص على أن يقوم النظام السياسى فى جمهورية مصر العربية على أساس تعدد الأحزاب قد تحقق تغيير جذرى فى إحدى ركائز النظام السياسى فى الدولة ذلك أن هذه المادة قبل تعديلها كانت تنص على أن الأتحاد الإشتراكى العربى هو التنظيم السياسى الذى يمثل بتنظماته القائمة على أساس مبدأ الديمقراطية تحالف قوى الشعب العاملة من الفلاحين والعمال والجنود والمثقفين والرأسمالية الوطنية .. وبموجب هذا التعديل يكون الدستور قد إستعاض عن التنظيم الشعبى الوحيد ممثلا فى الإتحاد الإشتراكى المصرى بنظام تعدد الأحزاب وذلك تعميقا للنظام الديمقراطى الذى أقام عليه الدستور البنيان السياسى للدولة وبما ردده فى كثير من مواده من أحكام ومبادئ تحدد مفهوم الديمقراطية التى أرساها وتشكل معالم المجتمع الذى ينشده سواء ما اتصل فيها بتوكيد السيادة الشعبية – وهى جوهر الديمقراطية – أو بكفالة الحقوق والحريات العامة – وهى هدفها – أو بالاشتراك فى ممارسة السلطة – وهى وسيلتها – كما جاء ذلك التعديل إنطلاقا من حقيقة أن الديمقراطية تقوم أصلا على الحرية وأنها تتطلب لضمان إنقاذ محتواها – تعددا حزبيا بل هى تحتم هذا العدد كضرورة لازمة لتكوين الإرادة الشعبية وتحديد السياسة الحزبية تحديدا حرا واعيا وإذ نص الدستور على تعدد الأحزاب ليقوم على أساسه النظام السياسى فى الدولة فإنه يكون قد كفل بالضرورة حرية تكوينها وضمان حق الإنضمام إليها إلا أنه لم يشأ أن يطلق الحرية الحزبية إطلاقا لا سبيل معه إلى تنظيمها وإنما أرادت حسبما نصت عليه المادة الخامسة منه أن يكون التعدد الحزبى دائراً فى إطار المقومات والمبادئ الأساسية للمجتمع المصرى المنصوص عليها فى الدستور كما جعل جانب التنظيم التشريعى فيه أمرا مباحا إذ عهد إلى القانون تنظيم الأحزاب السياسية على أن يقف التدخل التشريعى بناء على هذا التعويض عند حد التنظيم الذى ينبغى ألا يتضمن نقضا للحرية الحزبية أو إنتقاصا منها وأن يلتزم بالحدود والضوابط التى نص عليها الدستور فإن جاوزه إلى حد إهدار الحرية ذاتها أو النيل منها أو خرج على القواعد والضوابط التى نص عليها الدستور وقع القانون – فيما تجاوز فيه دائرة التنظيم – مخالفا للدستور ومن حيث أن الدستور والقانون فى تنظيمهما للأحزاب السياسية تنظيمات توافر فيها شروط محددة فى مبادئها وبرامجها وأهدافها ووسائلها بإعتبارها تنظيم تسعى أساسا إلى المشاركة فى مسئوليات الحكم وذلك فى إطار المقومات والمبادئ الأساسية للمجتمع المصرى المنصوص عليها فى الدستور ومن ذلك أن دولة مصر جمهورية عربية نظامها إشتراكى ديمقراطى يقوم على تحالف قوى الشعب العاملة والإسلام دين الدولة واللغة العربية لغتها الرسمية ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع والسيادة للشعب وحده مصدر السلطات وأن الأساس الإقتصادى هو النظام الإشتراكى الديمقراطى القائم على الكفاية والعدل ، وأن الحزب يعمل بالوسائل الديمقراطية ويسهم فى تحقيق التقدم على أساس الوحدة الوطنية وتحالف قوى الشعب العاملة والسلام الإجتماعى والإشتراكية الديمقراطية والحفاظ على المكاسب الإشتراكية للعمال والفلاحين وعدم تعارض مبادئه أو برامجه أو أهدافه مع مبادئ الشريعة الإسلامية بإعتبارها المصدر الرئيسى للتشريع أو مبادئ ثورة يوليو 1952 وهى المبادئ الستة التى أعلنت غداة قيام هذه الثورة ، وعدم تعارض مبادئ الحزب ومبادئ ثورة 15 مايو سنة 1971 التى ينص عليها الدستور والتى تقوم على تحالف قوى الشعب العاملة والسلام الإجتماعى والوحدة الوطنية والإيمان بالقيم الروحية الدينية والحفاظ على تلك المكاسب الإشتراكية للعمال والفلاحين وإحترام سيادة القانون ( ق 33 لسنة 1978 ) وترتيبا على ذلك متى قام مانع قانونى يتعارض مبادئه أو برامجه أو أهدافه مع شئ مما تقدم فإنه يتعين رفض طلب تأسيسه .
