طعن رقم 1661 لسنة 32 بتاريخ 21-07-1990

_____________________

المحكمة

بعد الإطلاع على الأوراق وسماع المرافعة والمداولة قانوناً .

حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية فهو مقبولا شكلاً .

ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتلخص فى أنه بتاريخ 13/5/1985 أودعت

النيابة الإدارية بقلم كتاب المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا أوراق الدعوى

التأديبية التى قيدت بسجلات المحكمة برقم 119 لسنة 27 قضائية وتضمنت هذه الأوراق تقريراً باتهام السيد/ .............................. مدير عام الإدارة العامة للحصر والإقرارات بمصلحة الضرائب لأنه خلال الفترة من 1/10/1983 وحتى 26/1/1985 بمصلحة الضرائب وأثناء إعارته بدولة اليمن خرج على مقتضى الواجب الوظيفى ولم يؤد عمله بدقة وسلك فى تصرفاته مسلكاً لا يتفق والاحترام لوظيفته طبقا للعرف العام وذلك بأن :

1-    أساء إلى عمله الوظيفى بمصلحة الضرائب بمصر بأن رفض خلال إعارته لدولة اليمن تدريب المواطنين والنظراء اليمنيين مما ترك انطباعا لدى المسئولين بالدولة المشار إليها بأنه غير ملم بمادة الضرائب التى كلف بتدريسها خصوصا ما تبين من عدم جدوى المحاضرات التى عهد إليه بإلقائها وامتناعه عن إنجاز الأعمال التى طلب منه رئيس المصلحة بالدولة المعار إليها تنفيذها على النحو الموضح بالأوراق .

2-    سلك فى تصرفاته مسلكا لا يتفق والاحترام الواجب لوظيفته أثناء فترة إعارته لدولة اليمن وأساء إلى زملائه من وفد الخبراء المصريين لتدريب العاملين بمصلحة الضرائب اليمنية بأن أقحم نفسه فى قضايا سياسية محظور عليه تناولها على النحو الموضح بالأوراق .

3-    لم يحترم رئيسه المباشر ولم يلتزم بالتسلسل الوظيفى على النحو الموضح بالأوراق .

4-    لم يراع قواعد العمل أثناء أعارته بما أساء إلى الجهة المعار منها وداوم على التغيب وترك العمل بدون إذن على النحو الموضح بالأوراق .

5-    قام بأعمال أثناء إعارته تخرج عن المهمة المعار بشأنها بأن حرر مقالات سياسية لجريدة الرأى العام اليمنية على النحو المبين بالأوراق .

6-    أعد مجلدات مبتسرة عن بيانات بعض الممولين بمصلحة الضرائب دون استيفائها بيانات الضرائب التى تم ربطها على كل منهم بما يلقى ظلالاً من الشك على عمل المصلحة التى يعمل بها على النحو المبين بالأوراق .

7-    أفشى أسرار المصلحة بأن قدم بيانات تتعلق بالممولين وأنشطتهم وإقراراتهم الضريبية وأرباحهم إلى المسئولين بالرقابة الإدارية رغم أن هذه البيانات أحاطها قانون الضرائب على الدخل بضمان السرية وحظر على العاملين بمصلحة الضرائب سواء من المختصين بربط وتحصيل الضرائب أو من عداهم إفشاء سرية هذه البيانات إلا فى الأحوال المصرح بها قانوناً على النحو المبين بالأوراق.

8-    قدم بيانات إلى جريدة الأهالى والتى تم نشرها تتعلق بالممولين وهى البيانات التى أحاطها قانون الضرائب على الدخل بضمان السرية على النحو المبين بالأوراق . ورأت النيابة الإدارية ان المتهم المذكور يكون قد ارتكب المخالفات الإدارية المنصوص عليها فى المواد 76 / 1 ، 11 / 7 ، 78/1 من القانون رقم 47 / 1978 بنظام العاملين المدنيين بالدولة والمادة 146 من قانون الضرائب على الدخل ، وطلبت النيابة الإدارية محاكمة المحال المذكور بالمواد المشار إليها والمادتين 80 ، 82 من القانون رقم 47 لسنة 1978 المعدل بالقانون رقم 115 / 1983 والمادة 12 من القانون رقم 117 / 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية المعدل بالقانون رقم 171 / 1981 والمادتين 15 ، 19 من القانون رقم 47 / 1972 بشأن مجلس الدولة .

وبجلسة 12/2/1986 قضت المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا أولا : بعدم جواز محاكمة المحال عن الوقائع المنسوبة إليه خلال فترة إعارته بالجمهورية العربية اليمنية ، ثانيا : ببراءته من باقى المخالفات واسست المحكمة حكمها على أن وقائع الدعوى تتلخص حسبما يبين من سائر أوراقها أنه بناء على طلب السيد رئيس مصلحة الضرائب قامت النيابة الإدارية بالتحقيق مع المحال فى الوقائع المنسوبة إليه والسابق بيانها فى تقرير الاتهام وقد انتهت النيابة الإدارية من تحقيقاتها إلى عدم وجود أية مخالفة يمكن نسبتها إلى المحال واقترحت حفظ الأوراق وفقاً لأحكام قانون النيابة الإدارية وقامت بإخطار مصلحة الضرائب بهذه النتيجة فى 17/2/1985 إلا أن وزير المالية أعاد الأوراق إلى النيابة الإدارية فى 28/2/1985 طالبا إحالة المذكور إلى المحاكمة التأديبية وبناء على ذلك وتنفيذاً لحكم المادة 12 من قانون النيابة الإدارية رقم 117 لسنة 1958 وتعديلاته أقامت النيابة الإدارية هذه الدعوى التأديبية ضد المحال .

