جلسة 26 من يونيه سنة 1993
برئاسة السيد المستشار / محمد محمود الدكرورى نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السادة الأساتذة / محمد مجدى محمد خليل وأحمد حمدى الأمير والسيد محمد العوضى ومحمد عبد الحميد مسعود المستشارين
الطعن رقم 1316 / 1483 لسنة 36 القضائية
طبقا لنص المادة ( 12 ) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1973 يقدم التظلم إلى الهيئة الإدارية التى اصدرت القرار أو إلى الهيئات الرئاسية – عبارة الهيئات الرئاسية الواردة بالنص عبارة عامة تشمل الهيئة الرئاسية للجهة التى يتبعها العامل المتظلم – التظلم إلى رئيس مجلس إدارة الهيئة التى يتبعها العامل يغنى عن التظلم إلى رئيس مجلس الوزراء مصدر القرار المطعون فيه – تطبيق .
إجراءات الطعن
فى يوم الاربعاء الموافق 14/3/1990 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن رئيس مجلس الوزراء ، ورئيس مجلس إدارة هيئة النقل العام بالقاهرة قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 1316 لسنة 36 القضائية فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة بجلسة 25/1/1990 فى الدعوى رقم 2100 لسنة 41 ق .
وطلب الطاعنان – للأسباب الواردة فى تقرير الطعن – الحكم بقبول الطعن شكلا وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه ، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض الدعوى مع إلزام المطعون ضدهم المصروفات ، ومقابل اتعاب المحاماة عن الدرجتين .
وتم إعلان صحيفة الطعن إلى المطعون ضدهم .
وفى يوم الاثنين الموافق 26/3/1990 اودع الاستاذ / ............ المحامى بصفته وكيلا عن ..................... قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 1483 سنة 36 القضائية فى ذات الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى السالف الاشارة إليه وطلب الطاعن – للأسباب الواردة فى تقرير الطعن – الحكم بقبول طعنه شكلا وفى موضوعه بإلغاء الحكم فيه ، والقضاء ( اصليا ) بعدم قبول الدعوى ، و( احتياطيا ) برفضها مع إلزام المدعين فى أى من الحالتين – بالمصروفات .
وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريرا مسببا بالرأى القانونى فى الطعنين ، أرتأت فيه الحكم بقبول الطعنين شكلا ، وفى الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه ، والقضاء بإلغاء القرار المطعون فيه الغاء مجردا مع ما يترتب على ذلك من آثار ، وإلزام الطاعنين المصروفات .
وتعين لنظر الطعنين امام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 28/10/1991 حيث قررت الدائرة ضم الطعنين الماثليين رقمى 1316 لسنة 364 ق ، 1483 لسنة 36 ق ليصدر فيها حكم واحد ، ثم بجلسة 8/6/1992 قررت إحالة الطعنين إلى المحكمة الإدارية العليا ( الدائرة الثانية ) وحددت لنظرهما جلسة 11/7/1992 – وبعد أن استمعت المحكمة إلى المرافعة وما رأت لزومه من ايضاحات ، وتداول نظر الطعنين بالجلسات على النحو الثابت بمحاضرها قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم واودعت مسودته المشتملة على اسبابه لدى النطق به .
المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق وسماع المرافعة ، وبعد المداولة .
ومن حيث أن الطعنين قد استوفيا أوضاعهما الشكلية فإنهما يكونان مقبولين شكلا .
ومن حيث أن عناصر هذه المنازعة تخلص – حسبما يبين من الأوراق – فى أنه بتاريخ 2/2/1987 أقام المدعون ................... ، ............................. ، .............................. ، .....................، .............................. بقطر ضد رئيس مجلس الوزراء ، ورئيس مجلس إدارة هيئة النقل العام بالقاهرة الدعوى رقم 2100 لسنة 41 أمام محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة دائرة الترقيات طالبين فى ختامها الحكم بإلغاء قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1090 لسنة 1986 فيما تضمنه من تخطيهم فى الترقية إلى درجة مدير عام المخازن العمومية والمشتريات بهيئة النقل العام بالقاهرة : وما يترتب على ذلك من آثار وقال المدعون تبيانا لدعواهم أنهم حائزون على بكالوريوس الهندسة ، ويشغلون وظائف بالدرجة الأولى بالمجموعة النوعية لوظائف الهندسة ، وبمقتضى القرار رقم 89 سنة 1981 المؤرخ 18/2/1981 رقوا إلى الدرجة الأولى وكان قد رقى معهم بذات القرار بترتيب احدث منهم جميعا المهندس .............. وهو حاصل على بكالوريوس الهندسة عام 1966 ، وكان يعمل بوظيفة مهندس ميكانيكا أول بفرع نصر ثم انتدب بمقتضى القرار رقم 90 لسنة 1981 مديرا عاما للإدارة العامة لفرع نصر ، ثم فى 15/9/1986 صدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1090 لسنة 1986 ( المطعون فيه ) بتعيينه وهو الأحدث من المدعيين جميعا مديرا عاما للمخازن العمومية والمشتريات بهيئة النقل العام بالقاهرة بدرجة مديرا عاما ، استنادا إلى أنه كان منتدبا لشغل هذه الوظيفة .