ومن حيث أنه بمطالعة بيان إعلان التنظيم الناصرى نجد أنه قد ورد به أننا نحن أبناء ثورة 23 يوليو بجوهرها الإشتراكى الوحدوى المؤمن بأهدافها فى إقامة المجتمع العربى المتكامل الذى تتحرر فيه الأرض العربية من كل ألوان السيطرة الأجنبية ..
ويتحرر فيه الإنسان العربى من كل ألوان الإستغلال الإقتصادى والإجتماعى والثقافى وتدرك أن واقعنا المصرى مازال يحتاج إلى نضال شاق من أجل إنجاز التحولات الإقتصادية والإجتماعية والسياسية وأننا ننطلق من قاعدة فكرية أصيلة تعتمد على ميثاق الثورة ووثائقها وحصيلة ممارستها الإيجابية فى الواقع المصرى والعربى والعالمى هذه القاعدة الفكرية حددت رؤيتها الثورية لتحقيق هذه الأهداف وإرتكزت على أن الأديان هى فى جوهرها ثورات إنسانية وحتمية الحل الإشتراكى ووضعت تصورا واضحا للصراع الطبقى واختارت لحله طريقا سليما عن طريق العلاج الثورى للتناقضات غير العدائية وأن ثورتنا الخالدة رسمت طريقا واضحا أمام الجماهير العربية لتكون لها حركتها الواحدة وتنظيمها الواحدة وأن هذه القاعدة الفكرية الموجودة بوثائق ثورة يوليو التى أقرها الشعب وعلى هذه المسيرة الثورية لثورة يوليو ندعو نحن الملتزمين بهذا البيان إلى العمل لتحقيقه فى إطار تنظيمى متميز يحتوى الفكر الناصرى وأن التنظيم الناصرى ليؤمن بالتعاون مع كافة القوى التى تعمل فى سبيل الديمقراطية والتقدم ويؤمن بأن مبادئ ثورة 23 يوليو على المنهج الناصرى بأبعادها الإيجابية هى التى رسمت أمام شعبنا العربى المصرى والأمة العربية طريق النضال والكفاح وأن الناصرية ليست حرفية نص ولكنها مفهوم لتجربة ومنهج وأن الناصرية هى مذهب سياسى نتاج لمجموعة المعالم والقيم الفكرية ومحصلاتها التطبيقية التى أرسى دعائمها النظرية وقاد تجربتها العملية جمال عبد الناصر طيلة ثمانية عشر عاما وأن الناصرية ظاهرة من أهم الظواهر التى شهدها الفكر السياسى فى النصف الثانى من القرن العشرين وهى كأسلوب ثورى لما تضع عائقا يحد من حركتها فى صنع التقدم فى التطبيق مع إمتلاكها لثوابت أساسية تحكم تيار هذه الحركة وأن الناصرية تجربة نضالية ترى فى الثورة الطريق الوحيد الذى تستطيع المجتمعات أن تعبر عليه من الماضى إلى المستقبل والوسيلة الوحيدة التى تستطيع بها الشعوب المقهورة أن تخلص نفسها من الأغلال التى كبلتها ومن الرواسب التى أثقلت كاهلها وهى الوسيلة الوحيدة لمغالبة التخلف الذى أرغمت عليه هذه الشعوب كنتيجة طبيعية للقهر والإستغلال والثورة هى الوسيلة الوحيدة لمقابلة التحدى الكبير الذى ينتظر الأمة العربية وغيرها من الأمم التى تستكمل نموها ذلك التحدى الذى تسببه الإكتشافات العلمية الهائلة التى تساعد على مضاعفة الفوارق ما بين التقدم والتخلف وتضمن البرنامج فى مجال الديمقراطية أن جوهر الديمقراطية هو توكيد السيادة للشعب ووضع السلطة كلها فى يده أما أشكالها والمنظمات التى تقوم بقصد