جلسة 18 من إبريل سنة 1993
برئاسة السيد الأستاذ المستشار / محمد حامد الجمل رئيس مجلس الدولة
وعضوية السادة الأساتذة / محمد معروف محمد ومحمد عبد الغنى حسن وعبد القادر هاشم النشار
ود . منيب محمد ربيع نواب رئيس مجلس الدولة .
الطعنان رقم 3010 / 328 لسنة 32 / 33 القضائية
صحف – الترخيص بإصدارها ( صحافة ) ( دستور ) المجلس الأعلى للصحافة المواد 47 و 48 و 207 و 208 و 209 و 218 من دستور سنة 1971 – القانون رقم 148 لسنة 1980 بشأن سلطة الصحافة – المشرع الدستورى كفل حرية الرأى والعقد والبحث العلمى وحرية التعبير عنها بأن كفل حرية الطباعة والصحافة والنشر ووسائل الاعلام – كفل المشرع الدستورى حرية ملكية الصحف للاشخاص الاعتبارية العامة والخاصة والأحزاب السياسية – حدد قانون سلطة الصحافة للمجلس الأعلى للصحافة اجلا محددا للبت فى الاخطارات التى تقدم إليه لإصدار الصحف بالموافقة أو الرفض – إذا انقضى الأجل والمحدد بأربعين يوما دون أن يصدر المجلس المذكور قراره برفض إصدار الصحيفة فإن ذلك يعد بمثابة عدم اعتراض منه على إصدار الصحيفة وموافقة ضمنية على إصدارها – يتعين للاعتداد بالاخطار أن يكون مستوفيا للشروط التى تطلبتها المادة 19 من قانون سلطة الصحافة – إذا تخلف فى الاخطار شروط أساسية من الشروط اللازمة لإصدار الصحف ومن بينها شرط ملكية الصحيفة لأحد الأشخاص القانونية التى حددها الدستور والقانون فإنه لا يعتد بهذا الاخطار لعدم تكامل بياناته الجوهرية – انقضاء الفترة التى حددها المشرع على الاخطار والتى تفترض الموافقة لا يتحقق إلا بالنسبة لاخطار مستوف اركانه الاساسية – اثر ذلك : مضى المدة التى حددا المشرع للمجلس المذكور دون أن يبدى ارادة صريحة سواء بالموافقة أو الرفض لا يعد بمثابة عدم اعتراض منه على إصدار الصحيفة أو موافقة ضمنية طالما أن الاخطار غير مستوف اركانه الأساسية – تطبيق .
إجراءات الطعن
فى يوم الثلاثاء الموافق 15/7/1986 أودع الأستاذ / .............. المحامى بصفته وكيلا عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 3010 لسنة 32 ق . ع فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى ( دائرة منازعات الأفراد والهيئات ) بجلسة 20/5/1986 فى الدعوى رقم 1087 لسنة 40 ق والقاضى بقبول الدعوى شكلا وفى الطلب المستعجل بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام المجلس الأعلى للصحافة مصروفات هذا الطلب وإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضى الدولة لتقديم تقرير بالرأى القانونى فى طلب الإلغاء .
وطلب الطاعن للأسباب الواردة فى تقرير طعنه – الأمر بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم برفض الدعوى مع إلزام المطعون ضده بالمصروفات .
وقد أودع الأستاذ المستشار على رضا مفوض الدولة تقريراً بالرأى القانونى مسببا فى الطعن إرتأى فيه الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم برفض الدعوى وإلزام المطعون ضده المصروفات .
وفى يوم السبت الموافق 26/12/1986 أودعت هيئة قضايا الدولة نائبه عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 328 لسنة 33 ق . ع فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى ( دائرة منازعات الأفراد والهيئات ) بجلسة 28/10/1986 فى الدعوى رقم 4238 لسنة ق والقاضى بقبول الأشكال شكلا ، وفى الموضوع بالاستمرار فى تنفيذ الحكم المستشكل فى تنفيذه والصادر لصالح المدعى ( المستشكل ) بجلسة 20/5/1986 فى الدعوى رقم 1087 لسنة 40 ق وإلزام المجلس الأعلى للصحافة المصرفات .