وأضافت المحكمة التأديبية أن المحال تقدم بمذكرة دفع فيها محاميه 1- ببطلان قرار الإحالة لسبق حفظ الموضوع بقرار النيابة الإدارية بمذكرتها المؤرخة 14/2/1985 .

2- بعدم الاختصاص بنظر الدعوى بالنسبة للمخالفات المنسوبة إلى المحال خلال فترة إعارته باليمن كما أنه سبق مجازاته عنها بإنهاء عقده وفى الموضوع نفى المحال المخالفات المنسوبة إليه وطلب الحكم ببراءته .

وأضافت المحكمة التأديبية أنه بالنسبة للدفع ببطلان قرار الإحالة فإنه يتضح من نص المادة 12 من قانون إعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية رقم 117 / 1958 المعدل بالقانون رقم 171 / 1981 أن رأى النيابة الإدارية بحفظ أوراق التحقيق غير ملزم للجهة الإدارية التى لها أن تطلب من النيابة الإدارية تقديم العامل للمحاكمة التأديبية ويجب على النيابة الإدارية فى هذه الحالة أن تستجيب لطلب الجهة الإدارية وتقدم العامل للمحاكمة التأديبية ومن ثم فإن الدفع ببطلان قرار الإحالة الذى اتبنى على أنها تمت بناء على طلب الجهة الإدارية بعد أن رأت النيابة الإدارية حفظ التحقيق يكون فى غير محله ومن ثم انتهت المحكمة التأديبية إلى رفضه .

كما أضافت المحكمة أنه بالنسبة للدفع بعدم اختصاص المحكمة بنظر المخالفات المنسوبة إلى المحال أثناء اعارته خارج البلاد فإن هذا الدفع مردود عليه بما استقر عليه من خضوع العامل المعار خارج البلاد لأحكام التأديب طبقاً للقوانين المصرية فإن اختصاص الجهة المعار إليها العامل بتأديبه طبقاً لنص المادة 82 / 4 من نظام العاملين بالدولة مناطه أن تكون من الجهات التى تملك قانوناً وضع جزاءات تأديبية مماثلة للجزاءات التى تملكها السلطات التأديبية فى الجهات الإدارى وتبعاً لذلك فإن الجهة الأصلية التى يتبعها العامل المعار للخارج تختص بمساءلته تأديبياً عما وقع منه أثناء الإعارة .

وأضافت المحكمة التأديبية أن المحال دفع بعدم جواز نظر الوقائع الخمس الأولى المنسوب صدورها إليه أثناء وجوده فى إعارة إلى الجمهورية العربية اليمنية لسبق مجازاته عن هذه المخالفات فى البلد المعار إليه بإنهاء عقد فيها ، وقد ثبت لدى المحكمة من كتاب مصلحة الضرائب بالجمهورية العربية اليمنية رقم 956 المؤرخ 20/2/1984 المبلغ للمحال والمتضمن إنهاء خدمته واعتبار العقد المبرم منتهياً أنه قام على أساس عدم التزام المحال بواجبات العمل المنوط به ورفضه تدريب من يعملون معه من الموظفين وعدم احترامه القوانين اليمنية وقيامه بأعمال للغير وهى فى مجموعها لا تخرج عن المخالفات المنسوبة للمحال فى قرار الاتهام والإجراء المتقدم الصادر ضد المحال فى الجمهورية العربية اليمنية المعار إليها وإن أخذ صورة إنها الإعارة إلا أنه فى الحقيقة يعد بمثابة جزاء وقع على المحال أخذ صورة إنها الخدمة فى اليمن قبل نهايتها الطبيعية بإنتهاء مدتها ومن ثم فإن إنهاء عقد المحال فى تلك الظروف يحمل على أنه جزاء وليس إنها عادياً للعقد ، وقد صدر قرار إنها الإعارة من مصلحة الضرائب بالجمهورية العربية اليمنية بسبب ذات الوقائع المطلوب مساءلته عنها تأديبياً . فإنه بصرف النظر عن مدى صحة هذه المخالفات أم لا فقد جوزى عنها المحال وتمثل هذا الجزاء فى إنهاء مصلحة الضرائب باليمن العقد المبرم بينها وبينه بسبب تلك المخالفات وقد أضر به هذا الجزاء ضرراً بليغاً فإنه يكون الجزاء الأدنى لما نسبته إليه الجهة المعار إليها وترتيباً على ذلك لا يجوز إعادة مجازاة المحال بتقديمه للمحاكمة التأديبية عن ذات الوقائع التى عوقب من أجلها وانتهت إعارته بسببها لذلك يكون الدفع المبدى من المحال بعدم جواز محاكمته عن الوقائع التى حدثت فى بلد الإعارة لسبق عقابه بإنهاء الجهة المعار إليها عقده معها يكون دفعاً سليما وفى محله وتأخذ به المحكمة الأمر الذى يتعين معه الحكم بعدم جواز محاكمته عن وقائع سبق محاكمته عنها .

