جلسة 26 من ديسمبر سنة 1995
برئاسة السيد الأستاذ المستشار / حنا ناشد مينا حنا
نائب رئيس مجلس الدولة
وعضوية السادة الأساتذة :
د. محمد عبد السلام مخلص
و د. حمدى محمد أمين الوكيل
و السفير محمد محمود بدران
ومحمد إبراهيم قشطة
نواب رئيس مجلس الدولة
الطعن رقم 2364 لسنة 40 القضائية .
جامعة الدول العربية – موظفى الجامعة – تسوية أوضاعهم .
القانون رقم 107 لسنة 1980 بالتحفظ على أموال جامعة الدول العربية ومنظماتها .
قرارات جمهورية مصر العربية بعدم الاعتداد بقرارات مؤتمرى بغداد 1979 – قرار رئيس الجمهورية رقم 522 لسنة 1980 بإنشاء الجمعية التأسيسية لجامعة الشعوب العربية والإسلامية – وزير خارجية جمهورية مصر العربية يتولى الاختصاصات المالية والفنية والإدارية المقررة للأمين العام للجامعة العربية – عودة مقر الجامعة العربية إلى القاهرة فى سبتمبر 1990 – تسوية أوضاع موظفى الجامعة بعد عودة الجامعة العربية – اختصاص محكمة القضاء الإدارى بالقرارات الصادرة من الجامعة فى ظل هذه الأوضاع الاستثنائية – وزير الخارجية المصرى هو صاحب الصفة فى الدعوى – القرارات الصادرة بصرف مكافآت نهاية الخدمة والتعويضات الأخرى المرتبطة بها – حجية الأحكام الصادرة من المحكمة الإدارية لجامعة الدول العربية بعدم اختصاصها فى هذا الشأن تطبيق .
إجراءات الطعن
بتاريخ 8/5/1994 أودعت هيئة قضايا الدولة نيابة عن الطاعن بصفته تقرير الطعن الماثل قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا طعنا فى حكم محكمة القضاء الإدارى الصادر بجلسة 28/3/1994 فى الدعوى رقم 9006 لسنة 46 ق والذى قضى : أولاً : برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر الدعوى .
ثانياً : برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذى صفة بالنسبة للمدعى عليه ، ثالثاً : بقبول الدعوى شكلاً وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من انهاء خدمة المدعى وما يترتب على ذلك من آثار وأحقية المدعى فى تعويض يعادل مرتبه الأصلى على النحو الوارد بالأسباب وألزمت الجهة الإدارية المصروفات .
وطلب الطاعن ، للأسباب الواردة بصحيفة الطعن ، الحكم بقبول الطعن شكلاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وفى الموضوع بإلغائه والقضاء أولاً وأصلياً بعدم اختصاص محاكم مجلس الدولة ولائيا بنظر الدعوى ، واحتياطياً بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذى صفة بالنسبة لوزير الخارجية بصفته . ومن باب الاحتياط الكلى برفض الدعوى بطلباتها إلغاءً وتعويضاً مع إلزام رافعها المصروفات والاتعاب عن درجتى التقاضى .
وقد تم إعلان المطعون ضده بعريضة الطعن على النحو المبين بالأوراق .
كما تم نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة وقررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا – الدائرة الثالثة موضوع وحددت لنظره أمامها جلسة 2/5/1995 وتدوول الطعن أمام المحكمة على النحو المبين بمحاضر الجلسات إلى أن تقرر إصدار الحكم فيه بجلسة اليوم ، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على اسبابه عند النطق به .
المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة .
ومن حيث إن الطعن استوفى سائر أوضاعه الشكلية .
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص – حسبما يبين من الأوراق – فى أن المطعون ضده فى الطعن الماثل قد أقام الدعوى رقم 9006 لسنة 46 أمام محكمة القضاء الإدارى – دائرة الجزاءات – وذلك بموجب صحيفة أودعت قلم كتاب تلك المحكمة بتاريخ 27/9/1992 طالبا فى ختامها الحكم أولاً : وبصفة أصلية إلغاء القرار الصادر بإنهاء خدمته ، ثانياً : بإلزام المدعى عليه بأن يؤدى له تعويضا عما اصابه من ضرر بسبب القرار المطعون فيه بالإضافة إلى تعويض يعادل الفروق المالية المستحقة قانونا المترتبة على تسوية أوضاعه الوظيفية طبقا للنظام الأساسى الموحد لموظفى الجامعة العربية ، وبصفة احتياطية بإلزام المدعى عليه بأن يؤدى له تعويضا كاملا يجبر ما أصابه من أضرار بسبب القرار الطعين وإلزام المدعى عليه المصروفات وقال شرحا لدعواه أنه يعمل بمركز التنمية الصناعية للدول العربية وهو من المراكز التابعة لجامعة الدول العربية واستمر يعمل بهذا المركز حتى بعد تعليق عضوية مصر فى الجامعة العربية الذى رفضته حكومة مصر وأعلنت أمين عام الجامعة بأنها سوف تعمل على رعاية مصالح العاملين بالجامعة وبينهم المدعى وحفظ حقوقهم ، إلا أنه رغم ذلك أصدر المدعى عليه الأول القرار المطعون عليه رقم 34 لسنة 1990 الصادر بتاريخ 20/8/1990 بإنهاء خدمة المدعى وأخرين ، وأنه قد تظلم من القرار المشار إليه بتاريخ 25/9/1990 إلا أنه لم يتلق ردا على تظلمه وقد نعى المدعى على القرار المطعون فيه بأنه صدر مخالفا لأحكام القانون فهو قد صدر استنادا إلى قرار رئيس الجمهورية رقم 21 لسنة 1983 الذى ناط بوزير الخارجية الاختصاصات المالية والفنية والإدارية المقررة لأمين عام الجامعة ولأمناء الرؤساء التنفيذيين للمنظمات العربية المختصة فى نطاق جامعة الدول العربية وليس من بين هذه الاختصاصات سلطة انهاء خدمة موظفى الجامعة وعلى ذلك فإن وزير الخارجية بإصداره قرار انهاء خدمة المدعى يكون قد تجاوز حدود التفويض المخول له بموجب قرار رئيس الجمهورية المشار إليه ، لما كان قرار رئيس الجمهورية رقم 21 لسنة 1983 الصادر استناداً إليه القرار المطعون فيه هو بدوره استند إلى القانون رقم 102 لسنة 1980 الخاص بتفويض رئيس الجمهورية إصدار قرارات لها قوة القانون بشأن تأمين اقتصاديات البلاد ، وعلى ذلك فإن قيام رئيس الجمهورية بتفويض وزير الخارجية بموجب القرار رقم 21 لسنة 1983 بالاختصاصات المشار إليها لا تبرر لوزير الخارجية إصدار قرارات بإنهاء خدمة موظفى الجامعة فلا صلة بين ذلك وتأمين اقتصاديات البلاد بالإضافة إلى ما تقدم فإن القرار المطعون فيه لم يكن له أى سبب يبرره من النظام الأساسى لموظفى جامعة الدول العربية الذى حدد أسباب انتهاء الخدمة على سبيل الحصر وهى تتمثل فى الآتى :
1- إذا اقتضى صالح العمل إلغاء الوظيفة أو تخفيض عدد الموظفين أو إذا كان الموظف عاجزا لأسباب صحية عن الاستمرار فى الخدمة .
