الطعن رقم 2408 لسنة 38 بتاريخ 16-04-1995

_____________________

فى مجال القانون الخاص الذى تستهدف قواعده تنظيم مصالح فردية خاصة تقوم على أساس التعادل بين أطرافها – تعتبر هذه القواعد غير أمره ويجوز الاتفاق على مخالفتها – يختلف الحال فى مجال القانون الإدارى التى تهدف قواعده إلى تنظيم مراكز قانونية عامة لا تتوازى فيها المصلحة العامة مع المصلحة الخاصة بلو تعلو الأولى على الثانية – مؤدى ذلك : أن قواعد القانون الإدارى بحسب الأصل هى قواعد أمرة لا يجوز الاتفاق على مخالفتها – متى اتحسم النزاع بحكم حاز قوة الشئ المحكوم فيه فإن الوضع الإدارى يكون قد استقر ولا يجوز إثارة النزاع مرة أخرى تحقيقا لاستقرار الأوضاع والحيلولة دون تنافس الأحكام – أساس ذلك : أن الخصومة فى دعوى الإلغاء هى خصومة عينية مناطها رقابة شرعية القرار الإدارى فى ذاته ووزنة بميزان القانون فإما أن يسفر الفحص عن شرعيته فترفض الدعوى أو يتقرر عدم مشروعيته فيحكم بإلغائه – الحكم بالإلغاء يعدم القرار فيزول بالنسبة للناس كافة من صدر لصالحه أو ضده – من طعن عليه ومن لم يطعن – فالحكم بالإلغاء حجة على الكافة – هذه الحجية المطلقة تمنع تسلسل الطعون إلى غير نهاية تبعا لرغبات أصحاب المصالح التى يمسها القرار المطعون فيه إيجابا أو سلبا – اثر ذلك : عدم جواز المنازعة فى القرار مرة أخرى – تطبيق .

 

إجراءات الطعن

فى يوم الأحد الموافق 21 من يونيه سنة 1992 أودع الأستاذ / ......................... المحامى بصفته وكيلا عن / .......................... قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرا بالطعن قيد بجدولها تحت رقم 2408 لسنة 38 ق عليا ضد رئيس لجنة شئون الأحزاب السياسية بمجلس الشورى بصفته فى قرارها الصادر بتاريخ 23/5/1992 فيما تضمنه من عدم الاعتداد بأى من السيدين / ........... و ................. كرئيس لحزب الشعب الديمقراطى ، وطلب الطاعن للأسباب المبينة بتقرير الطعن الحكم بإلغاء قرار لجنة شئون الأحزاب السياسية الصادر فى 23/5/1992 فيما قرره من عدم الاعتداد بالسيد / ................... كرئيس لحزب الشعب الديمقراطى وإلغاء كافة ما ترتب عليه من آثار وإلزام المطعون ضده بصفته بالمصروفات ومقابل اتعاب المحاماة .

وقد أعلن الطعن إلى المطعون ضده بصفته على النحو المبين بالأوراق .

وبتاريخ 11/7/1992 أودع الأستاذ / ................. المحامى بصفته وكيلا عن / ..................... قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرا بالطعن قيد بجدولها تحت رقم 3166 لسنة 38 ق ع ضد رئيس لجنة شئون الأحزاب السياسية بمجلس الشورى بصفته فى قرارها الصادر بتاريخ 23/5/1992 فيما تضمنه من عدم الاعتداد بأى من السيدين / ............... و .................... كرئيس لحزب الشعب الديمقراطى ، وطلب الطاعن للأسباب المبينة بتقرير الطعن الحكم أولاً : بقبول الطعن شكلاً ، ثانياً : بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ قرار لجنة شئون الأحزاب السياسية فى الشق الخاص بعدم الاعتداد بالسيد / .......... كرئيس لحزب الشعب الديمقراطى ، ثالثاً : الحكم مجددا بالاعتداد بمحضر اجتماع المدعى بطالبى التأسيس واعتباره الممثل الشرعى الوحيد للحزب منذ إشهاره ، وفى الموضوع بإلغائه وما يترتب على ذلك من آثار ، وقد أعلن الطعن إلى المطعون ضده بصفته على النحو المبين بالأوراق .

قدمت هيئة مفوضى الدولة تقريرا مسببا رأت فيه الحكم بعدم اختصاص المحكمة الإدارية العليا (  الدائرة الأولى ) أحزاب نوعيا بنظر الطعنين وبإحالتهما إلى محكمة القضاء الإدارى لنظرهما بالجلسة التى تحددها وتخطر بها الخصوم مع إبقاء الفصل فى المصروفات .