واستطرد المدعون قائلين إنهم تظلموا من القرار المطعون فيه إلى رئيس مجلس إدارة هيئة النقل العام بالقاهرة وذلك فى 1/11/1986 ذاكرين أنهم اقدم من المطعون على ترقيته فى شغل وظائف بالدرجة الأولى ، ولا يقلون عند كفاية ، وان ندبه للوظيفة المرقى إليها لا يمنحه أفضلية فى الترقية إليها ، وكذلك بالنسبة إلى سبق ممارسته لوظائف قيادية ، فضلا عن أن المهندسة المرقى قد فشل فى اجتياز التدريب الذى نظمه الجهاز المركزى للتنظيم والإدارة – وخلص المدعون فى دعواهم إلى أن القرار الطعين مشوب بالبطلان لمخالفته القانون وانتهوا إلى الطلبات السالفة البيان ، وقدموا تأييدا لدعواهم حافظتى مستندات .
وبصحيفة معلنة إلى الخصوم فى 23 / 9 / 28 / 10 ، 17 / 11 / 1987 طلب .............................. ( المطعون فى ترقيته ) قبول تدخله انضماما للمدعى عليه الثانى " رئيس مجلس إدارة هيئة النقل العام بالقاهرة فى الدعوى ورفض الدعوى مع إلزام المدعين بالمصروفات واتضح بأن الترقية تمت بالاختيار ، وان مرد اختياره هو الكفاءة التى اكتسبها من تلقيه العديد من الدورات التدريبية داخليا وخارجيا ، ومن ندبه من قبل لشغل الوظيفة المطعون على ترقيته إليها ولممارسته كذلك لوظائف قيادية أخرى – وقدم الحاضر عنه ثلاث حوافظ مستندات .
وردت الهيئة المدعى عليها على الدعوى بمذكرة ورد بها أن المدعين لم يطعنوا على القرار باساءة استعمال السلطة او الانحراف بها ، وان طعنهم انحصر على مجال المفاضلة بين المدعين والخصم المتدخل – وهو تترخص فيه الإدارة بالإضافة إلى ان المطعون على ترقيته يفوق المدعين من حيث الخبرة فى مجال العقود – وإختتمت الإدارة ردها بطلب رفض الدعوى .
وبجلسة 25/1/1990 حكمت محكمة القضاء الإدارى
أولا : بقبول تدخل المهندس / .......................... خصما منضما للجهة الإدارية فى الدعوى .
ثانيا : بقبول الدعوى شكلا ، وفى الموضوع بالغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من تخطى المدعين فى الترقية إلى مدير عام المخازن والمشتريات بدرجة مدير عام بهيئة النقل العام بالقاهرة ، ومع ما يترتب على ذلك من آثار ، والزمت الجهة الإدارية المصروفات .
