جلسة 26 من يونيه سنة 1990

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد فؤاد عبد الرازق الشعراوى نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الاساتذة : فاروق على عبد القادر والدكتور محمد عبد السلام مخلص وكمال زكى عبد الرحمن اللمعى وعطية الله رسلان أحمد المستشارين .

 

الطعن رقم 1579 لسنة 34 القضائية :

جمعيات تعاونية انتاجية ( تعاون انتاجى ) ( ضرائب ) ( عقد إدارى ) ( مناقصات ومزايدات ) .

القانون رقم 110 لسنة 1975 بشأن التعاون الانتاجى  - المشرع قد غاير بين اعفاء الجمعيات التعاونية الانتاجية فيما يتعلق بنشاطها فى مجال العقود بين ضريبة الدمغة فجعلها بلا قيد أو شرط وبين التأمين المؤقت والنهائى عن العروض الداخلة فى نشاطها فلم يطلق الاعفاء وانما قيده بشرط أن يكون تنفيذ العملية بنفسها – هذا الشرط لا يتحقق إلا إذا قام اعضاء الجمعية بتنفيذ العملية لحساب الجمعية مع خضوعهم لاشراف وتوجيه الجمعية – تطبيق .

 

إجراءات الطعن

فى يوم الاربعاء الموافق 13/4/1988 اودع الاستاذ / ............ المحامى بصفته وكيلا عن السيد / رئيس مجلس إدارة الجمعية التعاونية للإنشاء والتعمير بسوهاج بموجب توكيل رسمى عام رقم 273 لسنة 1987 توثيق سوهاج سكرتارية المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 1579 لسنة 34 ق ضد كل من .

1-    السيد / وزير الاسكان    2- السيد / محافظ سوهاج    3- السيد / رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات – فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى ( دائرة العقود الإدارية والتعويضات ) بجلسة 14/2/1988 فى الدعوى رقم 5237 لسنة 39 ق والقاضى برفض الدعوى وإلزام المدعى بصفته بالمصروفات .

وطلب الطاعن فى ختام تقرير الطعن ، وللاسباب الواردة به الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه والحكم بأحقية الجمعية فى مبلغ 55497.540 جنيها فقط ( خمسة وخمسون الفا وأربعمائة وسبعة وتسعون جنيها وخمسمائة واربعون مليما ) والذى قامت مديرية الاسكان والمرافق بمحافظة سوهاج بخصمه من مستحقاتها عن العمليات التى اسندت إليها مع إلزام تلك المديرية بالمصروفات والاتعاب عن درجتى التقاضى وقد تم اعلان الطعن قانونا للمطعون ضدهم .

وتم تحضير الطعن امام هيئة مفوضى الدولة التى اعدت تقريرا بالرأى القانونى اقترحت فيه الحكم ( اولا ) بعدم قبول الدعوى بالنسبة للمطعون ضدهما الأول والثالث لرفعها على غير ذى صفة ( ثانيا ) بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه وبأحقية الجمعية التعاونية للانشاء والتعمير بسوهاج فى مبلغ 55497.540 جنيها والذى قامت مديرية الاسكان والمرافق بمحافظة سوهاج بخصمه من مستحقات الجمعية عن العمليات التى اسندت إليها مع إلزام المطعون ضدهم بالمصروفات والاتعاب عن درجتى التقاضى .

ثم نظر الطعن بعد ذلك أمام دائرة فحص الطعون التى قررت بجلسة 21/3/1990 احالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا ( الدائرة الثالثة ) وحددت لنظره جلسة 17/4/1990 وتدوول نظر الطعن أمام المحكمة على النحو المبين بمحاضر الجلسات .

وبجلسة 15/5/1990 قررت المحكمة اصدار الحكم بجلسة 26/6/1990 مع التصريح بالإطلاع وتقديم مذكرات لمن يشاء خلال اسبوعين . وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على اسبابه عند النطق به .

 

المحكمة

بعد الإطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة .

ومن حيث انه عن شكل الطعن فإنه طبقا لما تقضى به المادة 44 من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة فإنه يجب توجيه الطعن إلى اصحاب الصفة ولما كان الثابت من حيثيات الحكم المطعون فيه أن محكمة القضاء الإدارى قد انتهت إلى الحكم بعدم قبول الدعوى بالنسبة إلى المدعى عليهما الأول والثالث لرفعها على غير ذوى صفة على أساس ان النزاع ناجم عن علاقات عقدية نشأت عن عقود مقاولة تم ابرامها بين الجمعية المدعية من جهة ومديرية الاسكان والمرافق بمحافظة سوهاج من ناحية أخرى والتى يمثلها محافظ سوهاج أمام القضاء وهو ما لا شأن به للمدعى عليهما الآخرين ( وزير الاسكان ورئيس الجهاز المركزى للمحاسبات ) باعتبارهما من الغير فى خصوص تلك العلاقات الأمر الذى ترى معه المحكمة اخذا بذات الاسباب الحكم بعدم قبول الطعن شكلا بالنسبة للمطعون ضدهما الأول والثالث لرفعه على غير ذى صفة .

اما بالنسبة للمطعون ضده الثانى فإنه لما كان الثابت أن الطعن قد اقيم فى ميعاد الستين يوما المنصوص عليه قانونا واذ استوفى الطعن لسائر اوضاعه الشكلية المقررة فإنه من ثم يكون الطعن مقبولا شكلا .

 ومن حيث أنه عن الموضوع إن المنازعة تتحصل – حسبما يبين من الأوراق – فى أن الطاعن سبق أن اقام الدعوى رقم 5237 لسنة 39 ق أمام محكمة القضاء الإدارى ضد المطعون ضدهما الثلاثة طالبا الحكم للجمعية التعاونية للإنشاء والتعمير بسوهاج بمبلغ 55497.540 جنيها الذى قامت مديرية الأسكان والمرافق بمحافظة سوهاج بخصمه من مستحقات الجمعية عن العمليات التى اسندت إليها والوارد بيانها بكتاب المديرية رقم 1528 المؤرخ 2/2/1985 فضلا عن الفوائد القانونية – وقال الطاعن شرحا لدعواه امام محكمة القضاء الإدارى أن الجمعية فوجئت بقيام مديرية الاسكان والمرافق بمحافظة سوهاج بخصم مبلغ 55497.540 جنيها من مستحقاتها عن تنفيذ الأعمال   والإنشاءات المتعاقد عليها معها بادعاء انها لحساب التأمين والدمغات رغم أن الجمعية معفاة قانونا من دفعها ، وقد تعللت المديرية بأن الجهاز المركزى هو الذى طلب إجراء هذا الخصم فى حين أن هذا الإجراء لا سند له من القانون طبقا لأحكام المادتين 40 ، 41 من قانون التعاون الانتاجى الصادر به القانون رقم 110 لسنة 1975 كما أن الجمعية هى التى تعاقدت بصفتها الاعتبارية مع مديرية الاسكان والمرافق بسوهاج وتتحمل وحدها الالتزامات والمسئوليات العقدية وبالتالى فإنها تتمتع بالإعفاءات القانونية المقررة لها ويؤيد ذلك البند الخامس من التعليمات التفسيرية الصادرة من الإدارة العامة لبحوث ضرائب الدخل رقم 4 بشأن الاعفاءات الضريبية .