وطلب الطاعن للاسباب الواردة فى تقرير طعنه – الأمر بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه بصفة مستعجلة والحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء أصليا بعدم قبول الدعوى وأحتياطيا رفضها مع إلزام المطعون ضده المصروفات عن درجتى التقاضى .
كما أودع الأستاذ المستشار عادل الشربينى مفوض الدولى تقريراً بالرأى القانونى مسببا فى الطعن إرتأى فيه الحكم بقبول الطعن شكلا ، وفى موضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بإلغاء القرار الإدارى السلبى للجهة الإدارية الطاعنة بالامتناع عن تنفيذ الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى ( دائرة منازعات الأفراد والهيئات ) بجلسة 20/5/1986 فى الشق المستعجل من الدعوى رقم 1087 لسنة 40 ق وإلزام الجهة الإدارية المصروفات .
وقد تم نظر كل من الطعنين أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة على النحو المبين بمحاضر الجلسات ، وبجلسة 20/4/1992 قررت الدائرة ضم الطعن رقم 3010 لسنة 32 ق عليا فى الطعن رقم 328 لسنة 33 ق عليا ليصدر فيهما حكم واحد ، ثم قررت بجلسة 7/12/1992 إحالة الطعنين إلى هذه المحكمة لنظرهما ، فنظرتهما بجلسة 3/1/1993 وفى الجلسات التالية على الوجه المبين بمحاضر الجلسات حتى قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم 18/4/1993 وبهذه الجلسة صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على اسبابه لدى النطق به .
المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق وسماع المرافعة وبعد المداولة .
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية
ومن حيث إن وقائع المنازعة – فيما يتعلق بالطعن رقم 3010 لسنة 32 ق . ع – تتحصل فى أن المطعون ضده ( المدعى ) قد أقام الدعوى رقم 1087 لسنة 40 ق بعريضة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى بتاريخ 9/12/1985 طالبا الحكم بإلغاء القرار الصادر من أمين عام المجلس الأعلى للصحافة برفض التصريح للجمعية المصرية للإعلام الصناعى والاقتصادى بإصدار صحيفة ( الصناعة والاقتصاد ) وفى الموضوع باعتباره الموافقة الضمنية للمجلس الأعلى للصحافة بعدم رده فى الموعد القانونى على الجمعية بخصوص الإخطار بإصدار هذه الصحيفة صحيحة ونافذة مع الزامه بالمصروفات والاتعاب وذلك على سند من القول بأن مجموعة من العاملين فى حقل الصناعة والاعلام أصدرت مجلة تحمل أسم " الصناعة والاقتصاد " وهى مجلة متخصصة فى مجال الصناعة والاقتصاد وبعد أن صدرت خمسة أعداد من المجلة المذكورة طلبت مباحث أمن الدولة تأسيس جمعية لإصدار هذه المجلة المتخصصة وتم بالفعل تأسيس الجمعية المصرية للإعلام الصناعى والاقتصادى التى أشهرت برقم 3263 بتاريخ 2/12/1984 وبموجب الاخطار المؤرخ 12/12/1984 والموثق بالشهر العقارى برقم 4048 ج / 1984 ، وفى ذات الوقت تقدمت الجمعية المذكورة إلى المجلس الأعلى للصحافة بإخطار عن إصدار صحيفة تحمل أسم " الصناعة والاقتصاد " وبتاريخ 15/12/1984 طلب المجلس الأعلى للصحافة من الجمعية موافاته بموافقة جهة العمل التى يعمل بها رئيس التحرير على قيامه برئاسة تحرير الصحيفة . وقامت الجمعية بموافاة المجلس بهذه الموافقة غير أنها لم تتلق أى رد من المجلس سواء بالموافقة أو الرفض ، كما أخطرت الجمعية المجلس ومباحث أمن الدولة بأنه طبقا لحكم المادة ( 15 من القانون رقم 148 لسنة 1980 بشأن سلطة الصحافة فإن عدم الرد عليها خلال أربعين يوما يعتبر بمثابة عدم إعتراض لإصدار العدد الأول من الصحيفة اعتبارا من 1/1/1986 إلا أنها تلقت إخطارا من المجلس بأنه ليس من حق الجمعية إصدار صحيفة إلا إذا اتخذت شكل شركة مساهمة أو جمعية تعاونية ما لم يقرر المجلس الأعلى للصحافة استثناؤها من الشروط المنصوص عليها فى المادتين ( 19 ) من القانون رقم 148 لسنة 1980 ، المادة ( 124 ) من اللائحة التنفيذية لهذا القانون ، وأنه لم يصدر قرار من المجلس باستثناء الصحيفة التى تزمع الجمعية إصدارها .