كفالة هذا التوكيد عمليا فهى تختلف من زمان إلى زمان ومن مكان إلى مكان بإختلاف الظروف والبيئة التى تقوم فيها تلك النظم وأن قيام نظام ديمقراطى سليم قد كان منذ قيام ثورة 23 يوليو هدفا رئيسيا فمن أهداف التغيير الأساسى الذى قامت تلك الثورة لتحقيقه ومنذ أعلنت المبادئ الستة المشهورة والتى حدد بها الثوار طريقهم إلى العمل الثورى بدت بالنسبة للديمقراطية حقيقتان الأولى أن الديمقراطية المنشودة ليست كما ما كان قائما قبل الثورة أو ما تعارف عليه فى الغرب والثانية إيمان كامل بإستحالة إقامة تلك الديمقراطية السليمة دون تحقيق الأهداف الأخرى التى تتصل بتغيير النظام الإجتماعى والإقتصادى للبلاد ولقد تبلورت فلسفتنا الناصرية فى الديمقراطية السياسية فى النهاية إلى ديمقراطية التحالف الذى يقوم على تناقض من غير تصادم وأن ثمة تناقض بين مصالح العمال والرأسمالية الوطنية وبين العمال والفلاحين وهو تناقض ثانوى وغير عدائى ومرهون بعلاج أسبابه سلميا ولكن سلمية هذا الحل مرهون بتجريد الرجعية من كافة أدواتها وأن سيادة القانون لا تتم إلا بجعل التشريعات والقوانين فى خدمة الجماهير صاحبة المصلحة فى الإشتراكية بحيث لا يكون سيفا مسلطا عليها ويستفاد من ذلك أن مبادئ وبرنامج الحزب الناصرى يتخذ من ثورة 23 يوليو سنة 1952 المصدر الرئيسى لأفكاره وسياساته وذلك على النحو الذى صنعه – فكرا وعملا – جمال عبد الناصر حتى وفاته إلى رحمة الله فى سبتمبر سنة 1970 وأنه يدعو إلى إعتناق وتطبيق النظرية الناصرية فى السياسة والديمقراطية والحكم وأنه وقف فى منهجه عند المرحلة التى إنتهت بوفاة صاحب النظرية ودون متابعة للمرحلة الإنتقالية اللاحقة منذ ثورة 15 مايو سنة 1971 حتى تعديل الدستور فى 22 مايو سنة 1980 وهى المرحلة التى صدر فيها قانون الأحزاب رقم 40 لسنة 1977 وتعديلاته والقانون رقم 33 لسنة 1978 الذى حدد مدلولا واضحا وصريحا لمبادئ ثورة 15 مايو سنة 1971 بل لم يشر هذا الإعلان السياسى للحزب إلى هذه الثورة كما لم يتابع المرحلة التى بدأت بإتمام الإستفتاء الشعبى فى 22 مايو سنة 1980 وما تلاه من تعديل للدستور يجعل تعدد الأحزاب السياسية أساسا للنظام السياسى فى مصر وأن الشريعة الإسلامية هى المصدر الرئيسى للتشريع ومن ثم فإنه يتعين لمراقبة صحة الأسباب التى استندت إليها لجنة الأحزاب السياسية فى 18 ديسمبر سنة 1983 فى قرارها بالإعتراض على تأسيس الحزب الناصرى ومن مدلولتها – فى ضوء ما ورد بإعلانه والسياسى للحزب وبرنامجه – سالف الذكر – الرجوع إلى مفاهيم ثورة 23 يوليو سنة 1952 وتجربتها العملية فى مجال الديمقراطية والحكم – التى يهدف الحزب الناصرى – إلى تطبيقها عند وصوله للحكم وذلك حتى وفاة صاحب النظرية فى سبتمبر سنة 1970 وبذلك يتبين مدى تعارض هذه النظرية فكرا وعملا مع الأوضاع الدستورية والقانونية القائمة فى مصر منذ عام 1983 وحتى الآن .
