جلسة 12 من يونيه سنة 1990

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد فؤاد عبد الرازق الشعراوى نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة : رأفت محمد السيد يوسف وفاروق على عبد القادر والدكتور محمد عبد السلام مخلص وعطية الله رسلان أحمد                                                                         المستشارين

 

الطعن رقم 1739 لسنة 35 القضائية :

هيئة الشرطة – انتهاء الخدمة – أسبابها .

المادة 67 من قانون هيئة الشرطة الصادر بالقانون رقم 109 لسنة 1971 – لوزير الداخلية بعد أخذ رأى المجلس الأعلى للشرطة أن يحيل الضابط الذى يشغل رتبة أقل من اللواء إلى الاحتياط – اشترط المشرع أن تقوم فى حق الضابط أسباب جدية تتعلق بالصالح العام تؤكد وتثبت ضرورة إحالة الضابط إلى الأحتياط – يجب أن تكون حالة الضرورة جلبة وثابتة ثبوتا قاطعا لكى تعمل جهة الإدارة سلطتها بإحالة الضابط إلى الاحتياط – مناط مشروعية قرار إحالة الضابط إلى الاحتياط أن يكون هذا القرار لازما وضروويا وأنه استخدم من قبل جهة الإدارة لمواجهة حالة واقعية أو قانونية حقيقية قامت فى حق الضابط وان محاسبته طبقا لقواعد التأديب العادية لا تكفى لدفع ضرره على المصلحة العامة فى نطاق وظيفة هيئة الشرطة – للقضاء الإدارى حق الرقابة على قيام أو عدم قيام حالة الضرورة – تطبيق .

 

إجراءات الطعن

بتاريخ السبت الموافق 15 من أبريل عام 1989 أودع الأستاذ........... المحامى نيابة عن الاستاذ............ المحامى – تقرير طعن بقلم كتاب المحكمة بصفته وكيلا عن السيد / ............. فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى – دائرة الجزاءات – بجلسة 27/2/1989 فى الدعوى رقم 180 لسنة 42 ق المقامة من الطاعن ضد وزير الداخلية بصفته والذى قضى برفض الدعوى وإلزام المدعى المصروفات .

وطلب الطاعن – فى تقرير طعنه – بصفة مستعجلة الحكم بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه ، وبقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلغاء القرار الصادر بإحالته إلى الاحتياط مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المطعون ضده المصروفات .

وأعلن تقرير الطعن للمطعون ضده بصفته بتاريخ     /    /   19 .

وأحيل الطعن إلى هيئة مفوضى الدولة التى قامت بتحضيره وتهيئته للمرافعة وأودعت فيه تقريرا بالرأى القانونى اقترحت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا ووقف تنفيذ الحكم المطعون فيه حتى يفصل فى الموضوع ، وبإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلغاء القرار الصادر بإحالة الطاعن إلى الاحتياط وما ترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات .

ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعن بهذه المحكمة التى قررت بجلسة 4/4/1990 إحالة الطعن للمرافعة أمام المحكمة الإدارية العليا – الدائرة الثالثة – وحددت لنظره أمامها جلسة 8/5/1990 وبهذه الجلسة سمعت المحكمة ما رأت لزوما لسماعه من إيضاحات وملاحظات ذوى الشأن وأرجأت النطق بالحكم لجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وتلى منطوقه وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به .

 

المحكمة

بعد الإطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة .

من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية .  

ومن حيث إن عناصر المنازعة – مستقاة من أوراق الطعن – تتحصل فى أن السيد / ( .......... ) الضابط بمصلحة الأحوال المدنية بوزارة الداخلية أقام الدعوى رقم 180 لسنة 42 ق بعريضة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى بتاريخ 10/10/1987 ضد وزير الداخلية بصفته ، طلب فى ختامها الحكم :

أولا : وبصفة مستعجلة وقبل الفصل فى الموضوع بوقف تنفيذ قرار وزير الداخلية رقم 509 لسنة 1987 فيما تضمنه من إحالته إلى الاحتياط اعتبارا من 30/6/1987 واستمرار صرف راتبه كاملا مع الإذن بتنفيذ الحكم فى هذا الشق بمسودته وبدون إعلان .

ثانيا : وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المدعى عليه المصروفات ومقابل اتعاب المحاماة .

