جلسة 16 من ديسمبر سنة 1995

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور / محمد جودت أحمد الملط

نائب رئيس مجلس الدولة

وعضوية السادة الأساتذة :

محمد مجدى محمد خليل

وعويس عبد الوهاب عويس

وعبد المنعم أحمد عبد الرحمن حسين

ومحمود سامى الجوادى

نواب رئيس مجلس الدولة

الطعن رقم 2303 لسنة 36 القضائية

عاملون مدنيون – علاوات – عدم الربط بين استحقاق العلاوة والترقية وبين مباشرة العمل .

المواد 36 ، 41 ، 74 ، 80 من قانون العاملين المدنيين بالدولة رقم 47 لسنة 1978 .

إن المشرع لم يربط بين استحقاق العلاوة والترقية وبين مباشرة العمل فعلا ، ومن ثم فلا يجوز الاجتهاد فى استحداث شرط أداء العمل فعلا لاستحقاق أى منهما متى تحقق مناط هذا الاستحقاق طالما أن النصوص جاءت خلواً من استلزام مثل هذا الشرط – ترتيباً على ذلك فإنه لا مسوغ لسلب حق من حقوق العامل أو إسقاطه أو إلزام بواجب إلا على مقتضى نص صريح ويغدو القول بعدم حساب مدة انقطاع العامل ضمن المدة المتطلبة للترقية واستحقاق العلاوة مقضياً إلى الحرمان منها فى غير الأحوال المحددة قانوناً بل هو بمثابة جزاء تأديبى فى غير موضعه وممن لا يملك توقيعه ، الأصل إنه طالما أن العلاقة الوظيفية قائمة لم تنقصم مراها فلا محيص من ترتيب آثارها وإعمال مقتضاها فلا تنتزع مدد منها أو يتهاوى الحق فيها إلا أن يقضى بذلك نص صريح فى القانون . تطبيق .

 

إجراءات الطعن

بتاريخ 23/5/1990 أودع الأستاذ / ............... المحامى بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 2303 لسنة 36 ق . ع فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى دائرة التسويات ( أ ) بجلسة 26/3/1990 فى الدعوى رقم 6291 لسنة 41 ق المرفوعة من / ............ ضد وزير التعليم ومحافظ القاهرة ومدير عام إدارة مصر القديمة التعليمية بصفتهم ، والقاضى بقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً وإلزام المدعى المصروفات .

وطلب الطاعن للأسباب التى أبداها بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلغاء القرار السلبى بامتناع إدارة مصر القديمة التعليمية عن حساب مدة انقطاعه عن العمل من 24/11/1979 حتى عودته فى 1/2/1983 ضمن مدة خدمته مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام جهة الإدارة بالمصروفات عن درجتى التقاضى .

وبعد إعلان تقرير الطعن قانونا أودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً مسبباً بالرأى القانونى فى الطعن رأت فيه الحكم بقبوله شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبأحقية المدعى فى حساب المدة من 24/11/1979 إلى 1/2/1983 ضمن مدة خدمته وما يترتب على ذلك من آثار فى استحقاق الترقيات والعلاوات الدورية وإلزام الجهة الإدارية المصروفات .

ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة حيث قررت بجلسة 14/2/1994 إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا الدائرة الثانية وحددت لنظره أمامها جلسة 26/3/1994 ، وبهذه الجلسة نظر الطعن وجرى تداوله بالجلسات على الوجه المبين بمحاضرها حتى قررت المحكمة بجلسة 4/11/1995 إصدار الحكم فيه بجلسة اليوم فصدر واودعت مسودته المشتملة على اسبابه عند النطق به .

 

المحكمة

بعد الإطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة .

ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية .

ومن حيث إن عناصر المنازعة حسبما يستفاد من الأوراق تجمل فى أن المدعى / ..................... أقام الدعوى رقم 6291 لسنة 41 ق أمام محكمة القضاء الإدارى ضد وزير التعليم ومحافظ القاهرة ومدير عام إدارة مصر القديمة التعليمية بصفتهم وذلك بعريضة أودعت قلم كتاب تلك المحكمة بتاريخ 13/9/1987 وطلب فى ختامها الحكم بإلغاء القرار السلبى المتمثل فى امتناع الإدارة التعليمية المذكورة عن حساب مدة انقطاعه عن العمل من 24/11/1979 حتى تاريخ عودته فى 1/2/1983 ضمن مدة خدمته مع ما يترتب على ذلك من آثار ، وقال شرحا لدعواه أنه التحق بالعمل بوزارة التربية والتعليم مدرسا للرياضيات بعد حصوله على بكالوريوس العلوم عام 1975 وتسلم عمله فى 1/12/1976 بعد قضاء مدة التجنيد ، وفى 24/11/1979 انقطع عن العمل حتى تاريخ عودته فى 1/2/1983 حيث تم التحقيق معه وأحيل إلى المحكمة التأديبية فى الدعوى رقم 338 لسنة 24 ق وقضت المحكمة بجلسة 1//8/1983 بمجازاته بخصم شهرين من أجره وأضاف المدعى يقول إنه فوجئ برفض الإدارة التعليمية حساب مدة انقطاعه عن العمل ضمن مدة خدمته رغم موافقة الشئون القانونية على ذلك مما اعتبره المدعى ازدواجاً فى توقيع العقوبة عن فعل واحد ومن ثم اقام دعواه ابتغاء الحكم بطلباته المتقدمة البيان .

