الطعن رقم 2250 لسنة 29 بتاريخ 28-12-1991

_____________________

المحكمة

بعد الإطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة .

من حيث إن الطعن الماثل قد استوفى أوضاعه الشكلية .

ومن حيث إن عناصر المنازعة الراهنة تتحصل – حسبما تدلى بها اوراقها فى أن الطاعنة ........ اقامت الطعن رقم 78 لسنة 9 ق ضد وزير التربية والتعليم ومحافظ المنيا ومدير عام االتربية والتعليم بالمنيا ورئيس الوحدة المحلية لمركز ومدينة ديرمواس بإيداع صحيفته قلم كتاب المحكمة التأديبية باسيوط بتاريخ 19/7/1982 طالبه الحكم بقبوله شكلا وفى الموضوع بإلغاء قرار الجزاء رقم 21 لسنة 1982 مع ما يترتب على ذلك من آثار على سند من القول بأنه بتاريخ 6/4/1982 اعلنت بالقرار المطعون فيه الصادر من رئيس الوحدة المحلية لمركز ومدينة ديرمواس بمجازاتها بخصم عشرة أيام من راتبها وحرمانها من راتبها عن يومى 9 و 10 من مارس 1982 وندبها بصفة مؤقتة للإدارة التعليمية لمركز ديرمواس مع اخطار توجيه التعليم الاعدادى لاتخاذ إجراءات نقلها بعيدا عن مدرسة بنى سالم فتظلمت منه فى ذات التاريخ وفى 4/5/ و 26/5/1982 ، دفعت الطاعنة على القرار المطعون فيه بمخالفته القانون واستناده إلى وقائع غير صحيحة وصدوره مشوبا بالغلو وعدم التناسب فضلا عن إهدار حقها بعدم سماع دفاعها فضلا عن انطوائه على جزاء تأديبى آخر مقنع ليس له مبررا وهو ابعادها عن التدريس رغم حصولها على مؤهل عالى تربوى وندبها للإدارة التعليمية لمركز ديرمواس ، ودفع الحاضر عن جهة الإدارة اصليا بعدم قبول الطعن لرفعه على غير ذى صفة بالنسبة للمطعون ضدهم الثلاثة الأول واحتياطيا طلب رفض الطعن .

وبجلسة 7/4/1983 قضت المحكمة التأديبية بأسيوط بعدم قبول الطعن فى مواجهة المطعون ضدهم الثلاثة الأول لرفعه على غير ذى صفة ، وبقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا وشيدت المحكمة قضاءها برفض الطعن على أن القرار المطعون فيه قد صدر بمجازاة الطاعنة بخصم عشرة أيام من راتبها لما نسب إليها من انصرافها يومى 9 / 10 من مارس 1982 دون اذن أو عذر ولابدائها سلوكا شاذا لا يليق بالعملية التعليمية بتوجيه اهانات والفاظ نابية لبعض العاملين من زملائها فى وجود المحقق بالإضافة إلى اتهامها بالاستيلاء على آلة تصوير تخص أحد تلاميذ المدرسة وأنه قد استبان صحة ما نسب إليها من أقوال ناظر المدرسة ووكيلها وسكرتيرها وأمين المعمل وقد رفضت الطاعنة الإدلاء باقوالها فى التحقيق دون سبب وبهذا يكون القرار المطعون فيه قد استند إلى اسباب سائغة تطمئن المحكمة إلى توافقها ومتطلبات الصالح العام وحسن سير المرفق على نحو يقتضى مساءلتها على الوجه الذى انتهت إليه جهة الإدارة .

ومن حيث إن ذلك الحكم لم يلق قبولا لدى الطاعنة فبادرت بالطعن الماثل عليه مؤسسة طعنها على مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون وخطئه فى تطبيقه وتأويله فضلا عن قصور فى التسبيب وفساده فى الاستدلال إذ صدر قرار مجازاتها دون التصدى لعدم مشروعيته لصدوره ممن لا يملك اصداره ولا يختص بتوقيع الجزاء وهو رئيس الوحدة المحلية لمركز ومدينة ديرمواس وعلى خلاف ما يقضى به قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة من أن الاختصاص بتوقيع الجزاء بالخصم من المرتب يكون لشاغلى الوظائف العليا وما عدا ذلك يكون للسلطة المختصة ، ومصدر القرار ليس شاغلا لوظيفة من الوظائف العليا فضلا عن تجاوز القرار المطعون فيه الحدود المقررة قانونا بتضمنه ندب ثم نقل الطاعنة للإدارة التعليمية وقد بنى على تحقيق فاسد اغفلت فيه الضمانات القانونية واتسم بعدم الحيدة واسقط تحقيق واقعة خطيرة نسبت إليها باستيلائها على آلة تصوير لأحد التلاميذ فلم يتم سؤالها بشأنها وقد خلا القرار من التسبيب .