وأسس دعواه قائلا إنه يشغل رتبه عقيد بهيئة الشرطة ، وقد ورث مع أخوته – عن والدهم محلا تجاريا أسفل العمارة التى يقيم بها بشارع .....رقم ....بالإضافة إلى عدة عقارات أخرى ، وكان مظهره مشرفا وسط زملائه ورؤسائه مما آثار حسد بعضهم عليه فنسبوا إليه ادعاءات كاذبة بأنه يقوم بمزاولة الأعمال التجارية بمحل والده وقد أجرى معه تحقيق انتهى إلى مجازاته بخصم خمسة أيام من راتبه على سند من القول بأن قد ثبت فى حق المدعى أنه يدير محلا لتجارة البويات بشارع ....رقم .....وصالة شرائط فيديو بشارع ....رقم .... – ثم عرض الأمر على وزير الداخلية الذى أشار بوقف المدعى عن العمل وصدر قرار بإيقافه عن العمل لصالح التحقيق اعتبارا من 4/5/1987 ثم فوجئ فى 18/7/1987 بإعلانه بالقرار المطعون فيه المتضمن إحالته إلى الاحتياط اعتبارا من 30/6/1987 فتظلم من هذا القرار وأقام دعواه طالبا القضاء بإلغائه لصدوره بالمخالفة للقانون ولأنه صدر مشوبا بعيب إساءة استعمال السلطة وذلك على النحو الوارد تفصيلا بعريضة دعواه وخلص إلى طلب الحكم له بطلباته .

وقد قدمت الجهة الإدارية حافظة مستندات ومذكرة بردها على الدعوى طلبت فيها الحكم برفض الدعوى وإلزام المدعى المصروفات .

ونظرت محكمة القضاء الإدارى الدعوى على النحو المبين بمحاضر جلساتها وبجلسة 14/4/1988 قضت بعدم قبول طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه ، وبقبول الدعوى شكلا ، وبرفض طلب استمرار صرف راتب المدعى كاملا وألزمت المدعى مصروفات الشق المستعجل من الدعوى ، وأمرت بإحالة الشق الموضوعى وأعدت تقريرا بالرأى القانونى اقترحت فيه الحكم برفض الدعوى وإلزام المدعى المصروفات. وبجلسة 27/2/1987 قضت محكمت القضاء الإدارى برفض الدعوى وإلزام المدعى المصروفات . واقامت المحكمة قضاءها على أنه قد ثبت للجهة الإدارية اشتغال المدعى بالأعمال التجارية وتشغيله بعض المخبرين بالشرطة فى أعمال خاصة به ولحسابه فى الأعمال التجارية وعليه يكون المدعى قد سلك مسلكا معيبا ينطوى على خروج على مقتضيات وظيفته واخلاله بكرامتها والثقة الواجب توافرها فيه مما يدعو إلى عدم الاطمئنان على صلاحيته للقيام باعباء وظيفته مما حدا بها إلى إصدار قرارها المطعون فيه باقصائه مؤقتا عن هذه الوظيفة ومن ثم يكون القرار الصادر فى هذا الشأن قد استنبط من وقائع ثابتة ومؤدية إلى النتيجة التى خلص إليها ولم يقدم المدعى ما يفيد انحراف الجهة الإدارية أو اساءة استعمال سلطتها أو أن القرار كان موجها لغير الصالح العام وبالتالى يكون القرار المطعون فيه – فيما ضمنه من إحالة المدعى إلى الاحتياط – قد بنى على سبب صحيح وقام على سند من القانون ويتعين لذلك القضاء برفض الدعوى .

ومن حيث إن الطعن فى هذا الحكم يقوم على أنه قد صدر مخالفا للقانون وأنه أخطأ فى تطبيقه وشأبه الفساد فى الاستدلال للآتى :

1-    إن الحكم المطعون فيه قد بنى – كما ورد بأسبابه – على القول بأنه ثبت للجهة الإدارية اشتغال المدعى بالأعمال التجارية ، وهو بذلك يردد مزاعم جهة الإدارة دون أن يحقق دفاع الطاعن وما قدمه من مستندات أهمها الصورة الرسمية من الحكم الصادر بغرضه الحراسة على المحل التجارى الذى تدعى الإدارة بأن الطاعن يمارس فيه الأعمال التجارية واصبح المحل مملوكا لأربعة عشر وريثا والطاعن أحدهم وفى وجود حارس قضائى – ينفى بصورة رسمية أية صلة للطاعن بممارسة الأعمال التجارية فى هذا المحل .