وفى معرض الدفاع أجابت الجهة الإدارية على الدعوى فذهبت إلى أنها قامت بإسقاط مدة انقطاع المدعى عن العمل من مدة خدمته نزولا على ما ورد بكتاب دورى الجهاز المركزى للتنظيم والإدارة رقم 35 لسنة 1981 من أن الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع بمجلس الدولة انتهت إلى أن مدة الانقطاع عن العمل لا تحسب ضمن مدة الخدمة .

وبجلسة 26/3/1990 أصدرت المحكمة حكمها السالف إيراد منطوقه وأشارت فى مدوناته إلى أن صاحب الصفة فى الاختصام فى الدعوى الماثلة هو محافظ القاهرة دون سواه بحسبانه يمثل المحافظة والأجهزة التابعة لها وفقا لقانون الإدارة المحلية ومن ثم يكون اختصام المدعى عليهما الأول والثالث اختصاما لغير ذى صفة ثم عرضت المحكمة لتكييف الطلبات فأفصحت عن أن حقيقتها هى طلب ضم مدة الانقطاع عن العمل ضمن مدة الخدمة وبهذه المثابة تكون الدعوى من قبيل دعاوى التسويات التى لا تتقيد بالمواعيد والإجراءات المقررة فى شأن دعوى الإلغاء ، وبعد إذ أشارت إلى حكم المادة 98 من نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 أضافت قولها إن المدعى انقطع عن العمل اعتبارا من 24/11/1979 حتى 1/2/1983 ولم يقدم عذرا تقبله الجهة الإدارية خلال المدة التى حددتها المادة المذكورة ومن ثم تعتبر مدة خدمته منتهية بقوة القانون ، أما عن تسلمه العمل فى 1/2/1983 فإن ذلك يعتبر إعادة تعيين بعد أن انتهت مدة خدمته دون توقف على صدور قرار بهذا الانهاء لأن مثل هذا القرار لا يعدو أن يكون تنفيذا لحكم القانون ، ثم ذهبت المحكمة إلى أن المستقر عليه قانونا أنه لا يترتب للعامل خلال مدة الانقطاع التى لا تحسب أجازة على النحو المقرر بقانون نظام العاملين المدنيين بالدولة أى حق من الحقوق المستمدة من الوظيفة سواء كانت ترقية أو علاوة إذ أنه لم يؤد عملا ولم يرخص له خلالها بإجازة من أى نوع مما قرره المشرع .

ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه أخطأ فى تطبيق القانون وشابه الفساد فى الاستدلال إذ التفتت المحكمة عن سابقة مجازاة المدعى بخصم شهرين من أجره بحكم المحكمة التأديبية الصادر فى الدعوى رقم 338 لسنة 24 ق عن واقعة انقطاعه عن العمل واعتبر الحكم المطعون فيه المدعى منتهية خدمته بالاستقالة الحكمية بالمخالفة لحكم القانون الذى لا يجوز المجازاة عن الفعل مرتين كذلك أغفل الحكم نص الفقرة الأخيرة من المادة 98 من نظام العاملين المدنيين بالدولة والقاضى بعدم جواز اعتبار العامل مستقيلا إذا كانت قد اتخذت ضده إجراءات تأديبية خلال الشهر التالى للانقطاع عن العمل وهو ما حدث فعلا بالنسبة إلى المدعى الذى أحيل إلى المحكمة التأديبية وقضت بمجازاته على ما سلف البيان .

ومن حيث إن محافظ القاهرة هو وحده صاحب الصفة فى الخصومة للاسباب التى قام عليها الحكم المطعون فيه ومن ثم يتعين القضاء بعدم قبول الطعن شكلاً وبالنسبة إلى من عداه لانتفاء الصفة .

