جلسة 3 من أغسطس سنة 1995

برئاسة السيد الأستاذ المستشار / على فؤاد الخادم

رئيس مجلس الدولة

وعضوية السادة الأساتذة :

1-    د . محمد جودت الملط .

2-    حنا ناشد مينا .

3-    محمد يسرى زين العابدين .

4-    فاروق على عبد القادر .

5-    محمد مجدى خليل هارون .

6-    محمد أبو الوفا عبد المتعال .

7-    حسنى سيد محمد حسن .

8-    السيد محمد السيد الطحان .

9-    محمد الصغير بدران .

10-                        محمد إبراهيم قشطة .

نواب رئيس مجلس الدولة

الطعنان رقما 1266 ، 1286 لسنة 33 القضائية :

( أ ) مناقصات ومزايدان – سلطة جهة الإدارة فى إلغاء المزايدة – حدودها – تقدير السعر – دور لجنة التثمين ( مزايدة ) .

المواد 7 و 11 و 13 من قانون تنظيم المناقصات والمزايدات الصادر بالقانون رقم 236 لسنة 1654 (الملغى ) – المادة ( 67 ) من اللائحة التنفيذية للقانون المذكور – الصادرة بقرار وزير المالية رقم 542 لسنة 1957 .

لسلطة الاعتماد بناء على رأى لجنة البت إلغاء المناقصة أو المزايدة بعد البت فيها إذا كانت قيمة العطاء الأقل فى المناقصة تزيد على القيمة السوقية  - وفى المزايدة تقل عن تلك القيمة – إذا ثبت لجهة الإدارة أن الثمن الذى رست به المزايدة يقل كثيرا عن القيمة السوقية حتى لو جاوز الثمن الذى حددته لجنة التثمين فإن قرار إلغاء المزايدة بهدف الحصول على ثمن أكبر يكون متفقا وأحكام القانون – أساس ذلك : أنه ولئن كانت لجنة البت فى المزاد تنوب عن جهة الإدارة فى إجراءات البيع وكانت ملتزمة بالا يقل السعر عن السعر الذى حددته لجنة التثمين إلا أن السعر الأخير قد يكون مناسبا وقد لا يكون كذلك – إذا كان البيع بالمزاد يهدف إلى الحصول على أعلى سعر مناسب لأسعار السوق إلا أن أسعار السوق يترك تقديرها لسلطة التعاقد اخذا بظروف البيوع المماثلة وهى ظروف لا تتوافر للجنة التأمين التى يكون تقديرها فى وقت سابق على البيع – إذا قررت جهة الإدارة إلغاء المزايدة فإنه يتعين إصدار قرار الإلغاء فى وقت مناسب طبقاً لظروف كل حالة وغلا كانت ملتزمة بتعويض ما يكون قد لحق صاحب الشأن من أضرار نتيجة التراخى فى إصدار قرار الإلغاء طبقا للقواعد العامة فى المسئولية التقصيرية .

( ب ) مراحل التعاقد فى المزايدة – دور لجنة البت – سلطة جهة الإدارة – متى تكون السلطة تقديرية ومتى تكون مقيدة ( مزايدة ) .

يقتصر دور لجنة البيت على تعيين أفضل المتناقصين أو المزايدين طبقاً للإجراءات التى رسمها القانون – يعتبر ذلك إجراء تمهيديا فى عملية التعاقد التى تتميز بإنهاء عملية مركبة – يأتى بعد ذلك دور السلطة المختصة بإبرام العقد – إذا رأت إبرامه فإنها تكون ملزمة بمن اختارته لجنة البت – اختصاص جهة الإدارة فى هذا الشأن هو اختصاص مقيد يقابله من ناحية أخرى سلطة تقديرية تتمثل فى عدم التعاقد لأسباب تتعلق بالمصلحة العامة كأن يكون سعر المزاد أقل كثيرا عن القيمة السوقية – لا ينال من ذلك أن سعر المتزايد أكبر من غيره – العرض المقدم من المتزايد هو إيجاب لا ينعقد به العقد إلا إذا قبلت جهة الإدارة وأخطرت المتزايد برسو المزايدة عليه – تطبيق .