2- إذا دل سلوك الموظف ونشاطه على أنه لا يرقى إلى مستوى الصفات المنصوص عليها فى الفقرة الأولى من المادة الثانية من النظام أو إذا ثبت أن خدمات الموظف غير مرضية وفقا للمعايير المطلوبة أو إذا انكشفت وقائع سابقة على تعيين الموظف كانت توجب أصلا منع التعيين .
وأضاف المدعى أن القرار المطعون فيه قد حرم المدعى من تسوية معاشه على أساس الدرجات والمرتبات التى يستحقها قانونا إسوة بزملائه فى مقر الجامعة بتونس وكذلك حرمانه من التعويضات المجزية والمكافآت المستحقة له طبقا للقواعد التى قررها مجلس الجامعة .
واستطرد المدعى قائلا أن القرار المطعون فيه صدر من وزير الخارجية استنادا إلى قرار رئيس الجمهورية رقم 21 لسنة 1983 الذى لم يصدر من سلطة من سلطات الجامعة وبالتالى فإن القرار المطعون فيه يكون قد صدر من سلطة وطنية وعلى ذلك يكون القضاء الوطنى ومن ثم القضاء الإدارى هو المختص بنظر الطعن عليه .
وبجلسة 28/3/1994 أصدرت محكمة القضاء الإدارى حكمها المطعون فيه ، وأسست المحكمة قضاءها برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر الدعوى تأسيسا على أن المدعى كان يعمل باحدى المراكز التطبيقية لجامعة الدول العربية وأنه عقب إبرام حكومة جمهورية مصر العربية اتفاقية كامب ديفيد ومعاهدة السلام عقد مؤتمر بغداد فى مارس سنة 1979 وفيه اتخذت الدول العربية المجتمعة عدة قرارات من بينها تجميد عضوية مصر فى جامعة الدول العربية ونقل مقر الجامعة وجميع المنظمات والمكاتب التابعة لها من القاهرة إلى تونس ، وتبع ذلك أن العاملين بجامعة الدول العربية ومنظماتها من غير المصريين نقلوا تبعا لذلك ، أمام بعض العاملين بالجامعة ممن يحملون جنسية جمهورية مصر العربية ومنهم المدعى فقد أثر البقاء فى القاهرة ورفض الانتقال إلى مقر الجامعة الجديد فى تونس واستمر يباشر اعماله بالقاهرة ، وبتاريخ 6 من أكتوبر سنة 1980 أصدر رئيس الجمهورية القرار رقم 533 لسنة 1980 بإنشاء الجمعية التأسيسية لجامعة الشعوب العربية والإسلامية ونصت المادة السابقة منه على أن يتولى الأمين العام لجامعة الشعوب الاسلامية والعربية الاشراف على جامعة الدول العربية السابقة ومنظماتها بالقاهرة ، وقد استدلت تلك المادة بالقرار الجمهورى رقم 558 لسنة 1980 بما يستفاد منه أن موظفوا جامعة الدول العربية السابقة يباشرون أعمال وظائفهم تحت الاشراف المباشر للأمين العام لجامعة الشعوب العربية والإسلامية انذاك ، كما صدر بعد ذلك قرار رئيس الجمهورية رقم 613 لسنة 1980 بتولى نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية الاختصاصات المالية والإدارية الفنية المقررة للأمين العام للجامعة وصدر القرار الجمهورى رقم 245 لسنة 1981 بتعيين أمين عام لجامعة الدول العربية ثم القانون رقم 21 لسنة 1983 ومن ثم تكون حكومة جمهورية مصر العربية بهذا القرار قد أقامت جهازا إداريا يقوم على شئون الجامعة بمصر يضم ما بقى من موظفيها وعينت لها إدارة مصرية بصفة شخصية تحت إشراف ورئاسة نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية وذلك نتيجة للظروف التى احاطت بها بتجميد عضوية جمهورية مصر العربية بجامعة الدول العربية ونقل مقر الجامعة ومنظماتها المتخصصة إلى تونس وبالتالى فلم يعد للجامعة وجود دولى فى مصر بالمعنى القانونى الدولى وأن بقاء مبنى الجامعة فى مصر ومنظماتها بالفعل لا يسبغ عليها الصبغة الدولية التى زالت عنها بصدور قرارات الدول العربية فى مؤتمر بغداد ونقل مقر الجامعة إلى تونس ، ولذلك فإن القول بإعمال اتفاقية حصانات وامتيازات الجامعة العربية على موظفى الجامعة السابقة الموجودين فى مصر لا يجد له سندا من القانون الدولى بعد تجميد عضوية مصر بها ونقل مقر الجامعة فيها إلى تونس . واشارت المحكمة فى حكمها إلى حكم المحكمة الإدارية العليا فى الطعنين رقمى 3512 لسنة 29 ق . ع . 1362 لسنة 30 ق . ع الصادر بجلسة 16/2/1988 – وأضافت المحكمة أن الثابت من القرار رقم 34 لسنة 1990 المطعون فيه صدر من نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية استناداً إلى أحكام القرار الجمهورى بالقانون رقم 21 لسنة 1983 الذى ناط بوزير الخارجية بعض الاختصاصات المقررة للأمين العام لجامعة الدول العربية المتخصصة فى نطاق جامعة الدول العربية ومن ثم يكون القرار المطعون فيه صادرا من سلطة وطنية استنادا إلى أحكام التشريعات المصرية بما يجعله قراراً إدارياً فى مفهوم أحكام قانون مجلس الدولة ، ومن ثم ينعقد الاختصاص بنظر الطعن فيه لمحاكم مجلس الدولة صاحب الرقابة على مشروعية كافة القرارات الإدارية عدا المتعلقة منها بأعمال السيادة ، وهو أى القرار المطعون فيه ليس من بينها ، ومن ثم يكون الدفع المبدى بعدم اختصاص محاكم مجلس الدولة ولائيا بنظر الدعوى غير قائم على سند صحيح من القانون مستوجبا رفضه ، والحكم باختصاص المحكمة بنظر الدعوى .
وعن الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذى صفة بالنسبة لوزير الخارجية لزوال صفته بعد عودة مصر إلى جامعة الدول العربية اعتبارا من أول سبتمبر سنة 1990 قالت المحكمة ردا على هذا الدفع أن الثابت أن وزير الخارجية هو مصدر القرار المطعون فيه فمن ثم تكون له الصفة التى تبرر اختصاصه فى الدعوى بما يجعل الدفع المبدئ فى هذا الشأن غير مستند على أساس صحيح من القانون مستوجباً الرفض .
وفى موضوع الدعوى – استعرضت المحكمة القرارات الجمهورية التى صدرت من السلطات المصرية عقب مؤتمر بغداد والتى سبقت الإشارة إليها وكان آخرها صدور القرار الجمهورية رقم 21 لسنة 1983 وقضت بإلغاء القرار المطعون فيه مؤسسة قضاءها على أن ما اصدرته جمهورية مصر العربية من قرارات أو قرارات لها قوة القانون على النحو المتقدم فى حدود تأمين استقرار الجامعة العربية ومنظماتها فى أداء أعمالها على النحو الذى كشف عنه صراحة ديباجة كل منهما وذلك لمواجهة حالة الضرورة الناشئة عن قرارات مؤتمر بغداد فى نوفمبر 1978 ومارس 1979 بتجميد عضوية مصر فى جامعة الدول العربية ونقل مقر الجامعة من القاهرة إلى تونس ومن ثم فإن هذه القرارات موقوته بطبيعتها ومرتبطة بحالة الضرورة التى اقتضتها وجودا وعدما دون أن يعتد أثرها إلى أبعد من ذلك ومن ثم فلا يجوز الاستناد إليها بعد زوال مبرراتها . وأضافت المحكمة أن الثابت أنه بتاريخ 5/7/1988 وفى اجتماع المجلس التنفيذى للمنظمة العربية للتربية الثقافية والعلوم فى دورته الرابعة والأربعين فى الفترة من 2 – 7 يوليو سنة 1988 بتونس تقرر إلغاء القرار السابق صدوره فى أبريل 1979 بتعليق عضوية مصر فى المنظمة وإعادتها عضوا فعالا من هذا التاريخ .
وبتاريخ 11/3/1990 اصدر وزراء الخارجية العرب القرار رقم 4983 بعودة مقر جامعة الدول العربية إلى القاهرة فى دورة سبتمبر 1990 وتضمن البند ( 4 ) منه تسوية أوضاع الموظفين والعاملين الذى لا يمكنهم الانتقال إلى القاهرة تسوية مجزية وتضمن البند ( 5 ) تسوية أوضاع الموظفين والعاملين فى المقر الدائم لجامعة الدول العربية فى القاهرة فى حالة فقدانهم لوظائفهم عند عودة الجامعة إلى القاهرة تسوية مجزية كما تضمن البند ( 6 ) تكليف لجنة مكونة من وزير خارجية كل من العراق ومصر وتونس والمغرب وسلطنة عمان بالإضافة إلى الأمين العام لجامعة الدول العربية بدراسة التدابير الكفيلة بتنفيذ بنود هذا القرار ووضع تقريرها فى هذا الشأن إلى مجلس الجامعة فى دور انعقاده فى سبتمبر – أيلول 1990 بتونس – وفى ضوء ما تقدم فإنه وقد تقرر إلغاء تعليق عضوية مصر فى الجامعة وتقرير عودة مقرها إلى القاهرة وتكليف لجنة من أمين الجامعة لدراسة شئون موظفيها وعمالها على النحو الذى تضمنه القرار فإنه يعود للجامعة العربية وضعها القانونى الدولى كمنظمة دولية تمارس وظائفها القانونية عن طريق أجهزتها الخاصة بها وبذلك تنتفى حالة الضرورة التى استلزمت مواجهتها بتشريعات داخلية – ويترتب على ذلك أن أى قرار يصدر من أى سلطة غير أجهزة الجامعة نفسها فى شأن العاملين بها يعد صادرا من سلطة غير مختصة بإصداره مشوبا بغضب السلطة مما يؤدى به إلى الانعدام .
واستطرد المحكمة قائلة أن الثابت أن القرار المطعون فيه صدر من وزير الخارجية المصرية بوصفه متوليا اختصاصات أمين عام الجامعة والمنظمات التابعة لها بتاريخ 26/8/1990 أى بعد إلغاء تعليق عضوية مصر بالجامعة العربية وبعد الإعلان عن عودة مقر الجامعة إلى القاهرة وتشكيل لجنة خاصة لبحث شئون العاملين على النحو المتقدم الايضاح ، فإن هذا القرار يكون مشوبا بغصب السلطة مما يجعله بمثابة العقبة المادية التى يتعين إزالتها بحيث لا يلحقه حصانة ولا يتقيد بإجراءات ومواعيد دعوى الإلغاء ، ولذلك تكون الدعوى مقبولة شكلاً ، وفى الموضوع يكون القرار المطعون فيه مستوجباً الإلغاء مع ما يترتب على ذلك من آثار .
وبالنسبة للتعويض أسست المحكمة حكمها بأحقية المطعون ضدهم فى التعويض على أن أساس مسئولية الإدارة عن القرارات الصادرة منها هو خطأ فى جانبها بأن يكون القرار غير مشروع لعيب من العيوب المنصوص عليها فى قانون مجلس الدولة وأن يلحق بصاحب الشأن ضرر وقيام علاقة السببية بين الخطأ والضرر – وأنه قد يبين من العرض السابق عدم مشروعية قرار انهاء خدمة المدعى وأنه ترتب على هذا القرار حرمان المدعى من راتبه فمن ثم تتوافر أركان المسئولية التقصيرية الثلاثة وهى الخطأ والضرر وعلاقة السببية بينهما بما يكون معه طلب التعويض قائما على سببه القانونى المبرر له ويستحق المدعى تعويضا لجبر الضرر الذى أصابه والذى تقدره المحكمة بما يعادل المرتب الأصلى خلال فترة أبعاده عن العمل نتيجة للقرار المطعون فيه دون غيره من بدلات وتعويضات أخرى إذ أن البدلات والتعويضات إنما ترتبط بالأداء الفعلى للعمل لمواجهة متطلباته فإذا لم يقم العامل بالعمل فعلا فإنه لا يستحق تلك البدلات والتعويضات ويقتصر التعويض على المرتب الأصلى باعتباره القصور المتعين فى حقه والذى خسره من جراء انهاء الخدمة غير المشروع وعلى أن يخصم منه ما يكون قد صرف للمدعى من تعويضات ومكافآت نهاية الخدمة المنصوص عليها بذات القرار المطعون فيه .
ومن حيث أن الطعن يقوم على أساس مخالفة الحكم المطعون فيه لأحكام القانون والخطأ فى تطبيقه وتأويله على النحو التالى :
أولاً : وبصفة أصلية : عدم اختصاص القضاء المصرى ولائياً بنظر الدعوى . ذلك أن الحكم المطعون فيه أخطأ برفضه بعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر الدعوى ، لأن المطعون ضده كان يعمل باحدى المنظمات التابعة لجامعة الدول العربية ، وهى منظمات لها الشخصية الدولية كمنظمة دولية لا اختصاص للقضاء المصرى بمنازعات موظفيها هذا فضلا عن أن القرار المطعون فيه صدر من وزير الخارجية المصرى بصفته أمينا عاما لجامعة الدول العربية وفقا للقانون رقم 21 لسنة 1983 الذى قصى فى المادة الأولى فيه على أن " يتولى وزير الخارجية الأختصاصات المالية والفنية والإدارية المقررة للأمين العام لجامعة الدول العربية وللأمناء والرؤساء التنفيذيين للمنظمات العربية المختصصة فى نطاق جامعة الدول العربية ، كما أن القرار صدر فى شأن من شئون الجامعة وإعمالا لتوصيات مجلسها وبذلك فإن هذا القرار لم يصدر فى شأن موظف مصرى ولم يصدر فى شأن يتعلق بالسلطة التنفيذية المصرية ، ويغير من صفتهم كموظفين دوليين فى نظر الحكومة المصرية بقاؤهم فى مصر وعدم انتقالهم إلى المقار الجديدة للمنظمات العربية التابعة للجامعة فكل هذا لا يجعل منهم موظفين تابعين للحكومة المصرية ، ومن ثم فإنه يخرج عن اختصاص المحاكم المصرية فحص مشروعية القرار .
ثانياً : وبصفة احتياطية : أخطأ الحكم برفضه الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذى صفة بالنسبة لوزير الخارجية – ذلك أن القرار المطعون فيه لم يصدر من وزير الخارجية المصرى بصفته هذه بل صدر عنه بصفته عضوا فى اللجنة المشكلة بقرار مجلس الجامعة رقم 4983 فى 11/3/1990 وكذلك بصفته أمين عام الجامعة العربية التى منحت له بالقانون رقم 21 لسنة 1983 السالف ذكره وأن صفته هذه زالت بعد صدور قرار مجلس الجامعة بتعيين أمين عام لها بعد تنفيذ قرار إعادة الجامعة إلى مقرها بالقاهرة – وبذلك أصبح وزير الخارجية المصرى لا صفة له فى تمثيل جامعة الدول العربية أمام القضاء .
ثالثاً : ومن باب الاحتياط الكلى : رفض الدعوى ذلك أن الحكم المطعون اخطأ حين بنى قضاءه على أساس أن وزير الخارجية اغتصب سلطة أمين عام جامعة الدول العربية حين أصدر القرار المطعون فيه وذلك للأسباب الآتية :
( 1 ) أن عيب غصب السلطة كعيب من عيوب القرار الإدارى لا يجوز للقضاء المصرى القول به طعناً على قرار وزير الخارجية المصرى لأن المقصود من المراقبة القانونية للقرارات الإدارية هو منع العدوان من سلطة اختصاصات سلطة أخرى داخلية ولا يمتد فى حالة الزعم باغتصاب وزير الخارجية سلطة أمين عام جامعة الدول العربية لأن هذا الزعم يتعلق بعلاقة مصر بالمنظمة الدولية مما يخرج عن رقابة القضاء المصرى .
( 2 ) أن وزير الخارجية المصرى استخدم سلطاته كأمين عام للجامعة بالقانون رقم 21 لسنة 1983 الذى ظل قائما عندما أصدر القرار ولم يعين مجلس الجامعة أمينا عاما جديدا إلا بعد أن تم تنفيذ قرار عودة المقر إلى مصر فضلا عن أنه كان عضوا فى اللجنة المشكلة بالقرار رقم 4983 فى 11/3/1990 والتى اختصت ببحث أوضاع الموظفين العاملين بمقر الجامعة بالقاهرة وانتهت إلى إنهاء خدمة بعضهم وتعويضهم عن ذلك فى 23/8/1990 الأمر الذى حدا بوزير الخارجية المصرى بصفته عضوا بهذه اللجنة إلى إصدار القرار المطعون فيه وقد أشير إلى ذلك فى ديباجة القرار 34 لسنة 1990 . وبذلك لا يعدو هذا القرار أن يكون مجرد قراراً تنفيذيا كاشفا للمركز القانونى للمطعون ضده فى نظر الجامعة العربية وهو انتهاء خدمتهم بالمنظمة الدولية وصدر فى شأن المنظمة ولم يستحوذ مركزا جديدا من وجهة نظر جامعة الدول العربية واستهدف تصفية أوضاعهم وحفظ حقوقهم المترتبة على انتهاء خدمتهم ولا شك أن النزاع حول هذه الحقوق يدخل فى اختصاص المحكمة الإدارية لجامعة الدول العربية .
ومن حيث إنه وقد استبان لهذه المحكمة من الأوراق ، أنه عقب إبرام حكومة جمهورية مصر العربية لاتفاقية كامب ديفيد ومعاهدة السلام مع إسرائيل ، عقد فى نوفمبر سنة 1978 ومارس سنة 1979 مؤتمرى بغداد اتخذت فيهما الدول العربية عدة قرارات فى غيبة جمهورية مصر العربية ، من بينهما تجميد عضوية مصر فى جامعة الدول العربية وغيرها من المنظمات العربية التابعة للجامعة ونقل مقر الجامعة من القاهرة إلى تونس ، وكذلك نقل مقار المنظمات العربية الأخرى إلى بعض عواصم الدول العربية وذلك بالمخالفة لأحكام المادة ( 10 ) من ميثاق جامعة الدول العربية التى نصت على أن يكون القاهرة المقر الدائم لجامعة الدول العربية مما مقتضاه أن تغير المقر الدائم للجامعة العربية يتطلب تعديلا فى الميثاق ذاته .
ومن حيث إن جمهورية مصر العربية رفضت الاعتراف بقرارات مؤتمرى بغداد المشار إليهما فأصدرت بتاريخ 3 من ابريل 1979 بيانا بعدم الاعتداد بتلك القرارات واتخذت مجموعة من الإجراءات لكفالة تأمين استمرار الجامعة ومنظماتها فى أداء أعمالها فى القاهرة فأصدرت القانون رقم 107 لسنة 1980 بالتحفظ على أموال جامعة الدول العربية ومنظماتها ، كما صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 533 لسنة 1980 بإنشاء الجمعية التأسيسية لجامعة الشعوب العربية الإسلامية الذى قضى فى المادة السابقة منه على أن "يتولى الأمين العام للجمعية التأسيسية لجامعة الشعوب العربية والإسلامية الاشراف على جامعة الدول العربية ومنظماتها بالقاهرة وصدرت مجموعة من القرارات بتحديد من يتولى الاختصاصات المالية والإدارية والفنية للأمين العام لجامعة الدول العربية كان أخرها قرار رئيس الجمهورية الصادر فى 3/4/1979 بشأن الجامعة العربية ومنظماتها وعدم الاعتداد بالقرارات غير الشرعية التى صدرت من الدول العربية فى مؤتمرى بغداد فى نوفمبر سنة 1978 ومارس سنة 1979 واتخاذ الإجراءات الكفيلة بتأمين استمرار الجامعة ومنظماتها فى اداء أعمالها ثم مضت المادة الأولى من هذا القانون على أن يتولى وزير الخارجية الاختصاصات المالية والفنية والإدارية المقررة للأمين العام لجامعة الدول العربية وللأمناء والرؤساء التنفيذيين للمنظمات العربية المتخصصة وكذلك بالنسبة للأرصدة التنفيذية والحسابات الجارية والودائع وجميع الحقوق ايا كانت قبل البنوك وجميع الهيئات وكافة الأشخاص الطبيعيين وغير الطبيعيين .
ومن حيث إنه فى نطاق الإجراءات المشار إليها فقد استمر وزير خارجية جمهورية مصر العربية بصفته متوليا للاختصاصات المالية والفنية والإدارية المقررة للأمين العام لجامعة الدول العربية وللأمناء والرؤساء التنفذيين للمنظمات العربية المتخصصة التابعة وفى معاملة العاملين بالجامعة ومنظماتها من المصريين باعتبار أن علاقتهم الوظيفية مستمرة مع استمرار صرف مرتباتهم مما تحت يده من أرصدة نقدية وحسابات جارية وودائع وفقا لأحكام القوانين المشار إليها .
ومن حيث إنه صدر بعد ذلك قرار مجلس الجامعة العربية رقم 4983 فى 11/3/1990 بالإعلان عن عودة مقر جامعة الدول العربية إلى القاهرة فى دور انعقاد سبتمبر سنة 1990 وتضمن هذا الإعلان تسوية أوضاع الموظفين العاملين فى المقر الدائم للجامعة بالقاهرة فى حالة فقدانهم لوظائفهم عند عودة الجامعة إلى القاهرة تسوية مجزية – وتكليف لجنة لتنفيذ بنود القرار ومن بينها بند تسوية أوضاع الموظفين المشار إليه. على أن ترفع تقريرها فى هذا الشأن إلى مجلس الجامعة فى دور انعقاده فى سبتمبر سنة 1990 .
وبتاريخ 10/6/1990 تقدم وزير الخارجية المصرى بمذكرة إلى مجلس الوزراء بشأن أوضاع الجامعة العربية ومنظماتها بالقاهرة فى ضوء العودة غلى القاهرة لوضع فيها ما يلى :
1- ترتب على انتقال مقر الجامعة ومنظماتها إلى تونس أن قامت حياله ضرورة إضطرت معها الحكومة المصرية إلى استصدار القوانين اللازمة للحفاظ على الكيان الشرعى للجامعة العربية ومنظماتها واستمرارها فى تأدية واجباتها من القاهرة .
2- إزاء صدور قرار عودة مقر الامانة العامة إلى القاهرة ، اصبحنا أمام ضرورة اتخاذ قرارات تستوجب موافقة مجلس الوزراء وهى تتعلق بالامانة العامة للجامعة العربية والمنظمات بصفة عامة والعاملين بالمنظمات بصفة خاصة وذلك قبل انتهاء تفويض وزير الخارجية فى إدارة شئون الجامعة العربية ومنظماتها بالقاهرة على ضوء انحسار العمل بالقانونين رقمى 307 لسنة 1981 ، 21 لسنة 1983 من ناحية وحتى لا تترك مصالح هؤلاء الموظفين فى أرض غير مصرية من ناحية أخرى .
3- تم دراسة وبحث هذا الموضوع من كافة جوانبه القانونية والإدارية والمالية وقد اسفرت هذه الدراسة والمشتملة على كافة المقترحات الواجب اتخاذها مع المذكرة المرفقة ، عن ضرورة استصدار القرارات الآتية :
( 1 ) انهاء خدمة الموظفين بالمنظمات الموجودة بالقاهرة وذلك اعتبارا من 1/6/1990 .
( 2 ) إجراء اتصال مع مدير فرع البنك العربى الموجود بالقاهرة لسرعة تحويل مبلغ 8.5 مليون دولار أمريكى من حساب الصندوق العربى للمعونة الفنية لتغطية العجز المطلوب لتسوية مكافآت نهاية خدمة هؤلاء الموظفين .
( 3 ) تسوية الأوضاع الوظيفية واستحقاقات العاملين بالامانة العامة والصندوق العربى للمعونة الفنية بالقاهرة وذلك اعتبارا من 1/6/1990 .
( 4 ) ........................
كما أصدر وزير الخارجية بتاريخ 26/8/1990 القرار رقم 34 لسنة 1990 أشار فيه إلى قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 21 لسنة 1983 بتولى وزير الخارجية الاختصاصات المالية والفنية والإدارية للأمين العام لجامعة الدول العربية ، ونعى فى المادة الأولى منه على أن تنتهى خدمة الموظفين العاملين بالمنظمات العربية المتخصصة بالقاهرة والموضحة اسماؤهم بالكشف المرفق اعتبارا من أول سبتمبر سنة 1990 ، ونصت المادة الثانية منه على أن تسوى مكافآة نهاية خدمة الموظفين المشار إليهم فى المادة الأولى على أساس جدول الرواتب لموظفى الامانة العامة المطبق فى المقر المؤقت للجامعة بتونس ، ونصت المادة الثانية على أن " تصرف تعويضات انتهاء الخدمة والأجازات المتراكمة للموظفين المذكورين على أساس النظم والمرتبات المالية ، ونصت المادة الرابعة على أن " تصرف للموظفين المشار إليهم بعالية فروق العلاوات والتسويات السابق تجميدها بقرار الأمين العام بالنيابة للجامعة رقم 70 لسنة 1979 وقرار نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية رقم 34 لسنة 1983 ، وقضت المادة الخامسة على أن يكون للموظفين الذين انتهت خدمتهم وفقا لأحكام هذا القرار الأولوية فى الترشيح للتعيين بالامانة العامة للجامعة والمنظمات العربية المتخصصة العاملة فى نطاقها ، وقد كان المطعون ضده من بين من شملتهم الكشوف المرفقة بالقرار المشار إليه .
ومن حيث إنه عن الدفع بعدم اختصاص محاكم مجلس الدولة ولائياً بنظر الطعن فى القرار المشار إليه إلغاءً وتعويضاً فإن الثابت مما تقدم أن القانون رقم 21 لسنة 1983 الذى صدر القرار المطعون فيه استنادا إلى أحكامه لم يقض بتنصيب وزير الخارجية لجمهورية مصر العربية أمينا عاما لجامعة الدول العربية وذلك باعتبار أن القانون الوطنى يقصر أن يمتد إلى حد تعيين أمين عام لجامعة الدول العربية الذى يعين وفقا لحكم المادة ( 12 ) من ميثاق الجامعة العربية بقرار من مجلس الجامعة بأكثر من ثلثى دول الجامعة ومن ثم فإن غاية ما يمكن القول به أن حكومة جمهورية مصر العربية بعد أن قررت بالقانون رقم 107 لسنة 1980 التحفظ على أموال الجامعة العربية ومنظماتها ناط القانون رقم 21 لسنة 1983 بوزير الخارجية الاختصاصات المالية والفنية والإدارية المقررة للأمين العام لجامعة الدول العربية وللأمناء والرؤساء التنفيذيين للمنظمات العربية المتخصصة وكذلك بالنسبة للارصدة النقدية والحسابات الجارية والودائع وجميع حقوق الجامعة أيا كانت قبل البنوك وجميع الهيئات وكافة الأشخاص الطبيعيين وغير الطبيعيين كل ذلك لمواجهة حالة الضرورة التى نشأت نتيجة للقرارات التى صدرت فى نوفمبر سنة 1978 ومارس سنة 1979 والتى اعتبرتها حكومة جمهورية مصر العربية غير شرعية . وإذا كان القانون الداخلى وعلى ما سلف ايضاحه يقصر أن يمتد إلى اسباغ الصفة الدولية على سلطة إدارية وأصلية اقامها لمواجهة ظروف استثنائية وناط بها اختصاصات محددة لابطال آثار قرارات صادرة من جامعة الدول العربية ومنظماتها اعتبرتها الحكومة المصرية غير شرعية فإن المفهوم الصحيح لهذا القانون أنه أقام سلطة وطنية داخلية عهد إليها ببعض الاختصاصات المقررة للأمين العام للجامعة العربية وامناء ورؤساء المنظمات العربية التنفيذية لمواجهة هذا الوضع الاستثنائى وبالتالى فإن ما تتخذه هذه السلطة من قرارات وإجراءات يجب أن تكون خاضعة لرقابة القضاء الوطنى باعتبارها صادرة من سلطة إدارية وطنية والقول بغير ذلك من شأنه أن يجرد هذه القرارات من كل رقابة قضائية على خلاف الأصول العامة التى تقضى بخضوع الدولة المدنية الحديثة للقانون بما يتفرع عنه من وجوب خضوع ما تصدره من قرارات إدارية للرقابة القضائية ، ذلك أن هذه القرارات ويحكم صدورها من سلطة اقامها القانون الوطنى ومن غير احدى سلطات الجامعة العربية أو منظماتها فإن جامعة الدول العربية وما ينبثق عنها من هيئات قضائية سوف تعاملها على هذا الأساس وبالتالى فإن الطعن فها يخرج بالضرورة عن الولاية القضائية للمحكمة الإدارية لجامعة الدول العربية وهو ما قضت به تلك المحكمة فى دور انعقادها البادى لسنة 1992 فى الدعاوى التى أقامها الطاعن وزملائه طعنا فى قرار وزير الخارجية المشار إليه حيث قضت بعدم اختصاصها ولائياً بنظر تلك الدعاوى .
ومن حيث إنه على ضوء ما تقدم فإن الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى اختصاص محكمة القضاء الإدارى بنظر الدعوى باعتبارها طعنا فى قرار إدارى نهائى صادر من سلطة وطنية إنما يكون قد صادف صحيح حكم القانون ويكون الطعن عليه فى هذا الشق فيه لأ أساس له من القانون متعينا رفضه .
ومن حيث إنه عن الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذى صفة فإن الثابت مما تقدم أن القرار المطعون فيه صدر من وزير الخارجية المصرى باعتباره السلطة التى ناط بها القانون رقم 21 لسنة 1983 الاختصاصات المالية والإدارية والفنية المقررة للأمين العام لجامعة الدول العربية والامناء والرؤساء التنفيذيين للمنظمات العربية الأخرى ، وإذا كانت صفته المشار إليها قد زالت منذ إلغاء تعليق عضوية جمهورية مصر العربية بالجامعة وعودة مقر الجامعة العربية إلى القاهرة فإنه لا محيص من الابقاء له على هذه الصفة فيما قام من طعون بالنسبة للقرارات التى أصدرها من قبل بهذه الصفة والتى تعلق حق أصحاب الشأن بالطعن عليها أمام القضاء الإدارى باعتبارها صادرة عن سلطة وطنية إلى أن يصدر حكم نهائي فيما تقدم من منازعات عن تلك القرارات أمام القضاء الوطنى وبالتالى يكون الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذى صفة لا أساس له من القانون متعينا رفضه .
ومن حيث إنه بالنسبة للموضوع فإن الثابت مما تقدم أن القرار المطعون فيه صدر من وزير الخارجية المصرى بوصفه متولى اختصاصات أمين عام الجامعة والمنظمات التابعة وفقا للقانون رقم 21 لسنة 1983 المشار إليه وذلك بتاريخ 30/8/1990 أى بعد إلغاء تعليق عضوية مصر بالجامعة وبعد الإعلان عن عودة مقر الجامعة إلى القاهرة وتشكيل لجنة خاصة تختص ببحث أوضاع الموظفين المصريين على النحو السالف بيانه . وكان الثابت وفق ما تقدم أن القانون رقم 21 لسنة 1983 إنما قصد به مواجهة وضع استثنائى بوقف ترتيب أى أثر على ما اتخذته مجموعة الدول العربية فى مؤتمرى بغداد المشار إليهما بتعليق عضوية مصر فى جامعة الدول العربية ، مما مقتضاه انتهاء العمل بأحكامه بعد زوال هذا الوضع المؤقت الذى صدر لمواجهته فإن محكمة القضاء الإدارى وقد قضت بانعدام هذا القرار باعتباره متضمنا غصبا لسلطة أمين عام جامعة الدول العربية ينحدر به إلى الانعدم وبهذه المثابة لا تلحقه حصانة ولا يتقيد الطعن عليه بمواعيد وإجراءات دعوى الإلغاء وقضت على هذا الأساس بإلغائه فيما تضمنه من انهاء خدمة المطعون ضده وما يترتب على ذلك من آثار فإنها تكون قد طبقت القانون تطبيقاً سليماً .
ومن حيث إنه وإن كان مقتضى الحكم المشار إليه هو إزالة القرار المطعون فيه باعتباره عقبة مادية فى سبيل استعمال المطعون ضده لمركزه القانونى السابق على صدور القرار المطعون فيه والذى أعدمه الحكم المطعون فيه وهو حكم نهائى وحائز لقوة الأمر المقضى به الثابت بمقتضى الحكم فى الطعن الماثل ، فإن ذلك ليس من شأنه إلزام وزير الخارجية المصرى بإصدار قرار بإعادة المطعون ضده إلى وظيفته بمركز التنمية الصناعية التابع لجامعة الدول العربية التى كان يعمل بها عند نقل مقر الجامعة ومنظماتها من القاهرة باعتبار أن الأمر مما يخرج عن اختصاصه إذ أن من لا يملك أنهاء الخدمة لا يملك الاعادة إلى الخدمة وفقدان الولاية يشمل الأمرين معاً . ويتصل بما تقدم أنه لا يكون للمطعون ضده مطالبة وزير الخارجية بصفته بأية حقوق تتعلق بمرتبه وفى المقابل فإنه لا يجوز للطاعن بصفته أن يسترد ما صرف له طبقا للبنود 352 و 4 من القرار .