ومن حيث أن هذه المحكمة بتشكيلها الذى أورده القانون رقم 40 لسنة 1977 وإن كانت لا تؤرخ لثورة 23 يوليو سنة 1952 ولا تتقصى كافة إيجابياتها وسلبياتها باعتبار أن ذلك ليس من إختصاصاتها إلا أنه لما كان التحقق من الشروط الدستورية والقانونية ومدى توافرها فى الحزب الناصرى وعدم تعارض مبادئه مع ما سبق ذكره هو يتعلق بنصوص تعالج بطبيعتها موضوعا سياسيا ودستوريا هو النظام الشامل لشئون الأحزاب السياسية وأن ما ورد بشأنها من عبارات كالإشتراكية الديمقراطية والوحدة الوطنية والسلام الإجتماعى والمكاسب الإشتراكية والنظام الإشتراكى الديمقراطى وهى عبارات وردت فى مقدمة الدستور وفى بعض نصوصه وفى القوانين وأن الظاهر تداخل المعانى الدستورية والسياسية لهذه العبارات وهى بحكم طبيعتها يتم تفسيرها من خلال الممارسة والتطبيق وما نشأ عنهما من عرف دستورى وتشريعى فإنه بالرجوع إلى أعمال اللجان التشريعية بمجلس الشعب والتى صاحبت إصدار قانون الأحزاب السياسية رقم 40 لسنة 1977 وتعديلاته اللاحقة تبين أنه بعد قيام ثورة 23 يوليو سنة 1952 أعلنت المبادئ الستة الاساسية وهى :
1- القضاء على الإستعمار وأعوانه .
2- القضاء على الإقطاع .
3- القضاء على الإحتكار وسيطرة رأس المال على الحكم .
4- إقامة جيش وطنى قوى .
5- إقامة عدالة إجتماعية .
6- إقامة حياة ديمقراطية سليمة .
ثم صدر المرسوم بقانون رقم 179 لسنة 1952 بتنظيم الأحزاب السياسية وفى 10 من ديسمبر سنة 1952 صدر الإعلان الدستور بإسقاط دستور 1923 وفى 13 من يناير سنة 1953 صدر مرسوم بتشكيل لجنة الخمسين لوضع دستور جديد يتفق وأهداف الثورة ، وفى 17 يناير سنة 1953 أصدر رئيس حركة الجيش إعلانا دستوريا بفترة إنتقال ثلاثة سنوات حتى تتمكن الثورة من إقامة حكم ديمقراطى دستورى سليم وعقب ذلك صدر المرسوم بقانون رقم 37 لسنة 1953 بحل الأحزاب السياسية وإلغاء المرسوم بقانون رقم 179 سنة 1952 وفى 10 من فبراير سنة 1953 صدر إعلان دستورى بالمبادئ الأساسية للحكم فى المرحلة الإنتقالية وصدر المرسوم بقانون رقم 36 لسنة 1953 باعتبار التدابير المتخذة لحماية حركة 23 يوليو سنة 1952 هى أعمال سيادة وأنشئت هيئة التحرير كتجمع وطنى شعبى لتحقق إجلاء المستعمر عن البلاد ، وعندما صدر دستور سنة 1956 نص على أن يكون المواطنون إتحادا قوميا للعمل على تحقيق أهداف الثورة وبحث الجهود لبناء الأمة بناء سليما من النواحى السياسية والإجتماعية والإقتصادية وترك الدستور تنظيمه وتكوينه لقرار من رئيس الجمهورية وإستمر الإتحاد القومى فى ظل الدستور المؤقت سنة 1958 بعد الإتحاد مع سوريا وبوقوع الإنفصال سنة 1961 صدر إعلان دستورى فى 27 من سبتمبر سنة 1961 بشأن التنظيم السياسى لسلطات الدولة العليا ، وفى سنة 1962 أعلن الميثاق القومى لتعزيز فاعلية وقدرة تحالف قوى الشعب العاملة الذى أصبح يتولى مسئولية قيادة العمل الوطنى ثم نص دستور سنة 1964 على أن هذا