ومن حيث إن الثابت من مراجعة الأوراق انه نسب إلى الطاعنة انصرافها من عملها بدون اذن يومى 9 و 10 من مارس 1982 وإبداؤها سلوكا شاذا لا يليق بالعملية التعليمية بتمثل فى توجيها اهانات والفاظ نابية لبعض العاملين من زملائها فى وجود المحقق واستيلائها على آلة تصوير تخص أحد تلاميذ المدرسة التى تعمل بها ، وأن جهة الإدارة أجرت تحقيقا انتهت فيه إلى ثبوت ما تقدم فى حق الطاعنة ، فصدر القرار المطعون فيه رقم 21 لسنة 1982 فى 16/3/1982 من رئيس مركز ديرمواس بحرمانها من راتبها عن اليومين المذكورين ومجازاتها بخصم عشرة أيام من راتبها لما نسب إليها وندبها لديوان الإدارة التعليمية بصفة مؤقتة واخطاره توجيه العلوم بالتعليم الاعدادى باتخاذ إجراءات نقل الطاعنة .

ومن حيث إن القرار المطعون فيه رقم 21 لسنة 1982 بمجازاة الطاعنة قد صدر من رئيس الوحدة المحلية لمركز ديرمواس بتفويض من محافظ المنيا الصادر بالقرار رقم 269 لسنة 1986 ، لرؤساء الوحدات المحلية للمراكز كل فى دائرة اختصاصه فى اصدار القرار بحفظ التحقيق وتوقيع الجزاء بالإنذار أو بالخصم من المرتب فيما لا يجاوز ثلاثين يوما فى السنة وبحيث لا تزيد مدته فى المرة الواحدة عن خمسة عشر يوما .

ومن حيث إن القاعدة فى مجال القانون العام انه إذا ناط القانون بسلطة معينة اختصاصا ما فلا يجوز لها أن تنزل عنه أو تفوض غيرها فيه إلا أذا اجاز القانون لها ذلك لأن هذه الاختصاصات اعمالا خاصة يملك المنوط بها التصرف فيها وانما هى اعمال الدولة ، وقد عنيت القوانين واللوائح بالسلطات المختصة بها ونظمت طريقة ادائها ، وإذ كانت ولاية التأديب معقودة اصلا للجهات الرئاسية للموظف بمقتضى حقها فى الاشراف والرقابة على اعماله فإنه لا يجوز – تبعا لذلك – لمن كان له سلطة حقها فى الاشراف والرقابة على اعماله فإنه لا يجوز – تبعا لذلك – لمن كان له سلطة تأديبية معينة أن يفوض غيره فى مزاولتها بغير نص قانونى خاص يجيز له التفويض فى ممارسة هذا الاختصاص بالذات وذلك لما للسلطة التأديبية من طبيعة خاصة حدت بالمشرع إلى قصر مزاولتها على سلطات معينة يمتنع التفويض فيها إلا بنص خاص .

ومن حيث إنه ولئن كان قانون الحكم المحلى رقم 43 لسنة 1979 المعدل بالقانون رقم 50 لسنة 1981 قد خول المحافظ سلطة تأديبية على جميع العاملين بفروع الوزارات والمصالح القائمة داخل النطاق الاقليمى للمحافظة ، كما اجاز له تفويض بعض سلطاته واختصاصاته إلى رؤساء الوحدات المحلية ، إلا أنه لما كانت اللائحة التنفيذية لذلك القانون والصادرة بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 707 لسنة 1979 والمعدلة بالقرار رقم 314 لسنة 1982 قد عنيت بتحديد نطاق هذا التفويض فى شئون الوحدات المحلية ، ومن ثم فلا يجوز للمحافظ أن يفوض رؤساء الوحدات المحلية فى توقيع الجزاءات التأديبية على العاملين بفروع الوزارات والخدمات الواقعة فى النطاق الأقليمى لهذه الوحدات إذ انهم غير مرؤسين لرؤساء الوحدات المحلية من ناحية ولان التفويض فى مجال التأديب لا يجوز إلا بنص خاص من ناحية أخرى وهو ما لم تقض به نصوص القانون الذى منح المحافظ اختصاصا اصيلا فى تأديب العاملين فى نطاق المحافظة ولم يجز له التفويض فيه .