وأضافت المحكمة التأديبية أنه بالنسبة للواقعة السادسة المنسوبة إلى المحال من أنه أعد مجلدات مبتسرة عن بيانات بعض الممولين بمصلحة الضرائب دون استيفائها فإن هذا الاتهام ليس عليه دليل يقينى من الأوراق تطمئن إليه المحكمة ذلك أن جهة الإدارة – وزارة المالية – التى طلبت إحالة المذكور إلى المحاكمة التأديبية لم تقدم هذا الاتهام بهذا الوصف وإنما ورد فى خطاب السيد وزير المالية رقم 1549 – 12 – 84 المؤرخ 22/12/1984 أن المذكور أعد مجلدات متضمنه لبيانات خاصة بالممولين لم يراع فيها الناحية الموضوعية وإنما اتبع فيها اسلوبا استفزازياً خارجاً عن نطاق الوظيفة العامة ومن ثم فإن جهة الإدارة وهى الجهة المختصة لم تصف هذه المجلدات بأنها مبتسرة يضاف إلى ذلك أن اللجنة التى شكلت لدراسة هذه البيانات ومراجعتها أخذت ببعض ما ورد بها وانتهت بتوصيات لعلاج بعض الأمور المثارة فى تلك المجلدات على أن المحكمة تأخذ فى اعتبارها بالنسبة لهذه الواقعة أن هدف المحال مما بذله من جهد كبير فى إعداد هذه المجلدات هو كشف ما يكون هناك من قصور وإهمال قد يعرض معه حقوق الخزانة للضياع وتتعرض معه العدالة الضريبية للاهتزاز مما يجب الا يكون محلاً للمساءلة بأى وجه بل محلاً للتشجيع والإشادة وذلك حرصاً على صحة توزيع الأعباء الضريبية وهى المقوم الأساسى لكل تشريعات الضرائب فى شتى أنحاء العالم بوصفها أداة لتحقيق العدالة الاجتماعية مما يتعين معه الحكم ببراءة المحال من هذه المخالفة .

واضافت المحكمة التأديبية أنه بالنسبة للواقعة السابعة المنسوبة إلى المحال من أنه أفشى أسرار مصلحة الضرائب بأن قدم بيانات متعلقة بالممولين إلى المسئولين بالرقابة الإدارية رغم سريتها فإنه ليس فى الأوراق ما يفيد أن المحال ارسل أية بيانات إلى الرقابة الإدارية رغم سريتها بل الثابت أن ما وصل إلى الرقابة الإدارية من معلومات وبيانات وسجلات متعلقة بهذا الموضوع تم عن طريق النيابة الإدارية بكتابها إلى الرقابة الإدارية رقم 6335 فى 2/12/1984 ومرفق به 9 مجلدات صور ضوئية وذلك هو المستفاد من كتاب وكيل هيئة الرقابة الإدارية رقم 381 فى 10/1/1985 المرسل إلى السيد مدير المكتب الفنى للنيابة الإدارية ، ومن ثم فإن الواقعة المنسوبة إلى المحال ليس فى الأوراق دليل على وقوعها الأمر الذى يتعين معه الحكم ببراءة المحال منها .

وأضافت المحكمة التأديبية أنه بالنسبة للواقعة الثامنة المنسوبة إلى المحال من أنه قدم بيانات تتعلق بالممولين إلى جريدة الأهالى تم نشرها وهى بيانات أحاطها قانون الضرائب على الدخل بالسرية فإن المحال قرر فى التحقيقات التى أجريت معه بالنيابة الإدارية أنه لا يعلم شيئاً عما نشر بجريدة الأهالى فى 12/12/1984 ، كما نفى أيضا مسئوليته عما نشر فى هذه الجريدة فى 20/4/1983 . وحيث إن خطاب وزارة المالية الذى طلبت فيه إحالة المذكور للمحاكمة تضمن إنها تستند فى إثبات هذا الاتهام ضد المحال إلى شهادة ............. و ............... فى التحقيقات من أن المحال ذكر لها يوم النشر فى الجريدة العبارات الآتية : أهه كله من ده وإذا كانوا جدعان يثبتوا مين مصدره والجدع يعمل حاجة وينسبها إلى غيره أهو الموضوع نشر باسم ....... واثبتوا مين مصدر هذا الكلام " . وذهبت وزارة المالية أنه يستفاد من ذلك أن المحال هو مصدر البيانات التى نشرتها جريدة الأهالى ، وأضافت المحكمة أن الواضح أن ما شهد به كل من ...................... و ...................... لا يقطع على وجه الجزم واليقين بأن المحال هو مصدر هذه البيانات التى نشرت بجريدة الأهالى فى 12/12/1984 فالعبارات التى نسبت إلى المحال على لسان الشاهدين لا تفيد إقراراً أو اعترافاً منه بأنه هو مصدر هذه البيانات إلى الجريدة ومن ثم فهى لا تصلح أساساً للإدانة التأديبية فالمسئولية التأديبية لا تقوم على الشك والتخمين والدليل إذا تسرب إليه الاحتمال فسد الاعتماد عليه فى الاستدلال وإذا كان ذلك هو شأن الدليل المستفاد من الشهادة سالفة الذكر فإنها وحدها لا تكفى للإدانة بل يلزم أن تعززها أدلة أخرى حتى يمكن الانتقال بها من مرحلة الشك إلى مرحلة اليقين وهو ما لم يتوافر للأدلة التى قام عليها هذا الاتهام ، ومن ثم أضحى الاتهام بغير دليل عليه الأمر الذى يتعين معه الحكم ببراءة المحال من هذه الواقعة .

