جلسة 16 من ديسمبر سنة 1995
برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور / محمد جودت أحمد الملط
نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السادة الأساتذة :
محمد مجدى محمد خليل
وعويس عبد الوهاب عويس
وعبد المنعم أحمد عبد الرحمن حسين
ومحمود سامى الجوادى
نواب رئيس مجلس الدولة
الطعن رقم 1331 لسنة 37 القضائية :
نيابة إدارية – أعضاؤها – التظلم من تقرير الكفاية .
المادة 38 مكرراً ( 2 ) من القانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية المضافة بالقانون رقم 12 لسنة 1989 .
نظراً لما لتقدير الكفاية من أثر بالغ فى ترقيات اعضاء هيئة النيابة الإدارية ومستقبلهم الوظيفى فقد وضع المشرع من النظم والضوابط ما يكفل قيامه على أسس سليمة عادلة ، وناط أمر هذا التقدير بإدارة التفتيش الفنى لا بتقرير المفتش الفنى منفرداً ، وأجاز القانون لمن قدرت إدارة التفتيش كفايته بدرجة متوسط أو أقل من المتوسط أن يتظلم خلال الميعاد المقرر إلى المجلس الأعلى للنيابة الإدارية الذى يناط به الفصل فى التظلم على وجه السرعة وقبل إجراء الترقيات ، تطبيق .
إجراءات الطعن
بتاريخ 10/3/1991 أودع الأستاذ / ................ المحامى بصفته وكيلاً عن الطاعنة قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 1331 لسنة 37 ق . ع ضد رئيس هيئة النيابة الإدارية وطلب فى ختامه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء قرار تقدير كفاية الطاعنة بدرجة متوسط عن المدة من 1/3/1989 حتى 31/5/1989 مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة .
وبعد إعلان تقرير الطعن أودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً رأت فى ختامه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء تقدير كفاية الطاعنة بدرجة متوسط عن المدة من 1/3/1989 حتى 31/5/1989 مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام جهة الإدارة المصروفات .
وعينت لنظر الطعن جلسة 16/4/1994 وتدوول بالجلسات على الوجه المبين بمحاضرها ، وبعد أن سمعت المحكمة ما رأت لزوم سماعه من إيضاحات ذوى الشأن قررت بجلسة 28/10/1995 إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به .
المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة .
ومن حيث إن الطعن استوفى اوضاعه الشكلية .
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة حسبما يبين من الأوراق تتحصل فى أن الطاعنة أقامت الطعن الماثل بغية الحكم بطلباتها السالفة البيان وقالت شرحا لذلك ما حاصله أنها تعمل رئيسا للنيابة الإدارية بشبين الكوم ، وفى 9/7/1990 أخطرت بتقرير التفتيش الفنى عن أعمالها خلال المدة من 1/3/1989 حتى 31/5/1989 متضمنا بعض الملاحظات الفنية وأن نسبة انجازها غير مقبولة . واستنادا إلى هذا التقرير قامت إدارة التفتيش الفنى بتقدير كفايتها بدرجة متوسط فتقدمت بتاريخ 1/7/1990 باعتراض إلى الإدارة المذكورة عقبت فيه على الملاحظات المشار إليها وأشارت إلى خطأ التقدير فى تحديد عدد القضايا المتداولة لديها وإغفاله بعض الحقائق الثابتة مما كان له أثره فى تقدير كفايتها إلا أنها أخطرت فى 5/12/1990 برفض الاعتراض المقدم منها فتظلمت من هذا التقدير بتاريخ 19/12/1990 وقرر المجلس الأعلى للنيابة الإدارية بجلسة 31/12/1990 قبول التظلم شكلاً ورفضه موضوعاً وأخطرها أمين عام المجلس بهذا القرار بتاريخ 4/1/1991 ووصلها الاخطار فى 9/1/1991 ومضت الطاعنة فقررت أنها تقدمت بتاريخ 26/1/1991 بالتماس إلى رئيس هيئة النيابة الإدارية لرفع تقدير كفايتها عن مدة التفتيش سالفة الذكر