واقامت المحكمة قضاءها بذلك على أن الإدارة المدعى عليها لم تجحد تقديم المدعين لتظلاماتهم من القرار المطعون فيه بتاريخ 28/10 ، 1/11/1986 ووصولها إلى رئيس مجلس إدارة هيئة النقل العام أو انها ردت على هذه التظلمات وفى خلال الستين يوما التالية لوردها إليه ، وانه لا جدال فى أن الجهة الإدارية مصدره القرار فى الحالة المعروضة هى هيئة النقل العام بالقاهرة وأن التظلم إلى رئاستها يعتبر تظلما إلى الجهة الإدارية مصدره القرار وان قضاء المحكمة الإدارية العليا قد توسع فى تحديد الجهة التى يعتبر التظلم إليها منتجا كمفوض الدولة وديوان المظالم ولذلك فلا مشاحة أن يكون تظلم المدعين قدم إلى رئيس مجلس إدارة هيئة النقل العام دون رئيس مجلس الوزراء مصدر القرار المطعون فيه – وخلص الحكم المطعون فيه إلى أنه إذ صدر القرار الطعين فى 15/9/1986 ، وتظلم منه فى 28/10 ، 10/11/1986 وأقيمت الدعوى فى 2/2/1987 فيكون الدفع المبدئ من الخصم المتدخل بعدم قبول الدعوى شكلا متعينا رفضه والقضاء بقبول الدعوى ، واضاف الحكم الطعين قائلا بعد استعراض نص المادة 37 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1987 أنه يبين من الأوراق أن المدعين جميعا أقدم من المدعى فى ترتيب أقدمية الدرجة الأولى بمجموعة الوظائف الهندسية وانهم لا يقلون كفاءة عنه كما أن تكليف الجهة الإدارية لأحد عامليها من فئة معينة بالاشتراك فى لجان معينة أو ايفاده للخارج لحضور تدريبات معينة أو حضور مؤتمرات ليس من شأنه بذاته أن يرجح امتيازه عن بقية زملائه من ذات الفئة وفى مجال الترقية بالاختيار ، كذلك فإن مثل هذه التكليفات قد تلمح بإيثاره عن زملائه بما تدره هذه اللجان والمؤتمرات على العامل من مزايا مادية .
كما أنه لم يثبت أن أحد من زملائه قد فشل فى اداء ما كان يكلف به المطعون فى ترقيته فى هذه المؤتمرات واللجان بل أن السبب الذى ذكرته الجهة الإدارية على النحو السالف البيان هو مبرر يسهل على الجهة الإدارية اصطناعه حال اتجاه نيتها للترقية بغيا على حقوق الأقدم بغير ضابط يمكن للقضاء مراقبة حسن استخدامه وخلص الحكم المطعون عليه إلى أن القرار المطعون فيه خالف القانون بتخطى المدعين وترقية ................ إلى درجة مدير عام المخازن والمشتريات بهيئة النقل العام بالقاهرة مما يتعين معه الغاؤه فيما تضمنه من هذا التخطى وانتهى إلى القضاء المطعون عليه .
ومن حيث أن الطعن رقم 1316 لسنة 36 ق المرفوع من رئيس مجلس الوزراء ، ورئيس مجلس إدارة هيئة النقل العام يقوم على اسانيد حاصلها أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه وتأويله لان المستفاد من نص المادة 37 من القانون رقم من القانون رقم 47 لسنة 1978 المعدل بالقانون رقم 115 سنة 1983 هو أنه فى مجال الترقية للوظائف العليا يستهدى بما يبديه فيه الرؤساء بشأن المرشحين لشغل هذه الوظائف وبما ورد فى ملفات خدمتهم من عناصر الامتياز ، وأن الإدارة تترخص فى إضافة بعض الضوابط التى تحكم اختيارها بما لا يتعارض مع أحكام القانون وعليه فقد وضعت الجهة الإدارية الضوابط التالية ، ضرورة الحصول على مؤهل عال مناسب ، قضاء مدة قدرها سنتان فى وظيفة من الدرجة الأدنى مباشرة ، اختيار البرامج التدريبية فى مجال الإدارة ، القدرة على القيادة والتوجيه واستطرد تقرير الطعن قائلا أن المطعون على ترقيته قد استوفى هذه الشروط وعلى الأخص التدريب على أعمال العقود والمشتريات والمخازن ، والقدر على القيادة والتوجيه بشأنها وانه تلقى العديد من الدورات التدريبية اللازمة لشغل الوظيفة التى رقى عليها وهو ما لم يتوفر فى المطعون ضدهم فضلا عن اشتراكه فى العديد من اللجان ، وممارسته لأعمال المفاوضات التعاقدية مع المسئولين بالشركات التى تتعامل الهيئة معها فى كل من دولتى المانيا وأسبانيا ، فضلا عن أن المطعون على ترقيته قد ندب إلى الوظيفة المرقى إليها مما يجعله فى مركز متميز عن زملائه واكثرهم صلاحية لشغل الوظيفة محل الطعن وأضاف الطعن أن الحكم الطعين محقق الالغاء ويترتب على تنفيذه نتائج يتعذر تداركها بما يؤدى إلى زعزعة فى مراكز العاملين الوظيفية لذا انتهى إلى الطلبات السالف ذكرها .