ومن ثم انتهت المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا إلى إصدار حكمها أولاً : بعدم جواز محاكمة المحال عن الوقائع المنسوبة إليه خلال فترة إعارته بالجمهورية العربية اليمنية ثانياً : ببراءته من باقى المخالفات .

ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه وتأويله للأسباب الآتية : أولاً : قضى الحكم المطعون فيه بعدم جواز محاكمة المحال عن الوقائع التى نسبت إليه خلال فترة إعارته إلى اليمن على سند من القول بأنه سبق مجازاته عن تلك الوقائع وتمثل ذلك فى إنهاء مصلحة الضرائب باليمن للعقد المبرم بينها وبين المحال وتعتبر المحكمة هذا الإنهاء جزاء كاملاً عما نسب إلى المحال من وقائع فلا يجوز إعادة مجازاته بتقديمه للمحاكمة التأديبية عن ذات الوقائع ، وما ذهب إليه الحكم المطعون فيه لا يتفق وصحيح حكم القانون ذلك أن إنهاء التعاقد بين مصلحة الضرائب باليمن والمحال لا يتفق وصحيح حكم القانون ذلك أن إنهاء التعاقد بين مصلحة الضرائب باليمن والمحال لا يعد من الجزاءات التى يجوز توقيعها على العاملين والمحددة على سبيل الحصر طبقاً للمادة 80 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة رقم 47 / 1978 ، وبالتالى فإنه كان يجب على المحكمة التأديبية أن تقضى بمجازاة المطعون ضده عن تلك المخالفات دون القضاء بعدم جواز محاكمته عنها ومن ثم يكون قضاؤها فى هذا الشأن جاء مخالفاً للقانون . ثانياً : قضى الحكم المطعون فيه ببراءة المحال المطعون ضده من باقى المخالفات بينما الثابت من الأوراق ثبوت تلك المخالفات فى جانبه بما لا يدع مجالاً للشك حيث أعد المطعون ضده مجلدات تحوى بيانات تتعلق بالممولين وأنشطتهم وهى بيانات أحاطها قانون الضرائب بالسرية وحظر على العاملين إفشاء سريتها إلا فى الأحوال المصرح بها قانوناً ، ويعد ما قام به المطعون ضده خروجاً على أحكام السرية الواردة بقانون الضرائب على الدخل فضلاً عن إمداد المطعون ضده جريدة الأهالى بيانات عن الممولين وقيام هذه الجريدة بنشرها طبقاً للشهادة التى أدلى بها ............................ و .............................. فى التحقيقات من أن المطعون ضده اعترف بأنه هو الذى أمد الجريدة بتلك البيانات مما يعد مخالفة للقانون الذى حظر إفشاء سرية البيانات المشار إليها . ومن ثم انتهى تقرير الطعن إلى طلب الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه وبمجازاة المطعون ضده طبقاً لتقرير الاتهام .

ومن حيث إنه بالنسبة للوجه الأول للطعن ، والمتعلق بمدى صحة الحكم المطعون فيه فيما قضى به من عدم جواز محاكمة المحال ( المطعون ضده ) عن الوقائع المنسوبة إليه خلال فترة إعارته للجمهورية العربية اليمنية تأسيساً على سبق مجازاته عنها بقيام مصلحة الضرائب فى اليمن بإنهاء العقد المبرم بينها وبينه وانتهت بذلك إعارته إلى هذه المصلحة وهو ما اعتبره الحكم المطعون فيه جزاء كاملا لا يجوز معه إعادة محاكمته ومجازاته عنه مرة أخرى .

ومن حيث إنه من المقرر أن علاقة الموظف المعار بجهة عمله الأصلية المعيرة لا تنقضى بإعارته إلى جهة أخرى سواء فى الداخل أو الخارج بل تظل هذه العلاقة قائمة ومنتجة لأثارها وفقاً لما ينص عليه القانون فى هذا الشأن ، ومن ذلك ما نص عليه نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 والمعدل بالقانون رقم 115 لسنة 1983 فى المادة 58 من أن السلطة الإدارية المختصة بتعيين العامل هى التى تختص بإعارته للعمل فى الداخل أو الخارج ويحدد القرار الصادر بالإعارة مدتها ويكون أجر العامل بأكمله على جانب الجهة المستعيرة ومع ذلك يجوز منحه أجراً من حكومة جمهورية مصر العربية سواء كانت الإعارة فى الداخل أو الخارج وذلك بالشروط والأوضاع التى يحددها رئيس الجمهورية ، وتدخل مدة الإعارة ضمن مدة اشتراك العامل فى نظام التأمين الاجتماعى واستحقاق العلاوة والترقية ، ومع ذلك فإنه لا يجوز فى غير حالات الإعارة التى تقتضيها مصلحة قومية عليا يقدرها رئيس مجلس الوزراء ترقية العامل المعار إلى درجات الوظائف العليا إلا بعد عودته من الإعارة ، وما نصت عليه المادة 59 من هذا القانون من أنه عند إعارة العامل تبقى وظيفته خالية ويجوز فى حالة الضرورة شغلها بطريق التعيين أو الترقية إذا كانت مدة الإعارة سنة فأكثر وعند عودة العامل يشغل وظيفته الأصلية إذا كانت خالية أو أية وظيفة خالية من درجة وظيفته أو يبقى فى وظيفته الأصلية بصفة شخصية على أن تسوى حالته فى أول وظيفة تخلو من نفس درجة وظيفته ، وفى جميع الأحوال يحتفظ العامل المعار بكافة مميزات الوظيفة التى كان يشغلها قبل الإعارة .

ومن حيث إن المادة 76 من نظام العاملين المدنيين بالدولة تنص فى البند الثالث منها على أنه يجب على العامل أن يحافظ على كرامة وظيفته طبقاً للعرف العام وأن يسلك فى تصرفاته مسلكاً يتفق والاحترام الواجب ، كما تنص المادة 78 / 1 على أن كل عامل يخرج على مقتضى الواجب فى أعمال وظيفته أو يظهر بمظهر من شأنه الأخلال بكرامة الوظيفة يجازى تأديبياً .

ولما كانت علاقة الموظف المعار بجهة عمله الأصلية هى علاقة دائمة لا تنقطع بمجرد إعارته إلى جهة أخرى سواء فى الداخل أو الخارج بل تظل هذه العلاقة قائمة مرتبة لأثارها المنصوص عليها فى القانون وفقا لما سلف فإنه أثناء فترة إعارة الموظف إلى الخارج يظل ملتزماً بالواجبات التى يقتضيها بقاء علاقته بوظيفته الأصلية التى يشغلها بجمهورية مصر العربية ومن ثم فإنه يلتزم بأن يحافظ على كرامة وظيفته هذه بأن يسلك فى تصرفاته مسلكاً يتفق والاحترام الواجب والحرص على سمعة مصر والمصريين فى الخارج والبعد عن كل ما يسئ إليها ، فإذا ما ارتكب أفعالاً أثناء فترة إعارته فى الخارج تشكل إخلالاً بهذا الالتزام وتسئ إلى كرامة وظيفته أو سمعة مصر فإن هذه الأفعال تخضع للمساءلة التأديبية أمام السلطات التأديبية فى مصر ويجوز مجازاته عنها بالجزاءات المنصوص عليها قانوناً طبقاً لقوانين العاملين السارية بجمهورية مصر العربية .

ومن حيث إن الثابت فى الواقعة المعروضة أن المخالفات المنسوبة إلى المطعون ضده ( المحال ) أثناء فترة إعارته للعمل بمصلحة الضرائب بالجمهورية العربية اليمنية من شأنها فيما لو ثبت فى حقه أن تصمه بالإخلال بالتزامه بالمحافظة على كرامة وظيفته الأصلية بمصر وبالتزامه بالمحافظة على سمعة مصر والمصريين فى الخارج والبعد عن كل ما يسئ إليها ، فإن هذه المخالفات من شأن ثبوتها أن تخضع للمساءلة التأديبية أمام السلطات التأديبية المختصة بمصر ويجوز محاكمته تأديبياً بمصر طبقاً للقوانين السارية بجمهورية مصر العربية ، ولا ينال عن جواز مساءلة المطعون ضده تأديبياً بمصر ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أنه سبق مجازاته بواسطة الجهة المستعيرة باليمن عن طريق إنهاء العقد المبرم بينها وبينه مما أدى لإنهاء إعارته باليمن ، ذلك أنه وإن كان من المسلم به عدم جواز معاقبة الموظف عن ذات المخالفة الإدارية مرتين ، فإن مجال إعمال هذا المبدأ هو داخل النظام التأديبى الواحد لكنه لا يسرى فى الحالة المعروضة التى تتميز بتعدد الروابط الوظيفية ما بين رابطة دائمة فى الداخل ورابطة مؤقتة فى الخارج لكل منهما نظامه التأديبى المستقل كما تتميز بكون المخالفات المرتكبة لها انعكاسها الضار على الاحترام الواجب وكرامة  من الرابطتين الوظيفيتين المشار إليهما . ومن ثم فإن مجازاة الموظف تأديبياً عن المخالفات التى ارتكبها أثناء فترة إعارته فى الخارج بواسطة الجهة الأجنبية المستعيرة بأى جزاء تأديبى حتى بإنهاء خدمته لديها وفقاً للأحكام السارية داخل الرابطة الوظيفية المؤقتة التى تربط بين هذا العامل وتلك الجهة المستعيرة ، لا تخل بحق السلطة التأديبية بمصر فى مساءلته تأديبياً وفقاً للأحكام المستمدة من الرابطة الوظيفية الأصلية التى تربطها بهذا العامل طالما أن ما ارتكبه من مخالفات فى الخارج ينعكس على كرامة وظيفته الأصلية ويسئ إلى سمعة مصر والمصريين بالخارج .