 

إجراءات الطعن

فى يوم الأحد الموافق 8/3/1987 أودع الأستاذ / ............. المحامى المقبول أمام المحكمة الإدارية العليا نائبا عن الأستاذ / ................ المحامى بصفته وكيلا عن السيدين / ................. و .................. ، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرا بالطعن قيد بجدولها تحت رقم 1266 لسنة 33 ق عليا ضد السيدين رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعى ومدير عام مديرية الإصلاح الزراعى بالإسكندرية بصفتيهما ، فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى – دائرة العقود الإدارية والتعويضات – بجلسة 11/1/1987 فى الدعوى رقم 376 لسنة 38 ق المقامة من الطاعنين ضد المطعون ضدهما والذى قضى بإلزام المدعى عليهما بأن يؤديا للمدعى الأول مبلغ 2800 جنيه وللمدعى الثانى مبلغ 2200 جنيه ، مع إلزام المدعى عليهما بالمصاريف .

وطلب الطاعنان فى ختام الطعن ، للأسباب الواردة به – الحكم أولاً : بقبول الطعن شكلاً . ثانياً : وفى الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه إلى الحكم بصفة أصلية بصحة ونفاذ إجراءات المزاد التى رسا بها على الطاعنين مزاد بيع الأرض الموضحة فى صحيفة الدعوى ، مع ما يترتب على ذلك من آثار وتسليم الأرض بشروط المزاد وإلزام الهيئة المطعون ضدها المصاريف ومقابل أتعاب المحاماة . ثالثاً : وبصفة احتياطية – عند عدم إجابة الطلب الأصلى – الحكم بإلزام المطعون ضدهما بأن تدفع تعويضا ماليا مقداره 100000 جنيه _ مائة ألف جنيه ) لكل من الطاعنين وعن كل فدان من الأفدنة التى رسا مزاد بيعها على الطاعنين وإلزام الهيئة المطعون ضدها بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة وفى الطلب الاحتياطى – الحكم تمهيديا وقبل الفصل فى تحديد قيمة التعويض بندب خبير فى الطعن للإطلاع عليه وتقدير ما فات الطاعنين من كسب ومالحقهما من خسارة بسبب عدم نفاذ البيع وتقدير التعويض على هذا الأساس ، وتقديم تقرير بذلك للمحكمة .

وقد أعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضده الأول فى 16/3/1987 والمطعون ضده الثانى فى 29/3/1987.

وفى يوم الثلاثاء الموافق 10/3/1987 أودع الأستاذ / ........................ المحامى المقبول أمام المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن أخر فى الحكم المشار إليه قيد بسجلاتها تحت رقم 1286 لسنة 33 ق عليا ، بصفته وكيلا عن السيد / رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعى ضد السيدين / ............ وصحته ( ............ ) و ................... ، وطلب الطاعن – للأسباب المبينة بتقرير الطعن – الحكم

أولاً : بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه . ثانياً : بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه مع إلزام المطعون ضدهما المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين .

وقد أعلن تقرير الطعن للمطعون ضدهما بتاريخ 19/3/1987 .

وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريرا بالرأى القانونى ارتأت فيه بالنسبة للطعن رقم 1266 لسنة 33 ق . عليا الحكم بقبوله شكلاً وفى الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه فيما قضى به من تعويض الطاعنين إلى القيمة التى تقدرها هيئة المحكمة مع إلزام الجهة الإدارية والطاعنين المصروفات مناصفة . وبالنسبة للطعن رقم 1286 لسنة 33 ق . عليا الحكم بقبوله شكلاً وفى الموضوع برفضه بشقيه العاجل والموضوعى مع إلزام الجهة الإدارية بالمصروفات .

ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا ، وبجلسة 19/2/1992 قررت المحكمة ضم الطعن رقم 1286 لسنة 33 ق . عليا إلى الطعن رقم 1266 لسنة 33 ق . عليا ليصدر فيهما حكم واحد وبجلسة 3/3/1993 قررت دائرة فحص الطعون إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا ( الدائرة الثالثة ) وحددت لنظره أمامها جلسة 4/5/1993 .

وقد تدوول الطعن أمام الدائرة الثالثة بالمحكمة الإدارية العليا على النحو المبين بمحاضر جلساتها إلى أن قررت بجلستها المنعقدة 19/10/1993 حجز الطعن لإصدار الحكم بجلسة 7/12/1993 ، وبجلسة 7/12/1993 قررت المحكمة إعادة الطعن للمرافعة لجلسة اليوم ، وإحالته إلى الدائرة المنصوص عليها فى المادة 54 مكررا من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 لقيام موجب الإحالة إليها لوجود تعارض بين الحكم الصادر فى الطعنين رقمى 1505 ، 1539 لسنة 39 ق . عليا بجلسة 29/11/1986 وحكم سابق لهذه المحكمة الطعن رقم 812 لسنة 13 ق . عليا الصادر بجلسة 1/2/1969 بالنسبة لمدى حق الجهة الإدارية فى إلغاء القرار الصادر بإرساء المزاد من اللجنة المختصة مثار النزاع فى الطعن المعروض .

وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى فى المسألة المعروضة ارتأت فيه أنه لا يجوز للجهة الإدارية الامتناع عن اعتماد المزاد تمهيدا لإعادة المزايدة للوصول إلى ثمن أعلى .

وقد حدد لنظر الطعن أمام هذه الدائرة جلسة 2/2/1995 وتدوول أمامها على النحو المبين بمحاضر جلساتها إلى أن قررت إصدار الحكم فيه بجلسة اليوم . وقد صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به .

 

المحكمة

بعد الإطلاع على الأوراق ، وسماع الإيضاحات ، وبعد المداولة .

 ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص – حسبما يبين من الأوراق – فى أنه بموجب عريضة أودعت سكرتارية محكمة القضاء الإدارى بتاريخ 25/101983 أقام الطاعنان فى الطعن رقم 1266 لسنة 33 ق . عليا الدعوى رقم 376 لسنة 38 ق . طالبين الحكم اصلياً : بصحة ونفاذ إجراءات المزاد التى رسا بها على الطالبين مزاد بيع الأرض الموضحة فى صحيفة الدعوى مع ما يترتب على ذلك من آثار وتسلم الأرض بشروط المزاد واحتياطيا : إلزام المدعى عليهما بأن تدفعا لكل من المدعين تعويضا ماليا قدره مائة ألف جنيه لكل واحد من المدعين عن كل فدان من الأفدنة التى رسا مزاد بيعها عليهما وإلزام الهيئة المدعى عليها بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة فى جميع الأحوال ، وقال المدعيان شرحا لدعواهما أن الهيئة المدعى عليها أعلنت بتاريخ 13/12/1974 عن مزاد بيع قطع أرض فضاء داخل كردون مدينة الإسكندرية بنواحى خورشيد والصبحية والرأس السوداء ، فتقدما مشترين بتلك المزايدة ، وقاما بسداد التأمين المطلوب لدخول المزاد ، وقد رست عليهما القطع الثلاث الموضحة بعريضة دعواهما ، وقاما باستكمال التأمين ليصل إلى 20 % من الثمن الراسى به المزاد وذلك بالنسبة لكل منهما . وقال المدعيان أنه بعد مضى عامين على رسو المزاد عليهما قررت الهيئة المدعى عليها إلغاء إجراءات المزاد بالنسبة لجميع المساحات المعروضة بنواحى خورشيد والصبحية والرأس السوداء والتى رسا مزاد بيعها فى جلسات 13 و 14 و 20 27 نوفمبر سنة 1974 وعرضها للبيع مرة أخرى لانخفاض الأسعار التى رسا بها المزاد عن سعر المثل .. ولما كانت قائمة شروط البيع التى تمت المزايدة على أساسها نصت فى البند السادس عشر منها على أن تعتبر لائحة المناقصات والمزايدات مكملة لهذه الشروط فيما لم يرد به نص ، وطالما أنه لم تقم بالمزايدة إحدى الحالات التى تجيز إلغاؤها وفقا لأحكام القانون رقم 236 لسنة 1954 بشأن تنظيم المناقصات والمزايدات ولائحته التنفيذية فلا يجوز إلغاؤها وعدم الاعتداد بنتيجتها تمهيدا لإعادتها بقصد الوصول إلى ثمن أعلى ، وإنما يتعين وفقا لأحكام القانون المشار إليه اعتماد إرسائها على صاحب أكبر عطاء مادام قد أوفى بالتزامه بتكملة التأمين المقدم منه إلى 20 % من قيمة العطاء .

