طعن رقم 238 لسنة 32 بتاريخ 07/04/1990 دائرة منازعات الأفراد والهيئات

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

برئاسة السيد الاستاذ المستشار / محمد انور محفوظ رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الاساتذة : محمدالمهدى مليجى ومحمد امين المهدى وصلاح عبد الفتاح سلامة وسعد الله محمد حنتيرة. المستشارين.

 

*

اجراءات الطعن

 

 

فى يوم الاثنين 16/12/1985 أودع الأستاذ …… المستشار المساعد بهيئة قضايا الدولة نائباً عن السيدين وزير الرى ومدير عام الرى بالجيزة قلم كتاب هذه المحكمة تقرير الطعن رقم 238 لسنة 32 ق عليا ضد السيد … عن حكم محكمة القضاء الإدارى (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) الصادر بجلسة 7/11/1985 فى الدعوى رقم 1106 لسنة 39 ق والقاضى بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه فيما قضى المطعون فيه وبقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من وقف تنفيذ القرار محل التداعى وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار وإلزام المطعون ضده المصروفات والأتعاب عن درجتى التقاضى وأعلن الطعن قانوناً وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريراً مسبباً رأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وبرفضه فى شقيه العاجل والموضوعى وإلزام الجهة الإدارية الطاعنة بالمصروفات ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة بجلسة 3/7/1989 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية الثابت بالمحاضر حتى قررت بجلسة 3/7/1989 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (دائرة منازعات الأفراد والهيئات والتعويضات) لنظرة بجلسة 11/11/1989 وتدوول بجلسات تالية حتى قررت المحكمة بجلسة 13/1/1990 إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به .

 

* المحكمة

 

 

بعد الإطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة قانوناً .

ومن حيث إن الطعن أقيم خلال الستين يوماً التالية ليوم صدور الحكم المطعون فيه واستوفى أوضاعه القانونية الأخرى فيكون مقبولاً شكلاً.