ونعى المدعى على القرار المطعون فيه الصادر من الأمين العام للمجلس الأعلى للصحافة مخالفته للقانون وصدوره مشوبا بعيب التسعف فى استعمال الحق والانحراف بالسلطة .
وبجلسة 20/5/1986 حكمت المحكمة بقبول الدعوى شكلا وفى الطلب المستعجل بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام المجلس الأعلى للصحافة مصروفات هذا الطلب وإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضى الدولة لتقديم تقرير بالرأى القانونى فى طلب الإلغاء ، وشيدت المحكمة قضاءها على أن المشرع بمقتضى نص المادة 15 من القانون رقم 148 قد منح المجلس الأعلى للصحافة أجلاً محدداً للبت فى الاخطارات التى تقدم إليه لإصدار الصحف بالموافقة أو الرفض بحيث إذا انقضى الأجل المحدد – وهو أربعين يوما – دون أن يصدر قراره بالرفض فإن ذلك يعد بمثابة عدم اعتراض منه على إصدار الصحيفة وموافقة ضمنية على إصدارها ، وأن البادئ من الأوراق أن الجمعية المصرية للإعلام الصناعى والاقتصادى قد تقدمت إلى المجلس الأعلى للصحافة بتاريخ 12/12/1984 بإخطار لإصدار صحيفة تحمل اسم " الصناعة والاقتصاد" وقد مضت المدة التى حددها القانون دون أن يصدر قرار من المجلس سواء بالموافقة أو بالرفض مما يعد بمثابة عدم إعتراض منه على إصدار الصحيفة وموافقة ضمنية منه على إصدارها ، وأنه لا يغير من هذا النظر ما قررته المادة ( 19 ) من القانون رقم 148 لسنة 1980 من ضرورة توافر شروط معينة لإصدار الصحف ، وأن للمجلس الأعلى للصحافة سلطة الاستثناء من هذه الشروط لأن هذه السلطة هى فى حقيقة الأمر ليست سلطة مقيدة وإنما هى سلطة تقديرية خولها القانون للمجلس للموازنة والترجيح فى إعمال الشروط المطلوبة أو الاعفاء منها كلها أو بعضها وأن مسلك المجلس من سكوت طوال مدة اربعين يوما وكان فى مكنته اخطار الجمعية بعدم توافر الشروط المنصوص عليها فى المادة ( 19 ) من القانون المشار إليه يدل بوضوح على اتجاهه إلى أعمال سلطته التقديرية فى استثناء الصحيفة المزمع إصدارها من الشروط المنصوص عليها فى هذه المادة ، وخلصت المحكمة إلى أن إمتناع المجلس بعد إنقضاء هذه المدة عن منح الجمعية الترخيص المطلوب لإصدار الصحيفة يعد قرارا سلبيا غير قائم على أساس سليم من القانون راجح الالغاء مما يتوافر معه ركن الجدية فى طلب وقف تنفيذه فضلا عن توافر ركن الاستعجال المتمثل فى جود عقبة فى سبيل اصدار الصحيفة تنطوى على المساس بحرية الجمعية فى إصدار هذه الصحيفة المتخصصة وهذه الحرية من الحريات العامة التى كفلها الدستور .
ومن حيث أن مبنى الطعن الماثل أن الحكم المذكور قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه وتأويله لأن القاعدة فى التفسير تقضى بتفسير القانون كوحدة واحدة ولا يجوز تفصير نص المادة 15 من القانون رقم 148 لسنة 1980 بمعزل عن باقى نصوص القانون والتى تناولت الشروط اللازمة لإصدار الصحيفة ، وأنه يشترط فى الاخطار طبقا لنص المادة ( 14 ) من القانون أن يكون كتابيا متضمنا بيانات معينة وأن ترفق به المستندات الدالة على توافر الشروط القانونية ، ويكون الحكم المطعون فيه قد خالف القانون اذا اعتبر الاخطار المقدم من المطعون ضده اخطارا عن صدار صحيفة رغم أنه لم تتوافر فيه الشروط القانونية من حيث عدم اتخاذ الشكل المطلوب كشركة مساهمة أو جمعية تعاونية ولم يتم تأسيسها طبقا للنموذج المنصوص عليه فى القانون والذى أصدره المجلس الأعلى للصحافة .
ومن حيث أن المادة ( 47 ) من الدستور تنص على أن " حرية الرأى مكفولة ولكل إنسان التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو التصوير أو غير ذلك من وسائل التعبير فى حدود القانون ............... الخ "
كما نصت المادة ( 48 ) على أن " حرية الصحافة والطباعة والنشر ووسائل الاعلام مكفولة والرقابة على الصحف محظورة وانذارها أو وقفها أو الغاؤها بالطريق الإدارى محظور . ويجوز استثناء فى حالة إعلان الطوارئ أو زمن الحرب أن يفرض على الصحف والمطبوعات ووسائل الاعلام رقابة محددة فى الأمور التى تتصل بالسلامة العامة أو اغراض الأمن القومى وذلك كله وفقا للقانون " .
كما نظم الدستور بعد تعديله فى الفصل الثانى من الباب السابع الخاص بالأحكام الجديدة " سلطة الصحافة " فجعلها " سلطة شعبية مستقلة " تمارس رسالتها على الوجه الذى حدده الدستور والقانون .
وقضت المادة ( 307 ) على أن " تمارس الصحافة رسالتها بحرية فى استقلال فى خدمة المجتمع بمختلف وسائل التعبير تعبيره عن اتجاهات الرأى العام واسهاما فى تكوينه وتوجيه فى إطار المقومات الأساسية للمجتمع والحفاظ على الحريات والحقوق والواجبات العامة ، واحترام حرمة الحياة الخاصة للمواطنين وذلك كله طبقا للدستور والقانون "
كما نصت المادة ( 209 ) على أن " حرية اصدار الصحف وملكيتها للاشخاص الاعتبارية العامة والخاصة وللاحزاب السياسية مكفولة طبقا للقانون وتخضع الصحف فى ملكيتها وتمويلها والأموال المملوكة لها لرقابة الشعب على الوجه المبين بالدستور والقانون " .
ونصت المادة ( 208 ) على أن " حرية الصحافة مكفولة والرقابة على الصحف محظورة وأنذارها أو وقفها أو الغاؤها بالطريق الإدارى محظور وذلك كله وفقا للدستور والقانون " .
ونصت المادة ( 211 ) على أن " يقوم على شئون الصحافة مجلس أعلى يحدد القانون طريقة تشكيله واختصاصاته وعلاقاته بسلطات الدولة – ويمارس المجلس اختصاصه بما يدعم حرية الصحافة واستقلالها ويحقق الحفاظ على المقومات الأساسية للمجتمع ويضمن سلامة الوحدة الوطنية والسلام الاجتماعى وذلك على النحو المبين بالدستور والقانون " .
ومن حيث أنه يبين من هذه النصوص أن المشرع الدستورى قد كفل حرية تملك الصحف واصدارها كنتيجة حتمية لكفالته حرية الرأى والتعبير وباعتبار الصحافة سلطة شعبية ومستقلة عن باقى السلطات وتمارس رسالتها فى خدمة الشعب وقد قصر الحق الدستورى فى تلك الصحف وإصدارها للاشخاص الاعتبارية العامة والخاصة وللاحزاب السياسية وأخضع ملكية الصحف وتحويلها والأموال المملوكة لها لرقابة الشعب على الوجه المبين بالدستور والقانون وهذه الرقابة كفالة حرية ممارسة الصحافة باعتبارها سلطة شعبية ووطنية لرسالتها فى خدمة الشعب وتتولاها على الوجه المبين بالدستور والقانون والسلطة التشريعية التى تعين وتراقب السلطة التنفيذية فى مباشرتها لإختصاصاتها المتعلقة بالصحف وبالصحافة والسلطة القضائية فى رقابتها للتصرفات الصادرة عن الصحف أو الصحفيين أو عن السلطات العامة المختلفة بشأنها وفقا للدستور والقانون والسلطة التنفيذية التى تباشر اختصاصها وولايتها فى تنفيذ وتطبيق أحكام القوانين واللوائح فى إطار أحكام الدستور وفى ظل المشروعية وسيادة القانون.