التحالف يقيم الإتحاد الإشتراكى العربى ليكون السلطة الممثلة للشعب والدافعة لإمكانات الثورة والحارسة على قيم الديمقراطية السليمة ، وبعد هزيمة يونيه سنة 1967 صدر بيان 30 مارس سنة 1968 متضمنا أن من بين الأسباب الرئيسية للهزيمة إهدار سيادة القانون وإنعدام الديمقراطية فى ظل سيطرة مراكز القوى على الإتحاد الإشتراكى وعلى السلطة فى البلاد وبعد ثورة التصحيح فى 15 مايو سنة 1971 أقر المؤتمر العام للإتحاد الإشتراكى فى 23 يوليو سنة 1971 برنامج العمل الوطنى وقد أبرز هذا البرنامج مشكلة التنظيم السياسى وإستغلال مراكز القوى له وإنعدام الديمقراطية فيه وخنقه الديمقراطية خارجه وأنه يتعين توفير مبدأ سيادة – الديمقراطية داخل التنظيم سياسيا وإيجاد الظروف الملائمة لممارسة حرية الرأى والتعبير لكل عضو ولكل مستوى وأن الديمقراطية هى الطريق إلى جماعية القيادة بإتخاذ القرار على أساس من الخبرة الجماعية ، وابقى دستور سنة 1971 على الأتحاد الإشتراكى العربى ، وتضمنت ورقة أكتوبر سنة 1974 – التى وافق عليها الشعب فى استفتائه أنه بكل أمانه لابد أن تسلم بأنه إذا كانت ثورة سنة 1952 قد أنجزت الكثير فى الحرية الإجتماعية فإن جانب الحرية السياسية لم يتحقق على الوجه الذى يريده الشعب واننا لا نقبل نظرية الحزب الواحد الذى يفرض وصايته على الجماهير ويصادر حرية الرأى ويحرم الشعب من ممارسة حريته السياسية ، ثم تضمنت ورقة أغسطس سنة 1974 تطويرا للاتحاد الإشتراكى لجعله بوتقة تنصهر فيها الأفكار المتعارضة وأن فكرة الحزب الواحد لا تتأكد إلا بالتسليم بتعدد الإتجاهات داخل الأتحاد الإشتراكى وأن مراكز القوى جعلت من التنظيم السياسى جهازا ببروقراطيا لخدمة طموحها المتسلط وهذا أمر مرفوض من الشعب لأنه يحول التحالف إلى حزب غير شرعى ، ثم شكلت فى 2 مارس سنة 1976 لجان لدراسة كيفية دعم الممارسة الديمقراطية ومستقبل العمل السياسى وفى خطاب الرئيس المرحوم محمد أنور السادات فى نوفمبر سنة 1976 أعلن الأخذ بما أستقر عليه رأى الأغلبية من البدء فى تكوين ثلاث تنظيمات تمثل اليمين والوسط واليسار وأن تتحول هذه التنظيمات إلى أحزاب سياسية وسوف يصبح كل حزب حرا فى إدارة نشاطه فى حدود الدستور والقانون ، وأضافت اللجنة التشريعية عند تعديل قانون الأحزاب رقم 40 لسنة 1977 وبعد الاستفتاء الذى تم فى 20 أبريل سنة 1979 أن العمل السياسى فى مصر سار بعد الأحزاب السياسية سنة 1953 لأسباب متعددة فى تكريس النظام الشمولى الذى لا أحزاب فيه من خلال هيئة التحرير والإتحاد القومى ثم الإتحاد الإشتراكى العربى وتعطلت مسيرة البناء الديمقراطى حتى إزاحة مراكز القوى بعد ثورة 15 مايو سنة 1971 ثم بدأ مرحلة إقامة الحياة الديمقراطية السليمة وتقرر مبدأ سيادة الدستور والقانون ولا شك أن من أبرز معالم هذا التقدم فى طريق تعميق الديمقراطية وتوطيد أركانها صدور القانون رقم 40 لسنة 1977 بنظام الأحزاب السياسية