جلسة 14 من اكتوبر سنة 1995

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور / محمد جودت أحمد الملط

نائب رئيس مجلس الدولة

وعضوية السادة الأساتذة :

محمد مجدى محمد خليل

وعويس عبد الوهاب عويس

والسيد محمد العوضى

ومحمود إسماعيل رسلان

نواب رئيس مجلس الدولة

الطعن رقم 1701 لسنة 34 القضائية :

البنك المركزى المصرى – سلطة إصدار لوائح العاملين به – عدم الالتزام بقواعد نظام العاملين المدنيين بالدولة – العلاوة .

المادة الخامسة من القانون رقم 120 لسنة 1975 فى شأن البنك المركزى المصرى والجهاز المصرفى .

المادة ( 43 ) من لائحة العاملين بالبنك المركزى المصرى .

خص المشرع مجلس إدارة البنك المركزى المصرى بإصدار اللوائح المتعلقة بنظم العاملين به ومرتباتهم ومكافآتهم والمزايا وكافة البدلات دون التقيد بالنظم والقواعد المنصوص عليها بشأن العاملين المدنيين بالدولة ، أساس ذلك : تمكين البنك من تحقيق الأهداف والغايات التى يضطلع بها وتوفير قدر من المرونة التى تضمن حسن سير العمل بإنتظام واطراد دونما الاصدام بقيود أو معوقات قد تترتب على تطبيق القواعد الإدارية السارية فى الجهاز الإدارى للدولة – عدم استحقاق العامل الذى تجاوزت إعارته ستة أشهر خلال السنة للعلاوة هو أمر مما يترخص فى تقريره مجلس إدارة البنك عند وضعه لائحة العاملين به – لا إلزام على البنك فى وضعه للائحة العاملين به من التقيد بقواعد الترقيات والعلاوات المنصوص عليها فى قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة – تطبيق .

 

إجراءات الطعن

بتاريخ 26/4/1988 أودع الأستاذ / ............... المحامى بصفته وكيلاً عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد برقم 1701 لسنة 34 ق . عليا فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بجلسة 10/3/1988 فى الدعوى رقم 3336 لسنة 38 ق والقاضى بقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً وإلزام المدعين المصروفات ، وانتهى تقرير الطعن إلى طلب الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم بأحقية الطالبين فى ضم مدد إعارتهم إلى المدة التى تدخل فى استحقاق العلاوة الدورية مع ما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام البنك المصروفات ومقابل اتعاب المحاماة عن الدرجتين .

وأودعت هيئة مفوضى الدولى تقريراً مسببا بالرأى القانونى ارتآت فيه الحكم  بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعا مع إلزام الطاعنين المصروفات .

وقد نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون وبجلسة 22/5/1995 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا – الدائرة الثانية – لنظره بجلسة 17/6/1995 حيث نظر الطعن وبجلسة 5/8/1995 تقرر حجز الطعن للحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على اسبابه لدى النطق به .

 

المحكمة

بعد الإطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة .

ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية فإنه يكون مقبولاً شكلا .

ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص – حسبما يبين من الأوراق – فى أن الطاعنين أقاموا الدعوى رقم 3336 لسنة 38 ق أمام محكمة القضاء الإدارى بعريضة أودعت قلم كتاب المحكمة بتاريخ 2/4/1984 طالبين فى ختامها الحكم بأحقيتهم فى ضم مدد إعارتهم إلى المدة التى تدخل فى استحقاق العلاوة الدورية مع ما يترتب على ذلك من آثار قانونية وفروق مالية مع إلزام البنك المدعى عليه بالمصروفات ، وقال المدعون شرحا لدعواهم أنهم اعيروا للعمل بالخارج بعد موافقة جهة العمل وطبقاً لأحكام لائحة العاملين بالبنك لا يستحق العاملون المعارون أو المرخص لهم بإجازة خاصة بدون مرتب لمرافقة الزوج أو الزوجة العلاوة الدورية خلال مدة إعارتهم أو إجازتهم كما لا تدخل تلك المدد فى الترقية ، ولما كان من المتفق عليه قانونا أن مدة الإعارة والإجازة بدون مرتب تدخل فى استحقاق العلاوة الدورية والترقية وأن القواعد المعمول بها فى هذا الشأن هى قواعد آمرة لا يجوز الخروج عليها التزاما بمقتضيات الصالح العام ، وبالبناء على ما تقدم فإن النص فى لائحة نظام العاملين بالبنك المركزى على استبعاد مدة الإعارة وكذلك مدة الإجازة الخاصة بدون مرتب من نطاق المدة التى تدخل فى استحقاق العلاوة الدورية يكون مخالفا لقواعد آمرة الأمر الذى يجعل هذا النص باطلا بطلانا ينحدر به إلى مستوى العدم .

وبجلسة 10/3/1988 قضت المحكمة بقبول الدعوى شكلاً وبرفضها موضوعاً وإلزام المدعين المصروفات ، وشيدت المحكمة حكمها على أن لائحة العاملين بالبنك التى صدرت استنادا إلى القانون رقم 120 لسنة 1975 فى شأن البنك المركزى المصرى نصت صراحة فى المادة ( 43 ) على عدم استحقاق المعار للعلاوة الدورية متى تجاوزت إعارته مدة ستة أشهر ولما كان المدعون قد أعيروا لإحدى الجهات فى الخارج وزادت مدة إعارة كل منهم على ستة أشهر فإنه لا يستحقون العلاوة الدورية المقررة أثناء مدة إعارتهم .

ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون إذ أن استناد الحكم إلى المادة (43) من اللائحة هو استناد إلى حكم مخالف للقانون مخالفة خطيرة ويصطدم بالمركز القانونى الراسخ للعامل بالبنك ولا يغير من ذلك أن تكون اللائحة التى طبقتها المحكمة قد صدرت استناداً إلى تفويض  ورد بالقانون رقم 120 لسنة 1975 ذلك أن التفويض مقصور على تنظيم الشئون المالية فلا يجوز الخروج عليه أو تجاوزه وتناول الشئون والمراكز الوظيفية .

ومن حيث إن المادة الخامسة من القانون رقم 120 لسنة 1975 فى شأن البنك المركزى المصرى والجهاز المصرفى تنص على أن : " يتبع البنك أساليب الإدارة وفقا لما جرى عليه العمل فى المنشآت المصرفية دون التقيد بالنظم والقواعد الإدارية المالية المنصوص عليها فى القوانين واللوائح المعمول بها فى الحكومة والقطاع العام " وتنص المادة السابقة على أن " مجلس إدارة البنك هو السلطة المختصة بتصريف شئونه والمهيمنة على تنظيم السياسة النقدية والائتمانية والمصرفية والإشراف على تنفيذها وإصدار القرارات بالنظم التى يراها كفيلة بتحقيق الغايات والأغراض التى يقوم على تنفيذها وللمجلس فى سبيل ذلك اتخاذ الوسائل الآتية :

( أ ) ............... ( ب ) ................... ( ى ) اعتماد الهيكل التنظيمى للبنك بناء على اقتراح المحافظ . ( ك ) إصدار اللوائح المتعلقة بنظم العاملين ومرتباتهم وآجورهم والمكافآت والمزايا والبدلات الخاصة وتحديد فئات بدل السفر لهم فى الداخل والخارج .

ولا يتقيد مجلس الإدارة فيما يصدره من قرارات طبقا للبندين ( ى ) و ( ك ) بالنظم والقواعد المنصوص عليها فى القرار بقانون رقم 58 لسنة 1971 بإصدار نظام العاملين المدنيين بالدولة والقرار بقانون رقم 61 لسنة 1971 بإصدار نظام العاملين بالقطاع العام .

واستناداً إلى هذه النصوص أصدر مجلس إدارة البنك المركزى المصرى لائحة العاملين بالبنك حيث نصت المادة 43 منها على أن : " تكون مدة الإعارة لمدة سنة أو أكثر قابلة للتجديد ......... ولا يجوز ترقية العامل خلال مدة الإعارة كما لا يستحق العلاوة إذا جاوزت مدة الإعارة ستة أشهر خلال السنة بصرف النظر عن وجوده بالعمل بالبنك من عدمه فى تاريخ منح العلاوة فإذا كانت مدة الإعارة خلال السنة لا تزيد على ستة أشهر استحق جزءاً من العلاوة يتناسب مع عدد الشهور الكاملة من مدة عمله بالبنك خلال تلك السنة " .