وبجلسة 11/1/1987 قضت محكمة القضاء الإدارى بإلزام المدعى عليهما بأن يؤديا للمدعى الأول مبلغ 2800 جنيه وللمدعى الثانى مبلغ 2200 جنيه مع إلزام المدعى عليهما بالمصروفات . وأقامت قضاءها تأسيسا على أن المشرع فى المادة ( 7 ) من القانون رقم 236 لسنة 1954 بتنظيم المناقصات والمزايدات حدد الحالات التى يجوز فيها إلغاء المناقصة على وجه الحصر – وتسرى تلك الأحكام على المزايدة عملا بحكم المادة ( 11 ) من القانون سالف الذكر – والثابت من الإطلاع على مذكرة الهيئة العامة للإصلاح الزراعى المقدمة بجلسة 7/3/1985 أن مجلس إدارة الهيئة لم يعتمد البيع للراسى عليهم المزاد وقام بإلغاء المزاد بسبب انخفاض أسعار الأرض التى عرضت بالمزاد عن سعر المثل . وهذا السبب ليس من الأسباب التى أتاح القانون إلغاء المزاد بسببها ، ومن ثم فإن قرار الإدارة بإلغاء المزاد يكون قد صدر غير متفق مع حكم القانون مما يصيبه بعدم المشروعية – وهذا القرار يكون ركن الخطأ فى المسئولية وهو ما يترتب عليه مباشرة ضدرر بالمدعيين يستوجب تعويضهما عن الأضرار التى أصابتهما من إلغاء المزاد وقت حدوثه .

ومن حيث إن مبنى الطعن رقم 1266 لسنة 33 ق ، عليا مخالفة الحكم المطعون فيه والخطأ فى تطبيقه فى سند من القول بأنه لم يقم بالمزايدة موضوع الدعوى أية حالة من الحالات التى تبرر إلغاءها طبقا لحكم المادة ( 7 ) من القانون رقم 236 لسنة 1954 المشار إليه ، وكان من حق الطاعنين أن يقضى لكل منهما بصحة التعاقد القائم بين الهيئة وبينهما وبطلان إجراءات إعادة طرحها ، وقد كيفت المحكمة هذا الطلب على أنه طلب إلغاء قرار إلغاء المزايدة وأن هذا التكييف لا يمثل حقيقة طلباتهما – كما أن مبلغ التعويض الذى قضت به المحكمة يخالف المبدأ الذى يحكم التعويض وهو تعويض المضرور عما فاته من كسب وما لحقه من خسارة – وقد بيع الفدان الواحد فى أرض متاخمة لأرض المزاد بمبلغ 120 ألف جنيه طبقا للعقود المسجلة .