وتدوول نظر الدعوى أمام محكمة القضاء الإدارى على النحو المبين بمحاضر جلساتها . وبجلسة 14/2/1988 اصدرت المحكمة المذكورة حكمها الذى قضى بقبول الدعوى وإلزام المدعى بالمصروفات . وقد جاء بحيثيات الحكم أنه يتعين الحكم بعدم قبول الدعوى بالنسبة للمدعى عليهما الأول والثالث لرفعها على غير ذى صفة إلا أن هذا لم يرد بمنطوق الحكم . أما بالنسبة للموضوع فقد أقامت المحكمة قضاءها بعد أن استعرضت نصوص المواد 40 و 41 من قانون التعاون الانتاجى الصادر به القانون رقم 110 لسنة 1975 و 48 من لائحة المناقصات والمزيدات الصادر بها قرار وزير المالية والاقتصاد رقم 542 لسنة 1957 و 51 من اللائحة ذاتها معدلة بالقرار رقم 62 لسنة 1965 و 21 من قانون تنظيم المناقصات والمزيادات رقم 9 لسنة 1983 – على أن المشرع لاعتبارات قدرها وغاية تغياها قرر فى هذه النصوص بعض المزايا للجمعيات التعاونية باعتبارها اشخاصا معنوية تستقل بشخصيتها القانونية وذمتها المالية عن الشخصية القانونية والذمة المالية لكل عضو من اعضائها وهذا يستتبع أن المزايا والاعفاءات المقررة بالنصوص سالفة الذكرة انما تسرى فى حق الجمعية ذاتها ولا تمتد إلى الاعضاء فيها ، وتستفيد منها الجمعية إذا باشرت العمل بنفسها لا بسواها ولو كان من عداد الاعضاء فيها  وان الثابت من الأوراق على وجه اليقين أن الجمعية المدعية لا تقوم بتنفيذ العمليات التى تعاقدت عليها مع مديرية الاسكان والمرافق بمحافظة سوهاج بنفسها بل يجرى العمل بها على مجرد التقدم بالعطاءات وتفويض احد اعضائها فى التعاقد نيابة عنها وتقوم بالتنازل إليه من الباطن عن العملية المسندة إليها لقاء عمولة فى حدود 3 % من قيمة العملية وهو ما تكشف للجهاز المركزى للمحاسبات لدى فحص اعمال الجمعية المدعية من أن الحسابات الختامية للجمعية جاءت خلوا من نتائج العمليات التى تعاقدت عليها من ربح أو خساة فضلا عن ان امكاناتها المالية لا تتناسب البتة مع حجم الاعمال موضوع التعاقدات . ثم خلص الحكم إلى أن الجهة الإدارية كانت على حق اذ كانت تقوم بخصم المبلغ موضوع المطالبة لحساب ضريبة الدمغة والتأمينات الابتدائية والنهائية المستحقة عن الأعمال المتعاقدة عليها .

وإذ لم يلق حكم محكمة القضاء الإدارى السالف الإشارة إليه قبولا لدى الطاعن لذا فقد أقام طعنه الماثل طالبا الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبأحقية الجمعية فى مبلغ 55497.540 جنيها الذى قامت مديرية الاسكان والمرافق بمحافظة سوهاج بخصمه من مستحقاتها عن العمليات التى اسندت إليها وذلك بعد ان نعى على الحكم المذكور انه قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه وتأويله وتناقضت حيثياته مع منطوقة للأسباب الآتية : -

أولا – أن المادة 40 من القانون رقم 110 لسنة 1975 بشأن التعاون الانتاجى قد اكدت اعفاء الجمعية من ضريبة الدمغة التى يقع عبء ادائها عليها إذا ما تعلقت بنشاطها فى مجال العقود والمحررات والأوراق وبينت المادة 5 من ذات القانون وكذا النظام الداخلى للجمعية والمنشور بالوقائع المصرية العدد 43 بتاريخ 20/2/1989 ان التعاقد على تنفيذ المشروعات لحساب الجمععية أو لحساب اعضائها هو من صميم نشاطها بشرطين اولهما : - أن يكون النشاط من الأنشطة المنصوص عليها فى نظامها الداخلى .

وثانيهما : - أن يباشر اعضاء الجمعية نشاطهم وفقا لأحكام ذلك النظام الداخلى .

فإذا ما التزمت الجمعية حدود هذين الشرطين حق لها أن تتمتع بالاعفاء من ضريبة الدمغة دون أن يكون ذلك مرهونا بأن تباشر الجمعية العمل بنفسها لا بسواها من الاعضاء فيها كما ذهب الحكم المطعون عليه الذى اكد فى الوقت نفسه أن جميع التعاقدات عن العمليات محل النزاع قد تمت مع الجمعية الطاعنة نفسها مما يقطع بأن آثار تلك العقود تنصرف إلى الشخص الاعتبارى للجمعية وتتعلق بنشاطها ويقع عبء اداء ضريبة الدمغة عليها وهذا يؤكد أنها معفاة من تلك الضريبة وقد تأيد ذلك بما ورد بالكتاب الدورى العام رقم 6925 فى 16/9/1987 الصادر من مصلحة الضرائب ( الإدارة العامة لضرائب الدمغة ) .

