جلسة 15 من يوليه سنة 1990
برئاسة السيد الأستاذ المستشار نبيل أحمد سعيد نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة : محمد محمود الدكرورى وإسماعيل عبد الحميد إبراهيم والسيد محمد السيد الطحان ويحيى أحمد عبد المجيد المستشارين .
الطعن رقم 2246 لسنة 34 القضائية :
عاملون مدنيون بالدولة – ترقية .
اثر الانقطاع على العلاوة الدورية والمدد البينية اللازمة للترقية .
لم يربط المشرع بين استحقاق العلاوة والترقية وبين مباشرة العمل فعلا – لا يجوز الاجتهاد فى استحداث شرط اداء العمل فعلا لاستحقاق العلاوة أو الترقية عند استيفاء شروط استحقاق أى منهما طالما خلت النصوص من مثل هذا الشرط – قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة دستور الوظيفة العامة الذى يحكم علاقة الموظف بالدولة ولا يتأتى سلب حق من حقوقه أو اسقاطه أو إلزامه بواجب إلا على مقتضى نصوصه الصريحة – القول بعدم حساب مدة انقطاع العامل ضمن المدة المتطلبة للترقية واستحقاق العلاوة هو حرمانه منهما فى غير الأحوال المحددة قانونا بل هو بمثابة الجزاء التأديبى فى غير موضعه وممن لا يملك توقيعه – أساس ذلك : طالما أن العلاقة الوظيفية مازالت قائما فلا محيص من ترتيب آثارها وأعمال مقتضاها فلا تنتزع مدد منها أو يتهاوى الحق فيها إلا أن يقضى بذلك نص صريح فى القانون – تطبيق .
إجراءات الطعن
بتاريخ 11/6/1988 أودع الأستاذ / .............. المحامى ، بصفته وكيلا عن السيدة/ ( ................ ) قلم كتاب المحكمة تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 2246 لسنة 34 القضائية عليا ، ضد وزير التربية والتعليم ومحافظ اسوان ومدير عام التربية والتعليم بأسوان ، فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بجلسة 16/12/1987 فى الدعوى رقم 3500 لسنة 38 ق المقامة من الطاعنة ضد المطعون ضدهم ، والقاضى بقبول الدعوى شكلا فى مواجهة المدعى عليه الثانى وبرفضها موضوعا وإلزام المدعية المصروفات . وطلبت الطاعنة – للأسباب المبينة بتقرير الطعن – الحكم بقبول الطعن شكلا وفى موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بطلباتها التى أبدتها بعريضة دعواها مع إلزام جهة الإدارة المصروفات واودعت هيئة مفوضى الدولة تقريرا مسببا بالرأى القانونى ارتآت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بأحقية الطاعنة فى حساب مدة انقطاعها عن العمل بدون اذن الفترة من 1/9/1977 إلى 3/10/1988 ضمن مدة خدمتها وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الإدارة المصروفات .
ونظر الطعن امام دائرة فحص الطعون فقررت احالته إلى هذه المحكمة وعينت لنظره امامها جلسة 27/5/1990 وبها استمعت المحكمة إلى ما ارتآت لوزم سماعه من ملاحظات ذوى الشأن وقررت إصدار الحكم بجلسة اليوم وبها صدر ، وأودعت مسودته المشتملة على اسبابه عند النطق به .
المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة .
ومن حيث إن الطعن استوفى الأوضاع المقررة لنظره .
ومن حيث أن الحكم الطعين صدر بجلسة 16/12/1987 وبتاريخ 14/2/1988 تقدمت الطاعنة بطلب اعفائها من الرسوم القضائية إلى لجنة المساعدة القضائية ، قيد برقم 53 لسنة 34 ق . عليا ، وبتاريخ 13/4/1988 تقرر رفض طلبها فاقامت طعنها الماثل بإيداع تقريره ، قلم كتاب المحكمة فى 11/6/1988 فمن ثم يكون مقدما فى المعياد القانونى .
ومن حيث إنه عن الموضوع فإن عناصر هذه المنازعة – مستقاة من اوراقها تتحصل فى أنه بتاريخ 10/4/1984 اقامت السيدة / ( ............. )
الدعوى رقم 3500 / 38 أمام محكمة القضاء الإدارى ضد وزير التربية والتعليم ومحافظ اسوان ومدير التربية والتعليم باسوان وطلبت فى ختام صحيفتها الحكم بأحقيتها فى حساب مدة انقطاعها عن العمل من 1/9/1977 إلى 3/10/1981 اجازة خاصة بدون مرتب وحسابها ضمن مدة خدمتها ، وما يترتب على ذلك من آثار . وقالت فى شرحها انها تعمل بمديرية التربية والتعليم باسوان منذ عام 1964 واعيرت إلى دولة الكويت اعتبارا من 1/9/1973 حتى 31/8/1977 وانقطعت عن عملها عقب انتهاء اعارتها المدة من 1/9/1977 حتى 3/10/1981 حيث تسلمت عملها فى 4/10/1981 واجابت جهة الإدارة على الدعوى بأن المذكورة احيلت إلى التحقيق فى اسباب انقطاعها فى القضية رقم 323 لسنة 1981 ، وبناء عليه صدر قرار المديرية فى 16/12/1981 بمجازاتها بخصم خمسة عشر يوما من راتبها ، وحساب المدة من 1/9/1977 حتى 3/10/1981 غياب بدون اذن لا تستحق عنها اجراً ، كما لا تحسب ضمن مدة خدمتها ، ولا فى المدة المشترطة للترقية وعدم جواز منحها العلاوات الدورية عنها وبجلسة 16/12/1987 اصدرت محكمة القضاء الإدارى حكمها الطعين على اسباب محصلها أن المدعية من عداد العاملين بمحافظة اسوان ، وطبقا للمادتين 4 و 17 من قانون الحكم المحلى رقم 43 لسنة 1979 فإن المحافظ هو صاحب الصفة فى الدعوى ، ولا محل لاختصام غيره ، وأن المدعية انقطعت عن عملها بدون اذن عقب انتهاء اعارتها فى 31/8/1977 وكان عليها أن تتسلم عملها فى 1/9/1977 أو تقدم لجهة الإدارة الاعذار التى تمنعها من ذلك ، وأن مدة انقطاعها استطالت اربع سنوات كاملة ، مما ينبئ عن رغبتها الأكيدة فى الاستقالة ، دون حاجة إلى انذارها ، وأن الثابت أن جهة الإدارة لم تطلب من النيابة الإدارية احالتها إلى المحاكمة التأديبية خلال الشهر التالى للانقطاع ، ومن ثم فإن خدمتها تعتبر منتهية قانونا من 1/9/1977 عملا بنص المادة 98 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة ، الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 وان استلامها العمل فى 4/10/1981 هو إعادة تعيين لها بالوظيفة والمرتب المستحق لها قبل الانقطاع ، مما يتفق ونص المادة 23 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة المشار إليه ، ولا ينطوى ذلك على حساب مدة الانقطاع فى الاقدمية ولا تستحق عنها اجرا أو علاوة دورية .
ومن حيث إن الطعن يقوم على مخالفة الحكم الطعين للقانون والخطأ فى تطبيقه وتأويله اذ أن جهة الإدارة لم تنذر الطاعنة بعد انقطاعها عن العمل ، ولم تعمل فى شأنها قرينة الاستقالة الحكمية ، واكتفت بمجازاتها بخصم خمسة عشر يوما من راتبها وحرمانها من اجرها عن مدة الانقطاع ، فتعتبر رابطة التوظف قائمة ومنتجة لآثارها ، ويكون من حق الطاعنة اعتبار مدة خدمتها متصلة ، فتستحق العلاوة الدورية ، ويعتد بها فى الترقية .
ومن حيث إن محافظ اسوان هو وحده صاحب الصفة فى الخصومة للاسباب التى قام عليها الحكم الطعين ، ومن ثم فيتعين القضاء بعدم قبول الطعن شكلا بالنسبة إلى من عداه ، لعدم الصفة .
ومن حيث إن الطاعنة تستهدف بدعواها حساب مدة انقطاعها عن العمل ضمن مدة خدمتها ومنحها العلاوات المستحقة عنها والاعتداد بها فى الترقية .
ومن حيث إنه يتعين الإشارة بادئ الرأى – إلى أنه طبقا لقضاء الدائرة المنصوص عليها فى الماة 54 مكررا من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 ، معدلا بالقانون رقم 136 لسنة 1984 ، فى حكمها الصادر بجلسة 2/3/1986 فى الطعن رقم 395 / 27 القضائية عليا ، فإن اعمال قرينة الاستقالة الحكمية فى حق العامل واعتبار خدمته منتهية قانونا من تاريخ انقطاعه عن العمل ، دون صدور قرار بذلك ، منوط بأن يكون قد تم انذار العامل كتابة على الوجه المبين قانونا ، وبالا تكون الإجراءات التأديبية قد اتخذت ضده خلال الشهر التالى لانقطاعه عن العمل ، بحيث إذا لم يتم هذا الإنذار الكتابى او اتخذت الإجراءات التأديبية ضد العامل خلال الشهر التالى لانقطاعه ، ما جاز اعتبار خدمته منتهية قانونا من تاريخ انقطاعه ، ومقتضى ذلك ولازمه هو اعتبار رابطة التوظف قائمة منتجة لآثارها ، على الوجه الذى حدده القانون وابانت النصوص احكامه .
ومن حيث إن علاقة الموظف بالحكومة علاقة تنظيمية تحكمها القوانين واللوائح ولا مجال فى استفادة العامل من المزايا الوظيفية المقررة للقياس او الاجتهاد فى التفسير امام نصوص صريحة .
ومن حيث إن المادة 36 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة ، المشار إليه ، تنص على أنه " مع مراعاة استيفاء العامل لاشتراطات شغل الوظيفة المرقى إليها ، تكون الترقية من الوظيفة التى تسبقها مباشرة فى الدرجة والمجموعة النوعية التى تنتمى إليها وتنص المادة 41 من ذات القانون على أنه يستحق العامل العلاوة الدورية المقررة لدرجة وظيفته التى يشغلها وتستحق العلاوة الدورية فى أول يوليو التالى لانقضاء سنة من تاريخ التعيين أو من تاريخ استحقاق العلاوة الدورية السابقة ، وتنص المادة 74 / 1 من القانون المشار إليه على أنه " إذا انقطع العامل عن عمله يحرم من اجره مدة غيابه وذلك مع عدم الاخلال بالمسئولية التأديبية " هذا وقد عددت المادة 80 من ذات القانون الجزاءات التأديبية التى يجوز توقيعها على العامل ومن بينها تأجيل موعد استحقاق العلاوة أو الحرمان من نصفها ، وتأجيل الترقية عند استحقاقها لمدة لا تزيد على سنتين .
ومن حيث إن هذه المحكمة سبق وأن قضت بأن البين من سياق النصوص المشار إليها ان المشرع لم يربط بين استحقاق العلاوة والترقية وبين مباشرة العمل فعلا ومن ثم فلا يجوز الاجتهاد فى استحداث شرط إداء العمل فعلا لاستحقاق العلاوة أو الترقية عند استيفاء شروط استحقاق أى منهما ، طالما خلت النصوص من مثل هذا الشرط ، إذ يمثل قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة ، دستور الوظيفة العامة الذى يحكم علاقة الموظف بالدولة ، ولا يتأتى سلب حق من حقوقه أو اسقاطه او الزامه بواجب إلا على مقتضى نصوصه الصريحة وعلى هذا يضحى القول بعدم حساب مدة انقطاع العامل ضمن المدة المتطلبة للترقية واستحقاقه العلاوة ، هو حرمان منهما فى غير الأحوال المحددة قانونا ، بل هو بمثابة الجزاء التأديبي فى غير موضعه وممن لا يملك توقيعه والأصل فيما تقدم كله انه طالما ان العلاقة الوظيفية مازالت قائمة فلا مفر ولا محيص من ترتيب آثارها واعمال مقتضاها فلا تنتزع مدد منها او يتهاوى الحق فيها إلا أن يقضى بذلك نص صريح فى القانون ومن حيث إن الثابت بالأوراق ان الطاعنة انقطع عن عملها المدة من 1/9/1977 حتى 3/10/1981 دون أن يتم انذارها كتابة على الوجه المحدد قانونا أو تتخذ ضدها الإجراءات التأديبية خلال الشههر التالى لانقطاعها ومن ثم فلا مجال لأعمال قرينة الاستقالة الحكمية المنصوص عليها بالمادة 98 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة فى حقها واعتبار خدمتها منتهية قانونا بناء عليها ، انما تظل رابطة التوظف قائمة بين الطاعنة وجهة عملها منتجة لآثارها على الوجه الذى حدده القانون وابانته نصوصه ، حسبما سلف بيانه ومقتضاها ولازمها حساب مدة انقطاعه ضمن مدة خدمتها ومنحها العلاوات الدورية المستحقة عنها قانونا ، والاعتداد بها فى الترقية دون استحقاق المرتب أو أى من توابعه الأخرى بحسبان أنها لم تؤد عملا خلال تلك المدة يتوافر معه سند هذا الاستحقاق وإذ ذهب الحكم الطعين إلى خلافه فإنه يكون خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه وتأويله مما يتعين معه القضاء بإلغائه وبأحقية المدعية فى حساب المدة من 1/9/1977 حتى 3/10/1981 ضمن مدة خدمتها ، على ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام جهة الإدارة المصروفات .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفى موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبقبول الدعوى شكلا بالنسبة إلى محافظ اسوان وفى الموضوع باحقية المدعية فى حساب المدة من أول سبتمبر سنة 77 حتى 3 من أكتوبر سنة 1981 ضمن مدة خدمتها وما يترتب على ذلك من آثار على النحو المبين بالأسباب والزمت الجهة الإدارية المصروفات .