2-    إن حالة الضرورة والأسباب الجدية المتعلقة بالصالح العام والتى اشترطت المادة 67 من قانون الشرطة – توافرها لصدور قرار بإحالة الضابط إلى الأحتياط غير متوافرة فى حالة الطاعن لأنه لا يعمل بالتجارة لأن المحلين موضوع المخالفة أحدهما كان مملوكاً لوالده وآل بعد وفاته إلى الورثة ومنهم الطاعن ويدار تحت إشراف حارس قضائى ، والمحل الثانى مملوكا لزوجته والطاعن لا يقوم بإدارته .

3-    إن الطاعن سبق أن جوزى عن هذه المخالفة بخصم خمسة أيام من راتبه ولم يكتف وزير الداخلية بذلك وإنما أشار بوقف الطاعن عن العمل ثم أعقب ذلك صدور القرار المطعون فيه .

ومن حيث إن المادة 67 من نظام هيئة الشرطة الصادر بالقانون رقم 109 لسنة 1971 والواردة فى الفصل الثامن تحت عنوان " الإحالة إلى الاحتياط " قد نصت على أنه لوزير الداخلية بعد أخذ رأى المجلس الأعلى للشرطة أن يحيل الضابط – عدا المعينين فى وظائفهم بقرار من رئيس الجمهورية – إلى الاحتياط وذلك .

1-    بناء على طلب الضابط أو الوزارة لاسباب صحية تقرها الهيئة الطبية المختصة .

2-    إذا ثبت ضرورة ذلك لاسباب جدية تتعلق بالصالح العام ، ولا يسرى ذلك على الضباط من رتبة لواء .............. الخ .

ومن حيث إنه يبين من هذا النص أن المشرع خول وزير الداخلية بعد أخذ رأى المجلس الأعلى للشرطة أن يحيل الضابط – الذى يشغل رتبة أقل من لواء – إلى الاحتياط واشترط لذلك أن تقدم فى حق الضابط أسباب جدية تتعلق بالصالح العام تؤكد وتثبت ضرورة إحالة الضابط إلى الاحتياط ويجب أن تكون حالة الضرورة واضحة جلية وثابتة ثبوتا قاطعا لكى تعمل جهة الإدارة سلطتها بإحالة الضابط إلى الاحتياط وتحرمه من مواجهته بما هو منسوب إليه والتحقيق معه ومحاكمته تأديبيا وتحقيق دفاعه باعتبار ذلك من الضمانات الأساسية التى يحق له التمتع بها فمناط مشروعية قرار إحالة الضابط إلى الاحتياط أن يكون هذا القرار لازما وضروريا وأنه استخدم من قبل جهة الإدارة لمواجهة حالة واقعية أو قانونية حقيقية قامت فى حق الضابط وأن محاسبته عنها طبقا لقواعد التأديب العادية لا تكفى لدفع ضرره على المصلحة العامة فى نطاق وظيفة هيئة الشرطة ، وللقضاء الإدارى حق الرقابة على قيام أو عدم قيام حالة الضرورة ، فإذا ثبت جدية الأسباب وضرره الأحالة إلى الاحتياط كان قرار الإحالة سليما ومتفقاً وأحكام القانون وأما أن اتضح أن الأسباب لم تكن جدية أو لم تكن تمثل الأهمية التى تدعو إلى قيام حالة الضرورة التى تبرر تدخل الجهة الإدارية بإحالة الضابط إلى الاحتياط أو أن مؤاخذته تأديبيا كانت كافية دون اللجوء إلى إحالته إلى الاحتياط كان قرار الإحالة باطلا متعين الإلغاء .