ثالثا : انه فى جميع الأحوال كان يجب على الحكم المطعون عليه أن يقضى للجمعية الطاعنة بطلباتها ذلك أن الجمعية أمام أن تكون متمتعة بالاعفاء فلا يجوز لمديرية الاسكان والمرافق بسوهاج أن تقوم بخصم المبلغ موضوع المطالبة من مستحقاتها عن العمليات المسندة إليها بموجب عقود المقاولة  وامام أن غيرها – الذى قام بالتنفيذ لحسابه – هو الملتزم بتلك الضريبة وفى هذه الحالة ايضا كان يجب عدم خصم أية مبالغ من مستحقات الجمعية ويكون على مصلحة الضرائب أن ترجع على الملتزم بها سواء كان هذا الملتزم من اعضاء الجمعية أو غيرهم خاصة وأن الجمعية فى هذه الحالة الأخيرة غير ملزمة بخصم تلك الضريبة من المنبع ، فإذا كان الحكم قد ذهب إلى أن الجمعية لم تقم بالعمل بنفسها ولا تتعلق العقود بنشاطها وأن الذى قام بتنفيذها هم الأعضاء ولحسابهم فإن النتيجة المنطقية لذلك أن يلتزم من قام بتنفيذ الاعمال لحسابه بسداد تلك الضريبة الا أن الحكم انتهى إلى نتيجة غريبة وهى عدم اعفاء الجمعية من اداء ضريبة الدمغة وتأييد خصمها من مستحقاتها فى الوقت الذى كان يجب أن ينتهى فيه الحكم – وفقا لحيثياته – إلى الزام من قام بالعمل لحسابه بأداء تلك الضريبة وعدم خصمها من مستحقات الجمعية وبذلك يكون الحكم قد وقع فى تناقض بين حيثياته ومنطوقة .

وبتاريخ 12/2/1990 أودع الطاعن مذكرة بدفاعه انتهى فيها إلى التصميم على طلباته الواردة بتقرير الطعن . كما أنه بتاريخ 28/2/1990 اودعت هيئة قضايا الدولة مذكرة بدفاعها خلصت فيها غلى طلب الحكم برفض الطعن وإلزام الطاعن المصروفات والاتعاب .

ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن الجمعية الطاعنة من الجمعيات التعاونية الانتاجية الاساسية الخاضعة لأحكام قانون التعاون الانتاجى الصادر به القانون رقم 110 لسنة 1975 وهذا القانون هو الذى يرتب مالها من حقوق وما يفرض عليها من التزامات وذلك فى الحدود التى يقررها ودون خروج عن القواعد الأصولية فى تفسير النصوص فالنص العام يؤخذ على عمومه حتى يرد ما يخصمه والنص المطلق يؤخذ على اطلاقه حتى يريد ما يقيده فلا يبسط مدلول نص مخصص على نص عام يخصصه ولا تطلق شروط تقيد نصا مطلقا على مدلول نص مطلق آخر فتقيده .

ومن حيث أنه باستعراض أحكام الفصل الثالث من الباب الثانى من قانون التعاون الانتاجى رقم 110 لسنة 1975 السالف الاشارة إليه ( المواد 39 – 45 ) يتبين أن هذا الفصل قد تناول أموال الجمعية والاعفاءات والامتيازات المقررة لها فنص فى المادة 40 على أن تعفى الجمعيات التعاونية الانتاجية الاساسية من : -

1-    ............... 2- ................. 3- ................... 4- ضريبة الدمغة التى يقع عبء ادائها على الجمعية التعاونية بالنسبة إلى ما يتعلق بنشاطها من العقود والمحررات والأوراق والمطبوعات والدفاتر والسجلات والاعلانات والملصقات وغيرها " ونص الفقرة ( 4 ) من المادة 40 المذكورة ورد مطلقا من حيث تقرير اعفاء الجمعيات التعاونية الاساسية من ضريبة الدمغة التى يقع عبء ادائها عليها مادامت متعلقة بنشاطها من العقود والمحررات والأوراق .......... الخ فكل ما يتعلق بنشاط الجمعية فى مجال العقود والمحررات والاوراق والمطبوعات والدفاتر ......... الخ تخضع للاعفاء من ضريبة الدمغة ، أما بالنسبة للاعفاءات والمزايا التى تتمتع بها هذه الجمعيات التعاونية فيما يختص بالمزايدات والمناقصات التى تشترك فيها فتقضى المادة 41 / ج من القانون رقم 110 لسنة 1975 المذكور بأن تتمتع الجمعيات التعاونية الاتناجية الاساسية بالمزايا المقررة للجمعيات التعاونية غير الانتاجية او شركات القطاع العام أو الجمعيات الخاصة ذات النفع العام ايهما افضل وذلك فى المجالات الآتية : -

أ‌-       ........ ب- ........... جـ- المناقصات والمزايدات وغيرها من وسائل التعاقد .

وكانت المادة 48 من لائحة المناقصات والمزايدات الصادر بها قرار وزير المالية والاقتصاد رقم 542 لسنة 1957 التى تعرضت لبعض أحكام التأمين المؤقت تنص على أن يعفى من ذلك التأمين الهيئات والمؤسسات العامة والشركات التى تساهم الحكومة فى رأس مالها . " كما قررت المادة 51 من اللائحة المذكورة معدلة بالقرار رقم 62 لسنة 1965 فى خصوص التأمين النهائى انه يعفى من التأمين الهيئات العامة والمؤسسات العامة وشركات القطاع العام والجمعيات التعاونية التابعة لاحدى المؤسسات العامة " ثم صدر اخيرا القانون رقم 9 لسنة 1983 بتنظيم المناقصات والمزايدات ونصت المادة 21 منه على ان تعفى من التأمين المؤقت والنهائى الهيئات العامة وشركات القطاع العام والجمعيات ذات النفع العام والجمعيات التعاونية المشهرة وفقا للقانون وذلك عن العروض الداخلة فى نشاطها وبشرط تنفيذها للعملية بنفسها ...... " ومن هذا النص يبين أن المشرع قد غاير بين إعفاء الجمعيات الانتاجية الأساسية فيما يتعلق بنشاطها فى مجال العقود بين ضريبة الدمغة فجعلها بلا قيد أو شرط وبين التأمين المؤقت والنهائى عن العروض الداخلة فى نشاط الجمعية فلم يطلق الاعفاء وإنما قيده بشرط أن يكون تنفيذ العملية بنفسها وهذا يقتضى بطبيعة الحال تحديد مجال نشاط الجمعية بالنسبة لعقود المناقصات والمزايدات ومتى تعتبر الجمعية قد قامت بتنفيذ العملية بنفسها .

ومن حيث أنه يبين من استقراء نصوص قانون التعاون الانتاجى رقم 110 لسنة 1975 سالف الذكر أن الجمعيات التعاونية الانتاجية هى جمعيات تتكون ممن يباشرون نشاطهم فى مجال الصناعات الحرفية والخدمات الانتاجية ويرأس مال خاص يقدمونه مع مزاولة الانتاج بانفسهم وتحمل مخاطرة ويكون ذلك فى نطاق نشاط الجمعية المحدد فى نظامها الداخلى . وآية ذلك ما نصت عليه المادة " 5 " من القانون المذكور فى فقرتيها الأولى والثانية من أن " تباشر الجمعية التعاونية الانتاجية الأساسية نشاطها فى فرع أو أكثر من فروع الصناعات الحرفية أو الخدمات الانتاجية المتماثلة طبقا لما هو محدد فى نظامها الداخلى . ولا يجوز للجمعية مباشرة نشاط غير منصوص عليه فى هذا النظام ويباشر اعضاء الجمعية نشاطهم لحسابهم أو لحساب الجمعية أو لدى الجمعية بصورة جماعية " .

ومن حيث أن الثابت من الأوراق ان مجال نشاط الجمعية الطاعنة وفقا لعقد تأسيسها الابتدائى ونظامها الداخلى المنشور بالوقائع المصرية العدد 43 الصادر فى 20/2/1979 – يشتمل :

1-    تنفيذ جميع أعمال المبانى والانشاءات والمرافق التى تسند إلى الجمعية من الحكومة او الهيئات او المؤسسات او المواطنين سواء عن طريق المناقصات او الممارسات .

2-    توزيع الأعمال على الاعضاء بما يكفل عدالة التوزيع وتكافؤ الفرص بين جميع الأعضاء .

3-    توريد احتياجات الاعضاء من الخامات والمعدات والآلات الحديثة .

4-    تقديم الارشادات الفنية المؤدية لتحسين أسلوب العمل وتطويره .

5-    القيام بعمليات توزيع مواد البناء ومواد الرصف ............. تحت اشرافها وطبقا لتعليماتها .

ومن حيث انه متى كان نشاط الجمعية التعاونية الانتاجية يباشر من خلال اعضائها فإن كافة العقود التى تتعلق بنشاطها المنصوص عليه فى نظامها الداخلى تتمتع بالاعفاء من ضريبة الدمغة ويؤيد ذلك ما اوردته المادة 7 من القانون رقم 110 لسنة 1975 المشار إليه آنفا من انه يشترط فى من يكون عضوا بالجمعية ما يأتى : -

1-    .......... 2- ........... 3- ............. 4- الا يكون ممن يزاولون لحسابهم او لحساب غيرهم عملا من الاعمال التى تدخل فى اغراض الجمعية ويتعارض مع مصالحها .

وهذا شرط استمرار فى العضوية منذ قبول الشخص عضوا فى الجمعية .

وفى ضوء هذا النص يمكن تفسير كيفية مزاولة الجمعية لنشاطها من خلال الاعضاء – فالاعضاء ممنوعون من مزاولة أى من الأعمال التى تدخل فى اغراض الجمعية او يتعارض مع مصالحها – لحسابه أو لحساب غيره خارج نشاط الجمعية . اما ما ورد بنص المادة 5 من القانون رقم 110 لسنة 1975 السالف الاشارة إليه فى فقرتيها الاولى والثانية فالمقصود به أن يباشر الاعضاء نشاطهم من خلال نشاط الجمعية وتباشر الجمعية نشاطها من خلال اعضائها سواء كان لحسابهم أو لحسابها بصورة جماعية ولا يمكن التفرقة فى مجال الاعفاء فى هذا الخصوص بين عقود تبرمها الجمعية ويقوم الاعضاء بتنفيذها لحسابهم وعقود يقوم بتنفيذها الاعضاء لحساب الجمعية بصورة جماعية فجميعها معفاة من ضريبة الدمغة لانها تدخل فى نشاط الجمعية المحدد قانونا ولا يجوز ابرام اى قيد او شرط مادام النص قد جاء مطلقا كما سلف البيان . ولا وجه للقياس هنا بما ورد بفتوى الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع بجلسة 28/5/1980 وهى عماد الحكم المطعون عليه من حيث التفرقة بين تمليك الأشياء المستوردة للجمعية ذاتها كشخص اعتبارى وبين تمليك تلك الاشياء لاعضائها لممارسة نشاطهم ففى هذا المجال تعفى من الرسوم الجمركية فى الحالة الأولى ولا تعفى منها فى الحالة الثانية .. فتلك الفتوى قد صدرت فى شأن الجمعيات التعاونية للثروة المائية وبخصوص ما تستورده من ادوات ومعدات اذ حددت الفتوى نطاق الاعفاء المنصوص عليه فى المادة الأولى من القانون رقم 128 لسنة 1957 المعدل بالقانون رقم 85 لسنة 1961 والتى لم تبين الفرق بين الحالتين حيث نصت على أن " تتمتع الجمعيات التعاونية المؤلفة طبقا للقانون رقم 317 لسنة 1956 بشأن الجمعيات التعاونية بالمزايا الآتية ............ ( 6 ) مكررا – فتعفى الجمعيات التعاونية للثروة المائية والجمعيات التعاونية بمحافظات الحدود بمختلف انواعها من الرسوم الجمركية المفروضة على ما تستورده من ادوات ومعدات ومهمات وماكينات والات لازمة لنشاطها على أن يصدر بتحديدها قرار من وزير الخزانة بالاتفاق مع وزير الحربية .... " ومن الملاحظ فى هذا الشأن أن المادة الثانية من قانون اصدار القانون رقم 110 لسنة 1975 الخاص بالتعاون الانتاجى نصت فى الفقرة الأولى منها صراحة على انه لا تسرى على الجمعيات التعاونية الانتاجية احكام القانونين رقمى 317 لسنة 1956 بإصدار قانون الجمعيات التعاونية ، 128 لسنة 1957 بإعفاء الجمعيات التعاونية من بعض الضرائب والرسوم . " وفيما يتعلق بالاعفاء من الضرائب الجمركية فقد نصت الفقرة 3 من المادة 40 من القانون صراحة على أن تستحق هذه الضرائب والرسوم الجمركية فى حالة ايلولة الاشياء المستوردة من ملكية الجمعية إلى الغير مقدرة بقيمتها وفقا لحالتها فى تاريخ التصرف حيث تنص على أن " تعفى الجمعيات التعاونية الانتاجية الاساسية من :

1-    ..........  2- ..............

3 – الضرائب الجمركية والرسم الاحصائى والجمركى ورسم الاستيراد والرسوم الاضافية وجميع الضرائب والرسوم التى تستحق بمناسبة دخول البضاعة وبالنسبة لما تستورده هذه الجمعيات من الخامات والادوات والآلات والمعدات وقطع الغيار اللازمة لنشاطها وتستحق هذه الضرائب والرسوم على من تؤول إليه ملكية الاشياء المشار إليها مقدرة قيمتها وفقا لحالتها فى تاريخ التصرف . " ومن البديهى انه لا يجوز أن يبسط مدلول الاعفاء الوارد فى الفقرة 3 من المادة 40 المذكورة فيما يتعلق بالرسوم الجمركية إلى الاعفاء من ضريبة الدمغة المنصوص عليها فى الفقرة 4 من المادة ذاتها والتى جاءت مطلقة دون قيد أو شرط .

ومن حيث انه بالنسبة للاعفاء من التأمين المؤقت والتأمين النهائى عن العروض الداخلة فى نشاط الجمعية فكما سلف البيان فإن المشرع فى المادة 21 من القانون رقم 9 لسنة 1983 بتنظيم المناقصات والمزايدات قد وضع قيدا على هذا الاعفاء الا وهو أن تقوم الجمعية بتنفيذ العملية بنفسها وهذا الشرط لا يتحقق إلا إذا قام اعضاء الجمعية بتنفيذ العملية لحساب الجمعية مع خضوعهم لاشراف وتوجيه الجمعية كما سبق البيان ووفقا لما قضت به المادة 5 من قانون التعاون الانتاجى فإن نشاط الجمعية لا يتم إلا من خلال الاعضاء ولا يجوز وفقا لنص المادة 7 من القانون المذكور أن يقوم أى عضو بأى عمل داخل فى اغراض الجمعية لحسابه خارج الجمعية او لحساب غيره . فإذا قان العضو أو الاعضاء بتنفيذ الاعمال التى تعاقدت عليها الجمعية لحسابه أو لحسابهم وخضعوا فى هذا التنفيذ لاشرافها وتوجيهها فهنا يتحقق الشرط الموجب للاعفاء من التأمين المؤقت والنهائى اما إذا قام الاعضاء بتنفيذ الاعمال التى تعاقدت عليها الجمعية لحسابهم او لدى الجمعية بصورة جماعية دون أن يكون لها ثمة اشراف او توجيه عليهم فهنا يمتنع الشرط ولا يسرى الاعفاء.

ومن حيث إنه لا تزال تلك القواعد على وقائع الطعن الماثل فإن الثابت من مستندات هيئة قضايا الدولة المودعة أمام محكمة القضاء الإدارى أن سبعا وعشرين عملية رست على الجمعية الطاعنة وجميعها تدخل فى نشاط الجمعية المنصوص عليها فى نظامها الداخلى فهى تتعلق بعقود مقاولات بناء وان العطاءات الخاصة بهذه العملية كانت تقدم باسم الجمعية كما ان العقود كانت تحرر باسمها وجميع المعاملات الخاصة بهذه العقود تتم باسم الجمعية كما انها تقوم بصرف المواد اللازمة للعملية وتتلقى ما يرد من مبالغ من الجهات المنفذة لصالحها العملية كما أن الجمعية تقوم بسداد ضريبة الارباح التجارية والصناعية بنسبة 1% من تلك العمليات وفقا لما اقرته مامورية الضرائب بسوهاج ومن ثم فإن جميع هذه العقود تكون معفاة من ضريبة الدمغة . اما بالنسبة للاعفاء من التأمين المؤقت والنهائى فإنه يسرى ايضا على تلك العمليات إذ ان تقرير الجهاز المركزى للمحاسبات وهو سند جهة الإدارة فى حرمان الجمعية الطاعنة من التمتع بالاعفاء المذكور قد استند فى تقريره إلى أن الجمعية لا تقوم بتنفيذ الاعمال بنفسها على ثلاثة عناصر ، الأول أن مجلس إدارة الجمعية يعقد جلسة يتم فيها توزيع العمليات الرأسية عليها على أعضاء الجمعية ويفوض المقاول فى حضور التوقيع امام جهات التنفيذ . وهذا العنصر الأول بذاته لا يدل على أن الجمعية لا تباشر نشاطها الا من خلال اعضائها نظرا لطبيعة نشاط الجمعية فى مجال مقاولات البناء ووفقا لما تقضى به المادة 7 من القانون على النحو السالف بيانه واما العنصر الثانى فهو تحديد نسبة 3 % من قيمة العملية عمولة للجمعية وهذا ايضا يؤكد أن العملية تنفيذ لحساب الجمعية فإن الجمعيات التعاونية الانتاجية كما سلف البيان لها طبيعة خاصة اذ يكونها اصحاب النشاطات فى مجال الصناعات الحرفية والخدمات الانتاجية برأس مال خاص يقدمونه مع مزاولة العمليات بانفسهم وتحمل مخاطرها فإذا ما اردات الجمعية ان تكون العملية لحسابها أى أن تقوم بتنفيذها بنفسها فلا يجوز تفسير ذلك الا فى نطاق نصوص قانون التعاون الانتاجى ففى هذا النطاق لا يتصور ان يكون لها عمال ومقاولون يعملون لديها خلاف اعضاء الجمعية فالتنفيذ يلزم أن يكون من خلال الاعضاء من خضوعهم لاشراف الجمعية وتوجيهها والمقصود بنفسها هنا كما سلف القول أن يكون لحسابها وإذ رأت الجمعية أن تحدد حسابها من كل عملية بعيدا عن مخاطر الخسارة بعمولة قدرها 3 % من قيمة كل عملية فإنها تكون قد قامت بتنفيذ العملية بنفسها ولحسابها بل ان الثابت من الأوراق أن جميع العمليات التى قام بها اعضاء الجمعية تحت اشراف مهندسين تابعين للجمعية وانه سبق للجهة الإدارية ان وقعت على الجمعية غرامات تأخير عن عملية انشاء عمارة سكنية بالبلينا بمبلغ 42904.500 جنيهات فى 26/2/1986 وبمبلغ 9252.520 جنيها عن عملية انشاء دورين علويين لمبنى الكشافة بجوار الاستاد الرياضى بتاريخ 1/4/1986 . اما بالنسبة للعنصر الثالث الوارد فى تقرير الجهاز المركزى للمحاسبات وهو ان الحسابات الختامية للعمليات لا تتضمن نتائج تنفيذ العمليات من ارباح وخسائر وان اصول الجمعية لا تتمثل إلا فى لودر حفار وسيارة صغيرة فذلك مردود ايضا بما سبق قوله من أن الجمعيات الانتاجية ذات طبيعة خاصة وتقوم بتنفيذ الاعمال المسندة إليها بواسطة اعضائها مع خضوعهم فى هذا الشأن لاشرافها وتوجيهها . وعدم بيان الحساب الختامى لا يعد دليلا على أن الجمعية لم تقم بتنفيذ العمليات لحسابها وبنفسها وانما يعد خطأ من الإدارة يمكن محاسبة الجمعية عليه فى نطاق ما نص عليه قانون التعاون الانتاجى فى الفصل الرابع من الباب الثانى منه  ( المواد 46 – 56 ) .

ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد اتخذ من فتوى الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع السالف الإشارة إليها عمادا له على أساس استقلال الشخصية القانونية للجمعيةعن الاعضاء فى مجال الاعفاءات من ضريبة الدمغة والتأمين المؤقت والنهائى وهو المجال الذى ناقشته الفتوى فى نطاق تملك الآلات والمعدات المستوردة على ما سبق البيان وهذا المجال يختلف اختلافا بينا عن مجال نشاط الجمعيات التعاونية الانتاجية فى العقود وتنفيذ العمليات الداخلة فى نشاطها والتى تحكمها نصوص قانون التعاون الانتاجى رقم 110 لسنة 1975 ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون قد خالف صحيح أحكام القانون مما يتعين معه القضاء بالغائه وبأحقية الجمعية الطاعنة فى مبلغ 55497.540 جنيها الذى قامت مديرية الاسكان والمرافق بسوهاج بخصمه من مستحقاتها من عمليات البناء التى اسندتها إليها مع الفوائد القانونية بواقع 4 % سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية حتى تاريخ السداد .

ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم بمصروفاته عملا بحكم المادة 184 / 1 من قانون المرافعات .

 

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة : ( أولا ) بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضدهما الأول والثالث لرفعه على غير ذى صفة .

( ثانيا ) بقبول الطعن شكلا بالنسبة للمطعون ضده الثانى وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه وبأحقية الجمعية الطاعنة فى مبلغ 55497.540 جنيها الذى قامت مديرية الاسكان والمرافق بمحافظة سوهاج بخصمه من مستحقات الجمعية مع الفوائد القانونية عن هذا المبلغ بواقع 4 % سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية حتى تمام السداد والزمت الجهة الإدارية المصروفات .