ومن حيث إن مبنى الطعن رقم 1286 لسنة 33 ق . عليا هو مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ فى تطبيقه وتأويله على سند من القول تأسيسا على أنه طبقا لأحكام القانون وما استقرت عليه أحكام المحكمة الإدارية العليا فإن اختصاص لجنة البت ينحصر فى إتمام الإجراءات بقصد الوصول إلى تعيين أفضل المتناقضين أو المتزايدين حسب الأحوال وإن من حق الجهة الإدارية عدم التعاقد والعدول عنه إذا ثبت ذلك لأسباب تتعلق بالمصلحة العامة ، ولما كانت الهيئة الطاعنة قد قامت بإلغاء المزاد بسبب انخفاض السعر عن سعر المثل ، فإن قرارها فى هذا الشأن يكون سليما ومطابقا للقانون – وترتيبا على ذلك فلا يوجد خطأ ينسب للهيئة الطاعنة مما يستوجب التعويض عنه .

ومن حيث إن مثار الخلاف المعروض هو بيان مدى حق الجهة الإدارية فى الامتناع عن اعتماد نتيجة المزاد تمهيداً لإعادة المزايدة بقصد الوصول إلى ثمن أعلى .

ومن حيث إنه سبق للمحكمة الإدارية العليا أن قضت بجلستها المنعقدة فى 1/2/1969 فى الطعن رقم 813 لسنة 13 عليا " بأنه إذا لم تقم بالمزايدة إحدى الحالات التى تجيز إلغاءها وفقا لأحكام القانون فإنه ما كان يجوز إلغاؤها وعدم الاعتداد بنتيجتها تمهيدا لإعادة المزايدة بقصد الوصول إلى ثمن أعلى – بل كان يتعين وفقا لأحكام هذا القانون ولائحة المناقصات والمزايدات اعتماد إرساءها على المدعى مادام أنه قد تقدم بأفضل العطاءات وقام بالتزامه بإكمال التأمين المقدم منه إلى 20% من قيمة عطائه ، ويكون القرار الصادر بإعادة المزايدة ، وما ترتب عليه من إجراءات انتهت بإرسائها على غير المدعى – مخالفا للقانون – ولا شك فى أن هذا القرار غير المشروع قد ألحق ضررا بالمدعى يتمثل فيما تكبده من نفقات للاشتراك فى المزايدة وما اقتضاه ذلك من قيامه بإيداع تأمين ، وفيما فاته من فرصة الحصول على الربح الذى كان يأمل فى تحقيقه فيما لو تم التعاقد معه والذى قام الدليل على رجحانه برسو المزايدة على غير بثمن يزيد على قيمة عطائه ، وتقدر المحكمة التعويض المستحق بمبلغ .......... "

إلا أن المحكمة الإدارية العليا قد اتجهت اتجاها مخالفا فى حكمها الصادر بجلسة 29/11/1986 فى الطعنين رقمى 1505 ، 1539 لسنة 29 ق ، عليا حيث ذهبت إلى أن المادة 7 / 2 / 3 من القانون رقم 236 لسنة 1954 بتنظيم المناقصات والمزايدات أجازت لرئيس المصلحة بقرار منه ، بناء على رأى لجنة البت فى العطاءات إلغاء المناقصة أو المزايدة إذا كانت قيمة العطاء الاقل فى المناقصة تزيد على القيمة السوقية وفى المزايدة تقل على القيمة المذكورة ، وظاهر أن القصد من ذلك يفيد المصلحة العامة للدولة بتوفير الزائد عن القيمة لخزانتها فإذا ما صدر قرارها على هذا الوجه كان مطابقا لحكم القانون ، فإذا كان الثابت من الأوراق أن المزايدة الأولى تمت طبقا للمراحل والإجراءات التى أوجبها القانون للبت فى العطاءات حتى كشفت لجنة البت من أعلى العطاءات المطابقة سعرا بعد استبعاد العطاءات التى قدمت بعد الميعاد والمتضمنة أسعارا تلعو الأسعار المقدمة فى الميعاد ، وإذ أثبت لجنة البت من مجموع هذه العطاءات أن القيمة السوقية لاستغلال الكازينو محل المزايدة تزيد على قيمة أعلى عطاء قدم فى الميعاد ، مما رأت معه إلغاء المناقصة تحقيقا لمصلحة الخزانة للفرق بين قيمة أعلى عطاء والقيمة السوقية وقد اعتمد ذلك سكرتير عام المحافظة بإيعاز من رئيس المصلحة ، فإن قراره فى هذا الشأن يكون قد صدر مطابقا لحكم القانون ممن يختص بإصداره بناء على رأى لجنة البت فى العطاءات بقصد تحقيق مصلحة عامة ، ولم يقم دليل على أن غايته شابها انحراف بالسلطة .

ومن حيث إن البند ( 16 ) من قائمة مزاد بيع الاراضى محل الطعن الذى تم بتاريخ 13/11/1974 تنص على أن تعتبر لائحة المزايدات والمناقصات مكملة لشروط القائمة فيما لم يرد به نص .

ومن حيث إن المادة ( 7 ) من القانون رقم 236 لسنة 1954 تنظيم المناقصات والمزايدات تنص على أن " تلغى المناقصة بقرار مسبب من رئيس المصلحة بعد النشر عنها وقبل البت فيها إذا استغنى عنها نهائياً " أما فى غير هذه الحالة فيجوز لرئيس المصلحة إلغاء المناقصة فى إحدى الحالات الآتية :

1-    إذا تقدم عطاء وحيد أو لم يبق بعد العطاءات المستبعدة إلا عطاء واحد .

2-    إذا اقترنت العطاءات كلها أو أكثرها بتحفظات .

3-    إذا كانت قيمة العطاء الأقل تزيد على القيمة السوقية .

ويكون الإلغاء فى هذه الحالات بقرار من رئيس المصلحة بناء على راى لجنة البت فى العطاءات .

وتنص المادة ( 11 ) من القانون المذكور على أن " تسرى الأحكام المتقدمة على مزادات بيع الأصناف والمهمات التى يتقرر التصرف فيها ، كما تسرى أيضا على مقاولات الأعمال ومقاولات الفصل ..... " .

وتنص المادة ( 13 ) من ذات القانون على أن " ينظم بقرار من وزير المالية والاقتصاد ما لم ينظمه هذا القانون من أحكام وإجراءات " .

وقد نصت المادة ( 67 ) من لائحة المناقصات والمزايدات الصادرة بقرار وزير المالية والاقتصاد رقم 542 لسنة 1957 على أن " .......... ترفع اللجنة " لجنة البت " توصياتها موقعة من جميع أعضائها ومن رئيسها إلى رئيس المصلحة أو مدير السلاح لكى يتولى اعتماد توصيات اللجنة ........ " .