ومن حيث أنه يبين من أوراق الطعن خاصة حافظة المستندات المقدمة من هيئة قضايا الدولة لمحكمة القضاء الإدارى تحت رقم 4 دوسيه أن الطاعن يشغل وظيفة عقيد بمصلحة الأحوال المدنية بوزارة الداخلية وأن أمره قد عرض على المجلس الأعلى للشرطة بجلسته المنعقدة فى 2/6/1987 فقرر الموافقة على إحالة الطاعن إلى الاحتياط اعتبارا من 30/6/1987 وقد تضمن محضر جلسة المجلس الأعلى للشرطة المشار إليه الأسباب التى بنى عليها القرار المطعون فيه وجاء فيها أن الإدارة العامة للتفتيش والرقابة بفحص وتقييم موقف ( الطاعن ) فى ضوء المعلومات الإدارية فى حقه تبين من الفحص ورود معلومات بأن المذكور يقوم بتشغيل أربعة جنود فى محلين يمتلكهما أحدهما لشرائط الفيديو والثانى لتجارة البويات والحدايد بواقع مجندين لكل محل وأنه رفض إعادتهم للمصلحة رغم طلب المصلحة منه ذلك ........... وقد أجرى تحقيق بمعرفة مفتش الداخلية لمديرية أمن الجيزة فى شأن تلك المعلومات وتبين من التحقيق أن المحل الأول عبارة عن نادى فيديو ويقع بالعقار ............ البويات والحدايد يقع فى العقار رقم ....شارع ...باسم والده والمحلان بدائرة قسم الأزبكية ، وقد أكدت تحريات وحدة مباحث قسم شرطة الأزبكية صحة المعلومات المشار إليها ، وقد سبق أن وضع الطاعن تحت الملاحظة لما عرف عنه مزاولته الأعمال التجارية ، وأن الإدارة العامة للقضاء العسكرى سبق أن طلبت فى عام 1980 نقل المذكور خارجها لقيامه بمزاولة الأعمال التجارية بمحل والده ولوجود خلافات مستمرة بينه وبين أهالى محافظة المنيا ووجود نزاعات بينه وبين زوجته لعلاقاته النسائية المشبوهة ونقل إلى مديرية أمن الفيوم فى 2/9/1980 فأبلغ مرضه وعدل نقله إلى مصلحة السجون .

وقد طلبت مصلحة السجون نقله خارجها لما عرف عنه من الاشتغال بالأعمال التجارية وتعاطيه المواد المخدرة وتردده على مقهى مشبوه ومخالطته لبعض المشبوهين من متعاطى المخدرات ....... ونقل إلى مديرية أمن الجيزة فى 18/7/1984 وعدل قرار نقله إلى مصلحة الأحوال المدنية ( دائرة الجيزة ) فى 25/8/1984 .

وأن الإدارة العامة للتفتيش والرقابة قد قامت بتقييم موقفه فى 4/2/1987 أثر ورود معلومات عن اشتغاله بالأعمال التجارية المتمثلة فى إدارته لمحلى الفيديو والحدايد والبويات المشار إليهما وثبت فى حقه الخروج على مقتضى الواجب الوظيفى ، وعرض الأمر على اللواء مساعد الوزير للأمن الاجتماعى للنظر فى مجازاته لما ثبت فى حقه من تحذيره وإنذاره لعدم الاستمرار فى مزاولة النشاط التجارى وأن يكف عن ذلك فورا وإلا سينظر فى أمر إحالته إلى الاحتياط للصالح العام . وأنه جوزى من ذلك بخصم خمسة أيام من راتبه فى 1/3/1987 .

ومن حيث إنه يبين من العرض السابق لما ورد بمحضر جلسة المجلس الأعلى للشرطة بتاريخ 28/6/1987 تبريرا للقرار المطعون فيه أنه قد استند إلى الأسباب الآتية :

أولا : وجود خلافات مستمرة بينه وبين بعض أهالى محافظة المنيا ، ووجود نزاعات بينه وبين زوجته لعلاقاته النسائية المشبوهة وتعاطيه المواد المخدرة وتردده على مقهى لهذا الغرض ومخالطته فيها للمتعاطين وتجار المخدرات .

ثانيا : اشتغاله بالأعمال التجارية المتمثلة فى إدارته لمحل الحدايد والبويات الكائن بشارع .... رقم .... .

ثالثا : تشغيله لاربعة من الجنود المجندين بمصلحة الأحوال المدنية فى محلى الحدايد والبويات وشرائط الفيديو بواقع مجندين لكل محل وأنه رفض إعادتهم للمصلحة رغم طلب المصلحة منه ذلك .

ومن حيث إنه عن السبب الأول فإن كل ما ساقته جهة الإدارة فى هذا الشأن لا يعدو أن يكون قولا مرسلا ورد فى طلبات لنقله إلى مديرية أمن الفيوم فى عام 1980 ثم مصلحة السجون دون أن يقوم عليه أى دليل فى الأوراق ، كما أن هذه الأقوال قد جاءت مبهمة دون تحديد أشخاص أهالى محافظة المنيا القائم بينهم الخلاف وبين الطاعن أو ما هية هذا الخلاف وطبيعته ومدى خطورته على مركزه باعتباره عضوا بهيئة الشرطة ، كما أنه على فرض وجو دخلاف بينه وبين زوجته فإن ذلك يتعلق بحياته الخاصة ولم يثبت أن له أى تأثير فى نطاق عمله بالشرطة .

وأما عن القول بتعاطى الطاعن للمخدرات ....... وتردده على مقهى لهذا الغرض ومخالطته لرواده من التجار والمتعاطين كل تلك الأقوال قد سيقت بلا دليل أو بينة ولم تتخذ الجهة الإدارية حيالها أى إجراء فى حينه ومن ثم يكون هذا السبب فى مجمله لا اساس له من الصحة ولا يصلح سببا للتذرع به فى إصدار القرار المطعون فيه .

ومن حيث إنه عن السبب الثانى فإن الثابت من الأوراق أن محل الحدايد والبويات الكائن بشارع ...رقم ...كان مملوكا لوالد الطاعن المرحوم ............ الذى  استأجره بعد إيجار مؤرخ فى 21/4/1949 من الأستاذ ............ بمبلغ 450 قرشا شهريا بغرض استعماله فى تجارة أدوات المعمار ، وقد باشر فيه تجارته إلى أن توفى فى 4/2/1972 وقد ثار خلاف بين الورثة ومنهم الطاعن على ملكية هذا المحل وأحد المخازن وسيارة عرض على محكمة جنوب القاهرة الدائرة الأولى مستأنف مستعجل التى قضت بجلسة 5/1/1975 بفرض الحراسة القضائية على هذا المحل على أن يودع الحارس صافى ريعة خزينة المحكمة على ذمة من يقضى له بالأحقية وقد ورد فى تقرير وحدة مباحث قسم الأزبكية – الذى اعتمد عليه القرار المطعون فيه أن محل البويات والحدايد موضوع المخالفة يديره شخص يدعى .......... وتساعده إحدى الفتيات وأن تردد الطاعن على المحل إنما يتم فى أوقات فراغه – ولا يوجد فى أوراق الطعن ما يفيد أن الطاعن كان يدير هذا المحل أو أنه كان يمارس فيه الأعمال التجارية لحسابه أو لحساب غيره ، وأن تردد الطاعن على هذا المحل من أن إلى أخر وقت فراغه هو أمر طبيعى لا غبار عليه باعتبار أن هذا المحل ملكا لوالده ثم الت ملكيته للورثة وهو أحدهم وله نصيب فيه باعتباره وارثا وفى تردده عليه لتفقد سير العمل فيه هو نوع من صيانة ماله ومال إخوته ولا غيار ولا حرج عليه فى ذلك وكونه ضابطا بهيئة الشرطة لا إجبار عليه فى أن يتخلص من هذا المال الذى آل إليه بالميراث عن والده وأما عن المحل الثانى وهو محل تجارة وتأجير شرائط الفيديوالكائن بشارع ..... رقم .... فقد ثبت أن هذا المحل مملوك لزوجته ........ والبطاقة الضريبية باسم الزوجة ويدير هذا المحل ابنه ......... تساعده إحدى الفتيات التى تعمل بالمحل وذلك وفقا لما جاء بمحضر تحريات وحدة مباحث قسم الأزبكية المشار إليه .

ولا شأن للطاعن فى إدارة هذا المحل ، كما أن تردده على محل مملوك لزوجته لهو من الأمور الطبيعية وأن من البديهى أن كون إحدى السيدات زوجة لعضو بهيئة الشرطة لا يمنعها بأى حال من استثمار أموالها فيما تشاء من مشروعات وأنشطة طالما أن هذه المشروعات لا تشوبها شائبة من الناحية القانونية ومن ثم فإن هذا السبب فى شقيه لا يقوم على أساس سليم ولا تثريب على سلوك الطاعن فيه وليس هناك ما يؤخذ عليه فيه .