مستهدفا إطلاق حرية تكوين الأحزاب السياسية مع إستبعاد العيوب التى شابت الحياة الحزبية قبل الثورة سنة 1952 ، وكان مما وافق عليه الشعب فى هذا الاستفتاء إعادة تنظيم الدولة ودعما للديمقراطية على أساس إطلاق حرية الأحزاب السياسية وأن الشرعية الدستورية فى مصر تقوم على مبادئ وإنجازات ثورتى 23 يوليو 1952 و 15 مايو 1971 والإلتزام فى كل الظروف بسيادة القانون وأن الدستور هو الوثيقة الأساسية الوحيدة التى يقوم عليها نظام الدولة وتعديله بالأسلوب الدستورى هو الطريق الوحيد للتعبير عن متطلبات مرحلة التطور للشعب وإنشاء مجلس الشورى يضم ممثلين عن كل فئات الشعب وهيئاته .
ومن حيث أن الواضح مما تقدم أن النظرية الناصرية التى يعتنقها الحزب الناصرى فكرا وعملا يجعلها القدوة المثلى لمبادئه وبرامجه وأساليبه عند المشاركة فى الحكم أو الوصول إلى سلطة الحكم ، فهذه النظرية – كما سبق وكما أكده بيان 30 مارس سنة 1968 أثناء حياة صاحب النظرية رحمة الله لم تحقق الديمقراطية بالمعنى البسيط وهو حرية الرأى فى أى مستوى من باب أولى بعدت – فكرا وتجربة – عن الديمقراطية السليمة والتى نادت بها الثورة كمبدأ سادس ، ومن مظاهر ذلك إلغاء قانون الأحزاب السياسية سنة 1953 وكثرة الإعلانات الدستورية وقيام تنظيم واحد بأمر الحاكم بدءا من هيئة التحرير ومرورا بالإتحاد القومى وإنتهاء بالإتحاد الإشتراكى العربى وجعل الإنضمام إليه إجباريا كشرط لتولى بعض الوظائف العامة أو المناصب العامة أو الترشيح وإنعدام حرية الرأى داخله وخارجه وعدم الإيمان بتعدد الأحزاب كخطوة أولى وأساسية لمشاركة فئات الشعب فى شئون الحكم كما إنعدمت القيادة الجماعية فى كل المستويات وسادت الإجراءات الإستثنائية كفرض الحراسات وتصفية الإقطاع وتعقب ما سمى بفلول الرجعية أو الإنتهازية وكثرت مواقع التقاضى وتوسيع فى أعمال السيادة وتطهير الإدارة الحكومية عامة ثم جهات القضاء خاصة وتسلط على الحكم والشعب ما عرفه بالجهاز الطليعى السرى وإختفت سيادة الدستور والقانون تحت شعارات مختلفة ولم تقم تنظيمات الإتحاد الإشتراكى جبهة عريضة فى الآراء والإتجاهات المتبانية وعزلت فئات متعددة من أبناء مصر من الإنضمام إليه بسبب إتجاهاتها السياسية مما أوجد قوى شعبية محرومة من التعبير السلمى والديمقراطى عن إتجاهاتها ومصالحها والدفاع المشروع عن وجودها فى نظام ما تسمح به أحكام الدستور وتحول التنظيم السياسى الواحد من تنظيم جماهيرى إلى سلطة هرمية تتداخل فى ممتلكات الدولة الأخرى وتسيطر وتهيمن هيمنة تامة عليها وبواسطة مراكز القوى المنشقة (كتحرير اللجنة التشريعية ) وترتيبا على إختيار الحزب الناصرى لهذه النظرية – فكرا وعملا فإنه يتعين تفسير ما أورده بالإعلان السياسى وبرنامجه ونظامه الداخلى من عبارات وأفكار بالرجوع إلى الأصل المقيس عليه والذى يهدف إلى إعادة سيرته الأولى وجعله عقيدة وشريعة لتجميع المواطنين للمشاركة فى