ومن حيث أن المادة ( 13 ) من القانون رقم 148 لسنة 1980 بشأن سلطة الصحافة تنص على أن " حرية إصدار الصحف للاحزاب السياسية والأشخاص الاعتبارية العامة والخاصة مكفولة طبقا للقانون " وهذا هو ذاته ما كفله نص الدستور صراحة فى حكم طبيعة الصحافة المصرية ورسالتها فى المجتمع – وتنص المادة ( 14 ) من القانون المذكور على أنه " يجب على كل من يريد إصدار صحيفة جديدة أن يقدم إخطاراً كتابيا إلى المجلس الأعلى للصحافة موقعا عليه من الممثل القانونى للصحيفة يشتمل على إسم ولقب وجنسية ومحل وإقامة صاحب الصحيفة واسم الصحيفة واللغة التى تنشر بها وطريقة إصدارها وعنوانها وإسم رئيس التحرير وعنون المطبعة التى تطبع فيها الصحيفة " .
وتنص المادة ( 15 ) من ذات القانون على أن " يصدر المجلس الأعلى للصحافة قراره فى شأن الاخطار المقدم إليه لاصدار الصحيفة خلال مدة لا تجاوز أربعين يوما من تاريخ تقديمه إليه ويعتبر عدم إصدار القرار فى خلال المدة سالفة البيان بمثابة عدم اعتراض من المجلس الاعلى للصحافة على الإصدار " .
وتنص المادة ( 19 ) من القانون المشار إليه على أن " ملكية الأحزاب السياسية والأشخاص الاعتبارية العامة والخاصة للصحف مكفولة طبقا للقانون ، ويشترط فى الصحف التى تصدرها الأشخاص الاعتبارية الخاصة فيما عدا الأحزاب السياسية والنقابات والاتحادات أن تتخذ شكل تعاونيات أو شركات مساهمة على أن تكون الأسهم جميعها فى الحالتين إسمية ومملوكة لمصريين وحدهم ..... ويجوز للمجلس الأعلى للصحافة أن يستثنى من كل أو بعض الشروط سالفة البيان .
وتنص المادة ( 20 ) من القانون المذكور على أن " يعد المجلس الأعلى للصحافة نموذجا لعقد تأسيس الصحيفة التى تتخذ شكل شركة مساهمة أو تعاونية ونظامها الأساسى . ويحدد عقد التأسيس أغراض الصحيفة واسماء رئيس وأعضاء مجلس الإدارة المؤقت من بين المساهمين " ومن حيث أن مفاد النصوص السابقة أن المشرع الدستورى قد كفل حرية الرأى والعقيدة والبحث العلمى وحرية التعبير عنها وبالتالى فقد كفل حرية الطباعة والصحافة والنشر ووسائل الاعلام وإصدار المشرع فى طار هذه المبادئ العامة القانون رقم 148 لسنة 1980 بشأن سلطة الصحافة ، وقد كفل المشرع الدستورى حق ملكية الصحف للاشخاص الاعتبارية العامة والخاصة وللاحزاب السياسية ، كما حدد القانون للمجلس الأعلى للصحافة أجلا محددا للبت فى الاخطارات التى تقدم إليه لإصدار الصحف بالموافقة أو الرفض بحيث إذا إنقضى هذا الأجل والمحدد بأربعين يوما دون أن يصدر المجلس المذكور قراره برفض إصدار الصحيفة فإن ذلك يعد بمثابة عدم اعتراض منه على إصدار الصحيفة وموافقة ضمنية على اصدارها وبالتالى يتحقق المركز القانونى بشأنها عملا لأحكام الدستور والقانون وغاية المشرع من اعتبار عدم اصدار القرار فى خلال المدة المذكورة بمثابة عدم اعتراض من المجلس الاعلى للصحافة على الإصدار اعمالاً للأصل الدستورى الى قرر حرية اصدار الصحف وكفل ملكيتها للاشخاص الاعتبارية العامة والخاصة وللاحزاب السياسية وتستهدف اداء رسالتها الوطنية والقومية فى خدمة مصالح الشعب المصرى وفى إطار قيمة ومبادئه التى حددها الدستور والقانون ، كما قصد المشرع بذلك إستنهاض المجلس لمباشرة اختصاصه ومسئولياته وحثه على بحث الاخطارات المقدمة إليه لاصدار الصحف والبت فيها فى أجل معقول خلال أربعين يوما حتى لا تكون سلطة المجلس المذكور سلطة مطلقة من كل قيد زمنى على نحو يشكل تعبيرا لحرية إصدار الصحف التى كفلها الدستور والقانون على النحو سالف الذكر .
ومن حيث أنه لا يتأتى الفصل بين كيفية الاخطار عن صحيفة جديدة وبين الشكل القانونى لمالكها أو من له حق إصدارها والذى يجب أن يتخذ وفقا للقانون وأن يستوفى اولا الشروط التى تطلبتها المدة ( 19 ) المشار إليها حتى يكون لهذا الاخطار الأثر الذى رتبه المشرع على تقديمه فإذا ما تخلف فى الأخطار شروط اساسية من اللازمة لإصدار الصحف وفقا للدستور والقانون ومن بينها شرط ملكية الصحيفة لأحد الأشخاص القانونية التى حددها الدستور والقانون وحيث اشترط أن يكون مالك الصحيفة متخذا شكل التعاونيات أو الشركات المساهمة فإنه لا يعتد بالاخطار – محل النزاع – لعدم تكامل اركان بياناته الجوهرية بمضى المدى التى تفترض الموافقة ضمنا من المجلس لأنه لا يستقيم ولا يصبح بالنظر إلى أن سلطة المجلس الأعلى للصحافة هى بالتفسير لأحكام الدستور ومن النص المادة ( 19 ) سلطة مقيدة بشروط وأحكام محددة واساسية فيما يتعلق بصفة خاصة بملكية الصحف وهو لا يمكنه التحلل منها صراحة ، وبالتالى لا يمكن أن ينسب إليه حتما ما يخالفها بمضى المدة لأنه ما يكون باطلا ومعدوما صراحة إذا صدر القرار به من المجلس لمخالفته للدستور والقانون لا يسوغ أن يفترض ضمنا أنه ارادة بموقف سلبى منه وغذا كان الأمر كذلك فيما يتعلق بالشروط الأساسية لملكية وإصدار الصحف وفقا للدستور فإنه أيضا لا يتصور أن ينسب إلى المجلس الأعلى للصحافة فيما اناطه به القانون من سلطة تقديرية فى التجاوز عن شرط أو أكثر أقل أهمية من شرط الملكية وشخص المالك أنه بعدم الرد قد مارس وباشر سلطته الايجابية فى الاستثناء من النظام القانونى بمضى المدة سالفة الذكر ذلك أنه الأصل القانونى المسلم به يقضى " بأنه لا ينسب لساكت قول أو ارادة " الا بمقتضى النص الصريح وباعتبار أن ما يقضى به النص استثناء من الأصل العام فإنه لا يجوز التوسع فى تفسيره وتحديده ومن ثم فإن انقضاء الفترة التى حددها المشرع على الاخطار للمجلس الأعلى للصحافة والتى تفترض ارادة الموافقة للمجلس الأعلى للصحافة اعمالا لمبدأ حرية إصدار الصحف لا يتحقق إلا بالنسبة لاخطار مستوف اركانه الأساسية ولا يحتاج إلى أى استثناء فى الموازنة والترجيح بأعمال تلك الشروط جميعها أو الأعفاء منها كلها أو بعضها حيث خول القانون للمجلس الأعلى للصحافة باعتباره سلطة دستورية لمباشرة ولايته فى التقدير وملائمة تقديره وتقريره فى إطار مسئوليات المجلس ، وهو ما يعنى أن مضى المدة التى حددها المشرع للمجلس المذكور دون أن يبدو من المجلس الأعلى للصحافة اراده صريحة سواء بالموافقة أو بالرفض ، لا يعد بمثابة عدم اعتراض منه على إصدار الصحيفة وموافقة ضمنية على اصدارها إلا فى حالة تقديم اخطار مستوف لاركانه الأساسية من جهة وفى الحالات التى لا تحتاج إلى تقدير وبحث وفحص لتقرير استثناء للاعتبارات التى يراها المجلس ويؤكد هذا النظر مسلك المجلس الأعلى للصحافة وإذ كان البادئ من الأوراق أن الجمعية المصرية للاعلام الصناعى والاقتصادى تقدمت إلى المجلس الأعلى للصحافة بتاريخ 12/12/1984 بإخطار لإصدار صحيفة تحمل أسم " الصناعة والاقتصاد " ثم طلب من الجمعية طالبة الترخيص بتاريخ 15/12/1984 تقديم موافقة جهة العمل التى يعمل بها رئيس التحرير على قيامه برئاسة تحرير الصحيفة الأمر الذى يبين منه عدم توافر الشروط المنصوص عليها فى المادة 19 من القانون بالنسبة للصحيفة حتى يتسنى للجمعية إتخاذ الإجراءات اللازمة لاستكمال تلك الشروط ، ولا يتصور أن يكون مطلب لمجلس البيان المذكور صحة افتراض اتجاه ارادة المجلس إلى أعمال سلطته التقديرية التى خول إياها القانون فى استثناء الصحيفة المزمع إصدارها من الشروط المنصوص عليها فى المادة ( 19 ) السالف الإشارة إليها .