ومن حيث إنه عن السبب الثالث والاخير من الأسباب التى استند إليها القرار المطعون فيه فقد ثبت من مذكرة الإدارة العامة للتفتيش والرقابة ومن التحقيقات التى أجريت فى هذا الشأن والتحريات التى استند إليها تقرير التفتيش المؤرخ 4/5/1987 أن المجندين كانوا يترددون على المحلين فى أوقات غير منتظمة لتحميل البضائع داخل متجر البويات والحدايد وذلك منذ حوالى أربعة أشهر وأخر مرة شوهدوا فيها كانت أول رمضان لتناول طعام الإفطار بنادى الفيديو ، وقد ثبت من التحقيق أن اثنين من هؤلاء المجندين كانا مراسلة للطاعن أثناء عمله بمصلحة الأحوال المدنية وقد تردد أحدهما على محل الحدايد والبويات لمدة ثمانية عشر يوما لقاء أجر يومى قدره جنيهان وفى أوقات متفرقة ونظر لقلة المقابل النقدى انقطع عن التردد على المحل وأما الثانى فقد قرر فى التحقيق أنه كان يحصل على خمسة جنيهات أحيانا وأخر مرة حضر فيها كان بتاريخ 28/4/1987 لتناول طعام الإفطار فى أول رمضان ، أما المجندان الآخران فقد انكرا قطعيا ترددهما على المحل من الأصل .

ومن حيث إنه يبين مما تقدم وما هو مستقى من أوراق التحقيق أن تردد المجندين على المحل المملوك للطاعن مع باقى الورثة لم يأخذ صفة الدوام بل فى أوقات متباعدة ، وتم بإرادتهم الحرة ودون تأثير من الطاعن بهدف تحقيق بعض العائد المادى لهم ولم يكن من قبيل السخرة وقد ثبت من التحقيق أنه لم يتردد على المحل المذكور منذ عام 1986 سوى جنديين من المراسلة ولم يحضرا إلا مرة واحدة فى أبريل عام 1987 لتناول طعام الإفطار فى أول رمضان ، هذا ومن ناحية أخرى فإن سماح الطاعن بتردد هؤللاء الجنود وممارسة بعض الأعمال فى نقل بعض المواد داخل محل البويات لقاء مبلغ من المال وطلب المصلحة له أن يعيد هؤلاء العمال ويكف عن تشغيلهم كل ذلك يمثل خروجا من الطاعن على مقتضى واجبات وظيفته يستأهل مساءلته تأديبيا إلا أن هذه المخالفة وهى المخالفة الوحيدة التى يمكن القول بقيامها فى حق الطاعن – لا يمكن أن ترقى إلى مرتبة الأسباب الجدية التى تتعلق بالصالح العام وتثبت ضرورة إحالة الطاعن إلى الاحتياط وفقا لحكم المادة 67 من قانون هيئة الشرطة رقم 109 لسنة 1971 بل يكفى فيها توقيع الجزاء التأديبى المناسب علما بأن الجهة الإدارية سبق أن اوقعت عليه جزاء الخصم لمدة خمسة أيام من راتبه .

ومن حيث إنه وقد تبين مما تقدم أن القرار المطعون فيه – فيما تضمنه من إحالة الطاعن إلى الاحتياط – قد صدر بالمخالفة للقانون لأن جهة الإدارة حين أصدرته لم تكن لديها العناصر اللازمة أو الاسباب الجدية التى تتعلق بالصالح العام والتى تثبت قيام حالة الضرورة التى تدعو إلى اصدار القرار المطعون فيه لأن ما استندت إليه الإدارة من أمور ثبت أن الغالب الأهم منها غير قائم فى حق الطاعن وأن ما ثبت فى حقه من سماحة لبعض المجندين بالتردد على محل والده لا يرقى إلى مرتبة الأسباب الجدية التى تتعلق بالصالح العام ومن ثم يكون القرار المطعون فيه قد صدر مخالفا لركن السبب وبالتالى فهو مخالف للقانون متعين الإلغاء . وإذ ذهب الحكم المطعون فيه إلى خلاف هذا المذهب وقضى برفض طلب إلغائه فإنه يكون أخطأ فى تطبيق القانون ويتعين لذلك القضاء بإلغائه والغاء قرار وزير الداخلية رقم 509 لسنة 1987 فيما تضمنه من إحالة الطاعن إلى الاحتياط اعتبارا من 30/6/1987 مع ما يترتب على ذلك من آثار . وإلزام الجهة الإدارية المطعون ضدها المصروفات .

 

فلهذه الاسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلغاء قرار وزير الداخلية رقم 509 لسنة 1987 فيما تضمنه من إحالة الطاعن إلى الاحتياط اعتبارا من 30/6/1987 مع ما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الجهة الإدارية المطعون ضدها المصروفات .