الحكم ثم وصولا إليه ، ومن ذلك إيمان الحزب بإستحالة إقامة الديمقراطية السليمة دون تحقيق الأهداف الأخرى التى تتصل بتغيير النظام الاجتماعى والاقتصادى فإن هذا هو ذات الاعتبار الذى أدى إلى اختفاء الديمقراطية السياسية فى مصر طوال الفترة الناصرية اكتفاء بالعدالة الاجتماعية وتوسيع دائرتها ، كما أن الحزب الناصرى يرى أن شكل الديمقراطية وتنظيماتها أمر مختلف عليه حسب ظروف الزمان والمكان وبذلك ينكر الشكل الديمقراطى الذى أختاره الشعب واقره الدستور والقانون سنة 1980 والقائم على تعدد الأحزاب السياسية وبذلك يكون من أهدافه عودة النظام الشمولى الذى ساد الفترة الناصرية واستنثار تنظيم واحد بمقدرات الشعب والحياة السياسية فى مصر ، كما أن فكرة الحزب الناصرى عن التناقض بين فئات الشعب وحلها يقوم على أن حل التناقض غير العدائى عن طريق العلاج الثورى بما يعنى التشريعات والإجراءات الاستثنائية واشار الحزب إلى كيفية حل التناقضات التى يراها عدائية وذلك عند كلامه عن الديمقراطية إذ رهن الحل السلمى سالف الذكر على تجريد الرجعية من كل أدواتها وترك تحديد معنى الرجعية مما يجعله سيفاً مسلطا على رقاب بعض المواطنين ووسيلة للإرهاب مما يناهض ويخالف ما أقره الدستور والقانون منذ 1983 من الحفاظ على السلام الاجتماعى بين جميع المواطنين باحترام المشروعية وسيادة القانون وعدم خروج الحزب على الأساليب الشرعية والسلمية والديمقراطية وعدم بثه الكراهية والحقد وبما يثير الفتنة والانقسام سواء بين فئات تحالف قوى الشعب العاملة أو بينها وبين الفئات الأخرى من الشعب وبما يؤدى إليه ذلك بعد الممارسة العملية من تفتيت الوحدة الوطنية والتى حظرها الدستور والقانون ، كما أن الحزب الناصرى ينادى بأن الثورة هى الطريق الوحيدة لتحقيق أمال الشعوب والمجتمعات وأن الناصرية كأسلوب ثورى لم تضع عائقا من حركتها فى صنع التقدم فى التطبيق ، ويعنى ذلك أن هدف الحزب الناصرى هو إعادة سيطرة الفكر الثورى والممارسة الثورية على النحو الذى كانت طوال ثمانية عشر عاما من 52 حتى 1970 وهذا يعنى سيادة المشروعية الثورية بتغيير النظام فى المجتمع على الوجه الذى يحقق إرادة الفئة صاحبة المصلحة عن غير الطريق الذى يرسمه النظام القانونى السائد وهذا المعنى الحقيقى وهو ما التزمته التجربة الناصرية فلم يقف أمامها عائق يدعو إلى التبصر فى العواقب وبذلك يكون ما ينادى به الحزب على هذا النحو يتعارض مع سيادة مبدأ الدستور القانون بوثيقة إعلان دستور سنة 1971 من أن سيادة القانون ليست ضمانا مطلوبا لحرية الفرد فحسب لكنها الأساس الوحيد لمشروعية السلطة فى ذات الوقت وهو أيضا ما أكده الاستفتاء الشعبى فى 20 من أبريل سنة 1979 من الالتزام فى كل الظروف بسيادة القانون وأن الدستور هو الوثيقة الأساسية التى يقوم عليها نظام الدولة . ومن حيث إن قرار لجنة الأحزاب السياسية الصادر بتاريخ 18 من ديسمبر سنة 1983 