ومن حيث إنه استنادا على ما سبق يكون القرار المطعون فيه والصادر بمجازاة الطاعنة غير مشروع لمخالفته للقانون بما يجعله خليقا بالإلغاء .

ومن حيث إنه بالإضافة لما تقدم فإن ما نسبته جهة الإدارة للطاعنة من أمور كانت ركيزة مساءلتها غير ثابت فى حقها فواقعة انصرافها من عملها دون اذن او عذر يومى 9 و 10 من مارس 1982 بحسبانها من قبيل الأخلال بواجبات الوظيفة قد جاء بالأوراق ما يدحضها إذ الثابت بها أن الطاعنة قد تقدمت بطلب لناظر المدرسة التى تعمل بها فى 9/3/1982 اورت بها انها حضرت صباح ذلك اليوم للمدرسة ووقعت بدفتر الحضور غير انه انتابها اعياء دعاها لطلب تحويلها لاقرب وحدة صحية لتوقيع الكشف الطبى عليها وتقرير مدة الراحة اللازمة لها فى ضوء حالتها المرضية كما عاودت الطاعنة التقدم لناظر المدرسة فى اليوم التالى الموافق 10/3/1982 بطلب له لاحتساب اليومين اجازة عارضة لما واجهته خلالهما من متاعب وظروف غير أن المذكور لم يلق بالا لذلك مما جعلها تبادر بارسال برقية لوزير التربية والتعليم فى 11/3/1982 تشكو له فيها سوء معاملة المسئولين لها بالمدرسة رغم حضورها وانتظامها ، وعلى ذلك فلا يمكن القول – باتباعها ما سلف – قد اخلت بمقتضيات وظيفتها بان انقطعت عن عملها – دون اذن أو عذر – فى اليومين المشار إليهما .

أما عن الأمر الثانى الذى نسب للطاعنة وهو ابدائها سلوكا شاذا لا يليق بالعملية التعليمية يتمثل فى توجيهها اهانات والفاظ لبعض العاملين من زملائها فقد اجدبت أوراق الطعن الماثل مما ينهض دليلا على ذلك ومن ثم يخلو هذا الاتهام من دليل اسناد يبرره فى حق الطاعنة الأمر الذى يتعين لالتفات عنه .

ومن حيث إنه عن الأمر الثالث الذى نسب للطاعنة من استيلائها على آلة تصوير تخص أحد تلاميذ المدرسة التى تعمل بها ، فإن الأوراق تذهب إلى عكس ذلك ، إذ بها ما يفيد أن الطاعنة قد بادرت بالشكلية لناظر المدرسة من محاولة أحد التلاميذ التقاط صور فوتوغرافية لها بآلة تصوير كانت معه مما حدا بها إلى أخذها منه – فور ذلك – وتسليمها لناظر المدرسة بمقتضى ايصال منه قدمته بعد ذلك للمحقق ثم شفعت ذلك بشكوى قدمتها لمدير الإدارة التعليمية وسطرت فيها ظروف الواقعة المشار إليها وتمت إحالة تلك الشكوى لإدارة الشئون القانونية بالإدارة ، وبالتالى فليس ثمة ما تؤخذ به الطاعنة فى هذا المقام .

ومن حيث إنه لما سلف يكون القرار المطعون فيه رقم 21 لسنة 1982 قد جاء مفتقرا لما يبرره من أسباب قانونية مما يجعله مخالفا القانون جديرا بالغائه .

ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد خالف النظر السابق حين قضى برفض الطعن المقام من الطاعنة ومن ثم وجب القضاء بالغائه ، وبإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثاره .

 

 

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا ، وفى موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه ، وبإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار .