جلسة 29 من نوفمبر سنة 1994
برئاسة السيد الأستاذ المستشار / حنا ناشد مينا حنا
نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السادة الأساتذة /
فاروق على عبد القادر
وعبد السميع عبد الحميد بريك
والصغير محمد محمود بدران
ومحمد إبراهيم قشطة
نواب رئيس مجلس الدولة
الطعن رقم 3077 لسنة 37 القضائية :
يشترط لإعمال قرينة الاستقالة الضمنية المستفادة من انقطاع العامل عن عمله مراعاة إجراء شكلى هو إنذار العامل كتابة – يتعين توجيه الإنذار لشخص العامل والحصول على توقيعه بالاستلام – يصح توجيه الإنذار على يد محضر أو بطريق البرق أو البريد على العنوان الثابت بملف خدمة العامل – يتحدد هذا العنوان بالمكان الذى يقيم فيه العامل ويحدده كتابة فى النماذج التى يقدمها لجهة الإدارة – العنوان يقوم على فكرة الاقامة الفعلية مع الأهل والأولاد ويتميز بالاستمرار – يخرج من هذا المفهوم المكان الذى يقيم فيه العامل لغرض مؤقت كما هو الحال بالنسبة لحالة الولادة التى تتم لدى أحد الأقارب لتوفير الرعاية للأم والمولود ثم تعود بعد ذلك إلى محل اقامتها المعتاد – مؤدى ذلك :
عدم الاعتداد بالعنوان المبين بشهادة الميلاد – أساس ذلك : ان شهادة الميلاد معدة اصلا لإثبات واقعة الميلاد وتاريخه ومكانه ولا تصلح دليلا على محل الاقامة ما لم تدعم بأدلة أخرى – مؤدى ذلك : عدم جواز توجيه الإنذار على العنوان الثابت بشهادة الميلاد – تطبيق .
إجراءات الطعن
إنه فى يوم الاربعاء الموافق 26/6/1991 أودع رئيس هيئة مفوضى الدولة بقلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن قيد برقم 3077 لسنة 37 فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى – بهيئة إستئنافية – بجلسة 22/4/1991 فى الطعن رقم 205 لسنة 22 ق . س المقام من السيدة / .............. ضد السيد / رئيس جامعة عين شمس والذى قضى بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعا وإلزام الطاعنة المصروفات – وطلب الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بتقرير مبدأ من المحكمة الإدارية العليا إما بتأييد الحكم المطعون عليه لأسبابه وإما بإلغائه فيما استند إليه من جواز الاستناد إلى العنوان الثابت بشهادة ميلاد نجل الطاعنة لتوجيه الإنذار المقرر فى المادة 98 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة والقضاء مجدداً بإلغاء القرار المطعون فيه .
وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى فى الطعن إرتآت فيه الحكم بعدم قبول الطعن شكلاً لرفعه بعد الميعاد .
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون حيث قدم الحاضر عن المحكوم ضدها مذكرة أروى بها أن الطعن مقام خلال المواعيد القانونية بمراعاة أن آخر يوم فى ميعاد الطعن قد صادف يوم عطلة رسمية وهو يوم الجمعة قد أعقبه أجازة عيد الأضحى المبارك وبالتالى فإن الميعاد قد امتد إلى أول يوم عمل وهو اليوم الذى تم فيه إيداع تقرير الطعن وبالتالى فإن ما ذهبت إليه هيئة مفوضى الدولة تقريرها المودع بالطعن بعدم قبول الطعن شكلاً لا يصادف صحيح حكم القانون وقد قررت الدائرة بجلسة 3/11/1993 تكليف هيئة مفوضى الدولة بإعداد تقرير فى موضوع الطعن حيث قدمت الهيئة تقرير تكميليا إرتآت فيه الحكم بإلغاء الحكم المطعون عليه والقضاء مجدداً بإلغاء القرار الصادر بإنهاء خدمة المحكوم ضدها مع ما يترتب على ذلك من آثار .
وبجلسة 5/1/1994 قررت دائرة فحص الطعون إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا ( الدائرة الثالثة ) لنظره بجلسة 28/2/1994 وأمام المحكمة حضر وكيل المحكوم ضدها وقدم مذكرة احال فيها إلى ما ورد بالتقرير التكميلى لهيئة مفوضى الدولة كما حضر وكيل الجامعة المحكوم لصالحها فى الحكم الاستئنافى محل الطعن وتدوول الطعن بجلسات المحكمة على النحو الثابت بمحاضرها إلى أن تقرر اصدارالحكم بجلسة اليوم 22/11/1994 حيث صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه ومنطوقة عند النطق به .
المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة .
ومن حيث إن الحكم المطعون قد صدر بجلسة 22/4/1991 وبالتالى فإن ميعاد الطعن عليه ينقضى فى 21/6/1991 إلا أنه لما كان هذا اليوم يصادف يوم الجمعة الموافق 9 من ذى الحجة لعام 1411 هجرية واعقبه اجازة عيد الأضحى المبارك لمدة اربعة أيام اى فى يوم 22/6/1991 وبالتالى فإن هذا الميعاد يمتد إلى أول يوم عمل وهو 26/6/1991 ومن ثم يكون الطعن وقد أودع سكرتارية المحكمة فى هذا اليوم واستوفى سائر اوضاعه الشكلية الأخرى مقبول شكلاً .
ومن حيث إن عناصر المنازعة حسبما هو ثابت بالأوراق – تخلص فى أن المحكوم ضدها السيدة ............ اقامت الدعوى رقم 25 لسنة 34 ق أمام المحكمة الإدارية للتربية والتعليم طالبة الحكم بإلغاء قرار جامعة عين شمس رقم 5381 لسنة 1980 فيما تضمنه فى إنهاء خدمتها للانقطاع عن العمل لمخالفته لأحكام المادة ( 98 ) من القانون 47 لسنة 1978 بشأن نظام العاملين المدنيين بالدولة حيث لم يسبق انذارها قبل اصداره .
وبجلسة 28/1/1990 حكمت المحكمة الإدارية للتربية والتعليم برفض الدفع بعدم قبول الدعوى شكلا لعدم سابقة التظلم وبقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعا وألزمت المدعية المصروفات واقامت المحكمة قضاءها على أن الثابت بالأوراق انقطاع المدعية عن العمل فى إعقاب الإجازة التى حصلت عليها لرعاية الطفل خلال المدة من 27/10/1978 حتى 2/8/1980 وأن الجهة الإدارية قامت بإنذارها على آخر محل اقامة لها معلوم لدى تلك الجهة وهو العنوان الثابت بشهادة ميلاد ابنها والتى حصلت من أجله على اجازة لرعاية الطفل إلا أنها لم تعد لمباشرة عملها بما حدا بالإدارة إلى إصدار قرار انهاء خدمتها ومن ثم تكون الجهة الإدارية قد اعملت فى حقها صحيح حكم المادة 98 من القانون رقم 47 لسنة 1978 بشأن نظام العاملين المدنيين بالدولة بما يتعين معه القضاء برفض الدعوى – إلا أن المدعية لم ترفض هذا القضاء واقامت الطعن الاستئنافى رقم 205 لسنة 22 ق . س أمام محكمة القضاء الإدارى طالبة الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارة التربية والتعليم بجلسة 28/1/1990 فى الدعوى رقم 25 لسنة 34 ق والذى قضى بقبول الدعوى شكلا ورفضها موضوعا والحكم مجددا بإلغاء القرار الصادر بإنهاء خدمتها مع ما يترتب على ذلك من آثار تأسيساً على أن العنوان الذى يعتد به فى توجيه الإنذار هو العنوان الثابت بملف خدمتها دون العنوان الثابت بشهادة ميلاد ابنها هذا فضلا عن أن الإدارة لم تقدم الدليل على وصول الإنذار إليها .
وبجلسة 22/4/1991 حكمت محكمة القضاء الإدارى – بهيئة إستئنافية – بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا وإلزام الطاعنة المصروفات تأسيساً على أن الثابت بالأوراق قيام الإدارة بتوجيه الإنذار للطاعنة على العنوان الثابت بالمستندات المودعة بملف خدمتها وأن العبرة فى هذا بآخر عنوان للعامل ثابت لدى جهة الإدارة وهو بالنسبة للطاعنة العنوان الثابت بشهاد ميلاد ابنها والمودعة بملف الخدمة ولم تقدم الإدارة ما يفيد عدم وصول الإنذار إليها وبالتالى يكون القرار الصادر بإنهاء خدمتها مطابقا لحكم المادة ( 98 ) من القانون رقم 47 لسنة 1978 بشان نظام العاملين المدنيين بالدولة .
ومن حيث إن هيئة مفوضى الدولة تقيم طعنا الماثل على أنه لما كان الإنذا ر المنصوص عليه فى المادة 98 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة باعتباره إجراء جوهرى يتعين على الإدارة توجيهه للعامل المنقطع على محل اقامته كشرط لإنهاء خدمته فإن الأمر يستلزم تقرير مبدأ من المحكمة الإدارية العليا لتحديد مدلول هذا المحل هل يتحدد بالعنوان الثابت بإخر مستند ثابت بملف الخدمة أيا كانت طبيعة هذا المستند حسبما ذهب الحكم المطعون عليه أم أنه يتحدد بالعنوان الذى ارتضى مخاطبته عليه ولا يجوز الالتفات عن هذا العنوان إلا إذا كان تغيير محل الإقامة ثابت لدى الإدارة بدليل قاطع فى ذلك ومعد أصلاً لإثبات تغير محل الإقامة أو بناء على طلب العامل وبالتالى فلا يجوز للإدارة الاستناد إلى أوراق أخرى غير معدة أصلاً لإثبات محل اقامة العامل مثل شهادة ميلاد ابن العامل لما هو معلوم ومستقر من أن شهاد ميلاد الطفل لا تفيد بذاتها على محل إقامة والدته . ومن ثم فإن مقطع النزاع هو تحديد مدلول العنوان الواجب توجيه الإنذار عليه للعامل المنقطع عن العمل .
ومن حيث إن المادة ( 98 ) من القانون رقم 47 لسنة 1978 بشأن نظام العاملين المدنيين بالدولة تنص على أن يعتبر العامل مقدما استقالته فى الحالات الآتية :
1- إذا انقطع عن عمله بغير إذن اكثر من خمسة عشر يوما متتالية ما لم يقدم خلال الخمسة عشر يوما التالية ما يثبت أن انقطاعه كان بعذر مقبول وفى هذه الحالة يجوز للسلطة المختصة أن تقرر عدم حرمانه من أجره عن مدة الانقطاع إذا كان له رصيد من الإجازات يسمح بذلك وإلا وجب حرمانه من أجره عن هذه المدة فإذا لم يقدم العامل أسباباً تبرر الأنقطاع أو قدم هذه الأسباب ورفضت اعتبرت خدمته منتهية من تاريخ انقطاعه عن العمل .
2- إذا انقطع عن عمله بغير إذن تقبله جهة الإدارة أكثر من ثلاثين يوما غير متصلة فى السنة وتعتبر خدمته منتهية فى هذه الحالة من اليوم التالى لاكتمال هذه المدة .
وفى الحالتين السابقتين يتعين انذار العامل كتابة بعد انقطاعه لمدة خمسة ايام فى الحالة الأولى وعشرة أيام فى الحالة الثانية ) .
ومن حيث إن المستفاد من النص المتقدم على ما جرى به قضاء هذه المحكمة هو أنه يشترط لأعمال حكم المادة 98 سالفة الإشارة باعتبار العامل مقدما استقالته مراعاة إجراء شكلى وجوهرى حاصلة أن تكون الجهة الإدارية قد قامت بإنذار العامل كتابة بعد خمسة أيام عن انقطاعه عن العمل إذا كان بغير اذن أكثر من خمسة عشر يوما متتالية وعشرة أيام إذا انقطع عن عمله بغير إذن أكثر من ثلاثين يوما غير متصلة وهذا الإجراء الجوهرى القصد منه أن تبين الجهة الإدارية اصرار العامل على تركه العمل وعزوفه عنه وفى ذات الوقت إعلانه ما يرى اتخاذه من إجراء حيال انقطاعه عن العمل وتمكينا له من ابداء عذره قبل اتخاذه ومن ثم فإنه يصبح قانونا توجيه الإنذار للعامل لشخصه مباشرة والحصول على توقيعه بالاستلام على السركى أو على صورة الإنذار كما يصح توجيهه إليه على يد محضر أو بطريق البرق أو البريد على العنوان الثابت بملف خدمته وهذا العنوان يتحدد بداهة بالمكان الذى يقيم فيه الشخص عادة ويحدده العامل كتابة فى النماذج و الإخطارات التى يقدمها لجهة الإدارة وهو يقوم على الاقامة الفعلية مع الأهل والأولاد ومن ثم فإنه يتميز بالاستمرار به على وجه يتحقق فيه شرط الاستقرار وبالتالى فإن هذا المعنى للعنوان الذى يتعين انذار العامل عليه لا يندرد فيه المكان الذى يقيم فيه العامل لغرض مؤقت ويقصد العامل العامل الارتحال عنه كما فى حالة الولادة بالنسبة للعاملة حيث تجرى العادة لدى طوائف الشعب أن تتم لدى أحد أقارب الزوجين لتوفير الرعاية للأم والمولود بحيث ترحل عن هذا المكان بعد ذلك لتعود إلى محل اقامتها المعتاد مع زوجها وأولادها هذا فضلاً عن أن شهادة الميلاد معدة أصلاً لاثبات واقعة الميلاد وتاريخه ومكانه دون أن يتعدى الأمر إلى غير ذلك من البيانات الأخرى وبالتالى فإن تلك الشهادة لا تصلح بذاتها دليلاً على محل الاقامة ما لم تدعم بأدلة أخرى ومن ثم فإن لا يجوز للإدارة توجيه الإنذار للعاملة المنقطعة على البيان الثابت بشهادة الميلاد بحسبانه لا يعدو أن يكون مجرد مسكن عارض بحيث إذا ما قامت الإدارة بإنذار العاملة على هذا العنوان العارض فإن هذا الإنذار لا ينتج اثره القانونى فيما يتعلق بإنها خدمة العامل .
ومن حيث إن الثابت بملف خدمة المحكوم ضدها ( ................. ) انها كانت تعمل بجامعة عين شمس وقد حددت محل اقامتها بأنه 7 شارع الصاغة بمدينة طنطا ثم رزقت بمولود بتاريخ 13/8/1978 حيث استخرجت له شهادة ميلاد دون بها ان محل الاقامة هو 64 ش الممر الغربى بمدينة طنطا ( ثم حصلت على إجازة لرعاية الطفل لمدى تنتهى فى 2/8/1980 إلاأنها انقطعت عن العمل فى اعقاب ذلك حيث قامت الجامعة بإنذارها على العنوان المدون بشهادة ميلاد إبنها دون أن تحتوى المستندات المودعة بملف خدمتها على ما يفيد تغيير عنوانها ونظرا لأن شهادة الميلاد حسبما سلف ليست معدة اصلا لإثبات محل الأقامة الدائم خاصة وأن المتعارف عليه لدى طوائف الشعب أن تتم عملية الولادة لدى احد اقارب الزوجين وبالتالى تتضمن ما يفيد الاقامة بمكان الولادة حتى يمكن المضى فى إجراءات القيد فى سجلات الميلاد أمام مكتب الصحة الذى يوجد به ذلك المكان بما مقتضاه أن تلك الشهادة لا تصلح بذاتها دليلاً على محل الإقامة وبذلك يكون الإنذار الذى وجه للمحكوم ضدها قد تم على محل اقامة عارض وليس على محل اقامتها الثابت بملف خدمتها وفقا لما سلف بيانه فإن هذا الانذار والحالة هذه لا ينتج أثره القانونى لعدم تحقق الغاية التى من أجلها استلزمه المشرع وبالتالى يكون القرار الصادر بإنهاء خدمة المذكورة قد صدر دون ان تسبقه انذار لها الأمر الذى يعدو معه هذا القرار مخالفا للقانون وإذ ذهب الحكم المطعون عليه غير هذا المذهب واعتد بالإنذار الذى وجه للمحكوم ضدها على السكن العارض الذى كانت تقيم فيه بمناسبة عملية الولادة فإنه يكون مخالفاً للقانون جديراً بالإلغاء بما يتعين معه القضاء بإلغائه والقضاء مجدداً بإلغاء القرار رقم 5380 لسنة 1980 فيما تتضمنه من انهاء خدمة المحكوم ضدها .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون عليه وبإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من إنهاء خدمة .................. مع ما يترتب على ذلك من آثار .