إلا أن المجلس الأعلى للنيابة قرر بجلسة 4/2/1991 رفض الالتماس وأخطرها الأمين العام بهذه النتيجة بتاريخ 17/2/1991 ، وأسترسلت الطاعنة فذهبت إلى أن تقدير كفايتها – مثار الطعن – تم على أساس تقدير التفتيش الفنى الذى بنى على خطأ فى الواقع واغفل حقائق جوهرية أخرى مما كان له أكبر الأثر فى النزول بتقدير كفايتها إلى درجة متوسط رغم أن تقارير كفايتها جميعا سواء السابقة أو اللاحقة بتقدير فوق المتوسط ، وبيان ذلك أن تقرير التفتيش أغفل تماما اختصاصها الإضافى بتلقى العرائض وفحصها والتصرف فيها وهى قد بلغت 139 عريضة خلال فترة التفتيش تم التصرف خلال ذات الفترة فى 107 عريضة منها ، كذلك ورد بالتقرير أن عدد القضايا التى فى حوزتها خلال تلك الفترة بلغت 31 قضية أنجزت منها إحدى عشرة قضية معقباً بأنها نسبة إنجاز غير مقبولة ، والصحيح على ما قررت الطاعنة – أن جعله ما كان بحوزتها 28 قضية فقط وليس 31 قضية كذلك فإن ما أنجز منها هو ثلاث عشرة قضية لا إحدى عشرة كما جاء بالتقرير كذلك أغفل المفتش فى تقريره وجود ثلاث قضايا بإدارة الدعوى التأديبية بطنطا خلال فترة التفتيش حسبت خطأ ضمن القضايا المتبقية بغير إنجاز ، كذلك فإن ثمة قضيتين كانتا بالاستيفاء وردتا إلى النيابة بعد انتهاء فترة التفتيش ، ونعت الطاعنة على التقرير مشوبته بالتقصير فى تحرى الحقيقة مما أظهر أعمالها فى صورة سيئة على خلاف الواقع وأدى إلى التأثير فى تقدير كفايتها استناداً إلى قلة الانجاز ، ومضت الطاعنة مشيرة إلى ما حواه تقرير التفتيش من ملاحظات فنية فى بعض القضايا وعقبت بقولها أن هذه القضايا وفق عليها من قبل نائب رئيس الهيئة المختص ، وبعد إذ قررت أنها أقدم الأعضاء بنيابة شبين الكوم مما يستتبع إحالة القضايا ذات الحجم الكبير إليها والتى تتسم بأهمية خاصة وأوضحت أن المستشار / ................ نائب رئيس الهيئة ومدير المكتب الفنى بالقاهرة قد توجه إلى نيابة شبين الكوم بتاريخ 3/2/1991 وهو بصدد بحث الالتماس المقدم منها إلى رئيس الهيئة حيث قام بالإطلاع على السجلات وأعد تقريراً خلص فيه إلى أن جملة المتداول لدى الطاعنة 26 قضية وليس 28 قضية وانتهى إلى ضرورة رفع تقدير كفايتها إلا أن المجلس الأعلى للنيابة ظل على رأيه وقرر رفض الالتماس ، وخلصت الطاعنة من هذا السرد للواقعات إلى أن تقدير كفايتها المطعون فيه قد انتزع من أصول لا تنتجه قانونا ومن ثم يكون باطلا حقيقا بالإلغاء وطلبت الحكم بمطلوبها السالف بيانه .
ومن حيث إن الجهة الإدارية المطعون ضدها أجابت على الطعن وأودعت صورة من تقرير التفتيش الفنى بتقدير كفاية الطاعنة مثار التداعى الماثل ودفعت بعدم قبول الطعن لانتفاء القرار الإدارى بمقولة أن تقارير التفتيش على الأعضاء لا تعدو أن تكون أعمالا تحضيرية لا تؤثر على المراكز القانونية لهؤلاء . وبالتالى فلا يصدق عليها وصف القرارات الإدارية النهائية – ذلك الوصف الذى لا يصدق إلا على القرار الصادر بالتخطى فى الترقية إلى الوظيفة الأعلى وهو الذى يخاصم تقدير الكفاية من خلال مخاصمته بدعوى الإلغاء ، والحال أن الطاعنة تخطيت فى الترقية بقرار رئيس الجمهورية رقم 87 لسنة 1991 الصادر فى 19/2/1991 ولم تطعن على هذا القرار رغم تأثيره تأثيراً مباشراً فى مركزها القانونى وطلبت الجهة الإدارية رفض الطعن بصفة احتياطية تأسيسا على أن تقدير الكفاية المطعون فيه قام على أساس يبرره قانونا واستمد من عناصر مؤدية إلى صحة النتيجة التى انتهى إليها واستوفى شكله القانونى السليم ومن ثم يكون صحيحا موافقا للقانون غير مشوب بإساءة استعمال سلطة أو انحراف بها فجاء سليما فى مضمونة محمولا على أسبابه .