ومن حيث إن وقائع المنازعة تتحصل – حسبما هو ثابت فى الأوراق – فى أنه بتاريخ 1/12/1984 أقام السيد …… الدعوى رقم 1106 لسنة 39 ق أمام محكمة القضاء الإدارى ضد السيدين ووزير الرى ومدير عام الرى بالجيزة بطلب الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ قرار تفتيش النيل بالجيزة التابع لوزارة الرى بإزالة المبنى المملوك له وفى الموضوع بإلغاء هذا القرار وإلزام المدعى عليهما المصروفات وقال المدعى أنه تلقى فى 27/11/1984 صورة من محضر المخالفة رقم 238 لسنة 1984 جاء به أنه لوحظ للجنة المشكلة لدراسة التعديات والإشغالات أنه تعدى على مسطح النيل الغربى بإقامة مبانى شركة المواد الغذائية بمسطح النيل بالموقع المحدد والردم فى النيل مما يخالف أحكام القانون رقم 13 لسنة 1984 بشأن الرى والصرف لعدم الحصول على موافقة وزارة الرى وإنذاره بإزالة المبنى خلال أسبوع من تاريخ تحرير المحضر فى 22/11/1984 وإلا فإن الجهة الإدارية (الإدارة العامة لرى الجيزة) ستقوم بالإزالة علي نفقته ، وأضاف أن هذا يخالف الواقع والقانون حيث إن الأرض المقام عليها المبني لاتدخل في منافع الرى والصرف والمحددة علي سبيل الحصر في المادتين الأولي والثانية من القانون رقم 12 لسنة 1984 وأنة تملكها بموجب العقد المسجل رقم 3074 بتاريخ 11/10/1983 كما حصل علي ترخيص بالبناء عليها من محافظة الجيزة مراقبة اسكان أبو النمرس بتاريخ 7/9/1983 يضاف إلي ذلك أن المبني يبعد عن جسر النيل بمسافة تزيد علي مائة وخمسين متراً مما يقطع بأن الأرض تخرج عن نطاق الأراضي التي ينصرف إليها حكم المادة 98 من هذا القانون وأن الأراضي المحملة بقيود الرى هي التي لا تبعد عن جسر النيل بمسافة تزيد علي ثلاثين متراً وأنه لم يخالف تلك القيود ، ومن ثم فإن القرار قد جاء مشوبا بعيب مخالفة القانون من ناحية الشكل والسبب والمحل وأن تنفيذه يحيق بالمدعي أضراراً جسيمة تتمثل في ضياع مئات الألوف من الجنيهات أنفقها فى إقامة مخازنه التى تخدم مراكز التوزيع للمواد الغذائية الرئيسية العاملة فى مجال الأمن الغذائى ، وردت جهة الإدارة بأن المخالفة ثابتة من محضر اللجنة المختصة وأنه أقام البناء على الأرض المملوكة له دون الحصول على ترخيص بالبناء من جهة الرى المختصة بالمخالفة لأحكام القانون وأن أية موافقات أخرى من أية جهة تكون ناقصة وطلبت رفض الدعوى ، وبجلسة 7/11/1985 حكمت محكمة القضاء الإدارى بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وألزمت الجهة الإدارية المصروفات وأقامت قضاءها- بعد قبولها شكلاً كما ورد بالأسباب- على أن جهة الإدارة أصدرت قرار الإزالة استناداً إلى عدم الحصول على ترخيص من وزارة الرى عملاً بالبند (ج) من المادة الخامسة من القانون رقم 12 لسنة 1984وأن مناط الخضوع لحكم تلك الفقرة هو أن تكون المسافة بين جسر النيل وأرض المدعى لا تجاوز ثلاثين متراً وأن المدعى قرر أن المسافة مائة وخمسون متراً ثم عاد فى مذكرة لاحقة وقرر أنها تزيد على خمسة وثلاثين متراً وأن جهة الإدارة نفت ذلك ولم تقدم من جانبها أية أوراق أو أية بيانات تفيد فى تبيان حقيقة بين مسافة جسر النيل وتلك الأرض فهى لم تقدم خرائط مساحية أو رسومات او محاضر معاينة تبين تلك المسافة بحيث يمكن التحقق من أنها قامت بدراسة الأمر بصورة جادة وأنها اتخذت قرارها فى نهاية الأمر بناء على أسس وبيانات لها أصل ثابت فى الأوراق وإذ نكلت جهة الإدارة عن تقديم أية مستندات تثبت حقيقة هذه المسافة مما يلقى ظلالاً كثيفة من الشك حول صحة وسلامة القرار المطعون فيه ويقيم قرينة لصالح المدعى على أساس الظاهر من الأمور .

ومن حيث أن الطعن الماثل يقوم على أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه وتأويله ذلك ان جهة الإدارة أوضحت بالمستندات صراحة ما أثبتته اللجنة المشكلة لبحث التعديات على مجرى النيل وتحرير المحضر رقم 238 لسنة 1984 وإنذار المدعى بكتاب رقم 1442 فى 12/11/1984 بإزالة المخالفات وإلا قامت الجهة الإدارية بإزالتها على نفقته مما يؤيد صحة القرار الإدارى وأن الثابت أن المطعون ضده أقام منشآت بغير ترخيص من وزارة الرى بالمخالفة لأحكام القانون رقم 12 لسنة 1984 ولم يقم بإزالتها ويكون ركن الجدية فى طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه منتفيا وأن تنفيذ الحكم المطعون فيه سيؤدى إلى تكريس التعدى وتهديد الجسور ومنافع الرى والصرف بأخطار جسيمة وأثناء نظر الطعن قدمت جهة الإدارة حافظة مستندات طويت على رسم كروكى يبين موقع الأرض التى تمت فيها المخالفة وخطاب من الإدارة العامة لحماية النيل بتاريخ 18/2/1989 بأن المبنى واقع بين جسرى النيل ومقام على مسطح النيل مخالفاً بذلك المادة الخامسة فقرة ج وفقرة د من القانون رقم 12 لسنة 1984 .

ومن حيث أن المادة 49 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 تنص على أن (لا يترتب على رفع الطلب إلى المحكمة وقف تنفيذ القرار المطلوب إلغاؤه على أنه يجوز للمحكمة أن تأمر بوقف تنفيذه إذا طلب ذلك فى صحيفة الدعوى ورأت المحكمة أن نتائج التنفيذ قد يتعذر تداركها) ومفاد ذلك وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن الأصل فى القرار الإدارى هو نفاذه وسريان حكمه إلى أن تبطله الإدارة نفسها أو يقضى بإلغائه وبهذه المثابة فإن وقف تنفيذ القرار الإدارى ينطوى على خروج على هذا الأصل وأن رقابة القضاء الإدارى سواء فى مجال وقف تنفيذه أو فى مجال إلغائه هى رقابة قانونية تسلطها المحكمة فى الحالتين على هذا القرار لتعرف مدى مشروعيته فلا توقف قراراً إدارياً إلا إذا كان على حساب الظاهر من الأوراق متسما بعدم المشروعية وقامت حالة الاستعجال بأن ترى المحكمة أن نتائج تنفيذ القرار قد يتعذر تداركها وكل من الركنين من الحدود القانونية التى تحد سلطة محكمة القضاء الإدارى وتخضع لرقابة المحكمة الإدارية العليا وإنه كان متى وقف \تنفيذ القرار الإدارى هو استثناء من الأصل فإن يتعين على محكمة القضاء الإدارى استظهار ركنى الجدية والاستعجال فى السباب التى تبنى عليها حكمها بوقف التنفيذ باعتبار أن هذه الأسباب وما أفضت إليه من نتيجة فى المنطوق تخضع لرقابة المحكمة الإدارية العليا حيث تزن الحكم بميزان القانون وبحسب الظاهر من الأوراق فإن جاءت الأسباب خالية مما يفيد استظهار المحكمة للنتائج التى ترى أنه يتعذر تداركها بتنفيذ القرار محل الطعن فإن الحكم يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون ، وإذا كان الثابت أن حكم محكمة القضاء الإدارى الصادر بجلسة 7/11/1985 بوقف تنفيذ القرار الإدارى محل الطلب الإلغاء فى الدعوى رقم 1106 لسنة 39 ق أقام قضاءه على بحث مدى مشروعية القرار دون أن يتطرق بالبحث فى الأسباب أو الإشارة إلى مدى استظهار المحكمة لركن الاستعجال فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق المادة 49 من قانون مجلس الدولة بإقامة وقف التنفيذ- هو استثناء- على ركن واحد رغم ان الرخصة الجوازية للمحكمة بوقف التنفيذ إنما شرعت لعلة ظاهرة هى تدارك نتائج التنفيذ والمبررة للاستعجال ومن ثم يتعين الحكم بإلغائه فيما قضى به .

ومن حيث أن الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا يعيد طرح النزاع برمته على المحكمة للفصل فيه فى ضوء ما توافر للنزاع مستندات تجعله مهيأ للفصل فيه وبحسب الظاهر من الأوراق فى مجال وقف التنفيذ وإذ كانت جهة الإدارة قدمت رسما كروكياً معتمداً يوضح موقع الأرض المملوكة للمطعون ضده .. وإنها تقع مسطح النيل الغربى بين جسرى النيل بمساحة 75 ، 80 متراً بناحية أبو النمرس محافظة الجيزة ومقام بها مخازن للمواد الغذائية واستراحة وبدون تصريح نم وزارة الرى كما أن حافظة مستندات المدعى أمام محكمة القضاء الإدارى طويت على صحيفة دعوى صحة ونفاذ عقد بيع هذه المساحة والحكم الصادر فيها وواضح منها أن الحد يظهر أن ابناء تم فى أرض داخلة فى مسطح النيل بين الجسر الغربى ومجرى مياه النهر وليست خارجة عن الجسر ومن ثم يسرى بشأنها نص المادة الخامسة من قانون الرى والصرف الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 1984 وتنص على أن (تحمل بالقيود الآتية لخدمة الأغراض العامة لرى والصرف الأراضى .. أو المملوكة للأفراد والمحصورة بين جسور النيل .. وكذلك الأراضى الواقعة خارج جسور النيل لمسافة ثلاثين متراً… (أ) …… (ب) …… (ج) لا يجوز بغير ترخيص من وزارة الرى إجراء أى عمل بالأراضى المذكورة أو إحداث حفر بها من شأنه تعريض سلامة الجسور للخطر أو التأثير فى التيار تأثيراً يضر بهذه الجسور أو بأراضى أو منشآت أخرى . (د) لمهندسى وزارى الرى دخول تلك الأراضى للتفتيش على ما يجرى بها من أعمال فإذا تبين لهم أن أعمالاً أجريت او شرع فى إجرائها مخالفة للأحكام السابقة كان لهم تكليف المخالف بإزالتها فى موعد مناسب وإلا جاز لهم وقف العمل وإزالته إداريا على نفقته) إذ مفاد هذا النص أن الأراضى المحصورة بين جسرى النيل أياً كان مالكها محملة بقيود فرضها المشرع دون مراعاة أية مسافة خدمة لأغراض عامى للرى والرصف ومن هذه القيود عدم جواز إجراء أى عمل أو حدث حفر بها من شأنه تعريض سلامة الجسور لخطر أو التأثير فى التيار تأثيراً يضر بهذه الجسور أو بأراضى أو منشآت أخرى إلا إذا كان ذلك بناء على ترخيص من وزارة الرى باعتبارها الجهة التى أناط بها تقدير ما إذا كانت الأعمال من شأنها الأضرار أو التأثير فى الجسور أو المجرى وأنه حتى إذا عهد بالأشراف على أى جزء من هذه الأملاك إلى إحدى الوزارات أو وحدات الحكم المحلى فلا يجوز لهذه الجهات أن ترخص بإقامة منشآت أو غرس أشجار إلا بعد موافقة وزارة الرى (م4) كما لا يجوز زراعة الأراضى المملوكة للدولة والواقعة داخل جسور النيل أو استعمالها لأى غرض إلا بترخيص من وزارة الرى وطبقاً للشروط التى تحددها (م7) كما نظمت المواد من 9 إلى 16 من هذا القانون حالات أخرى يتعين فيها الحصول على ترخيص مسبق من وزارة الرى ، وإذ كان ظاهر الأوراق يفيد أن الأرض المملوكة للمطعون ضده تقع فى مسطح النيل بالناحية الغربية بين جسرى النهر بناحية أبو النمرس فمن ثم فإنه كان يجوز للمذكور إقامة بناء على تلك الأرض إلا بعد الحصول على ترخيص كتابى مسبق من وزارة الرى بعد بحثها ودرساتها لطبيعة هذه المنشآت الأخرى وإذ أقام المبانى سالفة الذكر دون الحصول على هذا الترخيص فإنه يكون قد خالف القانون ويكون لوزارة والصرف رقم 74 لسنة 1971 ومن بعده القانون رقم 21 لسنة 1984 ويكون القرار المطعون فيه قد قام – بحسب الظاهر – على ما يبرره من الواقع والقانون ويتخلف بذلك ركن الجدية فى طلب وقف تنفيذه ويتعين برفض هذا الطلب دون حاجة لبحث ركن الاستعجال .

ومن حيث إن المطعون ضده خسر الطعن فى الشق المستعجل فى دعواه فيلزم بالمصروفات .

 

* فلهذه الأسباب

 

 

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وألزمت المطعون ضده المصروفات عن درجتى التقاضى .