ومن حيث إن الطاعن يستهدف بدعواه حسبما قرر بصحيفة الطعن حساب مدة انقطاعه عن العمل من 24/11/1979 إلى 31/1/1983 ضمن مدة خدمته وما يترتب على ذلك من آثار أخصها منحه العلاوات المستحقة عنها والاعتداد بها فى الترقية .

ومن حيث إنه يتعين الإشارة بادئ ذى بدء إلى أنه طبقا لقضاء الدائرة المنصوص عليها فى المادة 54 مكرراً من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 معدلاً بالقانون رقم 136 لسنة 1984 فى حكمها الصادر بجلسة 2 من مارس 1986 فى الطعن رقم 395 لسنة 27 ق . ع فإن إعمال قرينة الاستقالة الحكمية فى حق العامل واعتبار خدمته منتهية قانوناً من تاريخ انقطاعه عن العمل دون صدور قرار بذلك منوط بأن يكون قد تم إنذار العامل كتابة على الوجه المبين قانونا وبألا تكون الإجراءات التأديبية قد اتخذت ضده خلال الشهر التالى لانقطاعه عن العمل ، بحيث إذا لم يتم هذا الانذار الكتابى أو اتخذت الإجراءات التأديبية ضد العامل خلال الشهر التالى لانقطاعه ما جاز اعتبار خدمته منتهية قانونا من تاريخ انقطاعه ومقتضى ذلك ولازمه هو اعتبار رابطة التوظف قائمة منتجة لآثارها على الوجه الذى حدده القانون وأبانت النصوص أحكامه .

ومن حيث إن البين من سياق أحكام نظام العاملين المدنيين بالدولة وعلى الأخص المواد 36 ، 41 ، 74 ، 80 منه إن المشرع لم يربط بين استحقاق العلاوة والترقية وبين مباشرة العمل فعلا ، ومن ثم فلا يجوز الاجتهاد فى استحداث شرط أداء العمل فعلا لاستحقاق أى منهما متى تحقق مناط هذا الاستحقاق طالما أن النصوص جاءت خلواً من استلزام مثل هذا الشرط – ترتيباً على ذلك فإنه لا مساغ لسلب حق من حقوق العامل أو إسقاطه أو إلزامه بواجب إلا على مقتضى نص صريح ، ويغدو القول بعدم حساب مدة انقطاع العامل ضمن المدة المتطلبة للترقية واستحقاق العلاوة مفضياً إلى الحرمان منهما فى غير الأحوال المحددة قانوناً بل هو بمثابة جزاء تأديبى فى غير موضعه وممن لا يملك توقيعه ، والأصل إنه طالما أن العلاقة الوظيفية قائمة لم تنفصم عراها فلا محيص من ترتيب آثارها وإعمال مقتضاها فلا تنتزع مدد منها أو يتهاوى الحق فيها إلا أن يقضى بذلك نص صريح فى القانون .

ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن الطاعن انقطع عن العمل فى المدة من 24/11/1979 حتى 31/1/1983 دون أن يتم انذاره كتابة على الوجه المحدد قانونا وبادرت جهة الإدارة بإحالة أمره إلى تحقيق إدارى أجرته الشئون القانونية وسمعت فيه أقوال ناظر المدرسة التى يعمل بها وسكرتير هذه المدرسة وقد أسفر التحقيق عن إحالته إلى النيابة الإدارية التى أحالته بدورها إلى المحاكمة التأديبية حيث جوزى بخصم شهرين من أجره بعد إذ استبان للمحكمة أنه عاد وتسلم عمله فى 1/2/1983 بعد انقطاع بدأ من 24/11/1979 ومن ثم فلا مجال والحالة هذه لإعمال قرينة الاستقالة الحكمية المنصوص عليها فى المادة 98 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة فى حقه واعتبار خدمته منتهية قانونا بناء عليها بل تظل رابطة التوظف قائمة بينه وبين جهة عمله منتجة لآثارها على الوجه الذى حدده القانون وأبانت عنه نصوصه ومقتضى ذلك ولازمه حساب مدة انقطاعه ضمن مدة خدمته مع ما يترتب على ذلك من آثار ، وإذ ذهب الحكم المطعون فيه إلى خلاف ما تقدم فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون وتأويله مما يتعين معه القضاء بإلغائه وبأحقية المدعى فى حساب المدة من 24/11/1979 إلى 31/1/1983 ضمن مدة خدمته مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام جهة الإدارة المصروفات .

 

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبأحقية المدعى فى حساب المدة من 24/11/1979 حتى 31/1/1983 ضمن مدة خدمته مع ما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الجهة الإدارية المصروفات .