ذلك أن الجزاء التأديبيى الذى توقعه الجهة الأجنبية المستعيرة لا يمس أساساً المركز الوظيفى الأصلى للعامل بمصر أو الحقوق المنبثقة عنه ولا شأن له بالأهداف المرجوة من تشريع العقوبات التأديبية طبقاً للقوانين السارية على العاملين بمصر والمتعلقة بتأمين حسن سير المرافق العامة وحماية الجهاز الإدارى للدولة ومن ثم فإن الجزاء الموقع بواسطة الجهة المستعيرة فى الخارج لا يخل بمساءلة العامل تأديبياً بمصر وتوقيع الجزاءات التأديبية المنصوص عليها فى قانون العاملين المدنيين بالدولة وهى التى لم يسبق توقيعها على العامل المشار إليه . ويضاف إلى ذلك أنه حتى فى الداخل إذا ما ارتكب العامل فعلاً معاقبا عليه طبقاً لقانون العقوبات فإن سبق توقيع العقاب الجنائى عليه لا يمنع من مساءلته تأديبياً إذا كان فعله هذا له انعكاسه الضار على كرامة وظيفته أو يعد إخلالاً بواجباتها .

والأخذ بغير ذلك إنما يؤدى إلى تسلب السلطات التأديبية فى مصر من واجبها وحقها فى مساءلة العامل المعار مهما كانت درجة جسامة المخالفات التى يرتكبها فى الخارج أو إخلاله بكرامة وظيفته الأصلية أو إساءته إلى سمعة مصر والمصريين بالخارج ومهما كان ما نسب إلى العامل المذكور يخل بالشرف والثقة الواجب توافرهما فيه وبالتالى يؤثر على صلاحيته لتولى وظيفته الأصلية إذ ستجد هذه السلطة يدها مغلولة فى هذا الشأن لمجرد سبق مجازاة العامل بأى جزاء تأديبى بواسطة الجهة المستعيرة وفق أحكام الرابطة الوظيفية المؤقتة فى الخارج وهو الأمر غير المستساغ ولا المقبول لمجافاته لما استهدفه المشرع من كفالة حسن سير المرافق العامة وحماية الجهاز الإدارى للدولة بمصر بما يستتبعه ذلك من خضوع العاملين للمساءلة التأديبية عن المخالفات التى يرتكبونها سواء داخل الوظيفة أو خارجها وسواء داخل البلاد او خارجها طالما كان لهذه المخالفات انعكاس سئ على كرامة وظائفهم أو على سمعة مصر أو المصريين بالخارج .

ومن حيث إنه مما يدلل على هذه الوجه من النظر أن المشرع نص فى البند الأخير من المادة 82 من نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 / 1978 على أن تكون الجهة المنتدب أو المعار إليها العامل أو المكلف بها هى المختصة بالتحقيق معه وتأديبه طبقاً للأحكام سالفة الذكر وذلك عن المخالفات التى يرتكبها خلال فترة الندب أو الإعارة أو التكليف ، وقد جرى قضاء هذه المحكمة فى تطبيق نص المادة 63 من نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 46 لسنة 1964 ونص المادة 58 من نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 58 لسنة 1971 وهما النصان المقابلان لنص المادة 82 سالفة السرد من نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 / 1978 ، أن مجال إعمال هذا الحكم الذى يخول الجهة المنتدب أو المعار إليها العامل الأختصاص بتأديبه هو فى حالات الندب والإعارة للجهات الحكومية والعامة دون غيرها ذلك لأن المشرع ربط بين السلطات التأديبية وبين الجزاءات التأديبية التى نص عليها حينما حدد اختصاص كل سلطة منها بتوقيع جزاءات معينة على وجه يتحدد معه أن المشرع حينما خول السلطات التأديبية فى الجهات المنتدب أو المعار إليها العامل سلطة تأديبية إنما قصد السلطات التأديبية التى تملك قانوناً الاختصاص بتوقيع جزاءات تأديبية مماثلة للجزاءات التأديبية التى تملك السلطات التأديبية فى الجهاز الإدارى توقيعها بمعنى أن يكون من شأنها أن تمس أساساً المركز الوظيفى الأصلى للعامل أو الحقوق المنبثقة عنه والتى قد تصل إلى إنهاء الرابطة الوظيفية الأصلية ذاتها فإذا لم يتوافر لها ذلك فإنها لا تحجب السلطة التأديبية فى الجهة الأصلية التى يتبعها العامل بوصفها صاحبة الاختصاص الأصيل فى مراقبة سلوك العاملين بها ومساءلتهم تأديبياً عما يقترفونة من أثام سواء فى نطاق العمل الأصلى أو خارجه إذا كان لها انعكاس على سلوكهم العام فى عملهم الأصلى .

ومن حيث إن المشرع فى الحكم الذى أورده فى البند الأخير من المادة 82 من نظام العاملين المدنيين بالدولة الحالى الصادر بالقانون رقم 47 / 1978 لم يخرج عن مضمون الحكم المقابل الوارد فى المادة 63 من القانون رقم 46 / 1964 والمادة 58 من القانون رقم 58 / 1971 ، بل أكد المعنى الذى سبق أن استخلصته هذه المحكمة فى قضائها السابق المشار إليه ، حينما ربط المشرع فى المادة 82 المشار إليها بين تخويل الجهة المنتدب أو المعار إليها العامل سلطة تأديبية وبين تطبيق كافة أحكام التأديب الواردة فى نصوص هذا القانون ( رقم 47 / 1978 ) بنصه صراحة على أن هذه الجهة تجرى التحقيق مع العامل وتأديبه طبقاً للأحكام سالفة الذكر أى طبقاً لأحكام التأديب الواردة فى هذا القانون ، وهو مما يؤكد أن الندب أو الإعارة المشار إليهما فى هذه المادة هى الندب والإعارة للجهات الحكومية والعامة وهى التى يسرى فيها أحكام هذا القانون ، ومن ثم فإنه فى الحالة المعروضة المتعلقة بإعارة العامل – المطعون ضده – لجهة أجنبية بالخارج فإن الحكم السالف المتعلق بتخويل الجهة المستعيرة سلطة تأديب هذا العامل لا يعد منطقياً فى هذه الحالة فلا ينفى حق السلطة التأديبية بمصر فى ممارسة اختصاصاتها ومساءلة هذا العامل تأديبياً طالما كانت الوقائع المنسوبة إليه فى الخارج فيما لو ثبت يكون لها انعكاسها الضار على كرامة وظيفته الأصلية أو بالثقة والاعتبار الواجب توافرهما فيه أو بسمعة مصر والمصريين بالخارج ومن حيث إن الحكم المطعون فيه خالف هذه الوجه من النظر حينما قضى فى البند الأول منه بعدم جواز محاكمة المحال – المطعون ضده – تأديبياً عن المخالفات التى ارتكبها أثناء إعارته فى الخارج استجابة للدفع الذى أبداه المحال فى هذا الشأن تأسيساً على سبق مجازاته عنها فى الخارج ، فإن الحكم المطعون فيه يعد مخالفاً للقانون فى شقه هذا الأمر الذى يتعين معه القضاء بإلغائه فى هذا الشق ويرفض الدفع المشار إليه .

ومن حيث إنه مع جواز محاكمة المطعون ضده تأديبياً بمصر عن المخالفات التى ارتكبها أثناء إعارته باليمن طبقاً لما سلف ، فإنه بالنسبة لمدى ثبوت ارتكابه لهذه المخالفات المشار إليها بتقرير الاتهام ، فالثابت من الأوراق أن الأساس الذى استندت إليه الجهة الإدارية للقول بوقوع هذه المخالفات هو ما ورد بكتاب السيد رئيس مصلحة الضرائب باليمن الموجه للسيد وزير المالية بمصر من أنه يؤخذ على المطعون ده عدم استجابته فى تدريب اليمنيين وعدم جدوى المحاضرات التى يلقيها وتدخله فى قضايا سياسية باليمن وقيامه بغير الأعمال المكلف بها وعدم احترامه التسلسل الرئاسى واساءته إلى زملائه وهو ما دعا مصلحة الضرائب باليمن إلى إنهاء تعاقدها معه طبقاً لكتاب مصلحة الضرائب باليمن المؤرخ 16/5/1984 ، وبسؤال السيد / ................. مدير عام الإدارة العامة للتحقيقات بمصلحة الضرائب بمصر فى تحقيقات النيابة الإدارية أشار إلى أن مصلحة الضرائب باليمن لم تفصل أو تحدد الوقائع التى تستند إليها فى اتهامها للمطعون ضده بالاتهامات السالفة ، كما لم تحدد مصلحة الضرائب باليمن كيفية تدخل المذكور فى القضايا السياسية باليمن ، كما لا يوجد لدى المصلحة بمصر ما يدل على عدم أداء المذكور لواجباته الوظيفية باليمن أو عدم احترام المذكور لرئاساته هناك سوى ما ورد بكتاب مصلحة الضرائب باليمن المشار إليه ، أما بالنسبة للمقالات التى حررها المذكور بجريدة الرأى العام اليمنية فإنها لا تمس السياسة بطريقة مباشرة ولا تمس سمعة مصر ولا تسئ إليها إنما تتعلق بموضوعات فى الاقتصاد والضرائب . كما أنه لا يوجد لدى مصلحة الضرائب بمصر المحاضرات التى ألقاها المذكور باليمن حتى يمكنها الحكم على جدواها .

ومن حيث إن الثابت من الأوراق والتحقيقات أن المطعون ضده حصل على تصريح من وزير المالية باليمن إبان إعارته إليها لنشر مقالات متعلقة بالاقتصاد والضرائب بالصحف اليمنية ، وكان الثابت أن ما نشره المذكور بتلك الصحف يتعلق بموضوعات مصرح له بالنشر عنها دون أن تمس المسائل السياسية أو تنال من سمعة مصر بالخارج ، فإن اتهام المذكور بالقيام بأعمال تخرج عن وظيفته أو إساءته إلى زملائه بإقحام نفسه فى قضايا سياسية محظور عليه تناولها يعد فاقداً للأساس القانون أو الواقعى الذى يسنده ، كما أنه من ناحية أخرى فقد خلت الأوراق والتحقيقات مما يثبت الاتهام التى وجهتها مصلحة الضرائب اليمنية للمذكور ، ولا يعد مجرد الكتاب الموجه من هذه المصلحة إلى جهة عمل المطعون ضده بمصر الذى جاء فيه سرد لهذه الاتهامات كافياً للتيقن من صحة وقوعها خاصة وأن توجيه هذه الاتهامات لم يقترن بالوقائع والأفعال المحددة التى يمكن الاستدلال بها والتحقق من وقوعها ، كما لم يقترن كتاب مصلحة الضرائب باليمن بأى تحقيقات أجرتها فى هذا الشأن أو ببيان للأدلة التى تستند إليها فى توجيه هذه الاتهامات ، ومن ثم فلا مناص من الحكم ببراءة المطعون ضده من المخالفات المنسوبة إليه إبان إعارته باليمن مادامت الأوراق قد خلت من الأدلة الكافية للتيقن من صحة وقوعها .

ومن حيث إنه بالنسبة للوجه الثانى من أوجه الطعن والمتعلق بقضاء الحكم المطعون فيه ببراءة المطعون ضده من المخالفات المنسوبة إليه التى ارتكبها بمصر بعد عودته من اليمن وهى المخالفات السابقة الثابتة بتقرير الاتهام فإن الثابت من الأوراق أن الحكم المطعون فيه استند فى تبرئة المطعون ضده من هذه المخالفات إلى أسبابه المشار إليها سالفا ، والتى استخلصتها المحكمة التأديبية استخلاصاً سائغاً من التحقيقات التى أجرتها النيابة الإدارية والأوراق المرفقة بالدعوى ، وانتهت فيها – بحق – إلى عدم توافر الأدلة اليقينية لوقوع هذه المخالفات فى حق المحال – المطعون ضده – ومن ثم لا تثريب على المحكمة التأديبية فيما قضت من براءة المذكور من هذه الاتهامات .

وفضلاً عن ذلك فإن الثابت من التحقيقات والأوراق بالنسبة للمجلدات التى أعدها المطعون ضده واشتملت على بعض بيانات عن الممولين أن قيام المذكور بإعدادها كان تنفيذاً لتعليمات من السيد وزير المالية صدر بها كتابة رقم 1497 المؤرخ 21/4/1982 الموجه إلى رئيس مصلحة الضرائب بحصر أصحاب العمارات الشاهقة المشيدة حديثاً من ذوى النشاط التجارى أو المهنى وتحديد موقفهم الضريبى ، وقد قام رئيس المصلحة بإخطار رئيس الإدارة المركزية للمعلومات بذلك بكتابة رقم 803 فى 12/12/1982 وتم إخطار الإدارة العامة للحصر والتى يرأسها المطعون ضده لتنفيذ ذلك فقام المذكور بوضع هذه التعليمات موضع التنفيذ رغم ضخامة العمل المشار إليه وما يتبع ذلك من الجهد المضنى الذى يبذل لإنجازه ، كما أن الثابت من الأوراق والتحقيقات أن المطعون ضده بعد أن أعد تلك المجلدات قام بإرسالها إلى رئاسته بمصلحة الضرائب للنظر فيها ، وقد كان القصد الواضع من إعدادها – حسبما أشار الحكم المطعون فيه بحق – هو محاولة حصر الممولين المشار إليهم والتحقق من مدى صحة محاسبتهم ضرائبياً وهو الأمر المتصل بالمحافظة على حقوق الخزانة العامة وتحقق العدالة الضريبية ولم يثبت على أى وجه من الوجوه أن المطعون ضده أفشى للغير البيانات التى حظرت المادة 146 من قانون الضرائب على الدخل رقم 157 لسنة 1981 على العاملين بمصلحة الضرائب إفشاء سريتها ، ولم يثبت على وجه الخصوص أن المطعون ضده أمد جريدة الأهالى أو غيرها بالبيانات المشار إليها وجاءت الأدلة التى قدمتها الجهة الإدارية والمتمثلة فى أقوال ................... و ................... بتحقيق النيابة الإدارية قاصرة عن إثبات هذا الأمر وكل ما توافر فى هذا الشأن مجرد شبهات بأن يكون المطعون ضده هو الذى قام بذلك ولما كانت أحكام الإدانة إنما تبنى على الجزم اليقينى دون الشكوك والشبهات فإن ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه من القضاء ببراءة المطعون ضده من الاتهامات المشار إليها يعد مستنداً الى أساس صحيح فى القانون والواقع مما يتعين معه رفض هذا الوجه من وجه الطعن .

 

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة : بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع أولاً : بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من عدم جواز محاكمة المحال عن الوقائع المنسوبة إليه خلال فترة إعارته للجمهورية العربية اليمنية ، وبرفض الدفع المبدئ من المحال بعدم جواز محاكمته عن هذه الوقائع ، وفى موضوعها ببراءته من الاتهامات المشار إليها . ثانياً : برفض الطعن فيما عدا ذلك .