وقد نظر الطعنين أمام هذه المحكمة على النحو الثابت بمحاضر الجلسات ، وبجلسة 6/6/1993 حكمت المحكمة باختصاص محكمة الأحزاب وحدها بنظر الطعنين المعروضين وقررت إعادة الطعنين إلى المرافعة لنظرهما بذات الجلسة وأبقت الفصل فى المصروفات ، ثم استأنفت المحكمة نظرهما على النحو الثابت بالأوراق وبجلسة 5/2/1995 قررت المحكمة إصدار الحكم فى الطعنين بجلسة اليوم 12/3/1995 وبها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به .

 

المحكمة

بعد الإطلاع على الأوراق وسماع المرافعة وبعد المداولة .

ومن حيث إن مبنى الطعن الأول رقم 208 لسنة 38 ق عليا أنه فى الخامس عشر من مارس سنة 1992 أصدرت الدائرة الأولى بالمحكمة الإدارية العليا حكمها فى الطعن رقم 3293 لسنة 36 ق عليا بإلغاء القرار الصادر من لجنة الأحزاب السياسية فى 9/7/1990 والمنشور بالجريدة الرسمية بتاريخ 12/7/1990 (العدد 28 ) فيما تضمنه هذا القرار من الاعتراض على تأسيس " حزب الشعب الديمقراطى " مع ما يترتب على ذلك من آثار وفى التاسع من ابريل 1992 اجتمع مؤسسو الحزب المذكور بمقره المؤقت الكائن فى 3 أ شارع الروضة ، حيث بلغ عدد الحاضرين من المؤسسين تسعة وأربعين مؤسسا من إجمالى عدد المؤسسين البالغ عددهم إثنان وتسعون عضوا مؤسسا والذى أصبح عددهم تسعين عضوا بعد وفاة إثنين منهم وبالتالى يكون النصاب القانونى اللازم لصحة انعقاد الاجتماع وهو الأغلبية المطلقة ، أى نصف عدد المؤسسين مضافا إليهم واحد ، وقد اكتمل ومن ثم أضحى اجتماع المؤسسين قانونيا ، حيث تدارس المؤسسون محضر الاجتماع والذى كان يركز حول انتخاب تشكيلات الحزب على مختلف مستوياته وعلى رأسها انتخابه رئيس للحزب ، وعلى أثر ذلك تقدم بصفته رئيس الحزب إلى لجنة شئون الأحزاب السياسية بوثائق اجتماع المؤسسين وتشكيلاته التى تم انتخابها إلا أنه فوجئ بإخطاره بكتاب صادر من لجنة شئون الأحزاب بعدم الاعتداد به ووكيل المؤسسين السابق كرئيس لحزب الشعب الديمقراطى ، ولما كان هذا القرار مخالفاً للدستور والقانون فإنه يطعن عليه للخطأ فى تطبيق القانون وبطلان الأسباب التى استند إليها ، لأن اللجنة انتهت فى قرارها المطعون فيه إلى عدم الاعتداد بأى من السيدين / ........... و ........... كرئيس لحزب الشعب الديمقراطى ، ولما كان لهذه اللجنة اختصاص محدد على سبيل الحصر فى المادتين 8 ، 17 من القانون رقم 40 لسنة 1977 بنظام الأحزاب السياسية ، وبالتالى فإن عدم الاعتداد ليس ضمن القرارات التى يحق للجنة أن تصدرها باعتبار أن اختصاصها استثنائى بطبيعته والاستثناء لا يجب التوسع فيه أو القياس عليه ، فضلا عن ذلك فإن اللجنة لم تبين الاسباب التى استندت إليها فى إصدار القرار المطعون فيه سوى عبارة .. أنها استعرضت موضوع النزاع حول رئاسة حزب الشعب الديمقراطى .. الأمر الذى يكون معه هذا القرار قد صدر دون تسبيب مما يجعله باطلا بطلانا مطلقا لفقدانه شكلا اساسيا أوجب المشرع إجراءه بالإضافة إلى ذلك فإن السيد / ....................... قد انتهت وكالته عن مؤسسى الحزب منذ 15 مارس 1992 ولم يكن من بين المؤسسين للحزب وبالتالى فإنه طبقا للائحة لا يحق له ترشيح نفسه لرئاسة الحزب ، الأمر الذى كان يتعين معه على لجنة شئون الأحزاب السياسية عدم مساواته بالطاعن / ............... الذى  تم انتخابه فى الاجتماع التأسيسى للمؤسسين المنعقد يوم 9/4/1992 كرئيس للحزب بوصفه من الأعضاء المؤسسين ، ومن ثم يضحى القرار المطعون فيه فاقدا لسبب إصداره وبالتالى فاقداً غايته لتعلقه بمباشرة أحد الحقوق الأساسية التى كفلها المشرع الدستورى ، مما يحق له طلب الحكم بإلغائه فيما تضمنه من عدم الاعتداد بالسيد / .............. كرئيس لحزب الشعب الديمقراطى فقط وخلص الطاعن إلى طلباته التى أقام بها طعنه ...

ومن حيث إن مبنى الطعن الثانى رقم 3166 لسنة 38 ق عليا أن الطاعن / ............... تقدم بطلب إلى رئيس لجنة شئون الأحزاب السياسية لتأسيس حزب سياسى باسم حزب الشعب الديمقراطى ، حيث تم عرض هذا الطلب على اللجنة بتشكيلها المنصوص عليه فى المادة ( 8 ) من القانون رقم 40 لسنة 1977 بنظام الأحزاب السياسية والتى قررت الاعتراض على تأسيس الحزب ، فبادر إلى إقامة الطعن رقم 3293 لسنة 36 ق عليا عن نفسه وبصفته وكيلا عن مؤسسى الحزب فى قرار لجنة الأحزب ، وبجلسة 15/3/1992 حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه الصادر من لجنة الأحزاب السياسية فى 9/7/1990 فيما تضمنه من الاعتراض على تأسيس حزب الشعب الديمقراطى ، حيث قام بدعوة طالبى التأسيس حيث حضر خمسون عضوا من طالبى التأسيس وأثناء الاجتماع حضر محاميه السابق ( ............ ) ومع ضابط من قسم الشرابية ، وتم اصطحابه إلى القسم وتحرير محضر له بحجة أنه انتحل صفة عضو مؤسس دون حق وبالمخالفة لنص المادة 23 من اللائحة الداخلية للحزب ، وفى اليوم التالى اجتمع المحامى المذكور وبعض الأعضاء من طالبى التأسيس وكانت نتيجة الاجتماع تنصيب السيد / ........... رئيسا للحزب ومحامى الطاعن السابق المتحدث الرسمى باسم الحزب ، وقام السيد / ........... بتقديم صورة من محضر اجتماعه إلى اللجنة بتاريخ 18/4/1992 وقام هو بتسليم صورة اجتماعه مع طالبى التأسيس إلى اللجنة بتاريخ 20/4/1992 ، وبتاريخ 23/5/1992 قررت اللجنة عدم الاعتداد بأى من السيدين / ............... و ................. كرئيس لحزب الشعب الديمقراطى وإبلاغهما بهذا القرار ولما كان عضواً من الأعضاء المؤسسين طبقاً للمادة ( 131 ) من اللائحة الداخلية للحزب وذلك لتقدمه بإخطار كتابى إلى اللجنة فى 6/3/1990 لتأسيس حزب الشعب الديمقراطى ، فمن ثم فإن لجنة الأحزاب هى التى أخطأت بعدم إضافتها اسمه ضمن أسماء طالبى التأسيس ، وأن جميع تعاملات اللجنة ابتداء من 6/3/1990 وحتى 9/7/1990 كانت معه شخصياً وكانت خاتمة ذلك كله إصدارها قرار الاعتراض على تأسيس الحزب ويؤكد ذلك أيضا إقامته للطعن رقم 3293 لسنة 36 ق ع بصفته وكيلاً عن المؤسسين . وأضاف الطاعن أن اجتماع السيد / .......... ببعض طالبى التأسيس باطل لمخالفته المواد 128 ، 129 ، 130 من اللائحة الداخلية للحزب وأن العلاقة بينه وبين طالبى التأسيس تحكمها التوكيلات الخاصة الصادرة منهم له والمعتمدة من الشهر العقارى والتى تخوله الحق فى اتخاذ الإجراءات اللازمة لتأسيس الحزب والتعامل بموجبها وليس لها أن تتخذ أى قرار ينطوى على المساس بالأحزاب السياسية ، لأن ذلك يعد تدخلا فى شئون الحزب وهو أمر لا تملكه اللجنة وإذا ما نشأ أى نزاع داخل الحزب وتصارع حول رئاسته فليس للجنة شئون الأحزاب السياسية التدخل فى هذا الصراع بالاعتداد بأحدهما أو عدم الاعتداد بكليهما ، وإنما ينبغى ترك الأمر للحزب ذاته حتى يتم حسم الصراع الداخلى اتفاقاً أو قضاء ، وأن البادى من ظاهر الأوراق أن لجنة شئون الأحزاب إذا أصدرت قرارها المطعون فيه بشأن نزاع على رئاسة الحزب فمن ثم يكون هذا القرار قد صدر على نحو مخالف للقانون وبالتالى يتحقق ركن الجدية فى الطلب المستعجل كما يتحقق ركن الاستعجال فيما يترتب على تنفيذ القرار المطعون فيه من عدم تمكن حزب الشعب الديمقراطى من مزاولة نشاطه السياسى ، وإزاء تحقق الركنين يتعين الحكم بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار ، تأسيسا على ما تضمنه الحكم الطعين من أسباب وكذا لأن المشرع قد حدد اختصاص اللجنة المشار إليها بالنسبة للقرارات والتصرفات التى تصدر عن الأحزاب السياسية فى نطاق الأصل المستمد من الدستور وهو حرية تكوين الأحزاب السياسية فحصر اختصاص اللجنة فى بعض من تلك القرارات والتصرفات ولم يخولها التدخل فى كل القرارات أو التصرفات التى تصدر عن الأحزاب وإذ أوجب القانون على الحزب إخطار اللجنة بالبيان الذى يتعلق برئيس الحزب أو بتغييره لاستيفاء الشكل القانونى ويقتصر دور اللجنة على مجرد تلقى الإخطار والعمل بمقتضى ما تضمنه الإخطار ولم يخول القانون اللجنة أى دور فى هذا الشأن بخلاف ذلك وإلا عد تدخلا فى شئون الأحزاب على خلاف نصوص القانون ، وإذا كان ثمة خلافا على رئاسة الحزب فهو أمر موكول تقديره وحسمه للحزب ذاته حسبما يتيحه تنظيمه أو نظامه الداخلى أو أية قاعدة أخرى يرتضيها أعضاؤه وقد انتهى قضاء المحكمة الإدارية العليا فى الطعن سالف البيان إلى اتفاق الحكم المطعون فيه مع صحيح حكم القانون ورفض الطعن .