( م 23 – مجلس الدولة 38 / ج 2 )
ومن حيث أن الطعن رقم 1483 لسنة 36 ق عليا المقام من ......................... الخصم المتدخل منضماً للإدارة ينهض على سند من القول بأن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطا فى تطبيقه وتأويله .
( اولا ) بقضائه بقبول الدعوى شكلا وبمقولة أن المدعين لم يتظلموا لا إلى مصدر القرار ( رئيس مجلس الوزراء ) ولا إلى الوزير المختص وزير الحكم المحلى ، ولا إلى محافظ القاهرة وانما وجهوا تظلاماتهم إلى رئيس مجلس إدارة هيئة النقل العام بالقاهرة وبالتالى تكون دعواهم قد رفعت دون تقديم التظلم الصحيح الذى يحدث أثره القانونى وبالتالى فإن الدعوى خليقة بعدم القبول شكلا .
( ثانيا ) أن الغاء القرار المطعون فيه لا يقوم على أساس سليم من القانون لان هذا القرار خال من عيوب عدم المشروعية ويتفق وحكم المادة ( 33 ) من اللائحة الداخلية للهيئة التى تنص على أن تكون الترقية لوظائف الدرجات العليا بالاختيار وذلك على أساس بيانات تقييم الإداء وما ورد فى ملفات الترقية من عناصر الامتياز – وأن المطعون على ترقيته يفضل المدعيين لاجادته اللغتين الانجليزية والفرنسية وتقارير كفايته طيلة خدمته " ممتاز " بينما يوجد من المدعين من حصل على تقارير كفاية بمرتبة ضعيف أو متوسط فى سنوات متفرقة ، كما وقعت عليهم جزاءات قبل الثلاث سنوات السابقة على الترقية بينما لم يوقع على المطعون فى ترقيته أى جزاء ، ولم يحصل أى من المدعين على العقود والمشتريات التى عقدت بالجهاز المركزى للتنظيم والإدارة بينما حضرها المطعون على دورة ترقيته فى الفترة من 6/4/1985 إلى 24/4/1985 متقدما ببحث فى نهاية الدورة وحصل بذلك على درجة المواظبة والبحث ، ولم يحصل على درجة الامتحان التحريرى لمصادفة هذه الفترة مع تكليفه من قبل رئيس مجلس الإدارة بحضور لجان فحص العروض المقدمة فى المناقصة العالمية الخاصة باستيراد المينى باص وحضوره لجنة البت واجتماع مجلس الإدارة هذا وعلى خلاف المدعين فقد المينى باص وحضوره لجنة البت واجتماع مجلس الإدارة هذا وعلى خلاف المدعين فقد شارك المطعون على ترقيته فى العديد من لجان فض المظاريف وفحص وتحليل العطاءات والعروض ولجان البت طيلة السنوات السابقة على قرار ندبه للوظيفة التى رقى إليها – وكل ما كلف به لم يكن مرجعه الإيثار على زملائه وانما منطلقة من ما يتمتع به من مزايا وقدرات وأجادة اللغات الأجنبية مما لا يتمتع به زملائه الطاعنون ، وعليه تكون الإدارة قد أجرت مفاضلة حقيقية وجادة بين المرشحين للترقية المطعون عليها واختارت الاكفاء لشغل الوظيفة المطعون على الترقية اليها وبالتالى يكون قرارها الطعن خاليا من عيوب عدم المشروعية – وانتهى الطاعن إلى طلباته السالف الذكر .
ومن حيث أنه عن الدفع بعدم قبول الدعوى لتقديم التظلم من القرار المطعون فيه إلى رئيس مجلس إدارة الهيئة وليس إلى رئيس مجلس الوزراء مصدره أو إلى وزير الحكم المحلى المختص أو محافظ القاهرة فإإن قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 يقضى فى مادته ( 12 ) بوجوب التظلم من مثل القرار المطعون فيه إلى الهيئة الإدارية التى اصدرت القرار أو إلى الهيئات الرئاسية وعبارة النص من " الهيئات الرئاسية " من العموم بحيث تشمل الهيئة الرئاسية التى يتبعها العامل المتظلم ومن ثم فلا يسوغ الادعاء بأن التظلم المقدم من العامل لرئيس الهيئة التى يتبعها من تخطيه فى الترقية بهذه الجهة هو تظلم مقدم إلى جهة غير مختصة بل أنه يصبح فى مقامه وينتج أثره القانونى بحسبان ما تقدم وما يؤدى إليه من اتصال علم الهيئة الرئاسية بالتظلم وباتاحة الفرصة لها لفحص واتخاذ قرارها فيه بالقبول أو بالرفض واستكمال ما يقتضيه الأمر من إجراء ومن ثم يكون الدفع بعدم قبول الدعوى شكلا فى غير محله متعينا رفضه .