ومن حيث إنه عن الدفع المبدى بعدم القبول لانتفاء القرار الإدارى فإن هذا الدفع فى غير محله ، إذ ليس من ريب فى أن تقدير الكفاية إن هو إلا قرار إدارى يصدر عن السلطة المختصة بإصداره قانونا منشئا لمركز قانونى ذاتى لذى الشأن فيه يؤثر مالا فى الترقية منحا أو منعا بل قد يتعدى أثره إلى مدى الصلاحية للاستمرار فى الوظيفة العامة ويكون مدعاة إلى إنهاء رابطة التوظف ذاتها ، وبهذه المثابة فإن قرار هذه طبيعته وذلك مضمونه انما يتمتع بذاتية متميزة واستقلال تام عما قد يترتب عليه من قرارات لاحقة يقوم منها مقام السبب ، ويضحى لذى الشأن والحالة هذه أن يختصم القرار الصادر بتقدير كفايته إذا عن له ذلك على استقلال أو يتربص حتى يختصم ما عسى أن يصدر ركونا إليه من قرارات ليختصمه من خلالها موجها إليه ما يرى ما مآخذ أو مطاعن فهو بالخيار بين أن ينهج هذا النهج أو يسلك ذاك المسلك ولا تثريب عليه إن أثر سبيل اختصام القرار الصادر بتقدير كفايته على استقلال ، وعليه فإن الدفع المثار فى هذا الخصوص يكون غير سديد حرباً بالالتفات عنه واطراحه .
ومن حيث إن المادة 38 مكررا ( 2 ) من القانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية والمضافة بالقانون رقم 12 لسنة 1989 تنص على أن " تشكل بالنيابة الإدارية إدارة التفتيش على أعضاء النيابة من مدير ووكيل يختاران من بين نواب الرئيس أو الوكلاء العامين الأولين وعدد كاف من الأعضاء ممن لا تقل درجتهم عن رئيس نيابة .
وتشغل وظائف هذه الإدارة بطريق الندب لمدة سنة قابلة للتجديد بقرار من وزير العدل بناء على اقتراح رئيس الهيئة وأخذ رأى المجلس الأعلى للنيابة الإدارية .
وتختص إدارة التفتيش بتقويم أداء أعضاء النيابة لأعمالهم وتقدير درجة كفايتهم اللازمة للترقية وبكل الأمور المتعلقة بمسلكهم الوظيفى .
ويصدر بنظام إدارة التفتيش قرار من وزير العدل بناء على اقتراح رئيس هيئة النيابة الإدارية وأخذ رأى المجلس الأعلى لها .
ويجب التفتيش على أعضاء النيابة الإدارية من درجة رئيس نيابة فما دونها بصفة دورية مرة كل سنتين على الأقل .
ويكون تقدير الكفاية بإحدى الدرجات الآتية : ( كفء – فوق المتوسط – متوسط – أقل من المتوسط ) ويجب أن يحاط أعضاء النيابة علماً بكل ما يودع بملفاتهم من ملاحظات أو أوراق أخرى ويخطر رئيس هيئة النيابة الإدارية من تقدير كفايته بدرجة متوسط أو أقل من المتوسط وذلك بمجرد انتهاء إدارة التفتيش من تقدير كفايته ، ولمن أخطر الحق فى التظلم من التقدير أمام المجلس الأعلى للنيابة الإدارية فى ميعاد لا يجاوز خمسة عشر يوما من تاريخ الإخطار ويصدر المجلس قراره فى التظلم على وجه السرعة وقبل إجراء الترقيات ..... الخ .