ومن حيث أنه بالإضافة إلى ما تقدم ورغم التسليم بحرية الصحافة وانها هى من الحريات العامة التى كفلها الدستور للمواطنين طبقا لنص المادة 48 منه إلا أنها سلطة رابعة وقد حدد المشرع الدستورى من لهم حتما حق ملكية الصحف مما يتعين معه أن يكون تفسير النصوص القانونية التى تنظيم استعمال هذا الحق محققه لحرية إصدار الصحف وملكيتها فى الحدود التى ارادها المشرع الدستورى ، والتى نظامها قانون سلطة الصحافة .
ومن حيث أنه بالبناء على كل ما تقدم ، وكان الثابت من الأوراق أن المطعون ضده تقدم بصفته ممثلا قانونيا للجمعية المصرية للاعلام الصناعى والاقتصادى إلى المجلس الأعلى للصحافة فى 12/12/1984 بأخطار عن إصدار صحيفة تحمل اسم " الصناعة والاقتصاد " ولم يتلق رداً من المجلس بالموافقة على إصدار الصحيفة أو رفض إصدارها حتى 1/1/1986 فإن ذلك لا يجوز وفقا لما سلف بيانه من مبادئ يعد بمثابة عدم إعتراض على إصدار تلك الصحيفة وموافقة ضمنية على إصدارها ولا يعتبر إمتناع المجلس بعد إنقضاء هذه المدة عن منح الترخيص المطلوب لاصدار الصحيفة قرار سلبيا غير قائم على أساس سليم من القانون إذ انه ليس ثمة الزام يفرضه القانون أو الدستور على المجلس بمنح الاستثناءات التى قرر المشرع صراحة تخويله سلطة تقدير مدى ملائمة المنح أو المنع لها وبالتالى لا يكون تصرف المجلس بعدم الرد وان خضعت للرقابة القضائية محلا لسلطة الوقف أو الالغاء من القضاء الإدارى ما لم يثبت مخالفتها للدستور والقانون أو كانت مشوبة بالانحراف أو التعسف فى استخدام السلطة وهو ما لم يثبته الطاعن فى النزاع الماثل وبالتالى فإن القرار الطعين لا يكون وفقا لصحيح حكم القانون راجح الالغاء عند الفصل فى موضوع الدعوى مما لا يتوافر معه ركن الجدية فى طلب وقف تنفيذه وإذ قضى الحكم الطعين بغير ذلك فإنه يكون قد خالف وجه الحق وخرج على القواعد السليمة فى تفسير نصوص الدستور والقانون وافتراض ارادة لا سند لها من الواقع أو من صحيح أحكام الدستور للمجلس الأعلى للصحافة ودون أن يستند إلى التطبيق السديد للقانون ، ومن ثم فإن الطعن عليه يكون على أساس سليم فى نطاق الواقع وفى صحيح حكم القانون ويتعين من ثم الحكم بالغائه .
