جلسة 8 من إبريل سنة 1995

برئاسة السيد الأستاذ المستشار / د. محمد جودت أحمد الملط

نائب رئيس مجلس الدولة

وعضوية السادة الأساتذة :

محمد مجدى محمد خليل

وعويس عبد الوهاب عويس

ومحمود سامى الجوادى

والسيد محمد العوضى

نواب رئيس مجلس الدولة

الطعن رقم 3322 لسنة 33 القضائية :

عاملون مدنيون بالدولة – ندب – قرار إدارى – زواله قبل رفع الدعوى – أثره – عدم قبول الدعوى لإنتفاء المصلحة فيها .

الخصومة فى دعوى الإلغاء هى خصومة عينية مناطها إختصام القرار الإدارى فى ذاته استهدافا لمراقبة مشروعيته – القرار الإدارى هو موضوع الخصومة ومحلها فى دعوى الإلغاء – يتعين أن يكون القرار قائما منتجا آثاره عند إقامة الدعوى – إذا تخلف هذا الشرط بأن زال القرار قبل رفع الدعوى بإلغاءه أو بإنتهاء فترة تأقيته دون أن ينفذ على أى وجه كانت الدعوى غير مقبولة – أساس ذلك أن دعوى الإلغاء تستهدف إعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل صدور القرار المطلوب إلغاؤه – إذا حال دون ذلك مانع قانونى فلا يكون ثمة وجه للإستمرار فى الدعوى ويتعين الحكم بعدم قبولها لانتفاء المصلحة فيها – تطبيق .

 

 

إجراءت الطعن

بتاريخ 20/7/1987 أودعت هيئة قضايا الدولة نيابة عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرا بالطعن قيد بجدولها تحت رقم 3322 لسنة 33 ق عليا فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى دائرة الجزاءات والترقيات بجلسة 21/5/1987 فى الدعوى رقم 3456 لسنة 39 ق المرفوعة من / ................. ضد / رئيس مجلس الوزراء ووزير التربية والتعليم بصفتيهما ، والذى قضى بقبول الدعوى شكلاً وفى الموضوع بإلغاء القرار الوزارى رقم 63 لسنة 1984 فيما تضمنه من تخطى المدعى فى الندب إلى وظيفة رئيس الإدارة المركزية للتعليم الأساسى وإلغاء قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1345 لسنة 1984 فيما تضمنه من تخطى المدعى فى الترقية إلى إحدى وظائف الدرجة العالية مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الإدارة المصروفات .

وطلب الطاعنان للأسباب الواردة بتقرير الطعن أن تأمر دائرة فحص الطعون بوقف تنفيذ الحكم الطعين فى شقه الأولى وإحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضى بقبوله شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من إلغاء القرار الوزارى رقم 63 لسنة 1984 فيما تضمنه من تخطى المطعون ضده فى الندب إلى وظيفة رئيس الإدارة المركزية للتعليم الأساس مع إلزامه المصاريف والأتعاب عن الدرجتين .

وبعد إعلان تقرير الطعن قانون أودعت هيئة مفوضى الدولى تقريرا بالرأى القانونى مسببا فى الطعن رآت فيه الحكم بقبوله شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من إلغاء القرار الوزارى رقم 63 لسنة 1984 فيما تضمنه من تخطى المدعى فى الندب إلى وظيفة رئيس الإدارة المركزية للتعليم الاساسى مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المدعى – المطعون ضده – المصروفات ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة حيث قررت بجلسة 28/3/1994 إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا الدائرة الثانية وحددت لنظره أمامها جلسة 30/4/1994 وفيها نظر الطعن وجرى تداوله بالجلسات على الوجه المبين بمحاضرها وقامت جهة الإدارة بتصحيح شكل الطعن بإعلان ورثة المطعون ضده بعد إذ تحققت وفاته إلى رحمة الله بتاريخ 5/1/1994 .

وبجلسة 25/2/1995 المسائية قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم حيث صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به .

 

المحكمة

بعد الإطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة .

ومن حيث إن الطعن قد إستوفى أوضاعه الشكلية .

ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة حسبما يبين من الأوراق تتحصل فى أن مورث المطعون ضدهم أقام الدعوى رقم 3456 لسنة 39 ق بعريضة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى بتاريخ 28/3/1985 ضد رئيس مجلس الوزراء ووزير التربية والتعليم بصفتهما طلب فى ختامها الحكم بإلغاء القرار الوزارى رقم 63 لسنة 1984 الصادر بتاريخ 3/8/1984 وقرر رئيس مجلس الوزراء رقم 1345 الصادر بتاريخ 18/12/1984 فيما تضمناه من تخطيه فى الترقية إلى وظيفة من الدرجة العليا مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المدعى عليهما المصروفات ، وقال شرحا لدعواه أنه تخطى فى التعيين فى وظيفة رئيس إدارة مركزية من الدرجة العالية حيث رقيت السيدة / .............. الأحدث منه فى ترتيب الأقدمية بالقرارين المطعون فيهما فتظلم من القرار الأول فى 29/11/1984 ومن الثانى فى 16/1/1985 ، ونعى على هذين القرارين مخالفة القانون لكونه أقدم من المطعون على ترقيتها فى شغل وظيفة مدير إدارة حيث شغلها فى 19/11/1975 وشغلتها السيدة المذكورة فى 1/2/1977 وإن رقيا فيما بعد إلى درجة مدير عام معا بتاريخ 31/12/1980 وأضاف أنهما يتساويان فى مضمار الكفاية وبالتالى يكون تخطيه فى الرقية على غير سند من القانون ، وأبان تحضير الدعوى أودع المدعى مذكرة قرر فيها أن الجهة الإدارية إستجابت لطلباته وصدر قرار وزير التربية والتعليم رقم 46 بتاريخ 9/4/1985 وقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 933 بتاريخ 8/7/1985 بتعيينه فى وظيفة رئيس إدارة مركزية بديوان عام الوزارة ومن ثم تنحصر مصلحته فى رد أقدميته فى شغل هذه الوظيفة إلى 2/8/1984 وإرجاع أقدميته فى التعيين فيها إلى 18/12/1984 تاريخ صدور قرار رئيس مجلس الوزراء المطعون فيه .

وردت جهة الإدارة على الدعوى فذهبت إلى أن المطعون على ترقيتها تسبق المدعى فى الإشغال بالتعليم ومن ثم فهى تفضله فى تطبيق أحكام القرار الوزارى رقم 50 لسنة 1980 .

وبجلسة 21/5/1987 أصدرت المحكمة حكمها مثار الطعن الماثل على الوجه البادئ بيانه فى مستهل هذا الحكم وأقامت قضاءها فيما يختص بطلب إلغاء القرار الوزارى رقم 63 لسنة 1984 بندب السيدة / ......... لشغل وظيفة رئيس الإدارة المركزية للتعليم الاساسى من الدرجة العالية فيما تضمنه من إغفال ندب المدعى إلى الوظيفة المذكورة ، على ما مفاده أن المذكورة بهذا الندب تكون قد تقلدت وظيفة تعلوا وظيفتها فى مدارج السلم الإدارى وهو ما يعتبر فى حكم الترقية الأمر الذى يتعين معه الاستهداء بالقواعد العامة فى الترقية بإجراء مفاضلة حقيقية وجادة بين العاملين بحيث لا يتخطى الأقدم إلا إذا كان ثمة وجه أفضلية للأحدث وإذ كان الثابت أن المدعى والمطعون على ندبها يتساويان فى الكفاية وفى تاريخ شغل درجة مدير عام إلا أن الثابت كذلك أنه أقدم فى شغل وظيفة مدير إدارة من الدرجة الأولى ومن ثم يكون أولى منها بالندب إلى وظيفة رئيس إدارة مركزية ويغدو القرار المطعون فيه وقد إنطوى على تخطيه فى الندب إليها قائما على غير سند سليم من القانون مما تقضى المحكمة بإلغائه فيما تضمنه من تخطيه فى الندب إلى تلك الوظيفة وما يترتب على ذلك من آثار .

ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه – فى شقه القاضى بإلغاء قرار الندب الطعين – قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه وتأويله ، ذلك أن الندب طبقا للمادة 56 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة رقم 47 لسنة 1978 هو أمر جوازى لجهة الإدارة تترخص فى شأنه بما تعليه المصلحة العامة بشرط ألا تشوبه إساءة استعمال السلطة ، وهو من إطلاقات الإدارة التى تملك معها إختيار من تشاء دون التقيد بالأقدمية والكفاية على النحو الوارد بالمادة 37 من القانون المشار إليه فى صدد الترقية بالإختيار للوظائف العليا ، وقد أثرت الإدارة المطعون على ندبها للعمل بالموقع الذى ندبت إليه لحاجة العمل إليها فيه ومن ثم تكون الإدارة قد أعملت صحيح القانون ويكون قرارها فى هذا الشأن قد صادف محله .

ومن حيث إن من المقرر على ما جرى قضاء هذه المحكمة إن الخصومة فى دعوى الإلغاء هى خصومة عينية مناطها إختصام القرار الإدارى فى ذاته إستهدافا لمراقبة مشروعيته ، ولما كان القرار الإدارى على هذا النحو هو موضوع الخصومة ومحلها فى دعوى الإلغاء فإنه يتعين أن يكون هذا القرار قائما منتجا آثاره عند إقامة الدعوى ، فإذا ما تخلف هذا الشرط بأن زال هذا القرار قبل رفع الدعوى بإلغائه أو بإنتهاء فترة تأقيته دون أن ينفذ على أى وجه كانت الدعوى غير مقبولة إذ لم تنصب على قرار إدارى قائم ولم تصادف بذلك محلا ، كذلك فإن قضاء هذه المحكمة قد إستقام على أن دعوى الإلغاء إنما تستهدف إعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه قد صدور القرار المطلوب إلغاؤه ، فإذا ما حال دون ذلك مانع قانونى فلا يكون ثمة وجه للإستمرار فى الدعوى ويتعين الحكم بعدم قبولها لإنتفاء المصلحة فيها .

ومن حيث إنه نزولا على مقتضى هذه المبادئ المسلمه فإنه متى كان الثابت أنه فى تاريخ إقامة دعوى الإلغاء مثار الطعن الماثل فى 28/3/1985 كان قرار الندب المطعون فيه رقم 63 لسنة 1984 قد زال من الوجود القانونى تبعا لترقية السيدة / ................ بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1345 الصادر فى 18/12/1984 إلى وظيفة رئيس الإدارة المركزية للتعليم الأساسى ، فتوقف قرار الندب عن إنتاج آثاره وبات القضاء بإلغاء غير مجد بالنسبة للمدعى – مورث المطعون ضدهم – حيث لا يتسنى إعادة الحال إلى ما كانت عليه قبل صدوره بحسبان أن الوظيفة الشاغرة والتى تم شغلها ندبا أضحت مشغولة بقرار لاحق تمت بمقتضاه الترقية إليها ، فإن الدعوى بطلب إلغاء القرار رقم 63 لسنة 1984 تكون غير مقبولة لإنتفاء المصلحة فيها .

ومن حيث إن الحكم المطعون فيه صدر على خلاف هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون فى هذا الشق من قضائه الأمر الذى يتعين معه الغاؤه والقضاء بعدم قبول طلب إلغاء القرار المطعون فيه مع إلزام ورثة المطعون ضده مصروفات هذا الطلب عملا بالمادة 184 من قانون المرافعات .

 

فلهذه الاسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من إلغاء القرار رقم 63 لسنة 1984 وبعدم قبول هذا الطلب وألزمت ورثة المطعون ضده المصروفات .