ومن حيث أن المادة 37 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 تنص على أن تكون الترقية لوظائف الدرجتين الممتازة والعالية بالاختيار وذلك على أساس بيانات تقييم الاداء وما ورد فى ملفات خدمتهم من عناصر الامتياز .. ويشترط فى الترقية بالاختيار أن يكون العامل حاصلا على مرتبة ممتاز فى تقرير الكفاية عن السنتين الاخيرتين ويفضل من حصل على مرتبة ممتاز فى السنة السابقة مباشرة ، وذلك مع التقيد بالاقدمية فى ذات مرتبة الكفاية . ويشترط فى حالات الترقية بالاختيار ان يختار العامل بنجاح التدريب التى تتيحه له الوحدة التى يعمل بها بالاتفاق مع الجهاز المركزى للتنظيم والإدارة . وفحوى هذا النص انه يشترط فى الترقية بالاختيار حصول العامل على تقريرى كفاية بمرتبة ممتاز فى السنتين السابقتين على الترقية وأن يجتاز بنجاح ما أتيح له من برامج تدريب ، وانه لا يجوز تخطى الأقدم بالاحدث إلا إذا كان الاحدث أكثر كفاءة ومع مراعاة استيفاء العامل لاشتراطات شغل الوظيفة المرقى إليها وتكون الترقية من الوظيفة التى تسبقها مباشرة فى الدرجة والمجموعة النوعية التى تنتمى إليها .
ومن حيث أن قضاء هذه المحكمة جرى على أنه ولئن كان الاصل أن الترقية بالاختيار إلى الوظائف العليا من الملائمات التى تترخص فيها الإدارة إلا أن مناط ذلك توافر اشتراطات شغل الوظيفة المطلوب الترقية إليها على النحو الثابت ببطاقة وصفها وان تتوافر فى المطلوب ترقيته الشروط القانونية التى تطلبها المشرع للترقية بالاختيار كشرط الصلاحية وهو حصول العامل على تقريرين متتاليين بمرتبة ممتاز عن السنتين الأخيرتين ويفضل العامل الحاصل على ثلاث تقارير بمرتبة ممتاز على الحاصل على تقريرين وعند التساوى فى مرتبة الكفاية يرقى الاقدم وهو ما يحقق أن يكون الاختيار قد استمد من عناصر صحيحة مؤدية إلى صحة النتيجة التى ينتهى إليها وأن تجرى مفاضلة حقيقية وجادة بين المرشحين للترقية على أساس ما تحويه ملفات خدمتهم وما يبيديه الرؤساء منهم وذلك للتعرف على مدى تفاوتهم فى مضمار الكفاية بحيث لا يتخطى الأقدم إلا إذا كان الأحدث أكثر كفاية منه وهو أمر تمليه دواعى المشروعية فإذا لم يتم الأمر على هذا الوجه فسد الاختيار وفسد القرار الذى اتخذ على اساسه ، وأنه لا معقب على سلطة الإدارة التقديرية فى مجال الترقية بالاختيار متى خلا قرارها من اساءة استعمال السلطة والانحراف بها ، وانه إذا ابدت الإدارة أسباب تخطى الأقدم بالأحدث فإن هذه الأسباب تخضع لرقابة القضاء الإدارى ، وأنه لا يصح تخطى الأقدم لمجرد أن الأحدث قد صدرت له بعض القرارات بعضوية بعض اللجان .
ومن حيث أن الثابت من الأوراق أن المدعين والمطعون فيه ترقيته رقوا إلى الدرجة الأولى بمجموعة الوظائف الهندسية بمقتضى قرار رئيس مجلس إدارة هيئة النقل العام رقم 89 بتاريخ 18/2/1981 ، وأن المطعون فى ترقيته كان اخر المرقين بهذا القرار تحت رقم 16 بينما المدعى الأخير فى الدعوى المعروضة كان ترتيبه الخامس عشر وأن تقارير كفاية المدعين كانت بمرتبة ممتاز عن الأربع سنوات السابقة على صدور القرار الطعين وهى 82 / 83 ، 83 / 84 ، 84 / 85 ، 85 / 86 .
ومن حيث أن الإدارة قد أوضحت عن اسباب تخطيها المدعين فى الترقية إلى وظيفة مدير عام المخازن العمومية والمشتريات التالى لهم فى ترتيب اقدمية الدرجة الأولى وعزت ذلك إلى أن المرقى اكتسب خبره فى مجال التعاقدات الخارجية والداخلية كما حضر العديد من لجان فحص العروض المقدمة عن قطع غيار وسيارات للهيئة ، كما حصل على تدريبات فى الخارج فى مجال هذه الوظيفة ، اضافة إلى سابقة ندبه لشغلها .
وحيث أن الندب إلى وظيفة لا يكسب الحق فى الترقية إليها كما أن مجرد تكليف الجهة الإدارية لاحد عامليها من فئة معينة بالاشتراك فى لجان أو ايفاده للخارج لحضور تدريبات أو مؤتمرات ليس من شأنه بذاته أن يرجح امتيازه عن بقية زملائه من ذات الفئة فى مجال الترقية بالاختيار ذلك لانه وقد استوفى المدعون والمطعون على ترقيته اشتراطات شغل الوظيفة وتساووا فى مرتبة الكفاية فإنه يتعين التقيد بالقاعدة الأصولية فى نظام التوقف والتى تحكم الترقية بالاختيار وموادها عدم جواز تخطى الأقدم بالاحدث . ولا ينال من ذلك حصول المطعون على ترقيته على خبرة فى مجال التعاقدات الخارجية وحضور المؤتمرات إذ الخبرة عند الترقية بالتأهيل المطلوب لشغل الوظيفة حسب بطاقة وصفها . إذ وضع المشرع قاعدة صريحة مفادها حصول العامل المراد ترقيته على تقرير ممتاز فى السنتين الأخيرتين ويفضل من حصل على مرتبة ممتاز فى السنة السابقة مباشرة فإنه يكون بذلك قد تكفل بتحديد معيار الكفاية فى هذا المجال واسسها وضوابطها ولا حجاج فما اثاره الطعن رقم 1483 سنة 36 ق عليا من أن بعض المدعين قد حصلوا على تقارير كفاية بمرتبة متوسط وضعيف خلال سنوات متفرقة تسبق السنوات الأربع السالفة على قرار الترقية المطعون فيه لأن ذلك ليس مما اعتبره القانون فى تنظيمه لقياس الكفاءة عند الترقية بالاختيار ومن حيث أن تأسيسا على ما تقدم يكون القرار المطعون فيه رقم 1090 سنة 1986 قد خالف القانون وتخطى المدعين وهم جميعا أسبق من المطعون على ترقيته فى ترتيب أقدمية الدرجة الأولى بمجموعة الوظائف الهندسية وانهم لا يقلون كفاءة عنه مما يجعله حقيقا بالالغاء وما يترتب على ذلك من اثار .
وحيث أن الترقية المطعون عليها الصادرة بالقرار رقم 1090 سنة 1986 قد تمت إلى وظيفة معينة وهى مدير عام المخازن العمومية والمشتريات بهيئة النقل العام بالقاهرة ومتى كانت الترقية المتنازع عليها قد تمت إلى درجة واحدة فلا يجوز بطبيعة الحال أن يرقى عليها أكثر من شخص فى وقت واحد وبالتالى فإن مقتضى ذلك عدم امكان ترقية جميع المدعين إلى الوظيفة المتنازع عليها ، ومن يتعين والحال كذلك القضاء بإلغاء القرار المطعون فيه الغاء مجردا مما يترتب عليه من استعادة الجهة الإدارية سلطتها فى إصدار قرار جديد بالترقية متوخية حكم القانون وملتزمة بضوابطه ، وبعد إجراء مقارنة صحيحة بين المتزاحمين على الترقية لاختيار الأحق بها طبقا للقانون .
ومن حيث أنه بناء على ما سبق فإنه يتعين تعديل الحكم المطعون فيه ليضحى القضاء بإلغاء القرار المطعون فيه الغاء مجردا .
وحيث أن من خسر الدعوى يلزم بمصاريفها عملا بنص المادة 184 مرافعات .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعنين شكلا ، وفى الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه ليكون بالغاء قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1090 لسنة 1976 المطعون فيه الغاء مجردا وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام كل طاعن مصروفات طعنه .