ومن حيث إن المادة ( 7 ) من قانون المناقصات والمزايدات سالفة البيان قد أجازت لسلطة الاعتماد بناء على رأى لجنة البت فى العطاءات إلغاء المناقصة أو المزايدة ، بعد البت فيها ، إذا كانت قيمة العطاء الأقل فى المناقصة تزيد على القيمة السوقية وفى المزايدة تقل عن تلك القيمة ، ومن ثم فإذا ما صدر قرار السلطة المختصة ، الاعتماد بإلغاء المزايدة لما ثبت لها من أن الثمن الذى رست به المزايدة يقل كثيرا عن القيمة السوقية – وحتى لو جاوز الثمن الأساسى المحدد بمعرفة لجنة التثمين – وكان ذلك ابتغاء مصلحة عامة تكمن الحصول على أكبر ثمن ممكن لممتلكاتها – فإن قرارها الصادر فى هذا الشأن يكون متفقا وأحكام القانون – ذلك أنه ولئن كانت لجنة البت فى المزاد تنوب عن الجهة الإدارية فى اتخاذ إجراءات البيع ويكون السعر الأساسى المقدر بمعرفة لجنة التثمين سعرا استرشاديا فحسب تلتزم بعدم رسو المزاد بسعر يقل عن هذا السعر ، إلا أنه يجب عليها عند اتخاذ قرارها أن يكون سعر البيع مناسبا للأسعار المتعامل بها عند رسو المزاد ، ومرد ذلك أن السعر المحدد بمعرفة لجنة التثمين قد يكون مناسبا وقد لا يكون مناسبا ، وأن البيع فى المزايدات الحكومية يقوم على فكرة البيع بأعلى سعر مناسب لأسعار السوق ، واسعار السوق يترك تقديرها لسلطة التعاقد من ظروف البيوع المماثلة ، وهى ظروف لا تتوافر للجنة التثمين باعتبار أن التقدير يكون فى وقت سابق على إجراءات البيع وظروفه .

ومن حيث إنه فضلا عما تقدم فإن لجنة البت سواء فى المناقصة أو المزايدة يقتصر دورها على تعيين أفضل المتناقصين أو المتزايدين وفقا لما رسمه القانون بإرساء المناقصة أو المزايدة عليه وليس الخطوة الأخيرة فى التعاقد ، بل ليس إلا إجراء تمهيديا فى عملية التعاقد المركبة ، ثم يأتى بعد ذلك دور الجهة المختصة بإبرام العقد فإذا ما رآت أن تبرمة فإنها تلتزم بإبرامه مع المزايد أو المناقص الذى عينته لجنة البت واختصاصها فى هذا الشأن اختصاص مقيد حيث تلتزم بالامتناع عن التعاقد مع غير هذا الشخص ولا تستبدل غيره به ، إلا أنه يقابل هذا الاختصاص المقيد سلطة تقديرية هى حق هذه الجهة فى عدم إتمام التعاقد وفى العدول عنه إذا ثبت ملاءمة ذلك لأسباب تتعلق بالمصلحة العامة ، وذلك أمر بديهى لأن التقدم بالعطاء ولو كان يزيد على غيره من العطاءات ليس إلا إيجابا من صاحب هذا العطاء ، ولابد لانعقاد العقد من أن يصادفه قبول بإرساء المزايدة عليه ممن يملكه بحيث إذا لم يصدر هذا القبول من الإدارة ويخطر به الراسى عليه المزاد فإن عقدا ما لا يكون قد انعقد بينهما .

ومن حيث ولئن كان من حق الجهة الإدارية – حسبما سلف البيان – الامتناع عن اعتماد نتيجة المزايدة تمهيدا لإعادتها بقصد الوصول إلى ثمن أعلى ، وإن قرارها الصادر فى هذا الشأن يكون متفقا وأحكام القانون ، إلا أنه غنى عن البيان أنه يتعين على جهة الإدارة أن تصدر قرارها بإلغاء المزايدة فى وقت مناسب طبقا لظروف كل حالة وإلا كانت ملتزمة بتعويض ما عسى أن يكون قد لحق صاحب الشأن من أضرار نتيجة التراخى فى إصدار قرار الإلغاء طبقا للقواعد العامة المقررة فى المسئولية التقصيرية .

 

فلهدة الأسباب

حكمت المحكمة بأنه يجوز للسلطة المختصة عدم اعتماد توصية لجنة إرساء المزاد إذا ما تبين لها أن السعر الذى انتهى إليه المزاد يقل كثيرا عن القيمة السوقية وقت رسو المزاد وعلى أن تصدر قرارها بالإلغاء فى وقت مناسب على النحو المبين بالأسباب وأمرت بإحالة الطعن إلى الدائرة المختصة بالمحكمة للفصل فيه .