ومن حيث إنه عن طلب التعويض فإن مناط مسئولية السلطة الإدارية عن القرارات الإدارية التى تصدرها هو توافر الخطأ فى جانبها وأن يترتب على قراراتها الخاطئة ضرر وأن تقوم علاقة السببية بين الخطأ والضرر .
ومن حيث إن المحكمة لم تتبين أن ثمة ضرر قد لحق بالمطعون ضده نتيجة صدور القرار المطعون فيه ، ذلك أنه منذ عودة الجامعة العربية إلى القاهرة وإلغاء تعليق عضوية مصر بها وما يترتب على ذلك من انهاء الوضع الاستثنائى الذى واجهته الدولة بالقانون رقم 107 لسنة 1980 بالتحفظ على أموال الجامعة ومنظماتها والقانون رقم 21 لسنة 1983 السابق الإشارة إليه ، فإن مظلة الحماية الوطنية للمطعون ضده وزملائه استنادا إلى ذلك القانون الأخير قد انطوت ، وبالتالى فإنه حتى ولو لم يصدر القرار المطعون فيه ، فإنه ما كان يجوز قانونا للسلطة الوطنية الاستمرار فى أداء مرتباتهم بعد أن زالت ولايتها بالنسبة لهم وبالنسبة لأموال الجامعة وحقوقها ، كما أنه وعلى ما سلف ايضاحه فإن هذه السلطة ما كانت تملك شيئا بالنسبة لمراكزهم القانونية الثابتة لهم قبل الجامعة ومنظماتها ، وقد كان للجامعة العربية ومنظماتها أن تمنحهم تلك المراكز دون التوقف طويلا أمام القرار المطعون فيه وكل تعلل قد تكون استندت إليه فى هذا الشأن ساقط ولا ينفى أن أية أضرار قد تكون لحقت بالمطعون ضده وزملائه إنما تكون ناشئة عن جزاءات وتصرفات صادرة عنها وعن منظماتها ايجابا أو سلبا وتكون علاقة السببية بين تلك الإضرار إن وجدت وبين القرار المطعون فيه منتفية فليس صحيحا أن القرار المطعون فيه قد رتب أية آثار بالنسبة للمركز القانونى للمطعون ضده فى علاقته بالجامعة العربية ، كما أنه لاوجه للقول بأن القرار قد فوت عليه فرصة تسوية حالته تسوية مجزية بأكثر مما قرره ذلك القرار بالنسبة لمكافآت نهاية الخدمة والتعويضات الأخرى المرتبطة بها ، إذ فضلا عما سلف ايضاحه فإن هذه القرار ويحكم صدوره من سلطة وطنية أحقية بالنسبة للجامعة ومنظماتها ، فإنه ما كن يحول بين الجامعة ومنظماتها من منح المطعون ضده لحقوقه والتى تكون ثابتة له وفقا لقرارات تنظيمية صدرت عنها فى هذا الشأن ، كما أن الباب لازال مفتوحا أمامه للمطالبة بما عسى أن يكون ثابتا له من الحقوق بالطريق الودى أو الطريق القضائى أمام المحكمة الإدارية لجامعة الدول العربية باعتبار أن حقوقه إنما يستندها فى هذا الشأن من قواعد ولوائح وضعتها الجامعة ومنظماتها وبمراعاة ما عسى أن يكون ثابتا له من مركز قانونى فى علاقته بالجامعة إذ كان يعمل بها قبل إلغاء القرار وبعده ، لأن هذا الطريق لم يستغلق عليه وخاصة بعد إلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من انهاء خدمته بحكم من محكمة القضاء الإدارى حائز لقوة الأمر المقضى به والذى أبدته هذه المحكمة فى هذا الشق منه ، وغنى عن البيان أن الأحكام التى أصدرتها المحكمة الإدارية لجامعة الدول العربية بعدم اختصاصها بنظر طلب إلغاء قرار وزير الخارجية المطعون فيه لا يجوز حجية الأمر المقضى به بالنسبة للطلب المكمل لما صرف له من مكافآت نهاية الخدمة والتعويضات الأخرى المرتبطة بها وفقا لما عسى أن يكون قد صدر عن الجامعة أو منظماتها من قواعد أو قرارات فى هذا الشأن قبل أو بعد صدور القرار المطعون فيه وذلك الاختلاف المحل فى الدعويين الأمر الذى ينتفى منه مظنة أن يكون القرار المطعون فيه قد فوت على المطعون ضده أية فرصة مما تقدم ومن حيث إنه وقد ثبت مما تقدم انتفاء علاقة السببية بين الاضرار التى يقول بها المطعون ضده والقرار المطعون فيه فإن طلب التعويض عن ذلك القرار بكل صوره الواردة فى عريضة الدعوى يكون لا أساس له من القانون ، متعيناً رفضه . إذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب وقضى للمطعون ضده بتعويض عن ذلك القرار يعادل مرتبه الأصلى فيه وفقا لمنطوقه المحمول على أسبابه فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون وتأويله الأمر الذى يتعين معه القضاء بإلغائه فى هذا الشق منه ورفض طلب التعويض .
ومن حيث إن الحكومة معفاة من الرسوم القضائية .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بتعديل الحكم المطعون عليه ليكون بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من انهاء خدمة المطعون ضده على النحو المبين بالأسباب وبرفض طلب التعويض وألزمت المطعون ضده نصف المصروفات .