بالاعتراض على تأسيس الحزب الناصرى بنى على أسباب منها أنه حزب يقوم على النظام الشمولى ولا يؤمن بالديمقراطية أو بتعدد الأحزاب طبقا لما جاء بالدستور الصادر سنة 1971 والقانون رقم 40 لسنة 1977 وأن برنامجه يتعارض مع الشرعية الدستورية التى يقوم عليها نظام الحكم فى مصر ويرمى إلى عودة الشرعية الثورية وأنه يفتح الباب لصراعات طبقية عديدة بما يتنافى مع السلام الاجتماعى الذى نص قانون الأحزاب على وجوب الالتزام به فإنه وبالقدر اللازم الفصل فى الاعتراض الماثل ، وإذ كان الثابت من الوثائق المقدمة من الحزب المتضمنة أهدافه وبرامجه فى العمل السياسى وسياساته والأساليب التى يعتنقها فى سبيل تحقيق هذه السياسيات وحسبما يستفاد من إحالة البرامج إلى وثائق العمل السياسى فى مصر من تاريخ قيام ثورة 1952 وحتى بيان 30 مارس سنة 1968 أن مفهومة عن الديمقراطية هو مفهوم خاص ، بغض النظر عن مضمونة ولا يتلاقى مع مفهوم الديمقراطية التى يقوم عليها النظام السياسى فى جمهورية مصر العربية حسبما ورد بالدستور من قيام هذا النظام على أساس التعددية الحزبية فكل تلك الوثائق تنظر إلى وجوب تحقيق ظروف اجتماعية خاصة قبل تحقيق الديمقراطية السليمة ، بمعنى التعدد الحزبى ، إلى وجوب تجريد ما تعبر عنه بأنه قوى رجعية من كافة أدواتها مما من شأنه أن يفرق ، فى مجال العمل السياسى بين قوى تقدميه وقوى رجعية بمعيار ينفرد الحزب ، أو التنظيم كما ورد التعبير عنه بذات البرنامج ، بوضعه مما يحيله إلى سلطة وصاية يعملها بإرادته ويصيفها بمشيئته باعتبار أنه يحمل وحده دون سواء لواء الحقيقة ، وكل ذلك تنذر بنبت يحمل صفاتها الشمولية ويثمر صراعا بين قوى الحق ، التى تتمثل فى الحزب طالب التأسيس وبين قوى الرجعية وهى القوى التى تعارض فكره ، وكل ذلك يمثل فى حقيقة الواقع نظرة إلى حقبة مضت من تاريخ جمهورية مصر العربية السياسى ، أياما يكون تقييمها ، تجاوزتها التطورات الدستورية والقانونية السارية التى تقوم فى أساسها على مبدأ أصولى يتحصل فى سيادة القانون وحده وفى حرية الرأى وحرية التعبير عن هذا الرأى ، وبالترتيب على ذلك فإن استخلاص لجنة شئون الأحزاب برامج الحزب طالب التأسيس وأهدافه مع ما تقدم من أحكام الدستور والقانون يكون استخلاصا سائغا من أصول تنتجه صدقا وحقا مما يكفى لقيام القرار بالإعتراض على التأسيس على سبب يكفى لحمله محل الصحة ويقيمه على مقام الصدق والحق والقانون ، ويكون الطعن على هذا القرار غير قائم على أساس من الواقع أو القانون ويتعين رفضه استنادا إلى ما ذكر دون حاجه إلى بحث باقى الأسباب .
ومن حيث إن الطاعن خسر طعنه فيلزم المصروفات عملاً بالمادة 184 مرافعات .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة :
أولا : بقبول الطعن شكلاً .
ثانيا : بعدم قبول تدخل الأستاذ / ................. المحامى وألزمته بمصروفات طلبه .
ثالثا : برفض الطعن وإلزام الطاعن بالمصروفات .