كانت الأسباب التى استندت إليها مهاجمته ولهذا كان الحكم بالإلغاء حجة على الكافة لأنه يقوم على تقرير عدم مشروعية القرار من حيث هو فى ذاته بغض النظر عن المصالح التى يمسها دفعا وضرا وخاصة أن هذه الحجية المطلقة تمنع تسلسل الطعون إلى غير نهاية تبعا لأصحاب المصالح التى يمسها القرار المطعون فيه إيجابا أو سلبا ، فيضيف إلى فقد الحجية المطلقة عدم الاستقرار المطلق للقرار الإدارى ، والاستقرار اعتبار قانونى يقوم على أساسه تنظيم الطعن وتحديد أمده ، ومن ثم إذا حكم بإلغاء القرار الإدارى أو بوقف تنفيذه وهو مشتق من الإلغاء بحكم جاز قوة الشئ المحكوم فيه فلا تجوز المنازعة فى هذا القرار مرة أخرى ويتعين القضاء بعدم جواز نظر الدعوى المقامة بذلك مرة أخرى .

ومن حيث إن الثابت مما تقدم أنه قد صدر حكم محكمة القضاء الإدارى سالف البيان بوقف تنفيذ قرار لجنة شئون الأحزاب السياسية الصادر بتاريخ 23/5/1992 فيما تضمنه من عدم الاعتداد بأى من السيدين / ...........  و ............. كرئيس لحزب الشعب الديمقراطى ، وأقام رئيس لجنة شئون الأحزاب السياسية بصفته الطعن رقم 2536 لسنة 39 ق والذى قضى فيه بجلسة 29/1/1995 بالرفض ، ومن ثم يتعين الحكم بعدم جواز نظر الطعنين الماثلين لسابقة الفصل فى الموضوع .

ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم بمصروفاته عملا بحكم المادة 184 قانون المرافعات .

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم جواز نظر الطعنين لسابقة الفصل فى موضوعهما وألزمت كلا من الطاعنين المصروفات .