ومن حيث أنه بالنسبة للطعن رقم 328 لسنة 33 ق . ع والذى حاصلة أن المجلس الأعلى للصحافة رغم إعلانه بالصورة التنفيذية للحكم الصادر فى الدعوى رقم 1087 لسنة 40 ق بجلسة 20/5/1986 والقاضى بوقف تنفيذ القرار الإدارى السلبى لرئيس المجلس الأعلى للصحافة بالامتناع عن إصدار ترخيص للمدعى بإصدار صحفية " الصناعة والاقتصاد " فأنه لم يحرك ساكنا فى خصوص تنفيذ هذا الحكم وأنه – أى المدعى- يطلب الاستمرار فى تنفيذه وقد قضت محكمة القضاء الإدارى فى الدعوى رقم 4238 لسنة 40 ق بقبول الاشكال شكلا وفى الموضوع بالاستمرار فى تنفيذ الحكم المستشكل فى تنفيذه والصادر لصالح المدعى ( المستشكل ) فى الدعوى رقم 1087 لسنة 40 ق بجلسة 20/5/1986 والزمت المجلس الأعلى للصحافة المصروفات ، وذلك على أساس أن الأوراق قد خلت من اى سبب قانونى يحول دون تنفيذ الحكم المستشكل فى تنفيذه ، وأن حجج وأسانيد المجلس الأعلى للصحافة والتى ساقها لتبرير إمتناعه عن تنفيذ هذا الحكم لا تقوم على سند صحيح من القانون باعتبار أن الطعن فى هذا الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا لا يسوغ الامتناع عن تنفيذه إلا إذا أمرت دائرة فحص الطعون بوقف تنفيذه عملا بحكم المادة ( 50 ) من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 ولم يثبت أن دائرة فحص الطعون قد أمرت بذلك ومن ثم فلا يجوز للمجلس الأعلى للصحافة أن يمتنع عن تنفيذه ، وقد بنى الطعن على الحكم المذكور على أساس أنه خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه وتأويله ، لأن المطعون ضده لم يقدم الدليل على وجود عقبة تعترض تنفيذ الحكم المذكور ، وعدم اعطاء المجلس الأعلى للصحافة سلطة الترخيص اللازم لطبع الصحيفة لا يمثل عقبة تبرر رفع هذا الأشكال لأن نصوص القانون رقم 148 لسنة 1980 بشأن سلطة الصحافة قد جاءت خلوا من نص يقضى باعطاء مثل هذا الترخيص وكل ما تطلبه القانون هو الإخطار المقترن بتوافر الشروط القانونية المقررة ، وأن يلزم أن تتخذ الصحيفة الشكل الذى حدده القانون وهو شكل شركة مساهمة أو جمعية تعاونية وهو ما لم يلتزم به المطعون ضده إذ أنه من اشخاص القانون الخاص ولما كان الثابت من الأوراق وما سبق ذكره فى هذا الحكم ، ان الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بجلسة 20/5/1986 فى الشق المستعجل من الدعوى رقم 1087 لسنة 40 ق ق بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه ، وأن كان نافذا وفقا لصريح نص قانون مجلس الدولة يقرر صدوره ما لم يقرر من دائرة فحص الطعون بوقف تنفيذه أو يقضى بالغائه من هذه المحكمة ، ويكون امتناع الجهة الإدارية عن إصدار قرارها بتنفيذ هذا الحكم مسلك كان لا يطابق صحيح أحكام الدستور والقانون إلا أنه حيث إنتهت هذه المحكمة إلى عدم سلامة تطبيق الحكم الصادر بوقف التنفيذ لأحكام الدستور والقانون الأمر الذى انتهت معه إلى القضاء بالغائه فإنه لم يعد ثمة محل بعد إذ يقضى بالغاء هذا الحكم للفصل فى مدى صحة وسلامة الحكم المقام بشأنه الطعن رقم 328 لسنة 33 ق فى الدعوى رقم 1078 لسنة 40 ق بجلسة 20/5/1986 – حيث انه بالغاء الحكم الأول الصادر بوقف التنفيذ لانهيار سنده من حيث الواقع وصحيح أحكام الدستور والقانون فإنه يكون حتما الحكم الصادر فى الدعوى رقم 1087 لسنة 40 ق والطعن رقم 328 لسنة 33 ق واردين عند إصدار المحكمة لحكمها الماثل على محل .
ومن حيث أن من يخسر الدعوى يلزم بمصروفاتها طبقا لنص المادة 184 من قانون المرافعات .
فلهذه الاسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعنين رقمى 3010 لسنة 32 ق . ع 328 لسنة 33 ق . ع شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه وبرفض وقف تنفيذ القرار المطعون فيه والزمت الطاعن ( الممثل القانونى للجمعية المصرية للإعلام الصناعى والاقتصادى ) بالمصروفات .