ومن حيث إن البين من هذه النصوص أن المشرع تحقيقا للغايات والأهداف التى يضطلع بها البنك المركزى المصرى قرر اتباع البنك لأساليب الإدارة وفقا لما يجرى عليه العمل فى المنشآت المصرفية دون التقيد بالنظم والقواعد الإدارية والمالية المنصوص عليها فى القوانين المعمول بها فى الحكومة ، وخص المشرع مجلس الإدارة لتحقيق تلك الأهداف إصدار اللوائح المتعلقة بنظم العاملين ومرتباتهم ومكافآتهم والمزايا والبدلات دون التقيد بالنظم والقواعد المنصوص عليها بشأن العاملين المدنيين بالدولة الذين يسرى فى شأنهم القانون رقم 58 لسنة 1971 ومن بعده القانون رقم 47 لسنة 1978 أو العاملين بالقطاع العام الذى يسرى فى شأنهم القانون رقم 61 لسنة 1971 ومن بعده القانون رقم 48 لسنة 1978 وذلك بهدف مسايرة تلك اللوائح والقواعد الطبيعية الخاصة للبنك ولتحقيق الاغراض التى يقوم عليها وتوفير قدر من المرونة التى تضمن حسن سير العمل بانتظام واطراد وكفالة أداء البنك لمهامه وأهدافه المتوخاة دون أن يصطدم بقيود أو معوقات قد تترتب على تطبيق القواعد الإدارية السارية فى الجهاز الإدارى للدولة خاصة فيما يتعلق بشئون العاملين الذين يجب أن تتضمن النظم الخاصة بهم ما يكفى انتقاء افضل العناصر واثابة المجدين منهم وتحفيزهم وترقيتهم ضمانا لحسن سير العمل فى هذا المرفق الحيوى .

ومن حيث إن ترتيبا على ما تقدم ، فإن ما تضمنته المادة ( 43 ) من لائحة العاملين بالبنك من عدم استحقاق العامل الذى تجاوزت مدة اعارته ستة أشهر خلال السنة للعلاوة هو أمر مما يترخص فى تقريره مجلس إدارة البنك عند وضعه لائحة العاملين به ولا يشكل تقريره ثمة مخالفة قانونية أو تجاوز للحدود التى وضعها المشرع عند اناطته بمجلس الإدارة وضع اللوائح الخاصة بالبنك دون التقيد بالنظم والقواعد الواردة بنظام العاملين المدنيين بالدولة والقطاع العام ، وليس ثمة إلزام على البنك فى وضعه للائحة العاملين به من التقيد بقواعد الترقيات والعلاوات المنصوص عليها فى قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة واعتناق هذه القواعد حرفيا وإلا جاءت أحكام تلك اللائحة ترديداً وتكراراً لنصوص هذا القانون وهو أمر يأباه المنطق ويتنافى مع صراحة النص ، ويعد إهداراً للغاية التى تغياها المشرع من تحرير البنك – لطبيعته المتميزة وظروف العمل به – من القواعد والنظم التى تسرى على العاملين بالحكومة والقطاع العام .

ولا وجه للقول – كما ذهبت عريضة الطعن – إلى أن السلطة الممنوحة لمجلس إدارة البنك فى وضع اللائحة مقصورة على العاملة المالية التى تتمثل فى الأجور والمكافآت والبدلات ، ذلك أن هذا القول لا يسانده نص المادة السابعة السالف الإشارة إليها والذى جرى صراحة على اختصاص مجلس الإدارة بإصدار " اللوائح المتعلقة بنظم العاملين " وهو إن خص بالذكر الأجور والمكافآت والمزايا والبدلات إلا أن ما أورده إفرادا لا يعنى قصر سلطة وضع اللوائح على تلك الأمور دون غيرها من أمور تنظم سائر الأوضاع الوظيفية للعاملين بالبنك بدءا من التعيين حتى انتهاء الخدمة .

ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد أخذ بهذا النظر ، وكان الثابت من الأوراق أنه ليس ثمة منازعة بين الطاعنين وجهة الإدارة المدعى عليها فى أن الطاعنيين قد أعيروا لفترة من الزمن وأن جهة الإدارة لم تمنحهم علاواتهم الدورية خلال مدة إعارتهم إعمالا لحكم المادة 43 من لائحة العاملين بالبنك ، فإن الحكم المطعون فيه وإذ قضى برفض الدعوى يكون قد طبق حكم القانون تطبيقاً سليما ويكون النص عليه بمخالفة القانون غير قائم على أساس مما يتعين معه الحكم بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا وإلزام الطاعنين المصروفات .

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وألزمت الطاعنين المصروفات .