ومن حيث إن المستفاد من هذه النصوص أنه نظراً لما لتقدير الكفاية من آثر بالغ فى ترقيات اعضاء هيئة النيابة الإدارية ومستقبلهم الوظيفى فقد وضع المشرع من النظم والضوابط ما يكفل قيامه على أسس سليمة عادلة . وناط أمر هذا التقدير بإدارة التفتيش الفنى لا بتقرير المفتش الفنى منفرداً ، وأجاز القانون لمن قدرت إدارة التفتيش كفايته بدرجة متوسط أو أقل من المتوسط أن يتظلم خلال الميعاد المقرر إلى المجلس الأعلى للنيابة الإدارية الذى يناط به الفصل فى التظلم على وجه السرعة وقبل إجراء الترقيات .
ومن حيث إن الثابت بالأوراق أن تفتيشاً أجرى على أعمال الطاعنة عن الفترة من 1/3/1989 حتى 31/5/1989 اعد التفتيش الفنى على أثره تقريراً بالنتيجة خلص إلى أنها أنجزت خلال فترة التفتيش إحدى عشرة قضية من جملة المتداول لديها وعدده إحدى وثلاثون قضية وهى نسبة إنجاز غير مقبولة وأشار إلى أن الطاعنة تبادر إلى الإطلاع على القضايا المحالة إليها ويأتى اطلاعها وافيا ثم تسير فى تحقيقها فى جلسات متقاربة مراعية القواعد الإجرائية من ناحية فتح المحاضر وقفلها واثبات الملحوظات ، وتأتى تحقيقاتها وافية فى الغالب وإن كان قد شاب بعضها نقص وقصور وأشار التقرير فى ذلك إلى قضيتين حددهما بذاتهما وملفين فرعيين عينهما كذلك ، وأضاف التقرير أنها تقوم فى اجال مناسبة بعد انتهاء التحقيق بإعداد مذكرات التصرف وتحررها بأسلوب عادى وتضمنها موجزا لموضوع البلاغ وما تم بشأنه من تحقيق ثم تناقش المسئوليات التأديبية ، وقد أعوزها التقدير السليم للوقائع والأدلة فى الأغلب الأعم من القضايا والملفات الفرعية التى تم التفتيش عليها فشابها قصور التسبيب أو التناقض فيه أو الفساد فى الاستدلال أو مخالفة القانون أو الخطأ فى تطبيقه ، وقد عرض هذا التقرير على إدارة التفتيش الفنى بتاريخ 28/6/1990 حيث قامت بمناقشته وانتهت إلى تقدير كفاية الطاعنة بدرجة " متوسط " وبناء على الاعتراض المقدم من المذكور بتاريخ 18/7/1990 اجتمعت لجنة الاعتراضات بتاريخ 29/11/1990 حيث قامت بمناقشة التقرير والاعتراض المقدم عنه وتبين لها أنه لم يأت بجديد يسوغ العدول عما ورد بالتقرير وخلصت اللجنة إلى قبول الاعتراض شكلاً وفى الموضوع اقرار درجة كفاية المعترضة بتقدير متوسط ، وإذ تظلمت المذكورة من بعد إلى المجلس الأعلى للنيابة فقد قرر قبول التظلم شكلاً ورفضه موضوعاً .
ومن حيث إنه أيا كان وجه الرأى فيما إذا كانت القضايا المتداولة لدى الطاعنة خلال فترة التفتيش تبلغ إحدى وثلاثين قضية أو أنها تقل عن ذلك بثلاث أو خمس قضايا وأنها أنجزت إحدى عشرة قضية خلال تلك الفترة أو ما يزيد على ذلك قليلا وما ترتب عليه من التقرير بأن نسبة إنجازها غير مقبولة فإن الثابت مما سلف بيانه فى معرض سرد الواقعات أن تقدير كفايتها لم يبين على هذا السبب وحده وإنما ركن إلى اسباب أخرى تتعلق بالكفاية الفنية مما ورد بالملاحظات الواردة تفصيلاً بتقرير التفتيش ، ولما كان تقدير كفاية الطاعنة قد تم من قبل الإدارة المختصة فى حدود سلطتها التقديرية وفق أحكام القانون بما لا معقب عليها فيه مادامت الأوراق خلواً من دليل على إساءة استعمال السلطة أو انحراف يعيب هذا التقدير فإن القرار المطعون فيه يكون مبرءا من أية شائبة تنال من مشروعيته ويكون الطعن عليه والحالة هذه غير قائم على سند من القانون متعيناً رفضه .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً .